ارتفاع الأسعار ونقص المواد الخام.. تحديات تواجه صناعة الطاقة الشمسية (تقرير)
حتى في الأسواق الصينية
دينا قدري
- 2021 سيكون العام الأول للنمو السلبي في منشآت الطاقة الشمسية منذ 17 عامًا
- ارتفاع أسعار الوحدات الشمسية بنسبة 18% منذ بداية العام
- سوق الصين لها دور حاسم بوصفها مؤشرًا لأسعار الطاقة الشمسية
- تراجع الطاقة الشمسية بسبب ارتفاع أسعار البولي سيليكون والزجاج
- الشركات الأفريقية تعيد التفاوض على سعر الكهرباء الشمسية وتمديد عقود التأجير
لطالما اشتهرت الطاقة الشمسية بانخفاض تكلفتها مقارنةً بمصادر توليد الكهرباء الأخرى، ما أدّى إلى اعتمادها في جميع أنحاء العالم على مستوى قياسي.
فقد جرى تركيب أكثر من 100 غيغاواط من السعة الجديدة خلال 2020، ويخطّط المطوّرون لزيادة السعة على مستوى العالم بنسبة 15% على الأقل هذا العام.
وانخفضت تكلفة الوحدات الكهروضوئية الشمسية بشكل حادٍّ من 4.90 دولارًا/واط في عام 2000 إلى 0.80 دولارًا/واط في عام 2015، و0.20 دولارًا/واط في عام 2020 -بحسب ما نقلته منصة آرغوس ميديا المعنية بشؤون الطاقة- إلا أن الأمور تغيَّرت في الشهور الأخيرة وبدأت الصناعة تشهد ارتفاعًا في التكاليف، وتناقصًا في الأرباح.
تراجع الطاقة الشمسية
على الرغم من ذلك، تشهد صناعة الطاقة الشمسية تراجعًا غير مسبوق، في ذروة انتعاش مصادر الطاقة المتجددة، منذ أواخر العام الماضي، الأمر الذي يهدِّد بتأخير المشروعات وإبطاء استخدامها، في الوقت الذي تعتمد فيه العديد من الحكومات الكبرى على هذا المصدر من الطاقة المتجددة، في محاولة لإبطاء تغيُّر المناخ.
وأوضح محللون -في منصة سولارزوم الصناعية- أن التأخيرات قد تكون كبيرة بما يكفي، لجعل 2021 العام الأول للنموِّ السلبي في منشآت الطاقة الشمسية العالمية منذ 17 عامًا.
فقد ارتفعت أسعار الوحدات الشمسية بنسبة 18% منذ بداية العام، بعد انخفاضها بنسبة 90% خلال العقد الماضي، وفقًا لما أكدته وكالة بلومبرغ.
وتتمثّل أسباب تراجع الطاقة الشمسية في الآتي:
1- عجز في إمدادات البولي سيليكون
في قلب الأزمة يوجد البولي سيليكون -وهو شكل فائق الدقة من السيليكون- وهو إحدى أكثر المواد وفرة على وجه الأرض، والموجود بشكل شائع في رمال الشاطئ.
ونظرًا إلى استعداد صناعة الطاقة الشمسية لتلبية الزيادة المتوقعة في الطلب على الوحدات النمطية، لم يتمكن صانعو البولي سيليكون من مواكبة ذلك.
وارتفعت أسعار المعدن النقي إلى 25.88 دولارًا/كغم، بعد أن كانت 6.19 دولارًا منذ أقل من عام. ومن المتوقع أن تظل أسعار البولي سيليكون قوية حتى نهاية عام 2022.
2- ارتفاع أسعار الزجاج الشمسي
وصلت أسعار الزجاج الشمسي -نوع خاص من الزجاج يُستخدم في المباني والألواح الشمسية- في الصين إلى مستويات قياسية في نهاية العام الماضي، ما دفع المصنّعين إلى الضغط على الحكومة الصينية للتدخل.
وكان صانعو الألواح والمحللون قد توقّعوا -في ديسمبر/كانون الأول 2020- استمرار النقص في الزجاج الشمسي -الذي يعوق بالفعل إنتاج الألواح الشمسية في الصين- خلال النصف الأول من عام 2021.
وقال مدير التسويق العالمي في شركة رايزن إنرجي المُصنّعة للوحدات الشمسية، ليون تشوانغ، إن الأسعار الفورية للزجاج الشمسي تقارب ضعف النطاق الذي يتراوح بين 22 و26 "يوان" (3.35-3.96 دولارًا) للمتر المربع في شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران 2020.
وأوضحت وكالة رويترز -في ذلك الوقت- أن الطلب يفوق القدرة الإنتاجية، مع تفاقم العجز نتيجة الاندفاع في تثبيت الطاقة الشمسية في الربع الأخير من عام 2020.
3- زيادة تكاليف سلسلة التوريد
أوضحت شركة ماكسيون سولار تكنولوجيز لصناعة الألواح أن صناعة الطاقة الشمسية تواجه تحديات تكلفة سلسلة التوريد المنتشرة في المنبع.
