فورد تختبر السوق الأميركية بشاحنة كهربائية جديدة
وسط تنافس الشركات على إرضاء عشاق السيارات الكبيرة
دينا قدري
سيكون إطلاق النسخة الكهربائية من شاحنة فورد "إف-150" في عام 2022 بمثابة اختبار لمدى إقبال السوق الأميركية على المركبات الكهربائية الصديقة للبيئة، في وقت تشهد فيه صناعة السيارات تحولّا جوهريًا.
فقد قررت شركات السيارات الأميركية العريقة أن تراهن على المركبات الكهربائية، مع مشاهدة نظرائها في أوروبا وآسيا تتنافس للسيطرة على مستقبل بعيد عن محركات الاحتراق، حسبما أفادت صحيفة "فايننشال تايمز".
لذلك، فإن فورد ليست وحدها التي تتطلع إلى السوق المحتملة للشاحنات الكهربائية، إذ تخطط جنرال موتورز لبيع "جي إم سي هامر" و"شيفروليه سيلفرادو"، المنافس الرئيس لطراز "إف-150".
كما بدأت شركة ريفيان الناشئة لصناعة السيارات الكهربائية في إنتاج شاحنتها "آر 1 تي"، في حين كشفت تيسلا، التي تسيطر حاليًا على سوق الولايات المتحدة للسيارات الكهربائية، النقاب عن شاحنتها المستقبلية "سايبرترك".
حقبة جديدة ومحورية
شاحنة البيك أب إف-150 -التي كانت على مدار العقود الـ4 الماضية المركبة الأكثر مبيعًا في الولايات المتحدة- هي الآن منصة انطلاق لما تأمل فورد أن يكون حقبة جديدة في التاريخ الصناعي الأميركي.
وبالإضافة إلى منشأة ديربورن، فإنها تخطط لاستثمار 11 مليار دولار مع الشركة الكورية الجنوبية لصناعة البطاريات "إس كيه إنوفيشن" لبناء مصانع في تينيسي وكنتاكي لإنتاج طرازات كهربائية من إف-150 وغيرها.
ومع طرح الطرازات الأولى للبيع العام المقبل، فإن إطلاق إف-150 لايتنينغ الكهربائية يُعد لحظة محورية في هذه الصناعة.
إذ تمتلك الولايات المتحدة الجمهور الأكثر تشككًا بشأن السيارات الكهربائية بين أي من أسواق السيارات الرئيسة، على الرغم من كونها موطنًا لشركة تيسلا، العلامة التجارية الأكثر نجاحًا للسيارات الكهربائية والأكثر قيمة في صناعة السيارات في العالم.
مبيعات الشاحنات الكهربائية
إذا تمكنت فورد من إقناع العديد من محبي شاحنتها بالتحوّل إلى المركبات الكهربائية، فسيشير ذلك إلى حدوث تغيير عميق في السوق.
فقد أنفقت الشركة 950 مليون دولار لتحويل موقف للسيارات إلى مصنع جديد سينتج قريبًا أول نسخة تعمل بالبطارية من شاحنة إف-150.
وقالت مديرة عمليات فورد في أميركا الشمالية، ليزا دريك، في شهر سبتمبر/أيلول، إن الشركة تتوقع أن يكون ثلث مبيعات الشاحنات البيك أب على مستوى الصناعة كهربائيًا بالكامل بحلول عام 2030.
وشددت فورد على أنها شهدت 150 ألف عملية حجز حتى الآن لشاحنة لايتنينغ التي تبدأ بسعر 40 ألف دولار، ما يُعدّ سعرًا تنافسيًا للشاحنات المنافسة.
شاحنات أكبر.. وبنزين أرخص
تواجه صناعة المركبات الكهربائية واحدًا من أكبر الأسئلة في عالمها، وهو هل سيقبل السائقون الأميركيون السيارات الكهربائية بالطريقة نفسها التي بدأ بها مشترو هذه السيارات في الصين وأجزاء من أوروبا.
ويفضّل الأميركيون المركبات الأكبر حجمًا، ويقودون لمسافات أطول، لذلك يحب صانعو السيارات شاحنات البيك أب والسيارات الرياضية متعددة الأغراض، وتُباع المركبات الأكبر حجمًا بأسعار أعلى.
