بعد وقف تصدير الغاز الجزائري عبر المغرب.. هل إسبانيا على مشارف أزمة طاقة؟
مي مجدي
تعيش إسبانيا -حاليًا- وضعًا محفوفًا بالمخاطر مع إعلان وقف تصدير الغاز الجزائري عبر المغرب من جهة، وارتفاع أسعار الوقود الأحفوري بشكل مطّرد في الأسواق العالمية، واقتراب فصل الشتاء من جهة أخرى.
وتحشد السلطات الإسبانية جهودها لإيجاد حلّ بعد إعلان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إنهاء العقد المبرم بين شركة النفط الوطنية سوناطراك، والديوان الملكي المغربي للكهرباء والماء، والمتعلق بأنبوب نقل الغاز الجزائري نحو أوروبا، عبر الأراضي المغربية، أمس الأحد الموافق 31 أكتوبر/تشرين الأول، إذ يُعدّ المصدر الرئيس للغاز الطبيعي لشبه الجزيرة الإيبيرية، بحسب موقع إنرجي فويس.
القلق يراود إسبانيا
رغم أن مدريد رائدة في مجال طاقة الرياح والطاقة الشمسية، فإنها ما تزال تعتمد على واردات الطاقة، وتوفر الجزائر أكثر من نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعي.
ويشعر المسؤولون الإسبان بالقلق من أن نقص الإمدادات سيؤدي إلى تفاقم أزمة ارتفاع أسعار الطاقة، وسيؤثر ذلك بطبيعة الحال في فواتير الكهرباء.
فإسبانيا لا تعتمد على الغاز في الصناعات وأنظمة التدفئة فحسب، بل تحتاجه لتوليد قرابة ثلث الكهرباء في البلاد من خلال محطات حرق الغاز الطبيعي.
وجاءت رحلة نائبة رئيس الوزراء الإسباني، وزيرة التحول البيئي، تيريزا ريبيرا، إلى الجزائر بعد شهر واحد فقط من سفر وزير الخارجية إلى العاصمة الجزائرية لمناقشة إمدادات الغاز خوفًا من أن تتحول إسبانيا ضحية للخلاف الدبلوماسي بين الجزائر والمغرب.
والتقت ريبيرا وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب، الذي تعهّد بأن تفي بلاده -من خلال شركة سوناطراك- بالتزاماتها الموقّعة مع الشركات الإسبانية.
ووفقًا لمؤسسة "كوريس" الخاضعة لوزارة التحول البيئي، قدّمت الجزائر 12 ألفًا و432 غيغاواط/الساعة من الغاز الطبيعي في أغسطس/آب، و1565 غيغاواط/الساعة من الغاز الطبيعي المسال.
في حين بلغ إجمالي إمدادات خط الأنابيب إلى إسبانيا في أغسطس/آب 15 ألفًا و276 غيغاواط/الساعة، ووصلت إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى 21 ألفًا و560 غيغاواط/الساعة.
المخزونات الإسبانية
في غضون ذلك، قالت شركة إيناغاز المشغّلة لشبكة الغاز الإسبانية في 31 أكتوبر/تشرين الأول، إن لديها مخزونات تكفي 40 يومًا من الطلب، بعد أن ضمنت ضخّ كميات إضافية قبل وقف عمليات التسليم عبر خط أنابيب المغرب العربي-أوروبا.
وأضافت أنه بفضل الجهود المنسّقة مع وزارة التحول البيئي، لا توجد مؤشرات حالية على حدوث نقص في إمدادات الغاز خلال الأشهر المقبلة.
الحلول البديلة
بلغت صادرات الجزائر من الغاز عبر خط أنابيب المغرب العربي وأوروبا 12 مليار متر مكعب، وميدغاز 8 مليارات متر مكعب، حسب معهد أكسفورد لدراسات الطاقة.
ويمتد خط أنابيب المغرب العربي وأوروبا -الذي بَنته إسبانيا في عام 1996- عبر المغرب، لتزويد إسبانيا والبرتغال بالغاز الجزائري.
لذا، ستحتاج إسبانيا إلى حلول بديلة لتعويض احتياجاتها من الغاز الطبيعي التي تصل عادة إلى إسبانيا سنويًا عبر خط أنابيب المغرب العربي–أوروبا.
فهناك خياران، أولهما زيادة قدرة خط أنابيب ميدغاز، الذي يمتد مباشرة من حقول الغاز في حاسي الرمل في الجزائر إلى مدينة ألميريا جنوب شرق إسبانيا.
ويوفر ميدغاز ربع الغاز الطبيعي الذي يصل إسبانيا، وتعهدت الجزائر برفع طاقتها الإنتاجية من 8 مليارات متر مكعب إلى 10 مليارات متر مكعب سنويًا، إذ دشّنت المرحلة الثانية من خط الغاز بطول 197 كيلو مترًا وبتكلفة تقارب 32 مليار دينار (240 مليون دولار) في بداية مايو/أيار الماضي، لدعم قدرة تصدير أنبوب ميدغاز.
لكن إسبانيا ستظل بحاجة إلى نحو 4 مليارات متر مكعب إضافية لتغطية احتياجاتها، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق استيراد الغاز الطبيعي المسال على السفن الحاملة.
وسيتطلب نقل الكمية التي تحتاجها إسبانيا نحو 50 سفينة، وقد تواجه صعوبة للعثور على شركات النقل، إلى جانب ارتفاع التكلفة.
المأزق المغربي
بالنسبة للمغرب، يمثّل خط أنابيب المغرب العربي-أوروبا مصدرًا مهمًا للدخل، وتحقق البلاد قرابة 60 مليون دولار سنويًا مقابل عبور الغاز الأراضي المغربية، وقد تصل إلى 233 مليون دولار، إذ يتوقف ذلك على عدد الشحنات التي تمرّ من خلاله.
كما زوّد خط الأنابيب الرباط بكميات من الغاز الطبيعي لتوليد 10% من إجمالي الكهرباء في البلاد.
لكن الخلاف الدبلوماسي مع الجزائر حول إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه أدى إلى تفاقم الأزمة، وانتهى بعقد العلاقات بين البلدين وتوقّف تصدير الغاز الجزائري عبر أراضيها.
اقرأ أيضًا..
- كوب 26.. ماكرون: العالم يحتاج إلى جبهة موحدة للتعامل مع تغيّر المناخ
- كوب 26.. بايدن: أسعار الطاقة حاليًا دعوة لتعزيز تنويع مصادر الكهرباء النظيفة