أزمة الغاز تلقي بظلالها على تركيا مع قرب انتهاء 4 عقود
أنقرة قد تتكلف 5 مليارات دولار إضافية لتوفير احتياجاتها من الوقود
على الرغم من أنها تعدّ نقطة عبور لعدد من خطوط الغاز من الدول المنتجة إلى أوروبا، فإن تركيا يبدو أنها ستأخذ نصيبها من أزمة ارتفاع أسعار الغاز التي طالت عددًا من دول القارّة العجوز، مع انتهاء عدد من عقود التوريد.
يأتي قرب انتهاء عقود الغاز مع كل من روسيا وأذربيجان ونيجيريا والجزائر، بالتزامن مع استعدادات أنقرة لفصل الشتاء، والذي قد يكلفها نحو 5 مليارات دولار إضافية، إذ تحتاج إلى عمليات شراء فورية، بعد زيادة الطلب على الغاز في البلاد، إثر الجفاف الذي أدى إلى خفض إنتاج الطاقة الكهرومائية.
الطلب على الغاز
أدى طلب تركيا القياسي على الغاز الطبيعي هذا العام إلى إجبارها على زيادة مشترياتها في السوق الفورية التي شهدت ارتفاعًا قياسيًا في الأسعار، مع سعيها لتجديد عقود طويلة الأجل تنتهي مدتها هذا الشتاء، حسبما ذكرت وكالة وريترز.
تعتمد تركيا، واحدة من أكبر مستوردي الغاز في أوروبا، على خط أنابيب الغاز من روسيا وأذربيجان وإيران، بالإضافة إلى واردات الغاز الطبيعي المسال من نيجيريا والجزائر والأسواق الفورية.
وكان لدى أنقرة 4 عقود استيراد طويلة الأجل تنتهي هذا العام، بإجمالي 16 مليار متر مكعب سنويًا.
عقود الغاز
قال مصدران، إن تركيا جدّدت أحد العقود مع أذربيجان التي وافقت على عقد مدته 3 سنوات لاستيراد ما يصل إلى 6 مليارات متر مكعب سنويًا، بعد انتهاء عقد مدته 15 عامًا مقابل 6.6 مليار متر مكعب، حسب رويترز.
ويجري نقل الغاز الأذربيجاني إلى تركيا عبر خط "تاناب"، والذي تبلغ الطاقة الحالية له 16 مليار متر مكعب- 10 مليارات متر مكعب إلى أوروبا و6 مليارات متر مكعب إلى تركيا-، ومن المتوقع أن تصل إلى 23 مليار متر مكعب في عام 2023، و31 مليار متر مكعب في عام 2026.
بالإضافة إلى العقد الأذربيجاني، فإن هناك 3 عقود أخرى لم تُحسَم حتى الآن، اثنين لواردات حكومة أنقرة والقطاع الخاص التركي عبر خط أنابيب "ترك ستريم"، من شركة غازبروم الروسية، تبلغ 4 مليارات متر مكعب لكل منهما، والذي تنتهي مدتهما في نهاية العام، والثالث يقدر بـ 1.3 مليار متر مكعب من الغاز المسال النيجيري ينتهي هذا الشهر.
ومع ضيق الوقت، انتهى اجتماع بين الرئيسين الروسي والتركي دون اتفاق حول الغاز قبل أسبوعين.
حاول الرئيس فلاديمير بوتين طمأنة أنقرة، قائلًا، إنها محمية من أزمة الغاز في أوروبا بسبب إمدادات خط الأنابيب الروسي إلى تركيا، لكن أنقرة لديها احتياطيات قليلة من الغاز يمكن الاعتماد عليها إذا استمرت المحادثات.
يمتد ترك ستريم روسيا إلى تركيا عبر البحر الأسود، وتبلغ طاقته التصميمية 31.5 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا، ويهدف لنقل الغاز إلى جنوب وجنوب شرق أوروبا عبر الأراضي التركية.
