مشروعات الطاقة الشمسية العائمة.. ثورة قادمة في إنتاج الكهرباء بأفريقيا
من خلال الاستعانة بتقنيات فائقة
نوار صبح
- تملك أفريقيا أكثر موارد الطاقة الشمسية وفرة في العالم وتعادل ضعف الإمكانات الموجودة في أوروبا
- سد أسوان في مصر يفقد حاليًا ربع مدخلاته المائية السنوية نتيجة التبخر تحت شمس الصحراء
- تعاني أفريقيا نقصًا شديدًا في الكهرباء اللازمة لإمداد الاقتصادات سريعة النمو والمنازل
- تغطية 1% فقط من خزانات القارة ستؤدي إلى مضاعفة قدرتها على توليد الكهرباء إلى 58 غيغاواط
يؤدّي الجفاف إلى حرمان دول القارة الأفريقية من الاستفادة من إمدادات الكهرباء من السدود الكهرومائية، إضافة إلى تبخّر خزانات المياه بفعل أشعة الشمس الحارقة، ولهذا يطرح الباحثون فكرة استغلال تلك الشمس بتقنيات جديدة.
ويرى الباحثون أن بوسع الألواح الشمسية العائمة على سطح الماء توليد مزيد من الكهرباء، لتوصيلها إلى خطوط كهرباء العنفات "التوربينات" الحالية، كما أنها تحد من نقص الخزانات المائية، لأنها تظلّل المياه المعرضة للتبخر.
في هذا الصدد، كتب الكاتب والصحفي البريطاني -المقيم في لندن- فْريد بيرس، مقالًا نشره على موقع شبكة "تشاينا ديالوغ" المستقلة، استعرض فيه أحدث التقنيات للاستفادة من الإمكانات الهائلة للطاقة الشمسية في بلدان عديدة.
ويرى فْريد بيرس أن خطة أفريقيا واهتمامها بتركيب الألواح الشمسية العائمة على الخزانات والمسطحات المائية الأخرى -مثل المسطحات المدية والمناجم المفتوحة السابقة التي غمرتها المياه- تمثّل نقطة تحوّل جديرة بالطرح.
محطات الطاقة الكهرومائية الهجينة
تعاني أفريقيا نقصًا شديدًا في الكهرباء اللازمة لإمداد الاقتصادات سريعة النمو والمنازل خارج الشبكة، علمًا بأن القارّة تملك أكثر موارد الطاقة الشمسية وفرة في العالم، وتعادل ضعف الإمكانات الموجودة في أوروبا.
وفي يناير/كانون الثاني، نشر باحثون في مركز الأبحاث المشتركة التابع للمفوضية الأوروبية في بلدة إسبرا في إيطاليا دراسة عن الإمكانات الهائلة لمحطات الطاقة الكهرومائية الهجينة في أفريقيا، أكثر القارات تعرّضًا لأشعة الشمس.
وتوصّل الباحث الرئيس، روشيوغونزاليس سانشيز، إلى أن تغطية 1% فقط من خزانات القارة ستؤدي إلى مضاعفة قدرتها على توليد الكهرباء إلى 58 غيغاواط، مما يزيد من قدرة التوليد الإجمالية للقارة بنحو الربع.
ويرى روشيوغونزاليس أنه من الممكن تطبيق هذه التقنية على بعض خزانات المياه الكبرى في أفريقيا، ومنها سد أسوان على نهر النيل في مصر، الذي يفقد حاليًا نحو 25% من مدخلاته المائية السنوية نتيجة التبخر تحت شمس الصحراء.
وينطلق ذلك -أيضًا- على سدَّيْ "كاريبا" و"كاهورا باسا" على نهر زامبيزي في جنوب أفريقيا، وعلى سدّ "أكوسومبو" في غانا، حسبما أورد موقع شبكة "تشايناديالوغ" المستقلة.
ويقول سانشيز إن هذا الحل يمثّل بديلاً أقل تكلفة من بناء سدود جديدة، إضافة إلى عدم وجود أي سلبيات بيئية واجتماعية ناتجة عن إغراق المزيد من الأراضي.
وبعد دراسة بيانات سطح المياه لأكبر 146 خزانًا في القارة، قال سانشيز إن الألواح الشمسية العائمة تمثّل فرصة كبيرة لزيادة توليد الكهرباء من المياه المتاحة إلى أقصى حد.
وأشار فريد بيرس إلى أن تظليل سطح الماء وحمايته من الشمس سيقللان من التبخر؛ وقد يوفّر ما يقرب من كيلومتر مكعب من المياه سنويًا في جميع أنحاء القارة، وهو ما يتيح للتوربينات الكهرومائية زيادة إنتاجها بما يصل إلى 170 غيغاواط في الساعة سنويًا.
