السحب من احتياطي النفط الإستراتيجي.. هل يكون حلًا للأزمة الأميركية؟
مي مجدي
لم يمضِ وقت طويل منذ أن طلب الرئيس الأميركي جو بايدن من بعض الدول الكبرى التفكير في استخدام احتياطي النفط الإستراتيجي، وبرزت دعوات داخل أوساط الديمقراطيين تدعم السحب من المخزون وحظر صادرات النفط مؤقتًا بوصفهما مفتاحًا لاحتواء ارتفاع أسعار النزين.
ويبدو أن بايدن استجاب لهذه الضغوطات بإعلان الإفراج عن 50 مليون برميل من النفط الإستراتيجي، اليوم الثلاثاء، للمساعدة في تهدئة الأسعار.
بموجب هذا الإعلان، ستوفر وزارة الطاقة 32 مليون برميل من احتياطي النفط الإستراتيجي "بصفة قروض"، وعلى الشركات إعادتها خلال 6 أشهر، إلى جانب سحب 18 مليون برميل أخرى خلال الأشهر المقبلة، في إطار تسريع بيع النفط الذي وافق عليه الكونغرس الأميركي في وقت سابق.
التنسيق مع 5 دول
جاء الإعلان بالتنسيق مع الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة، والتي ستقوم بالسحب من احتياطياتها الإستراتيجية -أيضًا-.
كانت إدارة بايدن قد ناقشت خيار السحب من مخزون النفط الإستراتيجي في الأسابيع الأخيرة.
ويبدو أن هذه التصريحات عادت بالفائدة على الأسعار، إذ ساعدت في خفض أسعار النفط بعد أن تجاوزت 85 دولارًا للبرميل في أواخر أكتوبر/تشرين الأول، وتراجعت أسعار الخام الأميركي بنحو 10%.
وساعد ذلك في الحدّ من ارتفاع أسعار البنزين، والذي وصل إلى 3.41 دولارًا للغالون.
السحب من المخزون الإستراتيجي
وجّه الديمقراطيون في الكونغرس الأميركي رسالة إلى الرئيس بايدن، أمس الإثنين، لحثّه على اتخاذ إجراءات عاجلة لتوفير الطاقة بأسعار معقولة وموثوقة للأميركيين، بحسب شبكة سي إن إن.
وجاء في الرسالة أنه يجب استخدام جميع الأدوات المتوفرة لخفض أسعار البنزين على المدى القصير.
وتأتي هذه الرسالة مع تزايد الضغط على البيت الأبيض لخفض الأسعار، بعدما أثارت حنق الأميركيين وأسهمت في ارتفاع التضخم، إذ أرسل ديمقراطيون في مجلس الشيوخ رسالة مماثلة إلى بايدن في وقت سابق من هذا الشهر.
هل سيكون حلًا؟
لن ينقذ السحب من المخزون الإستراتيجي الخلل بين العرض والطلب الناجم عن ارتفاع الطلب وسط التعافي الاقتصادي من تداعيات جائحة كورونا وضعف الإمدادات من أوبك والولايات المتحدة وباقي المنتجين الرئيسيين.
لكن الديمقراطيين بقيادة النائب عن ولاية كاليفورنيا، رو خانا، وصفوا الأزمة بأنها "قضية ملحّة".
وقال خانا لشبكة سي إن إن، إن مسؤوليتهم الأساسية تنصبّ في كيفية خفض التكلفة وتهدئة الأميركيين.
ويرى أن الاستفادة من احتياطي النفط الإستراتيجي لن يكون الحل السحري لمواجهة الأزمة، لكن "يجب أن نفعل كل ما في وسعنا".
منع تصدير النفط
يواجه بايدن -أيضًا- ضغوطًا من صفوف حزبه الديمقراطي لإعادة فرض حظر دام 40 عامًا على صادرات الخام الأميركية، وألغته إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في عام 2015.
ويتمتع بايدن بموجب التشريعات بسلطة إعلان حالة الطوارئ والحدّ من صادرات النفط أو إيقافها لمدة عام، على الرغم من أن الخبراء يرون أن احتمالات قيامه بذلك ضئيلة، وحذّروا من أن هذه الخطوة قد تؤثّر عكسيًا في المستهلك الأميركي.
وفي رسالتهم إلى بايدن، جادل الديموقراطيون بأن فرض حظر على صادرات النفط يمكن أن يعزز الإمدادات المحلية، ويزيد من انخفاض أسعار المستهلك، التي وصلت -مؤخرًا- إلى أعلى مستوى لها في 31 عامًا.
لكن بنك غولدمان ساكس حذّر عملاءه الشهر الماضي من خطورة حظر الصادرات، وأخبرهم أنه "غير مجدٍ"، وسيكون له تأثير صعودي محتمل في أسعار الوقود بالتجزئة.
ماذا سيحدث للإمدادات العالمية؟
إذا أعادت الولايات المتحدة فرض حظر على التصدير، سيقتصر الخام الأميركي على السوق المحلية، ويعني ذلك انخفاض عدد المشترين المحتملين، وتراجع الطلب على الخام.
ومن المحتمل أن يتبع ذلك انخفاض مماثل في الإنتاج الأميركي؛ نظرًا لأن النفط الخام يُتداول عالميًا، فإن انخفاض الإنتاج الأميركي -بغضّ النظر عن مكان تكريره إلى وقود- يقلل من المعروض العالمي من الخام.
وتؤدي قلة العرض في الأسواق العالمية إلى فرض ضغط تصاعدي على السعر، وليس هبوطًا.
لذلك من المرجح أن يؤدي حظر تصدير النفط إلى رفع الأسعار، بدلًا من خفضها.
ويوافق على هذا الرأي الخبير الاقتصادي، مارك زاندي، ويرى أن هذه الخطوة لن تؤدي في النهاية إلى خفض أسعار البنزين، لأن سعر الغاز تُحدده أسعار النفط العالمية بدلًا من سعر النفط المنتج محليًا، كما إنه من غير الواضح ما إذا كانت المصافي المحلية ستكون قادرة على معالجة النفط الخام بكفاءة، مثل الصادرات الأميركية.
لكن النائب رو خانا شكّك في هذه الآراء، قائلًا: "من المبالغة القول، إن زيادة المعروض المحلي ستؤثّر سلبًا في الأميركيين".
أوبك+
في محاولة للحدّ من ارتفاع أسعار البنزين، حاولت إدارة بايدن الضغط على تحالف أوبك+ لزيادة إنتاج النفط.
لكن بعد رفض التحالف مناشدات بايدن، لجأ إلى الاستفادة من مخزون النفط الإستراتيجي.
وطلبت إدارة بايدن من دول أخرى، تشمل الصين والهند واليابان، التفكير في استخدام مخزون الخام.
وبعد إفراج الولايات المتحدة عن 50 مليون برميل من مخزون النفط الإستراتيجي، ربما ستضع هذه الخطوة الدول في مواجهة تحالف أوبك+، وقد تدفع أوبك وحلفاءها إلى إعادة تقييم الخطط المتعلقة بإمدادات النفط.
اقرأ أيضًا..