وهناك تحذير من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية من عدم شراء الألواح الشمسية من الصين، لأنها تُجبر المسلمين الأويغور على العمل في مصانع الألواح مجانًا أو بأجور زهيدة.
وأي تحويل في الواردات بعيدًا عن الصين يعني تغييرًا كبيرًا في سلسلة الإمدادات وارتفاع التكاليف.
وتُصنّع الألواح الشمسية من الرمال التي تُسخّن وتُنقّى إلى سبائك من البولي سيليكون فائقة التوصيل، والتي تُقطّع إلى شرائح رقيقة للغاية، وتُوصّل بأسلاك في الخلايا، ثم تُجمّع في الألواح التي تُثبّت على الأسطح وتغطّي مجالات شاسعة.
وهذه العمليات تتركّز في الصين وجنوب شرق آسيا، ما يجعل المشترين خارج هذه المناطق عرضة لصدمات سلسلة التوريد.
ويُمكن للمصنّعين في الصين رفع الأسعار وزيادة الهوامش، مع القليل من التراجع من المشترين في الدول الأخرى، لأنهم يتحكمون في سلسلة التوريد.
وفي هذا الصدد، أصدرت جمعية صناعات الطاقة الشمسية أداة قالت إنها ستُزيد من شفافية سلسلة التوريد، وتساعد في ضمان أن مكونات الطاقة الشمسية "مصنوعة بشكل أخلاقي في جميع أنحاء سلسلة القيمة الشمسية".
4- ارتفاع اليوان مقابل الدولار
أدّى تعزيز اليوان الصيني مقابل الدولار الأميركي واليورو والين الياباني والعملات الأخرى إلى زيادة تكلفة المواد التي تُنتج غالبًا في الصين.
وقد أدّى هذا بدوره إلى تقليص الهوامش لمصنّعي معدات الطاقة الشمسية، الذين بدأوا نقل التكاليف المرتفعة إلى عملائهم.
وقالت نائبة رئيس شركة جينكو سولار الصينية المصنّعة للوحدات الشمسية، داني تشيان، في مارس/آذار الماضي، إنه عند الاقتران بالانخفاض المستمر في قيمة الدولار الأميركي -بعد إجراءات التحفيز لتخفيف الصعوبات العامة أثناء جائحة كورونا- يُمكن توقّع زيادة أخرى في أسعار الألواح الكهروضوئية في أي وقت من الأوقات.
وأضافت -في تصريحات نقلتها مجلة بي في ماغازين-: "لا يمكن للطلب المتسارع أن يُوقف ارتفاع الأسعار على الأقل خلال الأشهر الـ6 المقبلة أو أكثر، حتى تُزاد السعة الإنتاجية الكافية".
وأوضحت أن "سوق الصين لها دور حاسم، بوصفها مؤشرًا لأسعار الطاقة الشمسية الكهروضوئية، لأنها تدفع النقص في المواد الخام إلى المقدمة".
وتُعدُّ الصين أكبر مصنّع في العالم للمنتجات الكهروضوئية، مع ما يقرب من 80% من الطاقة الإنتاجية للألواح الشمسية في العالم في عام 2019، وفقًا لرابطة الصناعة الكهروضوئية الصينية.
تضرُّر السوق الأفريقية
مع ارتفاع أسعار الألواح الكهروضوئية اضطرت شركة دايستار باور النيجيرية -التي تركّب الطاقة الشمسية في نيجيريا وغانا والسنغال وتوغو- إلى العودة إلى العملاء الذين لم يوقّعوا على أسعار الشركة لإعادة التفاوض على سعر الكهرباء الشمسية.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة، جاسبر غراف فون هاردنبرغ، إن الزيادة في الأسعار تحدث منذ الصيف الماضي، وأرجع السبب إلى تكاليف المعدات والشحن.
وفي السياق ذاته، اضطرت شركة جي سي سولار الجنوب أفريقية إلى تمديد مدة عقد التأجير الذي تتفاوض عليه مع العملاء، بحسب ما نقلته مجلة بي في ماغازين.
وصرّح الرئيس التنفيذي للشركة، هيري زو راجاوبلينا، بأن "الأمر متروك لنا ولشريكنا.. إما تقليل هامشنا وإما زيادة مدة عقد التأجير المقدَّم من جي سي سولار للعميل".
كما توقّع أن صفقات التأجير المستقبلية ستكون مدتها من 10-12 عامًا، بدلًا من مدة السنوات الـ8 النموذجية التي قدّمتها الشركة حتى الآن.
اقرأ أيضًا..
- تحذيرات من تراجع معدلات توليد الطاقة الشمسية بشمال أفريقيا
- استخلاص النحاس قد يكون كلمة السر في صناعة الطاقة الشمسية (تقرير)
- الطاقة الشمسية.. 15 مليار دولار استثمارات متوقعة في الشرق الأوسط
- الصين تتجه إلى تحفيز الاستثمار في مشروعات الطاقة الكهروضوئية
- أوروبا تحتاج 24 مليار دولار لتطوير صناعة الطاقة الشمسية