الحياد الكربوني.. 3 عوامل تساعد على تحقيق حلم التصدي لتغير المناخ
أحمد شوقي
- الاستثمار الأخضر يلعب دورًا حيويًا في دعم تحوّل الطاقة
- العالم قد يحتاج 10 تريليونات دولار لتعزيز عملية التحوّل
- جهود التعافي من كورونا فرصة مهمة لدعم الاستثمار الأخضر
- تسعير الكربون ركيزة أساسية نحو اقتصاد منخفض الكربون
- التحوّل العادل للطاقة أمر ملح على الصعيدين المحلي والدولي
تكتسب الجهود المناخية زخمًا كبيرًا مؤخرًا، مع تعهّد الدول الكبرى المصدرة للانبعاثات بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050، لكن في الوقت نفسه، فإن غياب الأُطر والسياسات الدولية يُهدّد بتخلف العديد من الدول -خاصة النامية- عن ركب العمل المناخي.
ومع ذلك، من شأن إهمال الدول النامية أن تصبح الأكثر إطلاقًا للانبعاثات في المستقبل مع النمو السكاني والاقتصادي، ومن ثم ستكون جهود البلدان المتقدمة غير مُجدية بالقدر الكافي لخفض الانبعاثات الكربونية.
وفي تقرير نشره منتدى الاقتصاد العالمي، يحدد اثنان من خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي فلورنس جوموت، وجريجور شويرهوف، 3 ركائز أساسية لا غنى عنها حال رغبة العالم في تحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن.
ويعني الوصول إلى الحياد الكربوني منتصف هذا القرن، أن أي انبعاثات كربونية إضافية ستُعوّض بشكل تام بإجراءات من شأنها سحب هذه الانبعاثات الضارة بالبيئة من الغلاف الجوي.
الاستثمار الأخضر
تلعب الاستثمارات الخضراء دورًا مهمًا، لدعم الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري والتحول نحو الطاقة المتجددة، وكذلك تعزيز شبكات الكهرباء الذكية وتدابير كفاءة الطاقة.
كما يُعدُ الاستثمار في البحوث والتطوير أمرًا أساسيًا، مع حقيقة حاجة العالم إلى مزيد من التقدم التكنولوجي في التقنيات منخفضة الكربون لجعل هدف الحياد الكربوني ممكنًا.
وللحدّ من تغيّر المناخ، هناك حاجة إلى استثمارات إضافية -سواء عامة أو خاصة- تتراوح قيمتها من 6 إلى 10 تريليونات دولار في العقد المقبل، ويمثّل ذلك نسبة تراكمية سنوية تتراوح بين 6 و10% من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
ووفقًا لبيانات وكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن يأتي 30% من الاستثمار الإضافي على مستوى العالم في العقد من عام 2021 حتى 2030 من القطاع العام، على أن تكون النسبة المتبقية البالغة 70% من القطاع الخاص.
وتتوقّع الوكالة الدولية ارتفاع الاستثمار العالمي في الطاقة النظيفة بنحو 10%، ليصل إلى 1.9 تريليون دولار، لكنها ترى أن هذه الاستثمارات غير كافية لتحقيق الحياد الكربوني.
وبالنسبة إلى القطاع العام، فإن الحزم المالية الموفرة من جانب الحكومات لدعم التعافي من جائحة كورونا توفّر فرصة فريدة للاستثمار في اقتصاد منخفض الكربون، وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي.
ويمكن للحكومات -أيضًا- المساعدة في تعبئة رأس المال من القطاع الخاص من خلال تحسين أطر الاستثمار واستخدام التمويل العام الدولي بشكل فاعل لتقليل المخاطر المتوقعة على سبيل المثال، فضلاً عن ضرورة تحسين سياسات القطاع المالي، من أجل توجيه التدفقات المالية إلى الاستثمارات المستدامة، كما يرى التقرير.
تسعير الكربون
من غير المحتمل أن يكون الاستثمار الأخضر ودعم البحث والتطوير كافيين للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن، بحسب التقرير.
