مقالات النفطالمقالاترئيسيةنفط

مقال - مستقبل غامض ينتظر مصفاة الشركة الليبية الإماراتية

علي الفارسي

تعد مصفاة راس لانوف، أكبر مصافي التكرير في ليبيا، والتي تتشارك فيها مؤسسة النفط الوطنية مع الشركة المشغلة، الشركة الليبية الإماراتية لتكرير النفط "ليركو"، بنسبة مشاركة 50% لكل منهما، ولا زالت متوقفة بسبب نزاع قانوني قائم منذ عام 2013.

حصلت مؤسسة النفط في عام 2018 على حكم دولي برفض مطالب ليركو الحصول على تعويض بـ 820 مليون دولار، وألزمت المحكمة الفرنسية، الشركة الليبية الإماراتية بدفع مبلغ 116 مليون دولار لصالح مؤسسة النفط الليبية، مع الفوائد كاملة.

مصفاة ليركو

عدم التزام الشريك الإماراتي بتطوير المصفاة، وتشتيت الانتباه نحو النزاع، جعل المصفاة الأكبر في ليبيا تعاني من الصدأ وضعف أعمال الصيانة الدورية، وهو ما يجعلنا نعيد التفكير في عدة أمور:

أولًا: توقف المصفاة والتي تقع بجانب مصانع البولي والإيثلين بمجمع راس لانوف للبتروكيماويات يعيق توفير المواد الأولية لإمداد المصانع بما تحتاجه من مواد لضمان استدامة التشغيل.

ثانيًا: في شهر مارس/آذار عام 2021، أعلنت محكمة استئناف فرنسية صدور حكم بخصوص حكم التحكيم الصادر عام 2018 ويلزم ليركو بدفع مصاريف القضية ومبلغ تجاوز 132 مليون دولار أميركي لصالح مؤسسة النفط، وهذا يعني أن النزاع مستمر ومساعي تشغيل المصفاة غير واقعية دون نهاية للنزاع بأي شكل من الأشكال.

ثالثًا: فقدان ليبيا لمنتجات المصفاة من وقود وديزل ووقود الطيران، يجبرها على تعويض هذه الحصص عن طريق استيرادها من الخارج.

رابعًا: لا تزال هناك مشكلة عالقة يواجهها قطاع النفط الليبي، كان سببها نظام سياسي سابق أراد تطوير المصفاة ورفع طاقتها الإنتاجية لتغطية الطلب، لكنه سقط في فخ الالتزام مع شركة خاصة.

خامسًا: على الرغم من مساعي مؤسسة النفط الليبية من أجل إعادة تشغيل المصفاة لدعم الاقتصاد الوطني، لكن الشريك وضع شروطًا تعجيزية كأنه يرغب بالتوقف حاليًا.

سادسًا: اتفاقية التزويد مدتها 25 عامًا، ولجوء الشريك الإماراتي إلى التحكيم الدولي كان بسبب إغلاق الموانئ بين عامي 2012 و2013 لأسباب خارجه عن الإرادة وصراع بين الأطراف السياسية.

سابعًا: توقف المشروعات التطويرية لأكبر مجمع لصناعة مادة البولي إيثلين عالية الجودة، والذي يعد أكبر مشغل للعمالة من مختلف مناطق ليبيا، وداعمًا للاقتصاد المحلي.

ثامنًا: توقف المصفاة يهدد استمرار العمل بشركة راس لانوف لتصنيع النفط والغاز، التي تعتمد على منتجات المصفاة كمادة أولية.

مؤسسة النفط الليبية

تبقي قضية ليركو مهمة لأنها أثبتت مدى قدرة مؤسسة النفط الليبية على مواجهة ولعب دور الحارس الأمين للثروة، على الرغم من عملها في محيط ملتهب ووسط اختلاف سياسي واضح، وتوافق يسير في طريق مظلم حاليًا قد لا يعيد الإغلاق للنفط مباشرة، ولكن استخدام النفط كورقة ضغط بين الأطراف السياسية، فضلا على تدخل اللاعبين الدوليين.

إن أي استقرار اقتصادي يجب أن تدعمه قاعدة متينة من الاستقرار السياسي، أو كما أشار رئيس مؤسسة النفط المهندس مصطفى صنع الله -خلال أحد المؤتمرات منذ 5 أعوام- إلى أن التوزيع العادل للثروة هو أساس أي حلول، وكأنه يقصد ما دامت المداخيل لا تستخدم للتنمية والإعمار والسلم، فالرياح العاصفة من الداخل قبل الخارج قد تعصف مجددًا بثروات البلاد.

أوروبا

أما عن أوروبا، فإنها لن تستطيع التخلي عن النفط الليبي بخامته عالية الجودة؛ لحاجتها إلى النفط لتزويد مصافيها المتعطشة للخام، فضلًا عن الأمن اللوجستي للناقلات النفطية، وسرعة التزود لمصافي إيطاليا وألمانيا وإسبانيا، أكبر المستوردين للنفط الليبي، والتي لم تنجح عروض دول الخليج السابقة في تعويض حصص ليبيا.

إن عدم نجاح دول الخليج في تعويض حصة ليبيا، لم يكن فقط بسبب الجودة، لكن لعوامل جيوسياسية، وحسابات وتغييرات كبيرة تسبق التزود بالنفط الخليجي.

اقرأ أيضا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق