النفايات البلاستيكية من دول غربية تنهال على 3 بلاد بينها تركيا
التجار يخفون النفايات الخطرة في دول بعيدة عن أعين المفتشين
نوا صبح
تُعدّ المواد البلاستيكية المختلطة أقذر وأقلّ نفايات مرغوبة في التجارة، لأنها تحتوي عادةً على نفايات منزلية مثل الزجاجات أو العبوات، وتمثّل مزيجًا من النفايات البلاستيكية القابلة لإعادة التدوير مع عناصر غير قابلة لإعادة التدوير.
ونتيجة تحرُّك العديد من الدول لحظر واردات البلاستيك المختلطة، يقول المراقبون، إن بعض التجّار قد لجؤوا إلى إخفاء حاويات المواد البلاستيكية المختلطة المحظورة في دول أخرى تتيح اللوائح التنظيمية فيها حجبها عن أعين المفتشين.
وتعدّ ألمانيا وبريطانيا من أكبر الدول المصدِّرة للنفايات البلاستيكية، التي تّعفّنَ الكثير منها في موانئ تركيا وفيتنام ودول أخرى، حسبما نشرت صحيفة الغارديان البريطانية.
وأشار تقرير بعنوان "استعمار النفايات: العالم يتصارع مع البلاستيك الغربي غير المرغوب فيه"، لمراسِلة صحيفة الغارديان في الشرق الأوسط، روث مايكلسون، إلى أن 141 حاوية مليئة بالنفايات البلاستيكية المتعفنة كانت في رحلة لأكثر من عام تنتشر بين تركيا واليونان وفيتنام.
وصول حاويات النفايات البلاستيكية إلى تركيا
ذكَرتْ كاتبة المقال روث مايكلسون أن الحاويات جاءت من ألمانيا، وأن محقّقي منظمة "غرين بيس" وجدوا، في مايو/ أيار، عبوات بلاستيكية من العلامات التجارية البريطانية والألمانية والعالمية للأطعمة والمشروبات ومراكز التسوّق متناثرة في مدينة أضنة التركية.
وأضافت أن حاويات النفايات البلاستيكية وصلت إلى تركيا في أواخر عام 2020، قبل وقت قصير من فرض حظر على استيراد النفايات البلاستيكية المختلطة، وسرعان ما أصبحت الحاويات محور نزاع بين التجّار وشركة الملاحة والعديد من الحكومات ونشطاء البيئة المُطالِبين بإعادتها.
وقالت، إن السلطات التركية رفضت دخول الحاويات، وتركتها طيّ النسيان، وهكذا بدأت محتوياتها تتعفّن نتيجة بقائها لمدة طويلة في الموانئ بجميع أنحاء البلاد.
وقال الباحث في مجال التلوث البلاستيكي المقيم في مدينة أضنة جنوب تركيا، سيدات غوندوغو، إن رائحة الحاويات كانت كريهة، وكانت مغطاة بالجرذان والفئران.
وبيّنت كاتبة المقال أن مشكلة الـ141 حاوية التي امتدت رحلتها على مدار العام تُعدّ جزءًا صغيرًا من التجارة الدولية في النفايات البلاستيكية، وتمثّل المرتَكَز القبيح لإعادة التدوير في شمال الكرة الأرضية.
وأردفت قائلة، إن حاويات النفايات البلاستيكية، وخصوصًا نفايات البلاستيك المختلطة من المنازل، تُرْسَل إلى الخارج لتصل إلى البلدان ذات اللوائح البيئية المتساهلة، إذ تُصهَر في حبيبات بلاستيكية أو تُطمَر أو تُحرَق.
وأشارت إلى أن الحاويات ظلّت عالقة بعد أن فقدت الشركة المشاركة في رحلة الحاويات الأولى رخصة الاستيراد واختفت، وقد أدرجت السلطات التركية الشركة على القائمة السوداء، بعد إلغاء رخصة الاستيراد الخاصة بها.
وقال مندوب شركة "موناكس" التركية المخصصة لاستلام الحاويات، عمر بولدوك، إن الاختبارات المعملية أظهرت أن بعض الأحمال في الحاويات هي نفايات خطرة على المدينة، مشيرًا إلى أنها "مجرد قمامة"، وفقًا لما نشرت صحيفة الغارديان البريطانية.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الخارجية التركية اتصلت بنظيرتها الألمانية للمطالبة بإعادة الحاويات في مايو/أيار.
وأفاد مندوب شركة "موناكس"، عمر بولدوك، أن الجانب الألماني زعم أن الكثير من الوقت قد مضى، ولا يمكنه قبول إعادة الحاويات.
وقالت المتحدثة باسم هيئة إدارة النفايات في ولاية بادن فورتمبيرغ، المسؤولة الآن عن الإشراف على الحاويات، أنغيلا غريسباتش: إن هذا الأمر "ربما كان سوء فهم"، مضيفة أن الحاويات تحتوي على نفايات كانت قانونية عند وصولها إلى تركيا.
وفي مدينة أضنة، مركز واردات النفايات البلاستيكية، كتب ائتلاف من تجّار البلاستيك المحليين رسالة مفتوحة إلى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، طالبوه فيها بالسماح للصناعة بالاستمرار في عملها.