وقال مصدر: "جرى سحب جميع كميات خطوط أنابيب الغاز المتاحة تعاقديًا من روسيا وإيران وأذربيجان، واستخدامها حتى منتصف سبتمبر/أيلول".
أزمة الجفاف
في الماضي، استخدمت تركيا الغاز الطبيعي المسال لاستكمال واردات خطوط الأنابيب الأكثر تكلفة، ورفعت حصة الغاز المسال في واردات الغاز إلى ما يقرب من الثلث في العامين الماضيين، إذ أشارت لشركائها أن العقود الباهظة الثمن المرتبطة بأسعار النفط في غاز خطوط الأنابيب بحاجة إلى أن تصبح أكثر قدرة على المنافسة.
كان من المتوقع أيضًا أن تعزز خطط تغطية ما يصل إلى ربع استهلاكها من اكتشاف جديد للبحر الأسود بدءًا من عام 2027، دورها في مفاوضات في الدول المصدّرة للغاز.
ومع ذلك، أدى الجفاف هذا العام إلى تقليص الطاقة الكهرومائية، ثم إلى إعادة تشغيل محطات توليد الكهرباء الغازية المتوقفة عن العمل، ودفع استهلاك تركيا إلى مستوى قياسي يبلغ 60 مليار متر مكعب من الغاز، مع ارتفاع الأسعار في أوروبا.
ومع توقّع وصول ذروة الاستهلاك اليومي إلى 300 مليون متر مكعب هذا الشتاء، سيتعيّن على تركيا تجديد جميع العقود المتوقع انتهاؤها خلال المدة المقبلة بالأحجام نفسها على الأقلّ، وتعبئة إمداداتها من الغاز الطبيعي المسال باهظ الثمن، حسبما قال مستشار الصناعة عارف أكتورك.
تمدّ عقود الاستيراد تركيا بنحو 48 مليار متر مكعب سنويًا، مما يعني أنها ستضطر إلى استيراد ما يقرب من 13 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الفورية التي تشهد الآن ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار.
وتُظهر البيانات الرسمية أن واردات الغاز الطبيعي المسال الفورية هذا العام بلغت 2 مليار متر مكعب حتى الآن.
فاتورة نهاية العقود
يقول عدد من المحللين: "يمكن لتركيا استخدام الواردات الفورية من الغاز الطبيعي المسال أو الغاز عبر خطوط الأنابيب الأذرية لسدّ النقص.. إلّا أن الجانب السلبي الوحيد هو التكاليف الإضافية المتكبدة من الشراء في السوق الفورية، لكن تركيا لن تواجه على الأرجح مشكلة توفرها".
يُدعم استخدام الغاز للتدفئة والتصنيع على نطاق صغير في تركيا، إذ تدفع الأسر 170 دولارًا مقابل 1000 متر مكعب من الغاز.
وبلغ حجم الغاز نفسه ذروته فوق 1000 دولار الأسبوع الماضي في مركز الغاز الهولندي، إذ تضاعفت الأسعار 4 مرات هذا العام.
وقال مصدر، إن هذا يعني أن تركيا ستكلف ما يُقدَّر بـ5 مليارات دولار لدعم واردات الغاز الطبيعي المسال الفورية بأسعار السوق الحالية في الربع الأخير.
مهما كانت التكلفة، فقد شدد وزير الطاقة فاتح دونماز على أن تركيا ستضمن أمن الإمدادات.
وقال دونمز يوم الجمعة: "حتى الآن لجأنا إلى الحصول على الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الفورية لتلبية الاستهلاك الإضافي، لأن أمن الإمدادات أهم من السعر".
موضوعات متعلقة..
- أذربيجان تصدر 3.2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى تركيا
- ترك ستريم.. غازبروم توقع اتفاقية طويلة الأمد لمد المجر بالغاز الروسي
اقرأ أيضًا..
- الجزائر تعلن تطورات مشروع خط الغاز العابر للصحراء.. ولماذا الشراكة مع تركيا؟
- أوبك تحذر: أمن الطاقة سيتعرض للخطر حال وقف الاستثمارات النفطية