ولذلك، فإن تسعير الكربون يُعد من الركائز الأساسية لإستراتيجية إزالة الكربون، سواء من خلال فرض ضريبة الكربون أو أنظمة تداول الانبعاثات، كما في الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال.
ويحفّز تسعير الكربون عملية التحوّل إلى الوقود النظيف وتحسين كفاءة الطاقة من خلال رفع تكلفة الطاقة كثيفة الكربون.
وعلى النقيض من ذلك، فإن زيادة المعروض من مصادر الطاقة النظيفة فقط، تميل إلى خفض تكلفة الطاقة، لكنها لا تحفّز تحسين كفاءة الطاقة بالقدر نفسه، ما يجعل من الصعب الوصول إلى أهداف الحياد الكربوني، وفقًا للتقرير.
ولذلك، فإن فرض نظام دولي يضع حدًّا أدنى لتسعير الكربون هو الطريق الأسرع لتحقيق الحياد الكربوني، بحسب صندوق النقد الدولي.
وتتزايد خطط تسعير الكربون مع حقيقة تنفيذ أكثر من 60 خطة على مستوى العالم، بما في ذلك أكبر سوق لتداول الكربون، التي أطلقتها الصين هذا العام، وفقًا للتقرير.
ورغم ذلك، فإن التوصل لاتفاق عالمي بشأن الحد الأدنى لأسعار الكربون بين الجهات المسببة للانبعاثات، مع أسعار متباينة وفقًا لمستوى التنمية، قد يعالج المخاوف من أي إجراء أحادي يمكن أن يؤدي إلى خسائر في القدرة التنافسية للشركات، كما يرى صندوق النقد.
ومن المحتمل أن يؤدي تأخير اتخاذ إجراء بشأن تسعير الكربون لمدة 10 سنوات إلى الفشل في تحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن بفارق كبير، مع حقيقة أن الأسعار المطلوبة في تلك المرحلة للوصول إلى الأهداف المرجوة قد تبدو غير قابلة للتطبيق، بحسب التقرير.
ومثل هذا التأخير، بالمقارنة مع الاعتماد السريع لنظام تسعير الكربون، من شأنه أن يرفع درجات الحرارة وتنتج عنه أضرار محتملة على المناخ والاقتصاد.
التحوّل العادل للطاقة النظيفة
يأخذ الانتقال العادل للطاقة بعيدًا عن الوقود الأحفوري بُعدًا دوليًا ومحليًا، فعلى الصعيد الدولي سيكون الدعم المالي ضروريًا للاقتصادات النامية، التي يُتوقع أن تتحمل تكاليف أكبر في المرحلة الانتقالية التي ليست لديها الوسائل المساعدة على تحملها، بحسب التقرير.
وعلى الجانب المحلي، تحتاج الحكومات إلى اتخاذ إجراءات تساعد الأسر، التي تكافح من أجل تحمّل الضروريات الأساسية لدفع تكاليف الطاقة المرتفعة، كما يجب أن تمتد هذه التدابير إلى عمال مناجم الفحم وغيرهم، الذي يعتمدون على القطاعات عالية الكربون في معيشتهم.
وتعهدت الدول الرئيسة المسببة لانبعاثات الكربون -مثل اليابان والاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة- بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن، ما سيؤدّي إلى تقليل نسبة كبيرة من الانبعاثات العالمية.
ومع ذلك، دون سياسة مناخ عالمية، ستصبح الدول ذات الانبعاثات الصغيرة الآن مصدرًا رئيسًا لها في المستقبل مع نمو سكانها، وهذه هي أيضًا البلدان، التي غالبًا ما تكون أكثر تضررًا من آثار تغير المناخ، التي يصعب تحملها لتكاليف التحوّل، بحسب التقرير.
اقرأ أيضًا..
- 3 دروس مستفادة من وباء كورونا لمواجهة أزمة تغير المناخ (تقرير)
- رغم طفرة الطاقة المتجددة.. العالم بعيد عن مسار الحياد الكربوني (تقرير)
- رحلة العالم إلى الحياد الكربوني توفر 8 ملايين وظيفة في 2050