عيوب بطارية السيارات الكهربائية شبح يطارد جنرال موتورز.. احترس قبل الشراء
مي مجدي
ما يزال السبب الفعلي لبعض حرائق السيارات الكهربائية لغزًا، لكن أحد الأسباب الشائعة يكمن في بطارية الليثيوم أيون، إما لسوء التصنيع وإما للتصميم السيئ.
وخلال المدة الأخيرة استحوذت سيارة شيفرولية بولت على العناوين الرئيسة بسبب حرائق البطاريات.
وبدأت شركة جنرال موتورز تعاني انتكاسة لطموحاتها في صناعة السيارات الكهربائية، عندما أعلنت في أغسطس/آب الاستدعاء الثالث لسيارة بولت الكهربائية.
تفسيرات حرائق السيارات
شملت عملية الاستدعاء كل طرازات 2019، و2020 وحتى 2022، ومن بينها طراز "بولت إي يو في"، الذي بِيع في الولايات المتحدة وكندا.
وأشارت الشركة العملاقة إلى أن السبب يعود إلى عيوب تصنيع البطاريات.
وكشف موقع "أوتو ويك" عن بعض أسباب وقوع هذه الحوادث من خلال تحليلات بعض خبراء البطاريات البارزين.
وقال المستشار التقني، لويس هروسكا، إن تصميم نظام البطارية يجب أن يتميّز بالمرونة لاستيعاب بعض العيوب دون حدوث عطل كارثي.
فالهدف من نظام إدارة بطارية السيارة الكهربائية هو منع ارتفاع درجات الحرارة في خلية واحدة من الانتشار إلى البقية.
ويتمثّل تدبير السلامة الأول في إنتاج خلايا شبه خالية من العيوب، أما التدبير الثاني فهو اكتشاف الخلايا المعطلة وإزالتها.
ويرى المحلل في شركة إي سورس، سام جاف، أن شركة بولت فشلت في كلا الأمرين.
في حين أوضح متحدث باسم جنرال موتورز للموقع، أن سيارة بولت الكهربائية لا تملك ميزة التصميم لفصل خلية بمفردها، وبدلًا من ذلك تستخدم أنظمة المراقبة داخل السيارة وقاعدة بيانات المصنع وبيانات استخدام العملاء لاكتشاف أي سلوك غريب.
وفي هذه الحالة، يمكن استخدام نظام التحكم في السيارة للحد من تأثير الخلية التالفة على قدرة حزمة البطارية بأكلمها بوصفه إجراء وقائيًا.
صعوبة تصنيع الخلايا
تُصنّع خلايا بطاريات السيارات الكهربائية من طبقات دقيقة تمر عبر ماكينة لطلاء المعادن، وعادة ما يكون عرضها أقل من متر، لكن طولها يصل إلى آلاف الأمتار.
وقال المستشار التقني، لويس هروسكا، إن هذه الطبقات معرضة للتلف بسهولة عند مرورها بماكينات معالجة المواد المؤتمتة.
وأوضح أن سيارة شيفروليه بولت تحتوي على مئات الطبقات، لذا يتطلّب الشحن والتفريغ الآمن والفاعل للبطارية تمرير جهد عالٍ خلال هذه الطبقات من القطب السالب أو الأنود والقطب الموجب أو الكاثود.
وفي المقابل، قالت شركة جنرال موتورز، إن البطاريات التي توفرها شركة "إل جي" للسيارات الكهربائية طراز بولت تحتوي على عيبيْن في التصنيع، هما: تمزّق مقبض أنود والتفاف المواد الفاصلة، ما يزيد من خطر نشوب حريق.
وقال محلل لأبحاث التنقل، سام أبوالصمد، إن هذه العمليات خطرة وتتطلب مراقبة دقيقة خلال عملية التصنيع والفحص والاختبار والمناولة في أثناء النقل.
وأضاف أن حزمة شيفروليه ليست الوحيدة التي ترتفع درجة حرارتها أو معرضة للاحتراق، فأغلب الشركات، مثل: بي إم دبليو وهيونداي وتيسلا وميتسوبيشي أجرت عمليات استدعاء لسياراتها بسبب الحرائق، معلقًا أنه "لا يوجد أحد في مأمن".
وأكد خبراء بطاريات السيارات الكهربائية أن حرائق هذا النوع من السيارات كانت أقل من السيارات التي تعمل بالبنزين.
وقال محلل أبحاث التنقل، سام أبوالصمد، إن مركبات الغاز في عام 2018 شهدت حرائق في 212 ألف سيارة من بين 290 مليون سيارة.
تصميم بولت
خلال العقد الماضي، تنازل أكبر مصنعي السيارات في العالم عن سوق السيارات الكهربائية لشركة تيسلا.
وكان رجل الأعمال الأميركي مالك شركة تيسلا إيلون ماسك اللاعب الوحيد الذي ركّز على صناعة السيارة الكهربائية طويلة المدى.
ومع نمو مبيعات تيسلا والقيمة السوقية، بدأت جنرال موتورز بيع سيارات من طراز شيفي سبارك الكهربائية بمدى 82 ميلًا وفولت بلوغ إن الهجينة، وأوقفت الشركة إنتاج هذه النماذج في 2017 و2018 على التوالي.
وفي أواخر عام 2016 أطلقت الشركة طراز بولت، وهي أول سيارة كهربائية طويلة المدى لها في السوق.
لكن تيسلا وشيفروليه بولت تستخدمان مناهج مختلفة عندما يتعلق الأمر بالتصميم والتبريد.
وقارن المحلل في شركة إي سورس، سام جاف، مدى قرب خلايا البطارية من بعضها والمادة الفاصلة ونظام المعالجة الحرارية في بولت وتيسلا، وقال إن بولت يمكنها سحب الحرارة بعيدًا عن الخلايا بكل الاتجاهات.
وأضاف أن تصميم حزمة بولت لا يُقارن بتيسلا، لكن بطارية أولتيوم التي تنوي جنرال موتورز تركيبها في خطها المستقبلي من السيارات الكهربائية ستكون أفضل من المستخدمة في بولت.
بينما يرى محلل أبحاث التنقل، سام أبوالصمد، أن تيسلا لديها أنابيب تبريد تعمل على تهدئة حرارة الخلايا، لكنها قريبة جدًا من بعضها، وهو ما يفسّر الحرائق التي شهدتها سيارات تيسلا خلال السنوات الماضية.
التتبع والفحص
أوضح المستشار التقني، لويس هروسكا، أن هناك ممارسات معتادة تقوم بها شركات السيارات، وتتلخص في اختبار كل خلية واستبعاد أي خلية معيبة.
ووفقًا لمتحدث باسم جنرال موتورز، تلتزم الشركة بفحص وتتبع كل خلية وحزمة ومركبة، إلى جانب تصويرها قبل مغادرة منشأة التصنيع.
ورغم ذلك، بدأت علامات التحذير بشأن مشكلات بطارية بولت قبل الاستدعاء بوقت طويل.
ففي أغسطس/آب 2017، عانت 100 سيارة حالات التوقف المفاجئ، وعلى أثر ذلك استبدلت شركة جنرال موتورز حزمة البطارية في سبتمبر/أيلول، معلنة أنها أجرت تحسينات في جميع سلاسل التوريد لإصلاح مشكلة الجهد المنخفض لخلايا البطارية.
وقال كبير مهندسي أنظمة الدفع الكهربائي في جنرال موتورز، تيم غريوي، إن الشركة أصلحت المشكلة، وواصلت عمليات المراقبة للتأكد من عدم حدوثها مرة أخرى.
لكن بعد 19 شهرًا، أقرت جنرال موتورز بتلقي تقارير عن 12 حريقًا في بولت، وارتفع إلى 16 حريقًا بعد ذلك.
دروس صعبة
في أكتوبر/تشرين الأول، استدعت الشركة جميع موديلات بولت إي في (2017-2022) وبولت إي يو في (2022)، لبدء استبدال وحدات البطارية.
وفي هذا الإطار، علّق كبير المهندسين التنفيذيين لشركة بولت، جيس أورتيغا، أن مهندسي جنرال موتورز تتبعوا حوادث الاشتعال في بولت التي تستخدم بطاريات "إل.جي شيم" الكوريّة الجنوبية من مايو/أيار 2016 إلى مايو/أيار 2019، وأكدوا أن الحرائق حدثت عندما أوشكت البطارية على الشحن الكامل (أي 100% من سعتها).
وبعد ذلك، توصلت جنرال موتورز إلى اتفاقية مع إل جي تتعلق بتعويضها عن التكاليف والنفقات المرتبطة بعيوب التصنيع في وحدات البطارية التي توفرها إل جي.
وقالت الشركة الأميركية إن إل جي -شريكتها في مجال البطاريات- وافقت على تعويضها عن ملياري دولار الخاصة بتكاليف ونفقات سحب سيارات بولت الكهربائية.
ومن المتوقع أن تستأنف جنرال موتورز إنتاج بولت في أوائل ديسمبر/كانون الأول.
هل هناك حل؟
بدأت بعض الشركات تطوير معدات للمساعدة في السيطرة على حرائق السيارات الكهربائية، على رأسها شركة "روزنباور" النمساوية التي تمكنت من تطوير مطفأة حريق جديدة خاصة بالمركبات الكهربائية.
يتألف النظام من وحدتي إطفاء، وتشغيل، ويسمح لرجال الإطفاء بضخ المياه تجاه خلايا البطارية من مسافة آمنة تصل إلى 25 قدمًا.
وتتميز وحدة الإطفاء بأنه يمكن وضعها تحت المركبة المشتعلة وإخماد النيران بسرعة، لكن حال انقلاب السيارة على جانبها أو السقف، يمكن وضع وحدة الإطفاء أعلى السيارة أو حتى في المقصورة أو الحقيبة للوصول إلى البطارية بشكل أفضل.
وبمجرد تشغيلها من خلال وحدة التحكم، تقوم مطفأة الحريق بضخ المياه لتبريد خلايا البطارية.
وتُعد هذه الطريقة فعالة لخفض درجة حرارة البطارية، فملء البطارية بالماء مباشرة أفضل من مجرد السيطرة عليها بخرطوم من الخارج، مما يؤدي إلى تهدئة الهروب الحراري الذي يجعل حرائق بطارية ليثيوم أيون مستعرة.
علاوة على ذلك، يسمح هذا النظام لطاقم الحريق بإخماد نيران المركبات الكهربائية بسرعة أكبر، مع تقلبل كمية الدخان والغازات الضارة.
كما أنه يسمح لرجال الإطفاء بالبقاء على مسافة آمنة، والتشغيل من خلال وحدة التحكم بدلًا من الاضطرار إلى حمل خرطوم.
وتقول الشركة إنه يمكن ترك وحدة الإطفاء متصلة بالمركبة بمجرد إخماد الحريق، لاسيما أن بعض البطاريات التالفة تشتعل مرة أخرى بعد إطفائها، ويسمح ذلك بضخ المياه إلى البطارية إذا لزم الأمر.
اقرأ أيضًا..
- الطلب العالمي على النفط.. 3 مؤسسات كبرى ترسم ملامحه في 2022
- سيارات لوسيد الكهربائية.. تعرف على النماذج المختلفة ومميزاتها وأسعارها (تقرير)