تجارة الكربون.. هل تستفيد الأسواق الناشئة من قواعد خفض الانبعاثات؟
أحمد شوقي
- قمة المناخ كوب 26 تُقرّ قواعد لتجارة الكربون
- تداول الانبعاثات يحفز الاستثمار في المصادر المتجددة
- تجارة الكربون العالمية تدعم الأسواق الناشئة نحو الطاقة المتجددة
- نماذج طموحة لأنظمة تداول الانبعاثات في الدول النامية
- انتقادات لنظام تداول الانبعاثات بسبب ظاهرة الغسل الأخضر
تشهد تجارة الكربون زخمًا كبيرًا على صعيد الدول، لكنها في حاجة إلى تنسيق عبر الحدود، لتكون أكثر فاعلية في مواجهة أزمة تغيّر المناخ، مع مساعدة الأسواق الناشئة في أهداف خفض الانبعاثات.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، وافق قادة العالم في قمة المناخ كوب 26 على إصلاح أسواق الكربون العالمية وتحسين القواعد المتعلقة بتجارة الكربون، بوصفها أدوات رئيسة في تحقيق الحياد الكربوني، وسط تعهدات التخلص التدريجي من استخدام الفحم وتقليل انبعاثات غاز الميثان.
وتجارة الكربون هي نظام يهدف إلى وضع حدّ أقصى لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون للعديد من الشركات، وتداولها مثل أيّ سلعة، بمعنى أنه يمكن السماح لهذه المؤسسات بشراء الفائض المسموح به من الانبعاثات أو بيعه.
ويقول المؤيدون، إن تجارة الكربون ستزيد في نهاية المطاف الاستثمار بالحلول الصديقة للبيئة، كونها تجعل مشروعات الوقود الأحفوري أقلّ قدرة على المنافسة، بينما في الوقت نفسه تحفّز مصادر الطاقة منخفضة الكربون مثل الرياح والطاقة الشمسية، بحسب تقرير حديث صادر عن مؤسسة أكسفورد بيزنس غروب.
تداول الانبعاثات
في حين إن عددًا من الدول لديها خططها المحلية الخاصة بتداول الانبعاثات، اتفق قادة العالم في قمة المناخ كوب 26 على مجموعة من القواعد الشفافة والموحدة للتجارة الدولية للانبعاثات.
ومع هذا الاتفاق، نفّذ قادة العالم أخيرًا المادة 6 من اتفاقية باريس لعام 2015 -الخاصة بإنشاء ودعم سوق دولية لتعويضات الكربون- التي أُجّلت لمدة 6 سنوات؛ بسبب سلسلة من الخلافات بين البلدان.
وهذا يعني أن الدول التي تكافح من أجل الحدّ من الانبعاثات يمكنها تحقيق أهدافها المناخية جزئيًا عن طريق شراء ائتمانات تعويض الكربون من الدول الأخرى التي نجحت في خفض انبعاثاتها.
وتسمح هذه الاتفاقية -أيضًا- بإنشاء سوق منفصلة لتعويض الكربون تحكمها الأمم المتحدة، مع إمكان كل الدول والكيانات الخاصة تبادل أرصدة الانبعاثات من خلال مشروعات منخفضة الكربون.
وكان صندوق النقد الدولي قد دعا إلى ضرورة وجود نظام دولي لتسعير الكربون، مع وضع حدّ أدنى للسعر عند 75 دولارًا للطن بحلول 2030.
وتقول الرابطة الدولية لتجارة الانبعاثات، إن تداول الكربون قادر على خفض تكلفة تنفيذ أهداف الانبعاثات الوطنية إلى النصف، ما يوفر نحو 250 مليار دولار سنويًا حتى حلول عام 2030.
كما ترى الرابطة الدولية أن تجارة الكربون يمكن أن تُسهل عملية إزالة 5 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وفقًا للتقرير.
ائتمانات الكربون
بحسب أكسفورد بيزنس غروب، من المتوقع أن يكون لتنفيذ المادة 6 آثار مختلفة في الأسواق المتقدمة والأسواق الناشئة.
