المقالاترئيسيةعاجلمقالات النفطنفط

مقال - قطاع النفط الليبي في مواجهة ضعف التمويل مجددًا

علي الفارسي*

يواجه قطاع النفط الليبي مجموعة من التحديات الصعبة في الوقت الحالي، نتيجة فشل حكومات متعاقبة في الوصول لاتفاق متكامل، ما أدى بالبلاد إلى فوضى سياسية قد تتعمق حال استمرارها، وربما يمنح الفرصة للجماعات الإرهابية وبقايا تنظيم داعش للتقدم نحو مواقع النفط مجددًا.

فشل السلطات العليا في تحديد حكومة موحّدة تكفُل تمويلًا كافيًا للقطاع النفطي، كان سبب تراجع الصادرات النفطية وتآكل البنية التحتية وعدم قدرة المؤسسة الوطنية للنفط على تنفيذ المشروعات الإستراتيجية.

مليونا برميل يوميًا

منذ عدّة سنوات أكد رئيس مؤسسة النفط الليبية المهندس صنع الله خلال الملتقى الليبي الأوروبي، على عزيمة المؤسسة وشركاتها لبلوغ مليوني برميل يوميًا مطلع 2021، لكن ذلك لم يتحقق.

ويبلغ الإنتاج حاليًا نحو مليون برميل يوميا أو أقلّ، نتيجة القوة القاهرة التي كانت قد أُعلِنَت منذ أيام في ميناء الحريقة.

غير أن معظم الأطراف لا تعلم كواليس ما حدث، فقد اصطدم قطاع النفط بحرب سياسية كبيرة شُنّت عليه، لأن المؤسسة الوطنية للنفط وشركاتها رفضت أن تكون جزءًا من الصراع أو أداة في يد حكومات متعاقبة.

والقطاع النفطي هو من يوفّر الأموال والنقد الأجنبي للقطاعات الأخرى، ومن ثم محاولات الهيمنة عليه في تلك المدة باءت بالفشل، ما أدى إلى رفض بعض الحكومات المتعاقبة في البلاد التمويل، للضغط على المهندس صنع الله، الذي نجح في إعادة إنتاج النفط إلى مستويات ما قبل الربيع العربي، ومعالجة تحديات الحوكمة وتهديد الإغلاق، مما عزز من الثقة لدى المشترين الدوليين، وعاد كثيرون للعمل بالحقول والموانئ بمختلف تخصصاتهم.

أوبك

تفاجأت أوبك بعودة ليبيا السريعة بصادراتها، فرغم كل الأزمات والتحديات التي مرّت على قطاع النفط الليبي، والتي يحتاج معها إلى تمويل أكثر مع الاستمرار في عمليات الإنتاج، يبلغ إنتاج النفط الليبي حاليًا نحو مليون برميل يوميًا.

وهنا لابد من الإشارة إلى قيام المؤسسة الوطنية للنفط بتسييل أموال للحكومة من حساب المصرف الخارجي في طرابلس الذي جرى فيه تجميد مداخيل النفط مسبقًا، لمنع الإهدار والإنفاق غير المسؤول، وذلك لالتزام المؤسسة الحياد الكافي، ما جعلها تعاني من أجل استمرار الصادرات، رغم شحّ كبير بالمواد الأساسية للتشغيل.

استقرار قطاع النفط

استقرار قطاع النفط والغاز يجب أن يكون أولوية للحكومات القادمة، إذا أرادت تحقيق أهدافها، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة استقلال المؤسسة عن النشاط السياسي، وأن أيّ أعمال تطوير أو رفع للصادرات تحتاج إلى تمويل منتظم، ويُقصد هنا بميزانية المؤسسة الوطنية للنفط.

علينا أن نفهم طبيعة وضع المنشآت النفطية حاليًا، فمنذ فترة وهي تعاني عدّة مشكلات فنية وتقنية وتآكل لشبكة الأنابيب الضخمة التي تنقل النفط، إضافة إلى تأخّر القيام بعمليات الصيانة الدورية.

لكي يستمر الإنتاج، يجب أن تكون هناك عمليات بشكل منتظم متمثلة في إعادة تأهيل للحقول، كذلك خطوط الشحن بالموانئ.

كانت هذه المعاناة بسبب تعنّت المصرف المركزي وحكومة الوفاق السابقة، التي حاولت المساومة واستخدام القطاع النفطي أداةً سياسية، رغم الحياد الذي تتبعه "الوطنية للنفط"، وهو ما يفسر قرارها الأخير بإعلان القوة القاهرة في ميناء الحريقة، قبل رفعه اليوم الإثنين.

وعدم التوافق بين مؤسسة النفط والمصرف المركزي أو حكومة الوحدة، يزيد الخسائر اليومية الليبية،. والخسائر هي أعباء على الاقتصاد الوطني للأسف، ولا تدعم مخرجات برلين، وكذلك وجود حكومة وحدة وطنية.

الوضع الحالي

أدّت جهود المؤسسة الليبية ومساعي وكيل وزارة النفط رفعت العبار، إلى تسييل مبالغ مالية للقطاع النفطي، وذلك لاستمرار العمليات ومنع التوقف، وهو ما تبعه قرار المهندس صنع الله برفع القوة القاهرة اليوم الإثنين، وعودة الإنتاج.

أخيرًا يجب تحييد القطاع النفطي ودعمه بالميزانية اللازمة لتمكينه من تنفيذ المشروعات التطويرية، وتحقيق إستراتيجية استغلال المكامن ورفع الصادرات، التي من المفترض أن تكون أولوية لأيّ سلطات قادمة.

*علي الفارسي - كاتب متخصص بمجال الطاقة

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق