أرباح الشركات وأهداف المناخ.. تعليقات "الطاقة" على أبرز الأحداث في أسبوع
تمثّل أرباح الشركات مؤشرًا مهمًا لصعود أو هبوط معدل البطالة في كل دولة، والذي يصبّ في ارتفاع أو انخفاض حجم الإنفاق والاستهلاك، ومن ثم معدلات نمو الاقتصاد المحلي، فالعالمي، غير أن أهداف المناخ قد تعوق حاليًا قدرة هذه الشركات على تحقيق معدل الأرباح الحالية نفسه، وتجبرها على تغيير خططها المستقبلية بما قد يعدّ مخاطرة نوعًا ما لتلك الشركات.
بهذه الخلفية تحضر الكثير من الدول قمة المناخ (كوب 26)، الذي انطلق اليوم الأحد، وسط أزمة طاقة عالمية تدعم توجهاتها وآراءها في المناقشات، وهو ما يزيد من فرص فشل المؤتمر الدولي في تحقيق أهدافه.
ولكي تتضح الصورة أكثر لك عزيزي القارئ، عليك أن تعرف حجم الأرباح الذي حققته شركات النفط والغاز، رغم أزمة كورونا، وهذه عينة منها:
- أرباح إيني تقفز إلى مستويات ما قبل كورونا بدعم من أسعار الغاز
- أسعار النفط والغاز تصعد بأرباح شيفرون إلى أعلى مستوى في 8 سنوات
- ريبسول الإسبانية تحقق أعلى أرباح ربع سنوية في 3 سنوات
- توتال تجني ثمار أزمة الطاقة في أوروبا وتحقق أرباحًا طائلة
- سينوك الصينية تحقق قفزة في الإيرادات بنسبة 64% في الربع الثالث
وبالطبع ارتفاعات أسعار النفط والغاز عادت على الدول المصدّرة بالنفع، إذ دعمت أسعار النفط موازنة العراق بـ 16 مليار دولار إيرادات إضافية.
رفض حضور.. وناقوس خطر
أوصى مؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ كوب 26 -قبيل أيام قليلة من انعقاده- بعدم مشاركة شركات النفط المتسبّبة في التلوث والداعمة لاستثمارات الوقود الأحفوري.
ورفض كوب 26 رعاية الشركات للمؤتمر أو حضور ممثلين عنها، أو استخدام علامتها التجارية في أنشطة تشارك بها تلك الشركات.
قد يرجع هذا القرار لحجم الأرباح التي حققتها هذه الشركات، والذي قد يعني عدم الاستجابة لأهداف المناخ، رغم أن هناك عاملًا مهمًا وخطيرًا يجب ألّا نتجنّبه هنا، وهو أزمة الطاقة.
وقد تكون عدم رغبة الشركات أو استعدادها لتحقيق الحياد الكربوني السبب، فرغم كون كوب 26 ينعقد في غلاسكو البريطانية، فإن الشركات البريطانية غير مستعدة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.
وأدى تباطؤ التقدم في تحديد الأهداف هذا العام إلى تردّد غالبية الشركات في إعلان التزامها؛ إذ تواجه الشركات التي حددت أهدافًا عامة فجوات كبيرة بين طموحات الحياد الكربوني وتنفيذ الالتزامات.
وبدلًا من التقدم بخطوات سريعة نحو تحقيق الحياد الكربوني خلال السنوات المقبلة، تتدهور آمال القضاء على ظاهرة الاحتباس الحراري بسرعة، في ظل تزايد اعتماد العالم على الوقود الأحفوري، والتباطؤ في تطوير مصادر الطاقة المتجددة.
ففي فبراير/شباط الماضي، دقّ تقرير صادر عن الأمم المتحدة ناقوس الخطر، بعد أن أظهر أن المستويات الحالية للعمل المناخي بعيدة كل البعد عن المسار الذي يلبّي أهداف اتفاق باريس.
تحذيرات سعودية
تتزايد التحذيرات العالمية من زيادة وتيرة أزمة الطاقة خلال المدة المقبلة، إذا ما أُهمِلَت زيادة الاستثمارات في قطاع الطاقة العالمي.
