بعد نقص إمدادات الفحم.. أزمة الكهرباء تضرب قطاعات كبيرة في الصين
تمتد إلى إغلاق عدة مصانع وإشارات مرور
مي مجدي
أدت أزمة الكهرباء في الصين -الناجمة عن نقص إمدادات الفحم- إلى شلّ قطاعات كبيرة في شمال شرق البلاد، بداية من إغلاق المصانع إلى وقف إشارات المرور والمصاعد الكهربائية.
ومع تزايد ذعر المواطنين، يواجه كبار المسؤولين في الصين ضغوطات لزيادة واردات الفحم، الذي دعم نمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم لعقود.
سبب الأزمة
يعود جزء من المشكلة إلى الخطة البيئية للصين، إذ خطّط الرئيس شي جين بينغ لإزالة الكربون من الاقتصاد الصيني في أقرب فرصة.
ويأتي ذلك مع استعداد بكين لاستقبال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في فبراير/شباط المقبل، ليُظهر للمجتمع الدولي مدى التزامه بخفض انبعاثات الكربون.
وكانت الصين قد رفعت حصة الكهرباء المستمدة من مصادر خالية من الكربون تدريجيًا، وتخطط لتصل إلى 20% بحلول عام 2025.
لكن أزمة الكهرباء في بكين، وكذلك أوروبا، كشفت عن بعض الصعوبات التي قد تواجهها الدول عند الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء مثل الرياح والمياه.
وفي الصين، أدى تأخّر موسم الأمطار إلى خفض توليد الطاقة الكهرومائية في المقاطعات الجنوبية في الصين هذا العام، وأدى ذلك إلى تقنين الكهرباء.
ومع نقص إمدادات الفحم، طُبَّق تقنين الكهرباء خلال ساعات الذروة في أجزاء كثيرة من شمال شرق الصين منذ الأسبوع الماضي.
و أدى نقص الكهرباء في الشمال الشرقي إلى وقف إشارات المرور والمصاعد الكهربائية وتعذُّر استخدام الهواتف المحمولة من الجيل الثالث، بالإضافة إلى إغلاق المصانع، مع تحذيرات من أن نقص الكهرباء قد يُعطل إمدادات المياه في أيّ وقت، بحسب بلومبرغ.
أزمة الكهرباء
يدخل الفحم في توليد نحو 70% من الكهرباء في الصين، لكن دعوات الحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، دفعت إلى تثبيط حرق الفحم.
ومع تفاقم الأزمة، حذّرت المصانع الصينية من أن الإجراءات الصارمة لخفض استخدام الكهرباء ستؤدي إلى تقليل الإنتاج في كبرى المقاطعات، إذ تأثّرت مدن مثل شنيانغ وداليان -يقطنهما أكثر من 13 مليون شخص- بسبب الاضطرابات في المصانع التي يملكها مُورّدون لشركات عالمية مثل آبل وتيسلا.
أمّا مقاطعة جيلين، فتُعدّ واحدة من أكثر المناطق تضررًا، واضطرّت إلى تقنين الكهرباء، وتعليقًا على ذلك، دعا حاكم المقاطعة إلى زيادة واردات الفحم.
ومن بين أكثر المقاطعات تضررًا أيضًا: جيانغسو وتشجيانغ وغوانغدونغ، وهي تمثّل قرابة ثلث اقتصاد الصين.
وقال رئيس شركة "فيتا ليشر" للأقمشة، كلارك فنغ، إن القيود المفروضة على الكهرباء في مقاطعة تشجيانغ وجهت ضربة قوية للشركات، خاصة أن مصنّعي الأقمشة في المقاطعة الذين يعانون من وقف الإنتاج بدؤوا في رفع الأسعار وتأجيل تلقّي أيّ طلبات جديدة.
كما واجهت الشركات صعوبات في شحن البضائع إلى الخارج، ويرى فنغ أن الوضع قد يتحول إلى فوضى مع استمرار القيود على الإنتاج.
في حين خفضت شركة ييو المصنّعة للنايلون قدرتها الإنتاجية إلى النصف منذ 25 سبتمبر/أيلول استجابة لأمر الحكومة المحلية بخفض استهلاك الكهرباء.
وفي محاولة لطمأنة المواطنين، قالت مؤسسة الشبكة الحكومية الصينية، إنها ستعمل على تأمين إمدادات الفحم وضمان إمداد السكان بالكهرباء خلال العطلات الوطنية في أوائل أكتوبر/تشرين الأول وموسم الشتاء القادم.
اضطراب الاقتصاد
ستؤثّر أزمة الكهرباء بالاقتصاد الصيني في وقت يعاني فيه من الركود بسبب التدابير الصارمة لمواجهة فيروس كورونا.
ويتوقع الخبراء أن الأسواق العالمية ستشهد نقصًا في الإمدادات الصينية من المنسوجات ولعب الأطفال وقطع الغيار.
ويقول المحللون، إن نقص الكهرباء سيؤثّر حتمًا على الصناعات الثقيلة مثل الألمنيوم والصلب.
ويأتي ذلك بعد الاضطرابات الأخيرة في الموانئ الصينية التي امتدت إلى تهديد سلسلة التوريد العالمية.
وتوقّف جزء من ميناء نينغبو، أحد أكثر الموانئ ازدحامًا في العالم، عن العمل لأسابيع الشهر الماضي، بعد تفشّي فيروس كوفيد-19، في حين أُغلِق ميناء يانتيان في مايو/أيار.
لماذا لا تستورد الصين الفحم؟
كانت الصين مستوردًا رئيسًا للفحم، لكنها توقفت عن شراء الفحم الأسترالي بدءًا من العام الماضي مع تدهور العلاقات بين البلدين، عندما طالب رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، التحقيق في أصل نشأة فيروس كورونا.
ومن المرجح استمرار التوتر بينهما بعدما حشد الرئيس الأميركي جو بايدن الحلفاء، بما فيهم أستراليا، لمواجهة نفوذ الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
ولتعويض هذا النقص، استوردت الصين كميات من الفحم الإندونيسي، وحصلت على الفحم من منغوليا، جارة الصين الغنية بالموارد، خلال هذا العام، لكن بكميات قليلة بسبب ضوابط بكين الصارمة على الحدود لمنع انتشار الوباء.
ونما إنتاج الفحم في الصين بنسبة 6% في الأشهر الـ8 الأولى من هذا العام، لكن إنتاج الكهرباء من مولدات الفحم الحجري ارتفع بنسبة 14% في المدة نفسها؛ ما أدى إلى انخفاض مخزون الفحم.
ووصلت العقود الآجلة للفحم الحراري الصيني في مدينة تشنغتشو إلى الحدّ الأقصى، إذ ارتفعت بنسبة 8% لتصل إلى رقم قياسي جديد بلغ 1330 يوانًا (205.68 دولارًا أميركيًا) للطن اليوم الثلاثاء.
اقرأ أيضًا..
- بنك التنمية الأفريقي يدعم بوروندي لمواجهة عجز الكهرباء
- السعودية تستثمر 900 مليون دولار في إنشاء مصنع للبطاريات الكهربائية