قطاع الكهرباء في الشرق الأوسط خلال 2021 ورؤية للعام الجديد - مقال
مصر والسعودية والكويت تسجل أعلى مستويات الطلب على الكهرباء
ترجمة - نوار صبح
- بلدان الشرق الأوسط تسعى لإضافة قدرات توليد جديدة لتلبية الطلب المتزايد
- متوسط النمو في الطلب على الكهرباء يبلغ 5% سنويًا في الشرق الأوسط
- السعودية حددت الهدف الأكبر لتوليد 50% من الكهرباء النظيفة بحلول عام 2030
- مصر تتمتع بهامش احتياطي يبلغ 13.5 غيغاواط، وتسعى لأن تصبح مُصدرًا رئيسًا للكهرباء
- يستمر النفط مهيمنًا على توليد الكهرباء في الكويت بين بلدان الخليج
- جذب الاستثمارات يتطلب إصلاحات كبيرة ورؤى قوية في المستقبل
تعرّض قطاع الكهرباء للعديد من التحديات خلال 2021، ففي حصيلة عامٍ شارفَ على الانتهاء، برزت هيمنة الغاز الطبيعي على توليد الكهرباء في الشرق الأوسط، وسط تكرار حالات انقطاع التيار كليًّا أو جزئيًا.
وسعت بلدان المنطقة لإضافة قدرات توليد جديدة لتلبية الطلب المتزايد، وتحقيق طموحاتها في الربط الكهربائي واستخدام المصادر المتجددة.
لقد أدى تنامي الطلب على المياه وتبريد الهواء خلال أيام الصيف الحارّة -إذ وصلت درجات الحرارة إلى 53 درجة مئوية في بعض المدن- إلى ارتفاع غير مسبوق بعملية الطلب على الكهرباء في بلدان منطقة الشرق الأوسط.
وسجلت المملكة العربية السعودية والكويت ومصر، في يوليو/تموز الماضي، أعلى مستوياتها في ذروة الطلب على الكهرباء؛ فقد أعلنت الشركة السعودية للكهرباء أن ذروة الطلب سجلت رقمًا قياسيًا جديدًا بلغ 64.2 غيغاواط هذا الصيف، مع نمو سنوي قدره 6.5%.
ومع أن مصر تتمتع بهامش احتياطي يبلغ 13.5 غيغاواط، فإن الزيادة في الطلب على الكهرباء تمثّل ذروة الطلب، وتحتاج إلى معالجة في ظل سعي مصر لتحقيق هدفها المتمثل في أن تصبح مُصدرًا رئيسًا للكهرباء.
أمّا في الكويت، فقد زاد الطلب على الكهرباء في أوقات الذروة بمقدار 1 غيغاواط خلال عامين فقط.
تجدر الإشارة إلى أن متوسط النمو في الطلب على الكهرباء يبلغ 5% سنويًا في المنطقة، وتتسابق العديد من البلدان لإضافة قدرات جديدة لتوليد الكهرباء، ويبلغ معدل النمو السنوي لقدرة التوليد المركّبة في بلدان الخليج العربي 7% مقارنة بـ 4% على مستوى العالم.
نقص الإمدادات في بعض البلدان
تتّسم إمدادات الكهرباء في منطقة الشرق الأوسط بتباينات واسعة بين البلدان، وقد أسفر ضعف الحوكمة وسوء الإدارة وقلّة الاستثمارات في هذا القطاع عن معاناة بعض البلدان كالعراق ولبنان من نقص مزمن في الإمدادات.
- تطورات أزمة قطاع الطاقة في لبنان تدق ناقوس الخطر.. ومخاوف من انهيار الدولة
- حوار - جيسيكا عُبيد: 3 مشكلات وراء أزمات الكهرباء بالشرق الأوسط.. وتجربة مصر تستحق الإشادة
وتسبّب ذلك النقص -مصحوبًا بتزايد الهدر التقني وغير التقني، كما هي الحال في خطوط الربط غير المستوفاة وغير القانونية- في انقطاعات كبيرة بالإمدادات وتراكم هائل في الدَّين العامّ، ويُعدّ تكرار الانقطاعات أحد عوامل زعزعة استقرار هذه البلدان الضعيفة أساسًا.
ولا يزال قطاع الكهرباء الراضخ لتجاذبات المصالح الخاصة ونفوذ السلطة السياسية في منأى عن الإصلاحات.
هيمنة الغاز الطبيعي على توليد الكهرباء
لا يزال الغاز الطبيعي -الذي تلازم إلى عهد قريب تلازمًا وثيقًا مع النفط في المملكة العربية السعودية- المصدر المهيمن لتوليد الكهرباء في منطقة الشرق الأوسط.
وسجّل استخدام الغاز الطبيعي في المملكة العربية السعودية، عام 2020، أرقامًا قياسية بلغت 57.3% من مصادر الوقود المستخدمة في إنتاج الكهرباء، ويعود ذلك إلى زيادة إنتاج الغاز الطبيعي محليًا.
