هل تنجح المفوضية الأوروبية في وضع الغاز والطاقة النووية بالقائمة الخضراء؟
معارضون: توقيت مستفز ومسودة تحيد عن الأهداف المناخية
هبة مصطفى
في الوقت الذي عكفت خلاله المفوضية الأوروبية على اقتراح تشريعات تُنظّم تخلص قطاعات الطاقة من الكربون، وغيرها من الخطط المناخية المتوائمة مع الأهداف العالمية، خرجت بمسودة مقترح تكميلي لتشريع يسمح بإدراج الغاز والطاقة النووية ضمن المشروعات النظيفة.
ولاقت خطط المفوضية الأوروبية حول تصنيف الغاز والطاقة النووية تحت مظلة "الاستثمارات الخضراء" ردود أفعال رافضة، خاصة أن توقيت إصدارها "عشية رأس السنة" تزامن مع عطلات لغالبية الجهات.
وحددت المفوضية مهلة حتى 12 من الشهر الجاري، لتقديم المواقف الرسمية حول المسودة للدول والجهات المعنية في الاتحاد الأوروبي.
وسبق أن أقرّ الاتحاد الأوروبي التصنيف في يوليو/تموز عام 2020، دون تحديد تفصيلات مهمة أوكلها إلى "القوانين المُفوّضة"، وهي تفصيلات غير تشريعية تتبنّاها المفوضية لإجراء تعديلات أو إضافات على التشريع.
وتعدّ القوانين المُفوّضة تشريعات ثانوية تهدف لضبط الأمور الفنية للتشريع، بما لا يخضع للإشراف الوزاري والبرلماني.
الغاز والطاقة النووية
وفق مسودة اقتراحات المفوضية، يُدرج الغاز والطاقة النووية ضمن أنشطة اقتصادية مستدامة بيئيًا بالاتحاد الأوروبي، حسبما أطلقت عليه المفوضية "شروط معينة" لم تعلنها.
ويهدف تصنيف الأنشطة الاقتصادية المستدامة بيئيًا الذي تُعدّه المفوضية الأوروبية إلى تحديد مشروعات الطاقة النظيفة -التي تلقى دعمًا بالمليارات- ضمن خطوات الاتحاد الأوروبي لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.
وتفسيرًا لمقترحات المفوضية الأوروبية، يتوقف إدراج الغاز ضمن الاستثمارات المستدامة بيئيًا على عدم إمكان توليد قدرة الكهرباء نفسها عبر مصادر متجددة.
وتضمنت مقترحات المفوضية خططًا للتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة أو الغازات منخفضة الكربون، في مواقيت محددة.
وفيما يخصّ الطاقة النووية، ربطت مسودة المفوضية إدراجها ضمن المشروعات النظيفة بإظهار خطط المشروعات كيفية التعامل مع النفايات المُشعّة الصادرة عنها.
قلق مناخي أم مرحلة انتقالية؟
تصدّر وزير الاقتصاد والعمل المناخي الألماني الرافضين للمسودة، متهمًا المفوضية بـ"الغسل الأخضر" لتلك الاستثمارات.
ورغم حداثة تولّيه منصبه، الشهر الماضي، رأى الوزير روبرت هابيك، أن إضافة "الغاز" و"الطاقة النووية" لتصنيف مشروعات الطاقة النظيفة تعمل على إضعاف هدف الاستدامة البيئية.
وشكّك هابيك في قبول الأسواق المالية لعمليات إدراج الغاز والطاقة النووية ضمن مشروعات نظيفة، مشيرًا إلى أنّ "تقبُّل عمليات الغسل الأخضر بالأسواق أمر مشكوك به".
ورغم معارضة هابيك لقرار الإدراج، رحّب به وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، ما يعكس المواقف المتناقضة تجاه القرار داخل ألمانيا.
وقال ليندنر، إنه بعد تخلّي ألمانيا عن الفحم والطاقة النووية -بعد إغلاقها 3 من أصل 6 محطات نووية الجمعة الماضية- تحتاج إلى تقنيات "انتقالية"، كمحطات كهرباء تعمل بالغاز.
وأبدى سعادته بوضع المفوضية تلك المستجدات في الحسبان، وفق تصريحات له لصحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية اليومية، أمس الأحد.
النمسا تُهدد.. وتوقيت "مستفز"
موقف هابيك الرافض لعملية الإدراج اتفق مع موقف النمسا التي هددت بمقاضاة المفوضية حال موافقتها على ضمّ الغاز والطاقة النووية للاستثمارات النظيفة.
