دراسة أميركية: الطاقة المتجددة "كارثة" وخطر على الاقتصاد
وحدة الأبحاث - الطاقة
- طاقة الرياح والطاقة الشمسية تفتقران إلى موثوقية الكهرباء
- الطاقة المتجددة في حاجة إلى نظام لتخزين الكهرباء
- طاقة الرياح والطاقة الشمسية تعتمدان على الإعانات الحكومية
- الطاقة المتجددة تتطلب توافر مساحات شاسعة من الأراضي
- هدف الكهرباء المتجددة 100% قد يحتاج إلى 5.7 تريليون دولار
- تعزيز قدرات طاقتي الشمس والرياح يؤدي إلى زيادة أسعار الكهرباء
تُسابق دول العالم الزمن لتوفير الكهرباء بالكامل من مصادر الطاقة المتجددة، في مسعى لمواجهة أزمة تغيّر المناخ، لكن هل يمكن أن يكون تحقيق هذا الهدف خطرًا على الاقتصادات؟
نعم، تحديد هدف وطني في الولايات المتحدة للاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة 100% في غضون عقد من الزمن من شأنه أن يؤدي إلى كارثة، وفقًا لدراسة صادرة عن معهد أبحاث الطاقة -الذي يتخذ من واشنطن مقرًا له- في فبراير/شباط عام 2019 بعنوان "خرافة هدف الكهرباء المتجددة بنسبة 100%".
وأرجعت الدراسة صعوبة ذلك إلى الطبيعة المتقطعة لمصادر طاقة الرياح والطاقة الشمسية، ويعني ذلك أنها تحتاج إلى طاقة احتياطية من مصادر موثوقة مثل الفحم والطاقة النووية والغاز الطبيعي، للحفاظ على الإضاءة والتدفئة وتشغيل المصانع.
كما يتطلّب الاعتماد على الطاقة المتجددة فقط في توليد الكهرباء، توافر قدرات كبيرة من التخزين، فضلًا عن مساحات شاسعة من الأراضي والتكلفة الهائلة، بحسب الدراسة.
قدرات متقطعة
تُعد طاقة الرياح والطاقة الشمسية مصادر متقطعة، بمعنى أنها غير متاحة على مدار الساعة، لذلك يجب توفير نظام احتياطي من البطاريات لتخزين الكهرباء، للتخلص من عيوب الطاقة المتجددة، وهذا النظام مكلف للغاية وغير مثبت على نطاق واسع.
أو هناك بديل آخر وهو وحدات التوليد التقليدية، التي ستكون -أيضًا- مكلفة، كونها لن تعمل بأقصى إمكاناتها، بحسب الدراسة.
وفضلًا عن هذا التقطع، فإن توربينات الرياح قد لا تولّد الكهرباء حتى عندما تهب الرياح، لأنها لا تبدأ في الدوران إلا حينما تتراوح سرعتها عادة بين 7 و10 أميال في الساعة.
ووفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، تعمل توربينات الرياح في الولايات المتحدة بنسبة 34.6% من قدرة المنشأة، وبالمثل، فإن أداء الألواح الشمسية يبلغ 25.7% من قدرة المنشأة الكاملة.
ويأتي ذلك على النقيض من محطات الغاز الطبيعي والفحم، التي يمكن أن تعمل بنسبة 85% والوحدات النووية القادرة على العمل بأكثر من 90% من قدرة التوليد، بحسب الدراسة.
متطلبات الأرض
تتطلّب كل من طاقة الرياح والطاقة الشمسية مساحات كبيرة من الأراضي، ولتحقيق الولايات المتحدة هدف 100% من الكهرباء عبر هذين المصدرين فإنها بحاجة إلى سيطرة منشآت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على ثلث مساحة البلاد، استنادًا إلى بيانات جامعة هارفارد.
وتُقدر بيانات صن سيكلوبيديا (Suncyclopedia)، أن كل ميغاواط من الألواح الشمسية يتطلب توافر فدانين ونصف الفدان، وقد تصل المساحة إلى 4 أفدنة حال تضمين المباني الخارجية المرتبطة بمشروعات الطاقة الشمسية الصناعية.
وبالنسبة إلى توربينات الرياح، تختلف المساحة المطلوبة لكل ميغاواط من الطاقة المنتجة بناءً على موقعها الأمثل لالتقاط الرياح في الأرض التي ستشغلها.
كما أن اللوائح المنظمة للمسافة التي يجب أن تُوضع فيها توربينات الرياح الصناعية بعيدًا عن المنازل تؤثر -أيضًا- على مساحة الأرض المطلوبة.
وبحسب الدراسة، وجد بعض الباحثين أن توربين الرياح بحاجة إلى توافر ما يتراوح بين 1 و3 أفدنة للعمل.
ومن أجل استخدام الأراضي لإنتاج الكهرباء في الولايات المتحدة، وجدت شركة ستراتا بولسي الأميركية (Strata Policy) أن طاقة الرياح تتطلب 70.64 فدانًا لكل ميغاواط، في حين تحتاج الطاقة الشمسية إلى 43.50 فدانًا لكل ميغاواط.
وفي المقابل، تتطلّب محطات الكهرباء العاملة بالغاز الطبيعي 12.41 فدانًا لكل ميغاواط، بحسب ما نقلته الدراسة.
الإعانات الحكومية
على الرغم من انخفاض تكلفة تقنيات الرياح والطاقة الشمسية، فإنها تعتمد على الإعانات الحكومية، ودونها قد لا تُنشئها الشركات.