وأضاف بيرس أن العديد من السدود الكهرومائية، في القارة الأفريقية، تحتوي على خزانات تغمر مساحات كبيرة من الأراضي المسطحة، ما يعرِّضها لفقد المياه من التبخر، ويمكن استغلالها باستخدام المساحات الكبيرة للألواح الشمسية العائمة.
انتشار الألواح الشمسية العائمة
يزداد انتشار الألواح الشمسية العائمة في جميع أنحاء العالم، إذ يتوقع بعض الخبراء أن تصبح قريبًا "الركيزة الثالثة" للطاقة الشمسية، بعد الانتشار على الأسطح والأرض.
ويقول ممثل شركة "أبريكوم" الألمانية الاستشارية للتكنولوجيا النظيفة، فرانك هاوجويتز، إن أكثر من 35 دولة تملك -حاليًا- ما يُقدّر بنحو 350 شبكة عائمة، على الرغم من أن معظمها حتى الآن صغيرة، وبلغت سعتها الإجمالية في أواخر العام الماضي 2.6 غيغاواط فقط.
وقال فريد بيرس إن اليابان أجرت أبحاثًا رائدة في هذا المضمار منذ أكثر من عقد، وبعد ذلك أصبحت الصين في الطليعة، حسبما أورد موقع شبكة "تشاينا ديالوغ" المستقلة.
وأضاف أن سنغافورة تستكشف فكرة تركيب الألواح العائمة في الخارج لتشغيل مراكز البيانات، كما يفكر الفنيون في التركيبات بين توربينات الرياح البحرية، مستفيدين من توصيلات الشبكة.
وفي المقابل، تُعدّ تايوان وتايلاند وفيتنام ضمن الدول الآسيوية الأخرى التي لديها خطط للاستفادة من الألواح الشمسية العائمة.
الألواح الشمسية العائمة
أشار تقرير صادر عن البنك الدولي قبل 3 سنوات إلى أن الألواح الشمسية العائمة تفتح "آفاقًا جديدة لتوسيع نطاق الطاقة الشمسية على مستوى العالم، لا سيما في البلدان التي تعاني قيودًا على الأراضي".
ويقول فرانك هاوجويتز إن البنك يدرس -حاليًا- تمويل محطات الطاقة الكهرومائية الهجينة في باكستان وتركيا وأوكرانيا ومالي وساحل العاج.
وفي كوريا الجنوبية، يقع أكبر مشروع قيد التنفيذ حاليًا على المياه التي تغطي مسطحات المد والجزر السابقة خلف سد في منطقة "سايمانيوم".
وتتمثّل الخطة في إنفاق 4 مليارات دولار على تركيب 2.1 غيغاواط، ليوضع قيد التشغيل بحلول عام 2025.
وفي الهند، تمتلك ولاية "كيرالا" ألواحًا عائمة على خزان "باناسوراساغار"، كما تعتزم ولاية ماهاراشترا تنفيذ مشروع بقدرة 600 ميغاواط في خزان سد "كوينا"، وهو أحد أكبر مشروعات الطاقة الكهرومائية في البلاد.
وتوجد أكبر مجموعة تعمل حاليًا بالألواح الشمسية العائمة في العالم في مناجم الفحم السابقة التي غمرتها الفيضانات في آنهوي شرق الصين، بسعة 150 ميغاواط، وتشهد مناطق أخرى في قارة آسيا اهتمامًا متزايدًا بالفكرة.
الأثر البيئي للألواح الشمسية العائمة
لا توجد دراسات حول الأثر البيئي أو تحليلات تفصيلية أخرى -حاليًا- حول التأثيرات المحتملة للألواح الشمسية العائمة على الحياة البرية أو البيئة الأوسع.
ويرى سانشيز أن مصايد الأسماك قد تتعرّض للضرر نتيجة انخفاض ضوء الشمس في عمود الماء أو تغير درجات حرارة الماء، ويمكن أن تعيق هذه التغييرات أيضًا نمو الطحالب، وقد تكون مفيدة في بعض الأحيان للأنظمة البيئية للمياه العذبة، إذ تشكّل تكاثر الطحالب مشكلة.
وقد تتعرّض بعض الألواح العائمة في أفريقيا لخطر هجوم التماسيح أو أفراس النهر؛ وقد تحدّ البنية التحتية من وصول هذه الحيوانات وغيرها إلى المياه.
اقرأ أيضًا..
- نيجيريا تعتمد على الطاقة المتجددة لسد فجوة الكهرباء
- 200 مليار دولار استثمارات متوقعة بالطاقة المتجددة في أفريقيا
- المحطّات الشمسية العائمة يمكنها توفير 50% من كهرباء العالم
معلومات قيمة ومفيدة