هل يساعد ارتفاع أسعار الغاز في تهيئة الظروف لتحول الطاقة؟
نوار صبح
- الغاز يمكن أن يحلّ محلّ الفحم، ويلعب دورًا داعمًا لمصادر الطاقة المتجددة
- ارتفاع أسعار الغاز يمكن أن يصبح نقطة حاسمة في تحوّل الطاقة
- على رجال الأعمال وصانعي السياسة في أوروبا اغتنام الفرصة لتحقيق كفاءة الطاقة
- أزمة أسعار الغاز الحالية تتمحور حول قضية أمن الإمدادات
في ظل استمرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، الذي احتلّ مكانة غامضة في مزيج الطاقة الأوروبي، يسعى نشطاء البيئة لتصنيفه وقودًا أحفوريًا يجب التخلص منه تدريجيًا بعد الفحم.
ويرى قطاع الغاز، الذي يصرّ على تسميته "غازًا طبيعيًا"، على عكس مجموعات البيئة التي تعدّه وقودًا ملوِّثًا، أن الغاز يمكن أن يحلّ محلَ الفحم، ويلعب دورًا داعمًا لمصادر الطاقة المتجددة.
وأشار مقال بعنوان "ارتفاع أسعار الغاز – محض صدفة أم ظروف مواتية؟"، للكاتبة المتخصصة في شؤون الطاقة والتغير المناخي، سونيا فان رينسين، ونشره موقع "إنرجي مونيتور" مؤخرًا، إلى أن ارتقاع أسعار الغاز يمكن أن يصبح نقطة حاسمة في تحوّل الطاقة.
الطاقة المتجددة
قالت كاتبة المقال، إن على رجال الأعمال وصانعي السياسة في أوروبا اغتنام الفرصة لتحقيق كفاءة الطاقة ومصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
وبيّنت أن قطاع الغاز يؤكد إمكانات إزالة الكربون من الغاز نفسه، وأن الغازات منخفضة الكربون والغازات المتجددة توفر إمدادات أساسية من الجزيئات النظيفة لتكملة الإلكترونات النظيفة.
من ناحيتها، قالت شركة "إينيوس" للبتروكيماويات، ومقرّها مدينة لندن بالمملكة المتحدة، إنها ستحوّل مصنعها للبتروكيماويات ومصفاة النفط الإسكتلندية في بلدة غرينجمِث للعمل بالهيدروجين بتكلفة تزيد عن 1.35 مليار دولار، وجعلها محايدة كربونيًا بحلول عام 2045.
أزمة أسعار الغاز الحالية
أوضحت كاتبة المقال سونيا فان رينسين أن أزمة أسعار الغاز الحالية تتمحور حول قضية أمن الإمدادات التي نشأت بين روسيا وأوكرانيا في عام 2009، وأشارت إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2014 أثار المشكلة مجدَّدًا.
وبيّنت أن الكثير من العوامل تساعد في تفسير أزمة الأسعار الحالية، بما في ذلك الطقس وانتعاش الطلب بعد الوباء، مؤكدة دور روسيا الواضح في نشوء الأزمة.
- أسعار الغاز.. هل تتجه دول أوروبا إلى تخزين احتياطيات إستراتيجية؟
- بريطانيا تتخذ خطوة فعّالة في مواجهة أزمة الوقود
- أسعار الغاز تدفع الحكومات لمواصلة تشغيل المحطات النووية
وأشارت إلى أن وكالة الطاقة الدولية قالت مؤخرًا، إنها تعتقد أن روسيا يمكنها زيادة توافر الغاز في أوروبا وضمان الإمدادات الكافية في الوقت المناسب لفصل الشتاء، واقترحت على روسيا استخدام خط أنابيب نورد ستريم 2 للمساعدة في حلّ الأزمة.
وقالت، إن أزمة أسعار الغاز تنطوي على عواقب غير مباشرة تؤثّر في أسعار الكهرباء والقيمة النسبية لكفاءة الطاقة ومصادر الطاقة المتجددة، إضافة إلى انعكاسها على خطط الاتحاد الأوروبي "لائق لنسبة 55" الهادفة إلى إصلاح سوق الكربون، والتأثير المحتمل في اقتصاد الهيدروجين.
ارتفاع أسعار الكهرباء
وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، ارتفعت أسعار الكهرباء في أوروبا إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من عقد في الأسابيع الأخيرة، إذ ارتفعت إلى أكثر من 100 يورو (116.88 دولارًا) لكل ميغاواط / ساعة في العديد من الأسواق.
وقالت كاتبة المقال سونيا فان رينسين، إن أسعار الكهرباء في ألمانيا وإسبانيا والمملكة المتحدة تضاعفت 3 مرات على الأقلّ خلال العام الماضي.
وأوضحت أن ارتفاع الأسعار يعوق كهربة القطاعات التي تمثّل أحد المبادئ الأساسية لتحوّل الطاقة، في ظل الأداء الضعيف لمصادر الطاقة المتجددة ببعض دول الاتحاد الأوروبي نتيجة هدوء الرياح، وفقًا لما نشره موقع "إنرجي مونيتور".
وبيّنت أن ارتفاع أسعار الكهرباء أثار دعوات جديدة للتخلي عن خطة لتوسيع تجارة الكربون لتشمل التدفئة والنقل البري، ما ولّد شكوكًا في مدى جدوى نظام تداول الانبعاثات الحالي في الاتحاد الأوروبي.
تداعيات الأزمة على تحوّل الطاقة
ألمحت كاتبة المقال إلى أن وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي الذين اجتمعوا في قلعة بردو في سلوفينيا، يوم الأربعاء، ركّزوا على استكشاف طرق لحماية المستهلكين من تداعيات ارتفاع أسعار الكهرباء ومدى المخاطرة التي قد تلحق بعملية تحوّل الطاقة.
وأشارت إلى أن دراسة أُجريت هذا الصيف أظهرت قلّة جاذبية الهيدروجين المشتق من الغاز، وأن استخدام الهيدروجين الأزرق، المصنوع من الغاز الطبيعي بتقنية احتجاز الكربون وتخزينه، لتدفئة المنازل يُعدّ الخيار الأسوأ بالنسبة للمناخ مقارنة بالغاز الطبيعي.
وقالت، إن توليد الكهرباء من محطات الغاز الحالية في المملكة المتحدة أصبح أغلى بـ3 مرات من تكلفة الرياح البرية الجديدة، وضعف ذلك تقريبًا من التوليد بالطاقة الشمسية.
وقال مفوّض الطاقة في الاتحاد الأوروبي، غونتر أوتينغر، إن كل 1% إضافية من وفورات الطاقة ستخفض واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز بنسبة 2.6%.