وكانت الرسالة جزءًا من حملة لإعادة تصنيف واردات النفايات البلاستيكية، تحت شعار "ليست نفايات، وإنما مواد خام".
تجربة فيتنام مع النفايات البلاستيكية
أثارت إعادة تصدير بعض حاويات النفايات الألمانية فجأة إلى فيتنام غضب نشطاء البيئة الذين يعتقدون أن 16 حاوية أُرسِلَت في يوليو/تموز الماضي إلى ميناء هاي فونغ، في فيتنام، كانت بمثابة اختبار لمعرفة مدى تقبُّل الآخرين للتخلص من الحاويات المتعفنة بالكامل.
وقالت مراسِلة صحيفة الغارديان في الشرق الأوسط، كاتبة المقال، روث مايكلسون، إن الموافقة على إرسال النفايات إلى فيتنام لا تزال محيّرة، لأن إرسال النفايات مباشرة من إحدى دول الاتحاد الأوروبي إلى خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية محظور.
وأضافت أن الضوابط الجديدة على الصادرات البلاستيكية المختلطة التي أُقِرّت في يناير/كانون الثاني الماضي تتطلب موافقة صريحة من السلطات الفيتنامية لاستيراد الحاويات.
وبيَّنتْ أنه من المقرر أن يدخل الحظر الذي تفرضه فيتنام على واردات النفايات البلاستيكية حيز التنفيذ في عام 2025، لكن فيتنام تظل وجهة شهيرة لتجارة إعادة تدوير البلاستيك العالمية.
حاويات النفايات البلاستيكية في اليونان
تعقّب العضو في "شبكة عمل بازل"، وهي مجموعة تقوم بحملات ضد التلوث المرتبط بالبلاستيك، جيم باكيت، 37 من الحاويات الألمانية المتجهة إلى ميناء بيرايوس بالقرب من أثينا في نوفمبر/ تشرين الثاني، وأثيرت الشكوك حول أنها كانت متوجهة أيضًا إلى فيتنام.
وقال جيم باكيت، إنه أرسل رسالة قوية إلى السلطات اليونانية، تفيد بأنه لا يمكنهم السماح لهذه النفايات بالوصول إلى متن السفينة والذهاب إلى فيتنام، لأنه تصرف غير قانوني يستوجب إعادة حاويات النفايات البلاستيكية إلى ألمانيا.
وأضاف أن السلطات اليونانية أُحيطَتْ علمًا، وطوّقت الحاويات الموجودة في رصيف ميناء بيرايوس، وبقيت هناك.
تصدير النفايات البلاستكية من الدول الغربية
تُعدّ بعض البلدان المدرجة ضمن أكبر مناطق إعادة التدوير في العالم أكبر مصدّري نفايات البلاستيك؛ واختار المنتدى الاقتصادي العالمي قبل 3 سنوات ألمانيا بصفتها أفضل منطقة لإعادة التدوير في العالم، إذ تُصدّر نحو مليون طن من النفايات البلاستيكية سنويًا، أكثر من أيّ دولة أخرى.
وتأتي المملكة المتحدة في المرتبة التالية إذ تصدّر 61% من نفاياتها البلاستيكية، وفقًا للبيانات الأخيرة الصادرة عن مؤسسة البلاستيك البريطانية.
وتقتصر معالجة كميات النفايات البلاستيكية الزائدة على طريقة الحرق أولًا، ثمّ على طريقة الطمر.
وينطوي حرق النفايات البلاستيكية على بصمة كربونية، إذ لا تريد العديد من البلدان التي تحاول خفض انبعاثات الكربون حرق نفاياتها، حسبما ذكر الباحث في مجال التلوث البلاستيكي المقيم في مدينة أضنة جنوب تركيا، سيدات غوندوغو.
وقالت مراسِلة صحيفة الغارديان في الشرق الأوسط، كاتبة المقال، روث مايكلسون، إنه يتعين على بعض أكبر منتجي النفايات في أوروبا، مثل المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، إيجاد طرق للتعامل مع هذه المشكلة.
وأضافت أن هذه الدول توصلت إلى طريقة لتصدير نفاياتها للبلدان الفقيرة، التي لا تمتلك أنظمة إدارة نفايات فعالة أو تشريعات ولوائح بيئية، مشيرة إلى أن هذا التصرف يمثّل "استعمار النفايات".
مواضيع متعلقة..
- النفايات البلاستيكية تهدد حياة حيتان خليج هوراكي في نيوزيلندا
-
صناعة البلاستيك.. الحلول المبتكرة ضرورة لخفض الانبعاثات المتزايدة
-
التلوث من صناعة البلاستيك يفوق انبعاثات الفحم في أميركا بحلول 2030 (تقرير)
-
اقرأ أيضًا..
-
إيرادات قناة السويس في 2021.. الأعلى في تاريخها بقيمة 6.3 مليار دولار
-
تعدين البيتكوين.. الطاقة النظيفة مصدر انتعاش العملات المشفرة في إيران وقازاخستان
-
السيارات الكهربائية.. نيويورك تحول أسطولها إلى المركبات النظيفة بحلول 2035