ومن المرجح أن تشتري معظم الدول المتقدمة أرصدة الكربون، بينما ستكون معظم الأسواق الناشئة من الدول المصدّرة لائتمان الكربون، ما يوفر للدول النامية فرصًا كبيرة، وفقًا للتقرير.
وعلى سبيل المثال، زعمت وزارة البيئة في البرازيل أن هذا الاتفاق كان بمثابة انتصار لها، إذ من المقرر أن تصبح البلاد مُصدِّرًا مهمًا لأرصدة الكربون، كونها موطنًا لجزء كبير من منطقة الأمازون، ولديها إمكانات كبيرة لبناء مشروعات الطاقة المتجددة، وتنفيذ المادة 6 يعني دعم المشروعات منخفضة الانبعاثات.
وفضلًا عن ذلك، ستوفر اتفاقية سوق تعويضات الكربون المساعدة للأسواق الناشئة من خلال صندوق التكيّف مع المناخ، إذ ستوجّه 5% من عوائد صفقات التعويضات إلى الصندوق، ما سيساعد الدول ذات الدخل المنخفض بجهودها لمكافحة آثار تغيّر المناخ.
إندونيسيا تستكشف تجارة الكربون
في حين إن ضرائب الكربون المحلية وخطط تداول الانبعاثات تتركز في الغالب بين الدول الأكثر ثراءً، فإن بعض الأسواق الناشئة تحرز تقدمًا على هذا الصعيد، إذ إن المكسيك وكولومبيا وتشيلي وجنوب أفريقيا من بين البلدان التي نفّذت أو حددت خططًا لتجارة انبعاثات الكربون أو ضريبة الكربون.
ومن المرجح أن تنضم إندونيسيا قريبًا إلى هذه الدول، ففي منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، قالت وسائل الإعلام الدولية، إن الحكومة الإندونيسية قد وقّعت قواعد جديدة تتعلق بتجارة الكربون.
وعلى غرار أنظمة تجارة الكربون الأخرى، سيشمل النموذج الإندونيسي ما يسمّى بنظام الحدّ الأقصى للتداول، مع وضع حدّ عامّ للانبعاثات، بحسب التقرير.
ومن المتوقع أن تُدخل البلاد ضريبة الكربون في أبريل/نيسان العام المقبل، على أن يبدأ تشغيل سوق الكربون الكامل بحلول عام 2025، وفقًا للتقرير.
وتتوقع إندونيسيا أنها، دون مساعدة دولية، ستكون قادرة على خفض الانبعاثات بنسبة 29% بحلول عام 2030، ومع التمويل الأجنبي وتعزيز التكنولوجيا قد ترتفع النسبة إلى 41%، بحسب أكسفورد بيزنس غروب.
زيادة ظاهرة الغسل الأخضر
على الرغم من نظر الكثيرين إلى تداول الانبعاثات على أنها أداة رئيسة في الطريق نحو إزالة الكربون، فإن المنتقدين يرون أنه يزيد ظاهرة الغسل الأخضر بتقديم ادّعاءات مضللة حول أوراق الاعتماد الخضراء لشركة أو منتج مالي.
كما يمكن أن يحفز الدول الصناعية على تعويض انبعاثات الكربون بدلًا من تقليلها عن طريق شراء أرصدة الكربون من بلدان أخرى، وفقًا للتقرير.
وتقول بعض المجموعات البيئية، إن النظام يمكن أن يؤدي إلى تحويل أرصدة الكربون من أحد جوانب العالم إلى الآخر دون فائدة كبيرة للبيئة، بحسب أكسفورد بيزنس غروب.
موضوعات متعلقة..
- نظام دولي لتسعير الكربون.. الطريق الأسرع نحو الحياد الكربوني
- مسح: أهداف المناخ قد تدفع أسعار الكربون عالميًا لمستويات غير مسبوقة
اقرأ أيضًا..
- الهيدروجين الأخضر يعزز قدرة أفريقيا على دعم التنمية المستدامة (تقرير)
- سلطنة عمان.. رحلة كفاح تغلّبت على صعوبات شديدة في استخراج النفط والغاز