مشروعات الهيدروجين في 2021.. زخم السياسات الخضراء يقود طفرة كبيرة
مصر تقود الطفرة العربية.. وأستراليا عالميًا
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
مع زخم التحوّل الأخضر، باتت طفرة مشروعات الهيدروجين، التي تسير على قدم وساق، واضحة كثيرًا في 2021، مع اهتمام واسع من الحكومات التي تبحث عن أسرع طريق للوصول إلى الحياد الكربوني.
ويلعب الهيدروجين دورًا رئيسًا في التحوّل العالمي نحو الطاقة النظيفة، من خلال المساعدة بتنويع مصادر الطاقة في جميع أنحاء العالم، وإزالة الكربون من القطاعات التي يصعب تخفيفها.
وحسب رصد من وحدة أبحاث الطاقة، شهد عام 2021 زيادة كبيرة في مشروعات الهيدروجين حول العالم، مع ظهور واضح للمشروعات في الدول العربية، بقيادة مصر، مع حقيقة أن أستراليا تتربع على عرش سباق الهيدروجين الأخضر، بصفة خاصة، حتى الآن.
ورغم الزخم، وصل الاستثمار العالمي في مشروعات الهيدروجين إلى عتبة حرجة، ويحتاج إلى إجراءات سياسية عاجلة وحاسمة لإطلاق العنان للهيدروجين، الذي ترى وكالة الطاقة الدولية أنه سيمثّل 6% من الخفض التراكمي لانبعاثات الكربون في سيناريو تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.
ورغم أن العالم أكثر احتياجًا إلى الهيدروجين الأخضر -الناتج عن التحليل الكهربائي للمياه باستخدام الطاقة المتجددة- من أجل تحقيق الحياد الكربوني، فإن تكلفته المرتفعة تجعله غير قادر على المنافسة حتى الآن، مع الهيدروجين الأزرق، الذي ينتج من الوقود الأحفوري، ولكن باستخدام تقنية احتجاز الكربون وتخزينه.
ولقراءة حصاد 2021 بشأن النفط والغاز والطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، والذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة، يرجى الضغط هنا.
خطط الهيدروجين
أعلنت 17 دولة إستراتيجيات بشأن الهيدروجين، كما كشفت أكثر من 20 دولة أخرى عن خطط قيد الإعداد، مقارنة مع 3 دول فقط عام 2019، بحسب تقرير وكالة الطاقة الدولية الصادر في أكتوبر/تشرين الأول.
وبنهاية الربع الثالث من 2021، بلغ إجمالي عدد الدول التي أعلنت إستراتيجية وطنية للهيدروجين 16 دولة، بعد انضمام المملكة المتحدة وكولومبيا إلى القائمة في الربع نفسه، بحسب تقرير لمنظمة أوابك.
ففي أغسطس/آب، أعلنت المملكة المتحدة أنها تستهدف إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون بقدرة 5 غيغاواط بحلول 2030، ما يسهم في تجنّب 41 مليون طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون في المدة من 2023 إلى 2032.
كما تخطط كولومبيا لبناء 1 غيغاواط من أجهزة التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ونحو 50 ألف طن سنويًا من الهيدروجين الأزرق، حسبما أعلنت أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي.
ويأتي على رأس الـ16 دولة، فرنسا وأستراليا وألمانيا واليابان وإسبانيا والبرتغال، وإجمالًا تضمن القائمة النهائية للدول، التي أعلنت، وتعمل على، خطط للهيدروجين، أو أعدّتها بالفعل، نحو 33 دولة، على رأسها الولايات المتحدة والصين من بين البلدان الـ8 التي انتهت من وضع خارطة الهيدروجين.
ومن بين هذه الخطط العالمية، تتصدر أستراليا طفرة مشروعات الهيدروجين الأخضر، مع سعة مُقدّرة عند 35 غيغاواط من مشروعات التحليل الكهربائي، ما يجعل الدولة تمثّل 23% من الإجمالي العالمي، لكنها تواجه منافسة شديدة خاصة من الشرق الأوسط الذي يستحوذ على 34%، وسط زخم ملحوظ مؤخرًا في مشروعات الهيدروجين منخفض الكربون، وفقًا لتقرير صادر نوفمبر/تشرين الثاني عن شركة وود ماكنزي.
استثمارات الهيدروجين
حتى الآن، تجاوز إجمالي الاستثمارات المقدّرة للهيدروجين -المشروعات المعلنة والالتزامات الحكومية والاستثمارات غير المباشرة- 600 مليار دولار بحلول عام 2030، حسب وحدة أبحاث "الطاقة".
