الغاز الروسي ملاذ أوروبا لتحقيق أمن الطاقة في الشتاء (تقرير)
تراجع مخزونات القارة العجوز يفرض عليها الاتجاه إلى موسكو
حياة حسين
أصبح الغاز الطبيعي رباطًا مقدسًا يربط بين روسيا وأوروبا، فالأولى تحتاج إلى تصديره، والثانية مضطرة إلى استيراده، رغم محاولات الفكاك الطويلة منه، والتحول إلى مصادر أخرى للطاقة.
ووصلت مخزونات الغاز في قارة أوروبا إلى أدنى مستوى خلال 10 سنوات، وقد تجبرها حاجتها إلى ملء خزاناتها مجددًا على مصدر لا تريده وهو روسيا.
مساعي الاستغناء
تسعى القارة العجوز منذ زمن طويل، ولأسباب متعددة، إلى الاستغناء عن استيراد الغاز الروسي، لكن يبدو أن الغاز الروسي سيكون الملاذ الأمن للقارة العجوز من برد الشتاء، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ.
وتوقع بنك "سيتي غروب" أن ملء أوروبا خزاناتها بالغاز لن يكون سهلًا؛ في ظل تزايد مشتريات دول آسيا من الغاز المُسال، ومحاولات النرويج لصيانة معداتها التي تضررت بشدة من وباء كوفيد-19.
وتواجه أوروبا عائقًا آخر يحصر بدائل توفير الغاز في روسيا، وهو التوتر الروسي الأوكراني الذي يؤثر على نقل غاز الأولى إلى أوروبا عبر الثانية؛ ما دفع الأسعار إلى أعلى مستوى منذ 2018 في أسواقها.
والأسعار مرشحة لمزيد من الصعود إذا استمر دفع العقوبات الأميركية خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 الذي سينقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا وأوروبا، وعدم إتمامه.
روسيا وأوكرانيا
رغم تجديد اتفاق روسيا مع أوكرانيا بشأن نقل الغاز في 2019، كشف مدير شركة الطاقة المسؤولة عن منظومة الغاز في أوكرانيا، سيرغي ماكوجون، في يناير/كانون الثاني الماضي، عن تراجع كبير في نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أراضي أوكرانيا في عام 2020، وبنسبة 38% إلى 55.8 مليار متر مكعب، حسبما ذكر موقع "روسيا اليوم" حينها.
وقال إن كميات الغاز الواقعية التي ضُخت هي الأدنى في 30 عامًا، مُرجعًا ذلك إلى تأثير خط غاز "السيل التركي" على نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا.
وقال نائب رئيس قطاع النفط والغاز الدولي في "وود ماكينزي"، ماسيمو دي-أوردرادو: إن "كثيرًا من الأسباب تدفع إلى الاعتماد على نورد ستريم 2، وإذا لم يبدأ العمل، وظلت صادرات روسيا من الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا تحت ضغط، فإن الأسعار سترتفع".
وحاولت أوروبا الاستغناء عن الغاز الروسي بعد غزو موسكو لشبه جزيرة القرم قبل أكثر من 15 عامًا، وقطع إمدادات غاز الدولة السوفيتية عبر أوكرانيا مع تنويع مصادرها، لكن ذلك ترك دولًا أوروبية محاطة بطقس متجمد في عامي 2006 و2009.
غلق أكبر حقل غاز
بنَت دول عديدة محطات غاز مُسال، لكن قرار غلق أكبر حقل غاز في أوروبا يترك بدائل محدودة لتلك الدول.
ويقع أكبر حقل غاز في أوروبا في هولندا، وفي سبتمبر/أيلول من 2019، أعلنت الحكومة عزمها وقف عمليات استخراج الغاز من حقل خروننغن في 2022؛ بسبب إثارته للزلازل، وفق شبكة "إيه بي سي نيوز" الأميركية حينها.
وأشارت بيانات البنية التحتية للغاز الأوروبية، إلى هبوط مخزونات الغاز بنسبة 25% عن مستواه الطبيعي في مثل هذه المدة من العام.
ومن المفترض أن ينقل خط نورد ستريم 2 نحو 8 مليارات متر مكعب من الغاز إلى أوروبا العام الجاري، شرط الإطلاق التجاري للخط في سبتمبر/أيلول وزيادة تدفقه خلال شهرين، وفق محلل قطاع الغاز الأوروبي في "أي سي أي إس".
وقال رئيس "إنرجي أسبيكت"، تريفور سيكوسيكي: إن "الأوروبيين كانوا يتخيلون أن روسيا ستزيد ضخ الغاز عبر أوكرانيا، وهذا لم يحدث.. إنها رسالة سياسية من موسكو إلى بروكسل، تفيد أنها لا تريد تصدير الغاز عبر كييف".
خط نورد ستريم 2
يتوقع البعض أن روسيا ستسعى إلى التعجيل من ضخ غازها عبر نورد ستريم 2 قبل الانتخابات في ألمانيا، خوفًا من وضع حزب الخضر عراقيل تضع صعوبات أمام التشغيل.
وتجري الانتخابات الألمانية في سبتمبر/أيلول المقبل، ويُعد حزب الخضر واحدًا من بين الأحزاب المتنافسة على خلافة المستشارة أنغيلا ميركل في 2022.
وتزور ميركل الولايات المتحدة في منتصف الشهر المقبل، ومن المتوقع أن يكون خط نورد ستريم 2 على رأس الموضوعات التي ستناقشها مع الرئيس الأميركي جو بايدن؛ لحل أزمة العقوبات والسماح بتدفق غاز الدب الروسي إلى القارة العجوز.
يُذكر أن ميركل التي يصل خط غاز نورد ستريم 2 إلى بلادها، تُعد من أكبر داعمي المشروع.
اقرأ أيضًا..
- نورد ستريم 2.. روسيا تؤمن إمدادات الطاقة إلى أوروبا لعدة عقود
- بوتين يراهن على دور الغاز المسال لإزالة الكربون في أوروبا
- شركات الطاقة تعارض خطة أوروبا للتخلص من محطات الغاز