الاستغناء عن النفط يفتح أبواب العودة إلى العصر الحجري - مقال
ذروة الطلب على الهيدروكربونات تطرح أسئلة ملحّة بشأن البدائل المتجددة
ترجمة: نوار صبح
- نحو 100 مليون برميل من النفط يستهلكها العالم يوميًا في وسائل النقل
- يتوقف أمر الاستغناء عن النفط والغاز الطبيعي على معرفة أهمية استخدام الهيدروكربونات
- خيار نشر السيارات الكهربائية في العديد من البلدان هو البديل الواضح لقطاع السيارات
- بلغت مبيعات السيارات الكهربائية نحو 5 ملايين سيارة في عام 2020
لا بدّ من إدراك أهمية النفط والغاز الطبيعي وحجم استخدام الهيدروكربونات وتنوعه في الحياة اليومية، قبل التفكير في تحول الطاقة والجدول الزمني لإيجاد البدائل من مصادر الطاقة المتجددة، في وقت يعود فيه الطلب على تلك المواد إلى مستويات ما قبل تفشي وباء كوفيد-19.
وتُستخدم الهيدروكربونات يوميًا بطرق متنوعة ابتداءً بالكمبيوتر وورق الصحف وطاولة المكتب وبعض الأدوات المنزلية وما إلى ذلك، بالإضافة إلى نحو 100 مليون برميل من النفط يستهلكها العالم يوميًا في وسائل النقل البري والبحري والجوي.
وهكذا يتوقف أمر الاستغناء عن النفط والغاز الطبيعي على معرفة أهمية استخدام الهيدروكربونات، خصوصًا في البلدان التي تنعم بأوفر موارد الطاقة في العالم، مثل: كندا التي يعاني غالبية سكانها جهلًا عميقًا باستخدامات الطاقة ومدى أهميتها.
بدائل الهيدروكربونات
قد يؤدي الاستغناء عن الغاز الطبيعي والنفط إلى العودة إلى نمط حياة العصر الحجري، لأن الاستغناء عنهما ليس بالأمر السهل في وقت يرى فيه السياسيون ضرورة الحد من نمو الإنتاج.
ووفقًا لتقرير المراجعة الإحصائية لشركة النفط البريطانية بي بي، يستهلك العالم 60 مليون برميل نفط في قطاع النقل (27 مليونًا للسيارات، و18 مليونًا لشاحنات النقل الثقيل، و8 ملايين للطائرات، والباقي للسفن ووسائل النقل العام)، من أصل نحو 100 مليون برميل يستهلكها العالم يوميًا.
وينبغي التفكير -أيضًا- بمدى القدرة على تحويل 1.45 مليار سيارة و29 ألف طائرة و54 ألف سفينة إلى مصادر وقود متجددة والجدول الزمني لهذه الوسائل للوصول إلى نقطة التحول الحاسمة.
ويبدو خيار نشر السيارات الكهربائية في العديد من البلدان هو البديل الواضح لقطاع السيارات، إذ يتركز الاهتمام على أن تصبح السيارات الجديدة محايدة كربونيًا بحلول عام 2035، بمعنى أنها لا تطلق انبعاثات من أنبوب العام، وليس بالضرورة من مصدر الكهرباء التي تشغلها.
وفي حين بلغت مبيعات السيارات الكهربائية نحو 5 ملايين سيارة في عام 2020، ومع استمرار ازدياد هذا الرقم مع تصنيع شركات السيارات طرازات جديدة بأسعار متفاوتة، يدور السؤال حول الوقت اللازم لصناعة سيارات كهربائية لتحل محل 1.45 مليار سيارة تقليدية.
وتوقعت إدارة معلومات الطاقة الأميركية -مؤخرًا- أن أسطول سيارات الاحتراق الداخلي في الولايات المتحدة لن يبلغ ذروته حتى عام 2038.
- قمة المناخ كوب 26.. هل تعلن أفول عصر توليد الكهرباء من الفحم؟
- أزمة الغاز تبرز الضعف الأوروبي وتعزز دور موسكو
- قمة المناخ كوب 26.. دعوات إلى التوسع في استثمارات الهيدروجين
ويتطلّب التحول إلى السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، ومواجهة الطلب على الكهرباء، مضاعفة إجمالي توليد الكهرباء لديها، وتصنيع بطاريات السيارات، في ظل نقص النحاس الذي قدّره رويال بنك أوف كندا بأن يصل إلى 32% بحلول عام 2030.
وقدرت مجموعة رابيدان للطاقة أن ينخفض المعروض من النيكل عن مستوى الطلب بحلول عام 2024.
ويشير هذا إلى فجوة هائلة بين السياسات الحكومية ذات النوايا الحسنة وواقع الطاقة الحقيقي، ولا بد من أن يتقارب هذان التوجهان لتحقيق الأهداف المرجوة.
خيار الهيدروجين
هنالك سؤال يُطرَح بشأن قدرة الصناعة على إنتاج ما يكفي من الهيدروجين، الذي لا يزال في مراحله التجريبية، للاستغناء عن الديزل المستخدم في شاحنات النقل الثقيل أو إنتاج وقود نفاث متجدد.
وينبغي عدم تجاهل المتطلبات المالية الضخمة للتحول إلى الهيدروجين، التي تقدّر بمليارات الدولارات، ومن المتوقع أن يستغرق الأمر 20 عامًا للوصول إلى تحديد دور الهيدروجين بوصفه بديلًا موثوقًا للوقود الأحفوري.
ويُعدّ استبدال 60 مليون برميل يوميًا من النفط المستخدم في النقل بالكهرباء والهيدروجين ووقود الطائرات المتجدد هو الجزء السهل نسبيًا.
وبالنظر إلى الـ40 مليون برميل الأخرى من الاستهلاك اليومي غير المستخدمة في النقل، مثل البتروكيماويات والبلاستيك والأسمنت ومواد التشحيم والمطاط والزراعة ومواد التجميل والأدوية وأكثر من 2000 استخدام آخر، يتطلب الأمر التفكير في بدائل لتلك المنتجات التي تستخدم يوميًا.
ازدياد عدد السكان
يبلغ عدد سكان العالم اليوم نحو 7.7 مليار نسمة، ووفقًا للأمم المتحدة من المقرر أن ينمو بمقدار ملياري شخص بحلول عام 2050، وهو الوقت الذي من المفترض أن يصل فيه العالم إلى الحياد الكربوني.
ومع وصول عدد سكان البلدان المتقدمة مثل كندا والولايات المتحدة واليابان إلى الذروة، سيضاف مليارا شخص تقريبًا في أفريقيا وآسيا، وهي مناطق من العالم تشهد مستويات معيشة منخفضة حاليًا، ومن المرتقب أن يزداد استهلاكها من الهيدروكربونات.
جدير بالذكر أن الشخص العادي في العالم يستهلك 5 براميل نفط فقط سنويًا حتى الآن في الولايات المتحدة، حيث يؤدي ارتفاع مستويات المعيشة إلى ارتفاع الطلب على الهيدروكربونات.
ونتيجة نمو سكان العالم بنسبة 26%، ومعه متوسط استخدام الهيدروكربون للفرد، يصبح من الصعب تصوّر انخفاض الطلب العالمي على البلاستيك والأسمدة والمعادن المستخرجة للإلكترونيات والمواد الكيميائية المتخصصة.
مخزونات الطاقة
تتوقع مؤسسة سانفورد سي بيرنشتاين الاستثمارية أن الطلب على النفط سيستمر في النمو حتى عام 2034، وعند هذه النقطة سيبدأ الطلب على النفط في الانخفاض ببطء، وذلك في ظل سيناريو تلبية جميع مبادرات إزالة الكربون الحكومية المعلنة.
وهنا يطرح سؤال نفسه بشأن تحديد أي قيمة للبراميل المحفوظة في الاحتياطي بعد 10 إلى 15 عامًا من الآن، إذا كان معظم الناس يعتقدون أن نهاية النفط قريبة.
ويرى محللون أن الطلب على النفط سيستمر في النمو، ومن المحتمل أن يبلغ ذروته فقط في وقت ما في ثلاثينيات القرن الحالي، ومع ذلك سيتواصل استخدام النفط على نطاق واسع لمدد طويلة، نتيجة تشعب المنتجات المرتبطة به والعائدات المجزية التي يجنيها المساهمون في شركات النفط.
* إريك نوتال - كاتب متخصص في إستراتيجيات الاستثمار
ملحوظة:
* نُشر هذا المقال في صحيفة الفاينانشال بوست، وأعادت الطاقة نشره بموافقة الكاتب.
اقرأ أيضًا..
- مع قفزة أسعار النفط.. خزائن 5 دول عربية تنتعش بقوة (إنفوغرافيك)
- المغرب يتفوق على الجزائر في مواجهة آثار تغير المناخ
- تحديث - وزير الطاقة السعودي يطالب العالم بدعم الدول النامية لمواجهة تغير المناخ (فيديو)