وتضاعفت هذه الاستثمارات من 300 مليار دولار في العام الماضي، وبزيادة 20% في الأشهر الـ3 المنتهية في أكتوبر/تشرين الأول، بحسب تقرير مجلس الهيدروجين العالمي الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني.
ووفقًا لمنظمة أوابك، بلغ إجمالي عدد المشروعات أو الخطط المعلنة لنقل واستخدام الهيدروجين 359 مشروعًا باستثمارات إجمالية تبلغ 500 مليار دولار، مع حقيقة أن أوروبا تستحوذ على نمو 80% من إجمالي عدد المشروعات المعلنة، وذلك حتى نهاية النصف الأول من العام.
ومن بين هذه المشروعات، فإن الهيدروجين الأخضر يستحوذ على 70%، من إجمالي السعة المخططة للتنفيذ بحلول نهاية العقد، والتي تصل إلى 11 مليون طن سنويًا، والنسبة المتبقية لإنتاج الهيدروجين الأزرق.
بينما أوضحت وكالة الطاقة -في تقرير أكتوبر/تشرين الأول- أنه يوجد نحو 400 مشروع لإنتاج الهيدروجين قيد التطوير، أو في المراحل الأولى من الإعداد، ومن شأن هذه المشروعات أن تعزز إمدادات الهيدروجين من التحليل الكهربائي لنحو 8 ملايين طن سنويًا بحلول عام 2030، مقابل 50 ألف طن فقط من المقرر إنتاجه 2021.
ورغم ذلك، يظل إنتاج الهيدروجين يمثّل عُشر ما هو مطلوب -80 مليون طن- لتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي.
ويبدو أن مشروعات الهيدروجين العالمية في زيادة مستمرة، إذ وصلت إلى 520 مشروعًا، بحسب تقرير مجلس الهيدروجين المعلن أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، ما يمثّل ارتفاعًا بنسبة 100% عن تقرير المنظمة الصادر في يناير/كانون الثاني 2021.
وتواصل أوروبا ريادتها بنحو 261 مشروعًا، تليها آسيا وأميركا الشمالية بنحو 121 و67 مشروعًا على التوالي.
وبحسب التقرير، تجاوزت السعة المخططة لإنتاج الهيدروجين النظيف 30 مليون طن بحلول عام 2030، نصفها للهيدروجين، الذي يأتي باستخدام الطاقة المتجددة، مع ارتفاع قدرة التحليل الكهربائي المعلنة حتى الآن إلى 93 غيغاواط، بزيادة 40 غيغاواط عن 2020.
بينما يشير تقرير شركة الأبحاث وود ماكنزي، الصادر أوائل الشهر الجاري، إلى أن مشروعات الهيدروجين قفزت 7 أمثال منذ ديسمبر/كانون الأول 2020، لتصل إلى أكثر من 560 مشروعًا منخفض الكربون، مع ما لا يقلّ عن 180 غيغاواط من إجمالي سعة التحليل الكهربائي.
وبحسب تقرير شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي، فإن 2021 شهد إعلان تركيب سعة 245 غيغاواط من منشآت التحليل الكهربائي للهيدروجين عالميًا، بزيادة 6 مرات عن المستويات التي شوهدت في عام 2020.
ووفقًا للتقرير، حققت قدرة التحليل الكهربائي للهيدروجين مكاسب كبيرة هذا العام، لتصل إلى 0.8 غيغاواط من إضافات السعة الجديدة، بزيادة من 0.04 غيغاواط في عام 2020.
طفرة عربية
بالتزامن مع نمو مشروعات الهيدروجين عالميًا، شهد العالم العربي زخمًا كبيرًا في هذا الصدد خلال 2021، بحسب وحدة أبحاث "الطاقة".
وارتفع عدد الدول العربية المهتمة بالاستثمار في مشروعات إنتاج الهيدروجين إلى 8 بلدان (الإمارات والجزائر والسعودية والعراق ومصر وعمان والمغرب وموريتانيا)، وفقًا لتقرير أوابك الفصلي الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني.
وفي ضوء ذلك، بلغ إجمالي عدد مشروعات الهيدروجين في الدول العربية 28 مشروعًا مع نهاية الربع الثالث، مقارنة مع 20 و12 مشروعًا في الربعين الثاني والأول على الترتيب.