وأكدت وزيرة العمل المناخي بالنمسا، ليونوري غوسلر، أنه لا يجوز إدراج الغاز والطاقة النووية ضمن تصنيفات المشروعات الخضراء، لعدم الإضرار بالمناخ والبيئة.
وقالت غوسلر، إن النمسا تبحث الموقف القانوني لإدراج الطاقة النووية ضمن التصنيف البيئي للمشروعات، وأنها ستتجه –بعد فحص مسودة المقترحات- إلى مقاضاة المفوضية إذا حصل ذلك، لافتة إلى أن توقيت نشر المسودة مثير للجدل.
واهتم وزير الطاقة في لوكسمبورغ، كلود تورمس، أيضًا بتوقيت طرح مسودة مقترحات المفوضية، واصفًا تلك الخطوة بأنها عمل استفزازي.
ورغم معارضة ألمانيا والنمسا ولوكسمبورغ لمقترح المفوضية الأوروبية بإدراج الغاز والطاقة النووية ضمن تصنيف المشروعات النظيفة المستدامة بيئيًا، فإن الدول الثلاث لا تُشكّل الأغلبية المطلوبة لمنع عملية الإدراج.
المصالح أولًا
في المقابل، حافظت فرنسا والتشيك والمجر وغيرها على دعم مقترح المفوضية فيما يخصّ إدراج "الطاقة النووية" تحت مظلة المشروعات الخضراء؛ لنشاط تلك الدول في هذا المجال، وفق صحيفة الغارديان.
ودافع وزير الدولة للشؤون الأوروبية الفرنسي، كليمان بون، عن مقترح المفوضية، مشيرًا إلى أن الطاقة النووية ركيزة أساسية لتحقيق هدف الاتحاد الأوروبي بالوصول للحياد الكربوني بحلول 2050.
ورحّب بون بالمقترح، مشيرًا إلى أنه جيد على صعيد المستويات الفنية، كما ضغطت حكومات وسط وشرق وجنوب أوروبا لاحتساب الغاز وقودًا "انتقاليًا" خلال عملية ضمّ الغاز والطاقة النووية ضمن المشروعات النظيفة.
رفض مناخي وبيئي
بعيدًا عن مواقف الدول، أجمعت عدّة منظمات غير حكومية ونشطاء مهتمون بشؤون المناخ على رفض إدراج الغاز والطاقة النووية ضمن المشروعات الخضراء، واتّهمت تلك المنظمات المفوضية الأوروبية بتجنّب التدقيق والتوضيح في مقترحاتها.
وانتقد الصندوق العالمي للطبيعة، وهو منظمة غير حكومية تعمل على حفظ واستعادة البيئة، مقرّها سويسرا، وأحد أعضاء لجنة الخبراء المسؤولين عن التصنيف، المهلة التي طرحتها المفوضية لمناقشة وبحث مسودة المقترحات والردّ عليها.
وأكد الصندوق أن المهلة الممتدة حتى 12 من يناير/كانون الثاني الجاري غير كافية للردّ رسميًا على المسودة والمقترحات "شديدة التعقيد والمثيرة للجدل"، وفق وصف الصندوق، في الوقت الذي استغرقت فيه المفوضية 4 أسابيع لإجراء مباحثات حولها.
وانتقد المتحدث باسم الصندوق للتمويل المستدام، هنري إيفستون، طريقة عرض المسودة وتوقيتها، وكذلك مهلة المناقشة والردّ، وتساءل: "إذا كان المقترح يحظى بثقة الاتحاد الأوروبي، فلماذا لا يُعرض للمشاورات العامة؟".
وأكد إيفستون أن المفوضية "دفنت" اقتراحها بطريقة وتوقيت العرض والمناقشة، وهاجم حصولهم على المسودة التي اقتُرِحَت "خلف الأبواب المُغلقة" -وفق وصفه- وأُرسِلَت عشية رأس السنة.
ورفض عدد من نشطاء المناخ الشباب المسودة، ووصفتها الناشطة السويدية غريتا ثونبرج، بأنها "مزيفة"، لعدم توافق إجراءاتها مع هدف الاتحاد الأوروبي نحو الحياد الكربوني بحلول 2050.
اقرأ أيضًا..
- سوق النفط في عام 2022 من منظور كوفيد - مقال
- من هو هيثم الغيص أمين عام أوبك الجديد؟
- هيثم الغيص أمينًا لـ أوبك.. ووزير النفط الكويتي يكشف كواليس الفوز