وفي الولايات المتحدة، تدعم الحكومة الفيدرالية طاقة الرياح من خلال ائتمان ضريبة الإنتاج والطاقة الشمسية من خلال الائتمان الضريبي للاستثمار.
وعلاوة على ذلك، فإن الإعانات المالية لطاقة الرياح والطاقة الشمسية -التي تتأثر بالظروف الجوية- تثبط ابتكارات أخرى في توليد الكهرباء، لأنها تؤدي إلى انخفاض أسعار الجملة للمبتكرين، بحسب الدراسة.
وتؤدي الإعانات إلى تقليل كفاءة واقتصاديات مصادر الكهرباء الأخرى، التي يتعيّن على المستهلكين دفع ثمنها على أي حال، لضمان عدم تعطل الشبكة وفشل توصيل الكهرباء إلى المنازل والشركات.
أسعار الكهرباء
فضلًا عن اعتمادها على الإعانات الحكومية، فإن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تُعد -أيضًا- بمثابة عوامل مؤثرة في أسعار الكهرباء.
وتُعدّ ألمانيا والدنمارك رائدين عالميين في الاستثمار بطاقة الرياح والطاقة الشمسية، ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار الكهرباء في ألمانيا بنسبة 51% بين عامي 2006 و2016، كما تضاعفت الأسعار في الدنمارك منذ عام 1995.
وبالنظر إلى الولايات المتحدة، ارتفعت أسعار الكهرباء بنسبة 7% من عام 2009 حتى 2017، في حين زادت الكهرباء المُولدة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من 2% لتصل إلى 8% خلال المدّة نفسها.
وشهدت الولايات الأميركية، التي زادت من استخدامها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ارتفاعات كبيرة في أسعار الكهرباء.
وفي عام 2017، أنتجت كاليفورنيا 23% من طاقتها الكهربائية من مصادر طاقة الرياح والطاقة الشمسية، لترتفع أسعار الكهرباء في الولاية إلى 18.24 سنتًا لكل كيلوواط/ساعة، وهو أعلى بنحو 40% على الأقل عن أي ولاية أخرى في الولايات الأميركية الغربية.
مواد البناء
يُعد تصنيع توربينات الرياح عملية كثيفة الاستخدام للموارد، كونها تحتوي على أكثر من 8 آلاف مكون مختلف، العديد منها مصنوع من الحديد والأسمنت، ومواد مصنوعة من النيوديميوم والديسبروسيوم، وهي معادن أرضية نادرة، تستخرج في الصين فقط.
ومن شأن تحوّل الدولة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم إلى الطاقة المتجددة بشكل كامل، أن يؤدي إلى زيادة الطلب بشكل كبير على هذه المواد، وتزايد اعتماد الولايات المتحدة على الموردين الصينيين وغيرهم من أجل توليد الكهرباء، وفقًا لمعهد أبحاث الطاقة.
ودون استخدام الوقود الأحفوري، ستحتاج صناعات الرياح والطاقة الشمسية أيضًا إلى الحصول على بدائل للأسمنت والصلب اللازمين لإنتاج التوربينات والألواح الشمسية وتركيبها.
وعلاوة على ذلك، ليس من الواضح ما إذا كان يتوفر ما يكفي من المعادن الأرضية النادرة لبناء جميع المحطات المطلوبة من المصادر المتجددة.
تكاليف هدف الكهرباء المتجددة 100%
وفقًا لتحليل أجراه منتدى العمل الأميركي (إيه إيه إف)، فإن مقترح إنتاج الكهرباء في الولايات المتحدة بنسبة 100% من مصادر متجددة بحلول عام 2030 سيتطلب ما لا يقل عن 5.7 تريليون دولار من الاستثمار في الطاقة المتجددة والتخزين.
وتبلغ قدرة توليد الكهرباء الحالية للولايات المتحدة نحو 1085 غيغاواط، ما يوفر سعة كافية لتلبية متطلبات الذروة من الكهرباء، بالإضافة إلى السعة الاحتياطية، التي تعمل بصفتها شبكة أمان حال انقطاع الإمدادات وغير ذلك.
ومن أجل الحفاظ على هذه السعة، ستحتاج الولايات المتحدة إلى أكثر من 1085 غيغاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية والتخزين، بسبب عوامل السعة المنخفضة للطاقة الشمسية (25.7%) وطاقة الرياح (34.6%)، المشار إليها سابقًا.
وفي النهاية، ترى الدراسة أنه لا يمكن للرياح والشمس المتقطعة أن تقف بمفردها لتحقيق هدف الكهرباء المتجددة، إذ يجب أن يكون هناك مزيج من الطاقة الاحتياطية، سواء من الفحم والغاز الطبيعي والمحطات النووية، مع وجود بطاريات للتخزين.
وحتى إذ كان هذا الهدف ممكنًا، فإن متطلبات الأرض وتكاليف التحوّل ستكون هائلة، وستتطلب دعمًا لتخفيف الزيادات في أسعار الكهرباء التي ستنتج عن ذلك.
موضوعات متعلقة..
- أسعار الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة ترتفع لأول مرة منذ 2014
- أميركا.. الطاقة الشمسية تؤدي دورًا حاسمًا لإزالة الكربون من قطاع الكهرباء
- 30 غيغاواط.. كيف تحقق أميركا هدف طاقة الرياح البحرية؟
- ارتفاع قياسي بقدرات الطاقة المتجددة في أميركا
اقرأ أيضًا..
- بعد ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء.. وزير بريطاني: لن ننقذ الشركات الفاشلة
- وطنية للبترول.. تطورات صفقة بيع شركة الوقود التابعة للجيش المصري
- إيرادات صادرات النفط السعودي ترتفع 112% في يوليو