وتشير اتجاهات القطاع إلى أن عام 2021، على الرغم من عدم اكتمال بياناته، سيحقق ارتفاعات جديدة في استخدام الغاز، متجاوزًا استهلاك النفط إلى حدّ بعيد.
وتعتمد باقي بلدان الخليج العربي، باستثناء الكويت، اعتمادًا كبيرًا على الغاز في هذا القطاع، إذ يستمر النفط مهيمنًا على توليد الكهرباء في الكويت بين بلدان الخليج بنسبة 59% مقابل 41% لتوليد الكهرباء بالغاز.
أهداف مصادر الطاقة المتجددة
شهد هذا العام ارتفاعًا في أهداف الطاقة المتجددة لعام 2030، وحددت المملكة العربية السعودية الهدف الأكبر لتوليد 50% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
ولا يقلّ أحدث هدف حدّدته سلطنة عُمان طموحًا، إذ تعهدت السلطنة في المساهمة الثانية المحددة وطنيًا المقدّمة إلى مؤتمر المناخ كوب 26 بتوفير 20% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2027، وهو ما يتطلب توليد نحو 2.66 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة.
وتحرص سلطنة عُمان، أُسوة بسائر بلدان الخليج العربي، على الاستفادة من موارد الطاقة المتجددة الوفيرة والأراضي الشاسعة وتقنيات الطاقة المتجددة الرخيصة التكلفة.
وتمثّل مصادر الطاقة المتجددة للعراق ولبنان طريقة لضمان جانب من أمن الطاقة نتيجة مستويات التكاليف الباهظة لواردات الطاقة؛ فقد تعهّد العراق بتوفير 20% من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، ولبنان 30% بحلول الموعد نفسه.
وتندرج عوامل، مثل: تمكين الأطر التنظيمية والقدرة على جذب رأس المال وقوة المؤسسات والإرادة السياسية، في إطار تعزيز الوصول إلى أهداف الطاقة المتجددة، لكن جذب الاستثمارات، الذي تكافح بلدان المنطقة لتحقيقه، يتطلب إصلاحات كبيرة ورؤى قوية في المستقبل.
تمويل قطاع الكهرباء
تُعدّ مشروعات البنية التحتية، وخصوصًا في مرافق الكهرباء، قليلة التأثر بخفض الموازنة، لأن الكهرباء تمثّل ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية.
في المقابل، أصبح تمويل مشروعات الطاقة المتجددة أكثر وفرة من تمويل المشروعات البترولية، بفضل سياسات صناديق المناخ وأهداف مؤسسات التمويل وصناديق الثروة السيادية التي تميل للاستغناء عن الوقود الأحفوري.
وتتّسم استثمارات قطاع الكهرباء للمدة 2021-2025 بأنها الأعلى بين قطاع الطاقة، إذ تبلغ 250 مليار دولار، 40% منها مخصصة لمصادر الطاقة المتجددة.
أهمية الاستثمارات والابتكارات التقنية
تشير أزمة الطاقة العالمية إلى ضرورة تمثيل انتقال الطاقة تحولًا في طريقة تصميم أنظمة الكهرباء وتنظيمها، ولن تجدي أنظمة الكهرباء التقليدية نفعًا في التلاؤم مع بنية الطاقة الجديدة والتكنولوجيا وطرق الاستخدام المعقدة والمبسطة معًا.
ويتمثل أحد التحديات الرئيسة في أن العديد من موارد الطاقة المتجددة متقطعة؛ ولهذا تبرز الحاجة إلى الاستثمارات في أنظمة تخزين الكهرباء والربط بين الشبكات.
وسيشهد عام 2022 المزيد من الاستثمارات، في أنظمة تخزين الكهرباء، خصوصًا في الأردن ومصر وبعض بلدان الخليج العربي، كالإمارات العربية المتحدة.
ومن الأهمية بمكان أن تحظى سوق تبادل الكهرباء بالدعم كي تواصل نموها في السنوات المقبلة، ما يستدعي إيجاد نماذج حوكمة وآليات تسعير ومعالجة متطورة لقضايا الدعم.
إضافة لذلك، يظل إلغاء الدعم عاملًا رئيسًا بإصلاح قطاع الكهرباء في جميع أنحاء المنطقة، ومن المتوقع أن يسجل عام 2022 المزيد من الإلغاء التدريجي لدعم قطاع الكهرباء، لا سيما بين البلدان محدودة الموازنات.
*خاص لـ"الطاقة" من مستشارة سياسات الطاقة لدى الحكومات والمنظمات الدولية في الشرق الأوسط بمجال الكهرباء، جيسيكا عُبيد
موضوعات متعلقة..
- مقال جيسيكا عُبيد - هؤلاء لا يريدون تحمل مسؤولية أزمة الوقود في لبنان
- هل ينهي الغاز المصري أزمة الكهرباء في لبنان؟.. "الطاقة" تحل لغز بيان الرئاسة