وتتغذّى علاقة الحب الأميركية بالمركبات الكبيرة حرفيًا بالبنزين الذي يكلّف أقل من أي مكان آخر في العالم.
وبلغ سعر لتر البنزين 94 سنتًا في الولايات المتحدة في بداية هذا الأسبوع، في حين بلغت تكلفة هذا اللتر 1.11 دولارًا في أستراليا، و1.17 دولارًا في الصين، و1.39 دولارًا في الهند، و1.86 دولارًا في فرنسا أو بريطانيا.
قضايا شائكة
للفوز بسائقي شاحنات البيك أب القلقين، ستحتاج الشركات إلى الإجابة عن عدد من الأسئلة.
وسيتعيّن عليهم إقناع العملاء المحتملين بأن السيارة الكهربائية لديها قدرة سحب واسعة على الطرق الوعرة مماثلة لشاحنة بمحرك احتراق داخلي.
وبالنسبة إلى أي مشترٍ محتمل للمركبات الكهربائية، تُعد المسافة بين محطات الشحن مسألة بالغة الأهمية، وهذا الأمر يتفاقم أكثر في الولايات المتحدة.
هناك أكثر من 55 ألف محطة شحن في جميع أنحاء الولايات المتحدة، أي أقل من نصف عدد محطات الوقود، وهو ما يعني ضرورة توسيع البنية التحتية للشحن من خلال مزيج من الاستثمار الخاص والتمويل الحكومي.
انقسامات سياسية
أصبحت قضايا المناخ -بالإضافة إلى "مصادر القلق" السابقة- جزءًا أساسيًا من الانقسامات السياسية في البلاد؛ ما قد يحدّ من جاذبية المركبات الكهربائية.
وترتبط المركبات الكهربائية بالبيئة، وغالبًا ما يحتقرها السياسيون المحافظون، وحتى الآن بيعت بشكل أفضل في "الولايات الزرقاء" الليبرالية سياسيًا، مثل كاليفورنيا وهاواي.
إلا أن الشاحنات تميل إلى تحقيق مبيعات أفضل في الولايات المحافظة سياسيًا في الجنوب والغرب.
وسيحتاج صانعو السيارات -أيضًا- إلى الإبحار في السياسات المعقدة حول المناخ والسيارات في الولايات المتحدة.
الإقبال محتمل.. مع الحد من الانبعاثات
تأخر اعتماد السيارات الكهربائية منذ مدة طويلة في أوروبا والصين وأجزاء أخرى من العالم، وشكّلت المركبات الكهربائية 2% فقط من مبيعات المركبات الجديدة لعام 2020.
ومع ذلك، هناك دلائل على أن المستهلكين الأميركيين لديهم عقل متفتح بشأن المركبات الكهربائية.
وقال نحو 7% من البالغين الأميركيين إن لديهم حاليًا سيارة كهربائية أو هجينة، وفقًا لمركز بيو للأبحاث، في حين قال 39% إنهم على الأرجح يفكرون في شراء سيارة كهربائية.
وسيكون لمصير السيارات الكهربائية في سوق الولايات المتحدة تأثير كبير على مسار تغير المناخ خلال العقود القليلة المقبلة، إذ تأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثانية بعد الصين من ناحية انبعاثات الكربون.
وداخل الولايات المتحدة، يُعدّ النقل هو المساهم الأكبر، فقد أنتج القطاع 29% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في البلاد في عام 2019، وفقًا لوكالة حماية البيئة.
موضوعات متعلقة..
- فورد تخطط لمضاعفة إنتاج إف-150 لايتنغ الكهربائية
- رغم طفرة المبيعات.. 4 أسباب وراء بطء تبني السيارات الكهربائية (تقرير)
- السيارات الكهربائية تتوسع وتُقصي نماذج شهيرة من السوق
اقرأ أيضًا..
- إدارة معلومات الطاقة تتوقع استمرار الطلب على الغاز والفحم حتى 2050
- الجزائر تدرس تصدير الهيدروجين عبر خطوط أنابيب الغاز
- وزير الطاقة السعودي يشهد تدشين توسعات سيمنس في الدمام (صور)