4.5 مليار طن انبعاثات تطلقها 2162 شركة في الصين
نظام تداول الانبعاثات الصيني يغطي قطاع توليد الكهرباء فقط
نوار صبح
رغم إعلان رئيس مجلس الدولة في الصين "لي كيه تشيانغ" عزم بلاده تطبيق سوق وطنية لتداول الانبعاثات، بهدف تحقيق الحياد الكربوني وتقليل الانبعاثات، رصدت تقارير انطلاق 4.5 مليار طن من الانبعاثات، من نحو 2162 شركة، حسبما نشر موقع منصة "إس آند بي غلوبال بلاتس".
وفي ديسمبر/كانون الأول 2021، سجّل التداول اليومي للانبعاثات الصينية رقمًا قياسيًا بلغ 15 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، بينما نُقِلت ملكية نحو 40 مليون طن من المخصصات يوميًا في سوق انبعاثات الاتحاد الأوروبي، حسبما نشر موقع "إنرجي مونيتور".
ويغطي النظام الوطني لتداول الانبعاثات في الصين، الذي انطلق في 16 يوليو/تموز 2021، حتى الآن قطاعًا واحدًا فقط هو توليد الكهرباء، وقد أطلقت الشركات البالغ عددها 2162 شركة التي يضمها النظام ما يُقدَّر بنحو 4.5 مليار طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
ويقارَن ذلك مع حدّ أقصى لانبعاثات الاتحاد الأوروبي وفق "نظام تداول الانبعاثات" عام 2021، يبلغ 1.6 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون.
- الصين تحاصر الصناعات كثيفة استهلاك الكهرباء لخفض الانبعاثات
- الصين.. القطاعات الصناعية تجري تغييرات جذرية لخفض انبعاثات الكربون
نظام تداول الانبعاثات في الصين
يتمثّل الهدف الرئيس لنظام تداول الانبعاثات في الصين بتغطية غالبية الانبعاثات المتعلقة بالطاقة وتقديم دعم فعّال موجَّه نحو السوق من حيث التكلفة لأهداف خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عالميًا.
ويمثّل خفض الانبعاثات جزءًا لا يتجزأ من خطة الصين للوصول إلى ذروة تقليل انبعاثاتها بحلول عام 2030، وأن يصبح مناخها محايدًا كربونيًا بحلول عام 2060.
وقد أُعِدّ النظام، الذي يتبع عددًا من البرامج التجريبية الإقليمية التي أنشئت منذ عام 2013، لتوفير حوافز للشركات والمستثمرين وغيرهم من المشاركين في السوق للإسهام بإزالة الكربون في الصين والانتقال إلى الطاقة النظيفة.
نظام تداول الانبعاثات الصيني والأوروبي
يتمثل أكبر فرق في نظام تداول الانبعاثات بين الصين والاتحاد الأوروبي في كون نظام تداول الانبعاثات الصيني لم يحدد سقفًا نهائيًا للانبعاثات.
وتطبّق الصين حاليًا نهجًا تصاعديًا، تخصص جميع الشركات المشمولة فيه تعويضات انبعاثاتها مجانًا، ويعتمد هذا التخصيص على طريقة قياس معيارية وطنية، إذ يُحتَسَب متوسط كثافة الكربون في القطاعات والمنتجات الرئيسة ويُقارَن بالانبعاثات الفردية.
وسيخصّص لكل مصدر انبعاثات مخصصات مساوية لانبعاثاته المؤكّدة، وبذلك لا يمثّل نظام تداول الانبعاثات الصيني نظامًا للحدّ الأقصى للتداول.
ويمكن للشركات القادرة على تقليل كثافة الكربون في إنتاجها أن تولّد فائضًا من المخصصات للبيع، ويعدّ سعر تخصيص الانبعاثات دائم التغير، ويختلف يوميًا.
ومنذ البداية الرسمية للتداول في إطار نظام تداول الانبعاثات الوطني الصيني في يوليو/تموز، كان متوسط سعر الإدراج 41-61 يوانًا للطن، أي ما يعادل 5.70 (6.51 دولار)- 8.48 يورو (9.68 دولار) للطن.
ويُعدّ هذا المبلغ جزءًا بسيطًا من الأسعار في الاتحاد الأوروبي، التي تزيد حاليًا عن 80 يورو (91.32 دولار) / طن.
محطات توليد الكهرباء بالفحم
هناك عامل آخر مهم في نظام تداول الانبعاثات الصيني، وهو أن الحافز الرئيس الذي يخلقه هو تشغيل محطات توليد كهرباء بالفحم أكثر كفاءة على حساب محطات أقلّ كفاءة.
ولا يخلق تخصيص الانبعاثات المستند إلى الكثافة حافزًا واضحًا للتحول من الفحم إلى مصادر الطاقة المتجددة، باستثناء محطات توليد الكهرباء التي يكون أسطولها بأكمله ضعيفًا، والتي يُتوقع أن تخسر المال إذا استمرت في العمل.
ومن المرجح أن يشجع "نظام تداول الانبعاثات" في الصين الإغلاق المبكر لمحطات الفحم الضعيفة التي تعمل بمعدلات سعة منخفضة، ويعزز هذا النظام ربحية قطاع الكهرباء المولَّدة بالفحم.
التحول إلى المصادر المتجددة
يُعدّ عدم وجود حافز للتحول من استخدام الفحم إلى مصادر الطاقة المتجددة أمرًا واقعًا لأن الحدّ الأقصى المعتمد على الكثافة يحفّز محطات توليد الكهرباء بالفحم الأكثر كفاءة على حساب المحطات الأقلّ كفاءة.
وستولَّد الكمية الإجمالية من الكهرباء نفسها من الفحم كما هي الحال دون نظام تداول الانبعاثات، لكن الكفاءة المتزايدة ستؤدي إلى انخفاض الانبعاثات عمومًا، وعند تحديد سقف نهائي للانبعاثات، ستترتّب غرامة مالية عن إطلاق كل طن من الكربون يتجاوز الحدّ الأقصى.
وإذاكان لدى الشركات أصول متجددة، فيمكنها بيعها في الشبكة دون التأثير في التزامها بالامتثال لنظام تداول الانبعاثات، ما يمنحها سببًا لتحويل محفظة توليدها الإجمالية بعيدًا عن الفحم والتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، إذ يُتوقَّع أن يرتفع سعر الكربون بمرور الوقت.
مسؤولية الحكومات المحلية
رغم أنها لم تحدد سقفًا نهائيًا حتى الآن، فإن سوق الكربون في الصين تشجع مصادر الانبعاثات على البدء في إدارة الانبعاثات، وإضفاء إحساس بالحزم والصرامة لأول مرة، مع توفير أدوات تحرّكها السوق لتقليل التكلفة.
وبمجرد أن تندرج تكلفة الكربون بالكامل في تكلفة الكهرباء، فإنها ستغيّر هياكل تكلفة محطات توليد الكهرباء، التي من المرجح أن تسرّع وتيرة إصلاح سوق الكهرباء الصينية، وتعزز التمويل الأخضر، وتحفز نشر تقنيات الحدّ من الانبعاثات.
ويتمثل الدور الرئيس لنظام تداول الانبعاثات في الصين بتحسين جودة احتساب انبعاثات غازات الدفيئة والإبلاغ عنها، ما يساعد صانعي السياسات على رصد التقدم لتحقيق أهداف المناخ في الصين.
ويتخذ نظام تداول الانبعاثات في الصين نهجًا مختلفًا لرصد انبعاثات والإبلاغ عنها والتحقق منها مقارنةً بالأسواق الأخرى.
وتكلف وزارة البيئة في الصين مكاتب البيئة التابعة لحكومات المقاطعات بمسؤولية التحقق من الانبعاثات والإبلاغ عنها، ويتعين على تلك المكاتب التدقيق في تقارير الانبعاثات المقدّمة من الشركات، والطلب من أصحاب البيانات المريبة إجراء تحقق من جانب طرف ثالث.
وبالنظر إلى أن معظم مصادر الانبعاثات في الصين مملوكة للدولة، من المحتمل نشوء مشكلات تتعلق بتضارب المصالح.
ومن المتوقع أن يوسّع نظام تداول الانبعاثات الصينية تغطيته القطاعية تدريجيًا خلال الخطة الخمسية الـ14، التي تمتدّ من 2021 إلى 2525، ليصل إلى قطاعات إضافية مثل الصلب والمعادن غير الحديدية والأسمنت.
اقرأ أيضًا..
- كيف يؤدي النفط دورًا رئيسًا في علاقات أميركا مع قازاخستان؟ (مقال)
- إيران تعلن عن خط أنابيب لتصدير الوقود إلى الدول الآسيوية
- مبنى سكني يعتمد على الهيدروجين في التدفئة.. الأول من نوعه في أوروبا