فقد حذّرت أرامكو السعودية من تراجع كبير في إمدادات النفط العالمية بسبب انخفاض الاستثمارات في الوقود الأحفوري.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة أمين الناصر، إن طاقة إنتاج النفط في جميع أنحاء العالم تنخفض بسرعة، والشركات بحاجة إلى زيادة الاستثمار في الإنتاج.
وأكد أن طاقة إنتاج النفط العالمية "مصدر قلق كبير"، موضحًا أن "القدرة الاحتياطية تتقلّص".
يأتي هذا وسط توقعات بارتفاع الطلب على النفط خلال العام المقبل إلى 99 مليون برميل يوميًا، ليواصل الانتعاش الذي تشهده السوق، بدءًا من النصف الثاني من عام 2021.
وفي هذا الصدد شنّ الجمهوريون هجومًا شديدًا على حكومة الرئيس الأميركي جو بايدن في جلسة استجواب قادة صناعة النفط، متّهمين إياها بأنها تستخدم التغير المناخي لتغيير الاقتصاد، وليس لحماية البيئة.
وذكّرت عضوة الكونغرس عن ولاية نيومكسيكو، يفيت هيريل، الحضور في جلسة استجواب قادة صناعة النفط الأميركية بأن الحقنة التي تستخدم في اللقاح ضد فيروس كورونا وتحمي حياة الناس حول العالم جاءت من النفط.
حلول مبتكرة
في الوقت الذي ما تزال فيه الفجوة كبيرة في الإنفاق على الطاقة النظيفة والتعافي المستدام بين الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة والنامية؛ تتأكد الحاجة إلى الدعم الدولي لتحقيق أهداف الحياد الكربوني.
وحثّ قادة العالم على حشد التمويل لضمان تحوّل الطاقة، من خلال مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، التي انعقدت يوم الإثنين الماضي في الرياض، بمبادرة من المملكة العربية السعودية لضمان تحوّل الطاقة، في مواجهة أزمة تغيّر المناخ وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
في حين أوضح رئيس شركة أرامكو أمين الناصر أن العالم يحتاج مرحلة انتقالية لتأمين إمدادات موثوقة للطاقة بأسعار معقولة.
تلك المرحلة الانتقالية، والتي نحن بصددها الآن، تزيد تحدّياتها جراء خفض الاستثمارات في الوقود الأحفوري بشكل متسارع، ما تسبّب في أزمة طاقة قد تؤدي إلى أسعار نفط تصل إلى 100 دولار للبرميل.
لذلك يقترح العراق أن يكون النفط جزءًا رئيسًا من الحلول المبتكرة والمستدامة لخطط انتقال الطاقة، ذلك في ضوء أن أسعار جميع أنواع الطاقة التقليدية تشهد ارتفاعًا، ما قد يؤدي إلى تأجيل أو إلغاء مشروعات الطاقة الشمسية في 2022.
إذ أظهر تقرير حديث صادر عن شركة أبحاث الطاقة "ريستاد إنرجي" أن تضخّم أسعار السلع الأساسية واختناقات سلسلة التوريد قد يهددان بتأجيل أو إلغاء نحو 50 غيغاواط من إجمالي سعة مشروعات الطاقة الشمسية المخططة عالميًا العام المقبل، والبالغة 90 غيغاواط.
أمام هذا، ترى الرئيسة التنفيذية لشركة "دوك إنرجي" الأميركية، لين غوود، أنه لا غنى عن الطاقة النووية لتحقيق الحياد الكربوني.
غير أنه، وفي جميع الأحوال، ستظهر تحدّيات تمويلية أمام الدول، وهو ما تطالب الهند به الدول الغنية بتعويضات عن الأضرار المناخية.
وبرزت فكرة التعويضات بقوة، بعد أن أعلنها وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، من خلال برنامج لتعويض الانبعاثات لدعم خطط المملكة بتحقيق الحياد الكربوني.