ويستحوذ الهيدروجين الأخضر على 8 مشروعات، بينما خُصصت 8 مشروعات للهيدروجين الأزرق والأمونيا الزرقاء، ومشروعان لاستخدام الهيدروجين وقودًا في المركبات العاملة بخلايا الوقود.
وبإجمالي 7 مشروعات، تتصدّر مصر قائمة الدول العربية فيما يتعلق بالهيدروجين، منها 3 مشروعات للهيدروجين الأخضر، آخرها اتفاق جري أكتوبر/تشرين الأول، لتنفيذ مشروع آخر لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة 50 إلى 100 ميغاواط بين صندوق مصر السيادي وشركتي سكاتك النرويجية وفيرتغلوب التابعة إلى شركة بترول أبوظبي الوطنية أدنوك.
ومن شأن هذا المشروع، المقرر أن يُبنى العام المقبل، أن يكون الأكبر عالميًا بزيادة 5 أمثال عن مشروع شركة إير ليكويد الفرنسية، الأكبر حاليًا، بقدرة 20 ميغاواط، في مدينة بيكانكور الكندية.
بينما وصل إجمالي مشروعات الهيدروجين في سلطنة عمان والإمارات إلى 6 مشروعات، لكل منهما.
أمّا السعودية، فتستحوذ على 3 من مشروعات الهيدروجين العربية، بينما كشفت العراق وموريتانيا عن مشروعين، كما يوجد مشروع واحد للهيدروجين في كل من المغرب والجزائر.
مستقبل الهيدروجين
رغم الطفرة الكبيرة لمشروعات الهيدروجين هذا العام، فإن استثمارات الحكومات والقطاع الخاص، لم تقدّم سوى ربع الاستثمار المطلوب -337 مليار دولار تقريبًا- لتطوير الهيدروجين ونشره بحلول عام 2030، والبالغ 1.2 تريليون دولار، بحسب وكالة الطاقة الدولية.
ووفق سيناريو وكالة الطاقة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، فإن الطلب على الهيدروجين سيرتفع إلى 530 مليون طن، مقارنة مع 90 مليون فقط بنهاية 2020، بعد زيادة 50% على مدار الـ20 عامًا الماضية.
في المقابل، فإن مشروعات الهيدروجين المخططة والمعلنة حتى الآن، تعني أن الإمدادات من المتوقع أن تبلغ 250 مليون طن بحلول منتصف القرن الحالي، مقارنة مع 90 مليون طن بنهاية العام الماضي.
وبالنسبة للتكاليف، فإنها تعدّ أعلى 3 مرات لإنتاج الهيدروجين الأخضر من نظيره الأزرق، لكن من المرجح أن تنخفض تكلفة الوقود الأكثر اخضرارًا، مع تحسّن تكنولوجيا تصنيع المحلل الكهربائي وتراجع تكاليف الكهرباء المتجددة، ما يدعم التحوّل طويل الأجل من الهيدروجين الأزرق إلى الأخضر، بحسب تقرير صادر حديثًا عن شركة الأبحاث وود ماكنزي.
وفي هذا الصدد، يشير تقرير آخر لشركة الأبحاث إلى أن الهيدروجين الأخضر سيكون قادرًا على المنافسة في 12 سوقًا -تلك التي تتمتع بأعلى معدلات استخدام وأقلّ أسعار للكهرباء المتجددة- بحلول عام 2030، على رأسها البرازيل وتشيلي.
ومع تراجع التكاليف، ترى شركة الأبحاث أليد ماركت ريسيرش (Allied Market Research) أن حجم سوق الهيدروجين الأخضر سينمو بمعدل مركب يبلغ 54.7% سنويًا، ليصل إلى 9.8 مليار دولار بين عامي 2021 و2028، مقارنة مع 0.3 مليار دولار في العام الماضي.
ومن جانبه، توقّع بنك أوف أميركا في تقرير هذا العام، أن سوق الهيدروجين يمكن أن تُقدَّر بنحو 11 تريليون دولار بحلول عام 2050.
موضوعات متعلقة..
- وكالة الطاقة تحدد 5 مجالات لتسهيل اعتماد الهيدروجين عبر نظام الطاقة
- نقطة تحوّل.. 5 عوامل تدعم طفرة الهيدروجين الأخضر
- مشروعات الهيدروجين الأخضر تصطدم بعقبة نقص المياه (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- محادثات الطاقة في الاتحاد الأوروبي بين معارك أسعار الكربون والتمويل الأخضر
- قطر.. القصة الكاملة لصاحبة ثالث أكبر احتياطي غاز طبيعي في العالم