أزمة المحروقات في لبنان.. غضب شعبي ورسمي من قرار رفع الدعم
الرئيس ميشال عون ينتقد قرار حاكم مصرف لبنان: "تداعياته خطيرة"
دخل لبنان حلقة جديدة من مسلسل أزمة المحروقات والطاقة، في أعقاب قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رفع الدعم عن الوقود دون طرح أيّ بدائل.
كانت أزمة المحروقات قد تفاقمت في لبنان خلال الشهور الأخيرة، ما يهدد بتعرّض البلاد إلى ظلام دامس، لعدم توافر الأموال اللازمة لتأمين إمدادات الوقود.
قرار مصرف لبنان
أصدر مصرف لبنان بيانًا مساء أمس، قرر فيه أنه بدءًا من اليوم الخميس 12 أغسطس/آب، سيقوم المصرف بتأمين الاعتمادات اللازمة المتعلقة بالمحروقات، معتمدًا على آلية احتساب سعر الدولار تبعًا لأسعار السوق.
وأبلغ رياض سلامة، المجلس الأعلى للدفاع، أن المصرف لم يعد قادرًا على دعم شراء المحروقات، وطالب باقتراح قانون في مجلس النواب بطلب صرف اعتمادات لمؤسسة كهرباء لبنان من أجل شراء الوقود، في ظل أزمة مرتبطة بانقطاع الكهرباء عبر محطات التوليد، مع تجدّد الطوابير أمام محطات الوقود.
غضب الرئيس عون
قرار مصرف لبنان أثار غضب السلطة التنفيذية، إذ دعا الرئيس ميشال عون اليوم الخميس إلى اجتماع عاجل في قصر بعبدا، لبحث قرار المصرف بشأن رفع الدعم عن المحروقات.
جاء ذلك بحضور الوزيرين في حكومة تصريف الأعمال، المال غازي وزني، والطاقة والمياه ريمون غجر، إلى جانب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وشدّد عون على أن "القرار له تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة" تنعكس على الأصعدة كافة، لا سيما المعيشية منها، وحاجات المواطنين اليومية.
وأضاف -في بيان عقب انتهاء اللقاء- أن المجلس الأعلى للدفاع لم يتخذ أيّ قرار يتعلق برفع الدعم الذي هو أصلًا خارج اختصاصه.
وطلب عون من وزير الطاقة ريمون غجر ضبط الكميات الموزعة من المحروقات والمخزّنة لعدم التلاعب في أسعارها واحتكارها.
وركزت مناقشات الاجتماع على قانون البطاقة التمويلية وأسبابه الموجبة التي تربط رفع الدعم بإصدار هذه البطاقة، وكذلك بالموافقات الاستثنائية عن مجلس الوزراء التي أجازت لمصرف لبنان استعمال الاحتياطي الإلزامي لفتح اعتمادات لشراء المحروقات ومشتقاتها على أن تسدّد على سعر 3900 ليرة للدولار الواحد، بدلًا من 1500 ليرة.
وطالب الرئيس عون من حاكم مصرف لبنان التقيّد بهذه النصوص في أيّ إجراء يتخذه، وبعد التنسيق مع السلطة الإجرائية التي ناط بها الدستور وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات.
إغلاق المخابز والمطاعم
بالتزامن مع ذلك، أغلقت العديد من المرافق، نظرًا لعدم توفر الوقود، ففي صيدا أعلنت العشرات من المطاعم والمحالّ إغلاق أبوابها، واعتذرت عن عدم استقبال الزبائن حتى إشعار آخر، بسبب عدم تمكّن أصحابها من تأمين مادة المازوت وتشغيل المولدات لضمان استمرار العمل.
كما ألقت الأزمات الصحية والاقتصادية بظلالها على المواطنين في منطقة صور، إذ أعلن عدد من المخابز التوقف عن العمل بسبب فقدان المازوت، وأقفلت محطات الوقود على الرغم من الكميات الموجودة في خزّاناتها، بسبب إعلان رفع الدعم عن المحروقات.
وشهد إقليم الخروب إقبالًا غير مسبوق على محطات الوقود على طريق الأوتوستراد الساحلي، الذي غصّ بأرتال السيارات المتوقفة عند مداخل المحطات، ما أدّى إلى عرقلة حركة المرور على الأوتوستراد.
رسالة دياب
من جانبه، وجّه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب كتابًا إلى وزير المالية غازي وزني، يطلب فيه إبلاغ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن قراره رفع الدعم عن المحروقات مخالف للقانون الذي صدر عن مجلس النواب بشأن البطاقة التمويلية، ومخالف لسياسة الحكومة في ترشيد الدعم.
