أزمة الكهرباء في أفريقيا.. 3 سيناريوهات تكشف تحديات الوصول للطاقة النظيفة
لتجنب 626 مليون طن من الانبعاثات
دينا قدري
- القارّة السمراء تحتاج إلى ضرورة تسريع الوصول إلى الكهرباء
- السيناريو منخفض الكربون يعتمد على الطاقة المتجددة اللامركزية
- تجنّب أفريقيا ما يصل إلى 626 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون
- فرص بـ 200 مليار دولار للمستثمرين الأوائل في مجال المناخ بحلول 2030
أبرزت دراسة حديثة أجرتها شركة الاستشارات "كاتاليست أوف غريد أدفايزورز"، مع مؤسستي روكفلر وشل، التفاصيل الكاملة لأزمة الكهرباء في أفريقيا، عارضة عدّة سيناريوهات من أجل المساعدة في تسريع الوصول إلى الكهرباء بالقارّة السمراء.
ووجد تقرير "مستقبل الطاقة الخضراء في المناطق الريفية في أفريقيا" أن الطريقة الأسرع وبأسعار معقولة لتحقيق نمو اقتصادي شامل في أفريقيا هي الاستثمار في حلول الطاقة المتجددة اللامركزية، مثل أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية والشبكات الشمسية الصغيرة.
أزمة الكهرباء في أفريقيا
الدراسة هي الأولى من نوعها على عدّة جبهات، وتجمع بين تحليل الاتجاهات التاريخية والتصميم المالي الشامل وتحليل دورة الحياة الكاملة لمصادر الطاقة لإنتاج 3 سيناريوهات ممكنة لتلبية احتياجات الطاقة للأسر الريفية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في أفريقيا، مع مستويات مختلفة من الاعتماد على الطاقة المتجددة اللامركزية وتوسيع الشبكة.
سيناريو "العمل كالمعتاد" يرسم صورة قاسية، وفقًا للتوقعات الحالية، ستظل 31% من الأسر الأفريقية غير مزودة بالكهرباء بحلول عام 2030، مع زيادة استخدام الموّلدات الاحتياطية الملوثة والمكلفة.
يُعدّ ثلثا شبكات الكهرباء في أفريقيا غير موثوق به، ما يحفز استخدام 7 ملايين موّلدات احتياطية اليوم تستهلك 13 مليار دولار قيمة الوقود الأحفوري سنويًا.
ستستمر أكثر من 230 مليون أسرة في الطهي باستخدام الوقود الصلب، وهي ممارسة تُعدّ سببًا رئيسًا لتلوث الهواء المنزلي الذي يودي بحياة 600 ألف أفريقي سنويًا وإزالة الغابات بشكل كبير.
سيناريو منخفض الكربون
تطرقت الدراسة إلى سيناريوهين آخرين لحلّ أزمة الكهرباء في أفريقيا، أحدهما منخفض الكربون والآخر عالي الكربون، حيث يتم الوصول إلى الكهرباء بنسبة 100%، إلى جانب تحسين موثوقية الشبكة وانتقال أكثر وضوحًا إلى طهي أنظف.
يعتمد السيناريو منخفض الكربون على الاستخدام المكثف لتكنولوجيا الطاقة المتجددة اللامركزية، لتحقيق الوصول إلى الكهرباء المنزلية بنسبة 100%، واستبدال 9.2 مليون مجموعة موّلدات احتياطية تعمل بالوقود الأحفوري ببدائل شمسية.
ولاحظت الدراسة أن أزمة الطهي في أفريقيا سيكون من الصعب حلّها، حيث يعتقد الباحثون أنه من الممكن تحويل 39 مليون أسرة على الأقلّ من الطهي بالفحم إلى استخدام مصادر طاقة حديثة أقلّ كثافة في استخدام ثاني أكسيد الكربون، مثل غاز النفط المسال أو الكهرباء.
بموجب هذا السيناريو، تتجنّب القارّة السمراء ما يصل إلى 626 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مقارنةً بالسيناريو عالي الكربون -المكافئ التقريبي للانبعاثات السنوية لـ 160 محطة كهرباء تعمل بالفحم، أو 933 مليون رحلة ذهاب وعودة بين لندن ونيويورك. هذه أيضًا هي الطريقة الأقلّ تكلفة لتحقيق نمو اقتصادي شامل.
استثمارات هائلة
يمثّل السيناريو منخفض الكربون فرصة استثمارية كبيرة تزيد عن 200 مليار دولار بحلول عام 2030 للمستثمرين الأوائل في مجال المناخ الذين لديهم تفويض اجتماعي.
يشمل ذلك من 20 مليار دولار إلى 67 مليار دولار في التمويل لتوسيع نطاق الأعمال التجارية التي توفر الطاقة الشمسية والشبكات الصغيرة المستقلة وتكرارها للاستخدام السكني.
كما يشمل 130 مليار دولار لزيادة انتشار بدائل الطاقة الشمسية بأسعار معقولة لموّلدات الديزل، وضخ 7.5 مليار دولار لتحسين القدرة على تحمّل التكاليف وتوافر خيارات الطهي الحديثة للأسر ذات الدخل المنخفض.
بالنسبة لصانعي المنح والحكومات، يعتمد السيناريو منخفض الكربون أيضًا على توفير 2.4 مليار دولار في دعم الطلب إلى 42 مليون أسرة تفتقر إلى الوسائل الكافية لدفع ثمن الكهرباء.
فرصة غير مستغلة
تُعدّ هذه زيادة كبيرة، مقابل الاستثمار العالمي البالغ 3.5 مليار دولار في قطاع الطاقة المتجددة اللامركزية على مدى السنوات الـ10 الماضية.
وشددت الدراسة على أن هذه فرصة غير مستغلة للمستثمرين الأوائل في مجال المناخ الذين لديهم تفويض مزدوج لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، أو أولئك الذين يرغبون في تحفيز النمو الأخضر في أفريقيا الذي يجعل اتفاقية باريس قابلة للتحقيق.
يُعدّ تحقيق السيناريو منخفض الكربون هو النهج الأكثر فاعلية من حيث التكلفة بالنسبة للحكومات الأفريقية، لتحقيق طموحها المعلن للوصول الشامل إلى الكهرباء بوصفه جزءًا من إستراتيجياتها الوطنية.
الطاقة المتجددة أولوية
حثّت الدراسة الحكومات الأفريقية -جنبًا إلى جنب مع شركائها في تمويل التنمية- على الانخراط مع مستثمري المناخ الدوليين والتركيز على الطاقة المتجددة اللامركزية بصفتها تحتل الأولوية.
يجب تعبئة تمويل المناخ على نطاق واسع لدعم هذا الأمر، حيث توجد فرص استثمارية فورية، وتوفر مجموعة من أدوات التمويل في السوق الفرصة للمؤسسات التي تركز على المناخ والمستثمرين لتهيئة قطاع الطاقة المتجددة اللامركزية.
وفي الوقت نفسه، يمكن للمؤسسات والجهات المانحة دعم الآليات الجديدة المبتكرة لتحقيق الدخل من الأثر البيئي والاجتماعي لمؤسسات الطاقة المتجددة اللامركزية، بوصفها طريقة لتحسين قدرتها على البقاء.
تشمل الحلول الجديدة في السوق مرفق الطاقة العالمي لقطاع الشبكة المصغرة التابع للأمم المتحدة، وأدوات مثل ائتمانات الكربون الرقمية أو شهادات الطاقة المتجددة الموزعة (التي تمكّن الشركات من تقليل الانبعاثات خلال قيادة تأثير أهداف التنمية المستدامة).
جهود شل وروكفلر
تعمل مؤسستا شل وروكفلر على توسيع مجموعة من شركات الطاقة المتجددة القابلة للاستثمار لهذه الصناديق في السنوات الـ9 المقبلة، لزيادة انتشار هذا القطاع.
ستعمل المؤسستان في الأشهر الـ6 المقبلة على توحيد الجهود مع المستثمرين الأوائل في مجال المناخ، بالشراكة مع الحكومات في أفريقيا، لرسم خريطة للفرص الحالية والجديدة لتسهيل التغيير التدريجي في تمويل قطاع الطاقة المتجددة اللامركزية.
يجري ذلك بالتعاون مع شركاء المؤسستين منذ فترة طويلة، مثل الوكالة البريطانية للتنمية الدولية وشركة تمويل التنمية الدولية الأميركية وباور أفريكا والوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
اقرأ أيضًا..
- الملايين يفتقرون للكهرباء.. الطاقة المتجددة في أفريقيا بين التحديات والأهداف الطموحة
- عكس الاتجاه.. أفريقيا تستعين بمحطات الفحم لحل أزمة الكهرباء
- مبادرة دولية لتوصيل الكهرباء للمستشفيات في الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى