قمة المناخ كوب 26.. تعرف على إنجازات مصر في التحول الأخضر (تقرير)
القاهرة تستضيف كوب 27 العام المقبل
محمد فرج
- اتبعت مصر إستراتيجية للاستخدام الفعال للمواد الخام والموارد الطبيعية وتقليل المخلفات
- فتحت مصر آفاقًا جديدة للاستثمار في الاقتصاد الأخضر لتوفير بيئة صحية والحد من انبعاثات الكربون
- قررت القاهرة الاعتماد على الطاقة النظيفة والنقل الذكي والمستدام في المشروعات القومية
- توسعت الحكومة في التوجه نحو نشر السيارات الكهربائية واستخدامها
بالتزامن مع فعاليات قمة المناح كوب 26، أعلنت العديد من الدول، ومن بينها مصر، خططًا طموحة لخفض الانبعاثات لمواجهة آثار التغير المناخي، والوفاء بالتزامات اتفاقية باريس للمناخ.
عملت مصر على التوسع في مشروعات الطاقة النظيفة والنقل الذكي والمستدام من خلال الاستثمار الأمثل للموارد المتجددة للحد من النفايات وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير للحد من الآثار السلبية في الصحة والبيئة وتحسين كفاءة الطاقة.
ونفذت 32 شركة عربية وعالمية محطات طاقة شمسية في منطقة بنبان بمحافظة أسوان المصرية بقدرة 1465 ميغاواط، وكذلك أنشأ تحالف عالمي محطة طاقة رياح بقدرة 250 ميغاواط، وتُدَشَّن حاليًا مشروعات لإنتاج الكهرباء النظيفة بقدرة 2800 ميغاواط.
الطاقة النظيفة
قررت الحكومة المصرية الاعتماد على الطاقة النظيفة، التي تركزت حولها العديد من النقاشات في قمة المناخ كوب 26، في المناطق السكنية الجديدة وأبرزها العاصمة الإدارية الجديدة، وطرحت العديد من المناقصات لتدشين محطات شمسية أعلى المباني بقدرات إجمالية تتجاوز 50 ميغاواط، بالإضافة إلى اتجاه المصانع والشركات والمنازل لتركيب محطات شمسية بقدرات تصل إلى 121 ميغاواط.
وطرحت مصر مبادرة لإحلال السيارات المتقادمة بأخرى تعمل بالغاز وكهربائية في إطار حرصها على تقليص الانبعاثات، وتنوي التوسع في استخدام السيارات الكهربائية، والحد من التلوث عبر تنفيذ مشروعات لإعادة تدوير النفايات.
وتستهدف الحكومة المصرية الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، اعتمادًا على استخدام التقنيات المتوافقة مع البيئة وهو ما تتجه له القاهرة في جميع مشروعاتها القومية بما يحقق خطة التنمية المستدامة 2030.
تطبيق الاستدامة في العاصمة الإدارية الجديدة
قررت الحكومة المصرية مراعاة تطبيق جميع معايير التنمية المستدامة، والمدن الخضراء، صديقة البيئة أثناء تنفيذ وإنشاء مختلف المدن الجديدة، وابرز مثال طُبِّقَ في العاصمة الإدارية الجديدة.
ويصل نصيب الفرد من المسطحات الخضراء بالعاصمة الإدارية الجديدة إلى 17 مترًا بما يتوافق مع المعايير العالمية.
وقال الخبير الاقتصادي، فخري الفقي، إن العاصمة الإدارية الجديدة نموذج متكامل لتطبيق التنمية المستدامة؛ حيث تعتمد على أنظمة مترابطة لإدارة النفايات وتوفير الطاقة النظيفة وإتاحة مساحات خضراء شاسعة.
وأكد أنه خُصِّصَت مساحة 305 أفدنة بطريق (القاهرة-السويس) تبعد عن العاصمة بقرابة 16 كيلومترًا لمعالجة المخلفات البلدية ومخلفات الهدم والبناء وأعمال الدفن الصحي الآمن.
وأوضح أن التجربة التي تُطبَّق معايير الاستدامة بها في العاصمة الإدارية الجديدة ستكون استرشادية لتطبيقها في جميع المدن مثل العلمين الجديدة والمنصورة الجديدة.
تشريعات وضوابط جاذبة للطاقة المتجددة
بدأت مصر مبكرًا في التوجه نحو نشر الطاقة المتجددة واستخدامها؛ حيث وضعت ضوابط وتشريعات منظمة لعملية الاستثمار في مجال الطاقة النظيفة في عام 2014.
وأصدر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قرارًا بقانون بشأن تحفيز إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة.
وتضمّن القرار تحديد مجموعة من الإجراءات المترابطة والمتكاملة لتشجيع دخول القطاع الخاص إلى مجال إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة.
ويستهدف كذلك تحقيق عدة أهداف؛ من بينها تحديد الآليات المسموح على أساسها إنشاء محطات إنتاج للطاقة المتجددة، وتخصص الدولة الأراضي العامة المناسبة لإقامة مشروعات الطاقة المتجددة بنظام حق الانتفاع.
وكذلك تشجيع المستثمرين المحليين والدوليين على الاستثمار في إنشاء مشروعات طاقة متجددة لإنتاج الكهرباء، وعدم تحمل الدولة أعباء دعم إضافية لتشجيع إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقات المتجددة.
وساعدت هذه القوانين في جذب العديد من الشركات العربية والعالمية للاستثمار بمجال الطاقة المتجدّدة في مصر، عبر الآليات التي أُقِرت وتتضمن مناقصات تنافسية، وصافي القياس، وتعريفة التغذية ونظام المنتج المستقل.
جذب الاستثمارات في الطاقة النظيفة
حددت تعريفة جاذبة لشراء الكهرباء المنتجة من محطات الطاقة المتجددة لمدة 25 عاما، وأتاحت الأراضي بنظام حق الانتفاع لإنشاء محطات طاقة شمسية وطاقة رياح.
وبعد تلقي الحكومة عشرات العروض للاستثمار في مجال تدوير المخلفات لإنتاج الطاقة، قررت إقرار تشريعات وضوابط منظمة لعملية الاستثمار في هذا المجال.
وحددت وزارة البيئة تعريفة استرشادية لإنتاج الطاقة من تدوير النفايات، وأقبلت عشرات الشركات العربية والعالمية على تنفيذ مشروعات باستثمارات كبيرة.
وتستهدف الخطة التي أعلنتها الحكومة المصرية -وتضمنت الإستراتيجية الوطنية التي كُشِفَ عنها خلال فعاليات قمة المناخ كوب 26- تدشين محطات لإنتاج الكهرباء من المخلفات بقدرات تصل إلى 300 ميغاواط واستثمارات تتجاوز 400 مليون دولار.
وقال نائب رئيس هيئة الطاقة المتجددة، إيهاب إسماعيل، في تصريحات خاصة لـ"الطاقة"، إن الهيئة تلقت 6 عروض جديدة من شركات إماراتية وسعودية وهندية وصينية وأمريكية وبريطانية لتنفيذ مشروعات طاقة شمسية وطاقة رياح بقدرات مختلفة.
وأوضح أن الهيئة تتولى التنسيق مع الشركة المصرية لنقل الكهرباء بخصوص هذه العروض، ولا سيما أنها الجهة التي سوف تشتري الطاقة المنتجة من المشروعات.
وذكر أن الطاقة المتجددة تمثل في المدة الحالية 20% من إجمالي الكهرباء المنتجة على الشبكة القومية للكهرباء، ومن المستهدف زيادتها تدريجيًا لتصل إلى 42% أو أكثر قليلًا في عام 2035.
التوسع في النقل الذكي والمستدام
وضعت مصر إستراتيجية متكاملة للاعتماد على النقل الذكي الجماعي سواء في القاهرة أو بعض المناطق الجديدة في إطار حرصها على عدم الإضرار بالمناخ، وتخفيض الانبعاثات.
وتعاقدت مع شركات عالمية لتوفير الأتوبيسات الترددية التي تعمل بالكهرباء لتعمل بدلًا من الميكروباص الذي يعمل بالوقود الأحفوري، وكذلك تنفذ مشروع المونوريل "قطار كهربائي" يعتمد على الكهرباء في التنقل.
واستوردت مصر أتوبيسات تعمل بالكهرباء ومن المقرر استخدامها في منطقة العاصمة الإدارية الجديدة لنقل العاملين والموظفين، وأُنشِئت العديد من وحدات الشحن بعدد من المباني.
وتتماشى هذه الخطوات والجهود مع المعايير البيئية الدولية؛ ما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحسين الكفاءة الاقتصادية والقدرة التنافسية.
زيادة استثمارات المشروعات الخضراء
قررت الحكومة المصرية زيادة الاستثمارات العامة الموجهة للمشروعات الخضراء لتصل إلى 30% في العام المالي الحالي، ومن المقرر رفعها لتصل إلى 50% في السنوات الأربع المقبلة، وهو ما كشفت عنه النقاشات المصرية خلال قمة المناخ كوب 26.
وبحسب بيان صادر عن وزارة المالية المصرية؛ فإن محفظة مصر من المشروعات الخضراء وصلت إلى ملياري دولار حتى الربع الأول من العام الجاري.
وتتوزع نسبتها بين 16% في مجال الطاقة المتجددة، و19% في مجال النقل النظيف، و26% في مجال المياه والصرف الصحي، و39% في مجال الحد من التلوث.
كما أعلنت مصر إصدار أول سندات خضراء في شهر سبتمبر/أيلول من عام 2020 بقيمة 750 مليون دولار.
وخلقت مصر آفاقًا جديدة للاستثمار في الاقتصاد الأخضر لتوفير بيئة صحية للأجيال الحاضر والمستقبلية بالحد من انبعاثات الكربون في جميع مراحل التصنيع.
وتوسعت أيضًا الحكومة في التوجه نحو نشر السيارات الكهربائية واستخدامها، كما منحت تيسيرات وحوافز لمشتري السيارات الكهربائية، وأيضًا بعض الحوافز لاستيراد السيارات الكهربائية، ووضعت خطة متوسطة وطويلة المدى لإنتاج الهيدروجين الأخضر ضمن اتجاهها للتوسع في الطاقة النظيفة.
دعم صندوق تمويل التكيف مع المناخ
قالت وزيرة البيئة المصرية، ياسمين فؤاد- التي مثلت مصر في فعاليات قمة المناخ كوب 26- في تصريحات سابقة، إن هناك حاجة ملحة إلى تمويل المناخ أكثر من أي وقت مضى؛ نظرًا لزيادة تكاليف التكيف المقدرة في البلدان النامية بمقدار 5 إلى 10 أضعاف عن التدفقات الحالية لتمويل التكيف العام.
وأضافت أن فجوة تمويل التكيف في طريقها للاتساع، وصندوق التكيف مع المناخ يحتاج إلى تعبئة موارده لتمكينه من مواصلة أعماله.
وأشارت إلى النتائج التي حققها صندوق تمويل التكيف في مصر خلال دعمه مشروعين مُوِّلا بأكثر من 10 ملايين دولار.
وأوضحت أن المشروع الثاني الذي يموله الصندوق في مصر هو عبارة عن توسيع نطاق المشروع الممول في البداية.
وذكرت أن التجربة المصرية اتخذت العديد من الخطوات في مجال تمويل المناخ، وهناك ضرورة لدمج عمليات تمويل المناخ بمصالح المجتمعات المحلية.
وقالت إن هناك محورين مهمين للعمل بغلاسكو أو بعدها في ملف التكيف، وهما تسهيل عملية الحصول على تمويل المناخ ودمج مصالح السكان المحليين.
قمة المناخ كوب 27
في الشهر الماضي، أعلن جون كيري، مبعوث الولايات المتحدة بشأن المناخ، اختيار مصر مرشحةً لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ العام المقبل 2022.
وتُختار دولة تمثل منطقة مختلفة من العالم كل عام لاستضافة الاجتماع ورئاسة المؤتمر؛ إذ من المقرر أن تتسلم مصر رئاسة المؤتمر خلال فعاليات قمة المناخ كوب 26.
وجاء قرار مصر بطلب تنظيم المؤتمر إيمانًا بأهمية قضية تغير المناخ على المستويين الوطني والدولي، وتعبيرًا عن حجم الالتزام السياسي المصري نحو ملف تغير المناخ بشكل عام.
كيف استعدت مصر لذلك؟
تستهدف مصر استضافة قمة المناخ كوب 27 في مدينة شرم الشيخ التي تتمتع ببنية تحتية ولوجستية على أعلى مستوى.
ووضعت مصر عددًا من الأهداف التنموية العاجلة من خلال تنفيذ سياسات واضحة وأهداف دقيقة؛ منها رفع معدلات الاستثمارات الخضراء لتمثل 50% من إجمالي الاستثمارات الحكومية بحلول عام 2024، من خلال السندات الخضراء.
وأعدت مصر الإستراتيجية الوطنية لمكافحة التغيرات المناخية، التي تضع أهدافًا واضحة للتكيف والتصدي بفاعلية لهذه التحديات.
وشُكِّل المجلس الوطني للتغيرات المناخية، واتخذت مصر خطوات واضحة نحو تطبيق منظومة إدارة المخلفات الصلبة، وهو ما كان يمثل تحديًا كبيرًا في الماضي.
ماذا حدث في قمة المناخ كوب 26؟
تعهدت أكثر من 100 دولة خلال الأسبوع الأول في قمة المناخ كوب 26 بتقليص انبعاثات الميثان العالمية نحو 30% بداية من العام الجاري حتى عام 2030؛ مساهمةً منها لتقليص الاحتباس الحراري في أقرب وقت ممكن.
والتقت وزيرة البيئة المصرية، ياسمين فؤاد، مع رئيس قمة المناخ كوب 26؛ لمناقشة استعدادات مصر لاستضافة مؤتمر كوب 27، وسبل تنفيذ آليات التمويل، والخروج بنتائج فعالة وملزمة وعادلة تضع اتفاق باريس حيز التنفيذ وتراعي مصالح جميع الدول خاصة الأكثر تأثرًا بتغير المناخ كالدول النامية والإفريقية.
وبحسب بيان صادر عن وزارة البيئة المصرية؛ ناقش الطرفان، خلال قمة المناخ كوب 26، بعض النقاط الخلافية في المفاوضات؛ حيث قدمت مصر رؤيتها لمواجهة تلك النقاط، وخاصة فيما يتعلق بموضوعات تمويل المناخ والشفافية والمادة السادسة المعنية بالكربون والتكيف والخسائر والأضرار.
وتناول اللقاء أيضًا المبادرات التي أُطلِقَت في مؤتمر المناخ كوب 26، والتي ستستمر حتى مؤتمر المناخ المقبل كوب 27.
موضوعات متعلقة..
- قمة المناخ كوب 26.. رسائل واضحة من السعودية للعالم (إنفوغرافيك)
-
قمة المناخ كوب 26.. آمال أفريقيا في التمويل والكهرباء والوظائف تنتظر النتائج
-
قمة المناخ كوب 26.. مصر تنضم إلى مبادرة أميركا لتحقيق الحياد الكربوني بقطاع الطاقة
اقرأ أيضًا..
-
إنرجيا.. أسطول جديد من إمبراير لتحقيق الطيران المستدام (فيديو وصور)
-
الشركات الصينية تتجه إلى توحيد مقاييس ألواح الطاقة الشمسية الكبيرة