وجاء في الكتاب: "لما كانت الحكومة قد أكدت مرارًا على وجوب ترشيد الدعم (وليس رفعه)، بالتوازي مع إقرار البطاقة التمويلية التي من شأنها أن تساعد المواطنين على تحمّل كلفة هذا الترشيد، ولما كان مجلس النواب قد أقرّ أخيرًا مشروع الحكومة المتعلق بالبطاقة التمويلية، وتبنّى سياستها بترشيد الدعم بالتوازي مع إقرار البطاقة التمويلية، وتنفيذًا لسياسة الحكومة التي تكرست بموجب القانون، فإن أيّ قرار برفع الدعم حاليًا وبصورة فورية يشكّل مخالفة واضحة لسياسة الحكومة وأحكام القانون.
اجتماع المجلس الأعلى للدفاع
كان الرئيس ميشال عون قد ترأّس أمس اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، في غياب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب -المحجور صحيًا بسبب مخالطة مصابين بفيروس "كورونا"- واستعرضت الجلسة الثانية منه أزمة الطاقة في البلاد.
وقال وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر: "إننا اليوم بمرحلة الذروة في الحاجة للكهرباء، حاجتنا هي 3 آلاف ميغاواط، والقدرة الإنتاجية بحسب الفيول المتوفر لا تتجاوز الـ750 ميغاواط".
من جانبه، أشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى أن الحلّ باقتراح قانون في مجلس النواب بطلب صرف اعتمادات لكهرباء لبنان من أجل شراء الفيول لأنها الحلّ الأوفر على المواطن، حتى ولو رُفِعَت التعرفة عليه.
كما ناقش الاجتماع اتخاذ إجراءات عبر دعوة القوى الأمنية إلى مداهمة مستودعات الأدوية والمحروقات ومنع الاحتكار وتنظيم الطوابير أمام محطات المحروقات.
الموافقة على اتفاقية العراق
من جهة أخرى، أصدر المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، اليوم الخميس، بيانًا أكد فيه صدور الموافقة الاستثنائية من الرئيس ميشال عون على طلب وزارة الطاقة والمياه بشأن اتفاق بيع مادة زيت الوقود الموقّع بين الجانبين العراقي واللبناني، وعقد شراء "فيول أويل" الموقّع بين المديرية العامة للنفط وشركة تسويق النفط العراقية (سومو)، بعد الأخذ برأي هيئة التشريع والاستشارات.
كما تضمنت الموافقة الاستثنائية مشروع قانون يهدف إلى الإجازة للحكومة إبرام الاتفاق وعلى مشروع مرسوم بإحالته إلى مجلس النواب.
تحذيرات من تفاقم الأزمة
كانت الهيئات الاقتصادية اللبنانية قد عقدت اجتماعًا أمس الأربعاء، برئاسة رئيسها الوزير السابق محمد شقير، ناقشت خلاله التطورات المخيفة التي تشهدها البلاد على كل المستويات المعيشية والحياتية والاجتماعية والاقتصادية، خصوصًا الشحّ الكبير في المحروقات، ولا سيما المازوت الذي يترافق مع انقطاع شبه كلي لإمدادات الكهرباء من مؤسسة كهرباء لبنان.
وحذّرت الهيئات الاقتصادية من توقّف محركات الدولة بكلّيتها جراء انقطاع الكهرباء والمازوت، "فإدارات الدولة ستتوقف ومؤسسات القطاع الخاص على اختلافها ستتوقف، لا سيما القطاع الصناعي، ما يعني توقّف إمداد الغذاء والسلع الاستهلاكية، والقطاع الزراعي ومزارع الدواجن، حيث يوجد 20 مليون طير مهدد بالنفوق، والمستشفيات والعيادات والمرافق العامة من موانئ ومطار، والخدمات".
اقرأ أيضًا..
- أزمة المحروقات في لبنان.. توقعات بعودة تدريجية للتيار الكهربائي اليوم
- أزمة المحروقات في لبنان.. طهران ترد على تغريدة سفارتها لدى بيروت
- أزمة المحروقات في لبنان.. إجراءات استثنائية للحد من تفاقم الأوضاع
- أزمة المحروقات في لبنان.. الحكومة تحمّل عصابات التهريب مسؤولية نقص الوقود
- أزمة وقود في لبنان.. وزير الطاقة: لن نغرق في العتمة ولدينا عدّة بدائل