مقالات الغازالمقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةغاز

مقال - أفغانستان والصراع الأميركي الصيني على أنابيب الغاز

اقرأ في هذا المقال

  • الشركة التي تملك حقّ نقل الغاز داخل أفغانستان إلى باكستان هي شيفرون الأميركية
  • في منتصف التسعينيات أقنعت بريداس الأرجنتينية حكومات تركمانستان وأفغانستان وباكستان والهند بأهمية أنبوب غاز "تابي"
  • فوجئ الجميع لاحقًا بأن بريداس حصلت من الحكومة الأفغانية على حقّ حصري لبناء أنبوب غاز عبر أفغانستان، وبذلك تبخرت كل الخطط الأميركية-التركمانية

استعرتُ مصطلح "عبقرية المكان" من المفكر والفيلسوف المصري جمال حمدان -رحمه الله-، والذي خصّ به مصر، وذلك لأنه قد يكون أدقّ مصطلح ليصف أهمية أفغانستان للشرق والغرب.

تحتوي أفغانستان على 5 معادن مهمة لسياسات التغير المناخي، وبكميات وفيرة، وهي اليورانيوم والنحاس والليثيوم والكوبالت والمعادن النادرة.

ما يميز هذه الاحتياطيات ليس وفرتها فقط، ولكن أيضًا الموقع الجغرافي القريب من الهند والصين وباكستان وروسيا وتركيا، فاحتياطيات الليثيوم مُركّزة في جنوب أميركا اللاتينية، والكوبالت مُركّز في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وقد ناقشتُ هذه الأمور في سلسلة من التغريدات عبر حسابي في تويتر.

مقال اليوم يركّز على أنبوب الغاز الذي يأخذ الغاز من تركمانستان ويذهب إلى باكستان والهند مرورًا بأفغانستان، والذي يُعرف اختصارًا بأنبوب "تابي".. فكرة الأنبوب بدأت منذ منتصف التسعينيات، وأيّدته كل الإدارات الأميركية، إضافة إلى باكستان والهند وتركمانستان، وتمّ بناء أجزاء من هذا الأنبوب في تركمانستان وباكستان، لكن المشكلة في السنوات الماضية كانت دائمًا أفغانستان.

وقبل الخوض في التفاصيل، لا بد من التذكير بأنه ليس هناك أيّ دليل على العلاقة بين احتلال الولايات المتحدة لأفغانستان وبناء هذا الأنبوب، وليس هناك أيّ دليل على أن الانسحاب كان بسببه، وبغضّ النظر عن الاحتلال الأميركي لأفغانستان وأسبابه، فإنه من الواضح أن النزاع حول أنبوب "تابي" هو نزاع حول "ملكية أحقية المرور" في أفغانستان.

ففي منتصف التسعينيات، أقنعت شركة بريداس الأرجنتينية حكومات تركمانستان وأفغانستان وباكستان والهند بأهمية هذا الخط، وأعدّوا الدراسات المتعلقة بذلك، ولم يكن هناك أيّ صعوبة في إقناع الأميركيين، لأن هذا الخط سيمنع إيران من بناء خط خاص بها إلى باكستان، ومن ثم إلى الهند، إلّا أن الأميركيين فضّلوا أن تقوم شركة أميركية ببناء هذا الخط. إلا ان فكرة بناء الخط تهود إلى عهد الاتحاد السوفيتي لتسويق الغاز من تركمانستان عندما كانت جزءا منه.

وأدّى سوء الأوضاع في أفغانستان -نتيجة القتال الداخلي- إلى إقناع قادة تركمانستان بأنهم بحاجة إلى شركة أميركية، ظنًا منهم أن الولايات المتحدة ستحمي هذا الخط، وستحقق الاستقرار في أفغانستان.

وبهذا توافقت مصالح تركمانستان والولايات المتحدة بأن تكون الشركة أميركية، واتُّخِذَت الإجراءات القانونية اللازمة لقيام شركة يونيكال الأميركية ببناء الخط، الأمر الذي أزعج شركة بريداس الأرجنتينية، صاحبة الفكرة والدراسات.

مفاجأة من بريداس

فوجئ الجميع لاحقًا بأن شركة بريداس حصلت من الحكومة الأفغانية على حقّ حصري لبناء أنبوب غاز عبر أفغانستان، وبذلك تبخّرت كل الخطط الأميركية-التركمانية، وفجأة تحصل تطورات جديدة: تتأزم الأمور في أفغانستان، وتسيطر طالبان على كابول مع انهيار الحكومة الأفغانية، ومعه انهار الاتفاق المعقود بين الحكومة التي سقطت، وبين شركة برايدس.

وبعد سيطرة طالبان على الحكم جرت دعوة وفد منهم إلى تكساس، واستضافتهم شركة يونيكال، وعلى إثر ذلك اختارت طالبان شركة يونيكال لبناء خط أنابيب الغاز، وجرى تجاهل بريداس اللأرجنتنية.

محاولة الصين السيطرة على يونيكال

في يونيو/حزيران 2005، حاولت الصين شراء يونيكال، تاسع أكبر شركة نفط أميركية وقتها، بعد تقديم شركة سينوك عرضًا أعلى من عرض شيفرون الأميركية.. لكن هل حاولت بكين شراء الشركة كي تحصل على ملكية حقوق نقل الغاز في الأراضي الأفغانية إلى باكستان والهند والصين؟

ربما، لأن مجرد انتشار أنباء قيام شركة سينوك بشراء يونيكال "قامت الدنيا ولم تقعد في البيت الأبيض والكونغرس ومجلس الشيوخ"، وجرى التدخل لوقف هذه الصفقة على أعلى المستويات، بحجّة خطرها على "الأمن القومي الأميركي"!

المشكلة أن الشركة غير مهمة بكل المقاييس، ما الذي يجعلها مهمة للأمن القومي؟ ونتج عن الضجة السياسية والسُعار الإعلامي في الولايات المتحدة انسحاب سينوك من الصفقة في بداية أغسطس/آب 2005، ودُمجت يونيكال مع شركة شيفرون يوم 10 من الشهر نفسه!.. لماذا كل هذه الضغوط، ولماذا كل هذه العجلة؟ وهنا بيت القصيد من هذا المقال:

الشركة التي تملك حقّ نقل الغاز داخل أفغانستان إلى باكستان هي شيفرون الأميركية، لكن، ماذا لو كانت هناك مفاجآت، وجرى اللجوء للمحاكم لمعرفة من يملك هذا الحق، شركة بريداس الأرجنتينية أم شيفرون الأميركية؟

نعم، لم تستطع شركة سينوك شراء يونيكال، ولكن المفاجأة أنها تملك 50% من بريداس، والتي اشترتها عام 2010.

والسؤال الآن، من له الحق القانوني في بناء خطوط الغاز في أفغانستان؟ الأميركيون أم الصينيون؟

*الدكتور أنس الحجي - خبير أسواق الطاقة ومستشار تحرير "الطاقة"

  • للتواصل مع الدكتور أنس الحجي (هنا).
  • للتواصل مع منصة الطاقة (هنا).

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق