سلايدر الرئيسيةمقالات النفطنفط

مقال - شركاء النفط الليبي ورد فعل المؤسسة الوطنية

علي الفارسي*

رونالد ريغان الرئيس الأسبق للولايات المتحدة قال سابقًا: "سيسمح الاكتفاء الذاتي من الطاقة لواشنطن بإعادة النظر في وجودها العسكري في العديد من المناطق، وتقليص حضورها في مناطق الصراعات الملتهبة، وعلى رأسها الشرق الأوسط".

وأفصح وقتها أن بلاده لديها خطة للاكتفاء الذاتي خلال أقلّ من عامين، مشيرًا إلى أن ما يهمّ الولايات المتحدة من النفط الخليجي هو السيطرة على منابع النفط، خصوصًا أن أزمة اليابان الطاقوية أثبتت أنه لا وجود لطاقة بديلة عن النفط والغاز في المدى المنظور.

توتال وماراثون وأهداف الصفقة

حصلت شركة توتال الفرنسية في أواخر عام 2019 على حصة شركة "ماراثون" الأميركية البالغة 16% في امتيازات وحقول الواحة للنفط في ليبيان وتطوير حقول وقطع بحوض سرت والواحات.

شركة توتال التي نعدّها ليست حديثة العهد على ليبيا، والتي تركّز على الاستكشاف والتنقيب عن النفط، تسعى لمبادارات تعليمية أيضًا في ليبيا، حسب إعلانها الأخير.

لكن يبدو أن أميركا لا تفكر مثل فرنسا، وفرنسا لا تفكر مثل أميركا، إذ إن النفط لا يبتعد كثيرًا عن صنّاع القرار والساسة.

فرنسا تخفي الاستياء من تدخّل أميركا بمواقع نفوذها في الجانب الآسيوي العربي، لبنان مثلًا وفي المتوسط وأفريقيا، حيث تشكّل ليبيا بوابة أفريقيا نحو أوروبا وحقول النفط والغاز، وصحراء ليبيا تشكّل بيئة جاذبة تختلف عن نفوذ فرنسا في تشاد وغيرها التي تعدّها قاعدة خلفية لتنفيذ أسلوبها الناعم للاستفادة من موارد الدولة الغنية، أو ذات الموقع الإستراتيجي لاستخدامه ورقة ضغط دولية.

هناك تغيّر كبير بسياسات أميركا وفرنسا الخارجية نحو العالم العربي، وخاصة ليبيا، أميركا تدعم الدور التركي، بينما فرنسا تشعر بالقلق تجاه ذلك الدور.

سعت فرنسا من خلال مؤتمر باريس الأخير لإيجاد توافق "ليبي ليبي" وقاعدة دستورية، لأنها تعرف جيدًا أهمية تحقيق استقرار عاجل يؤثر بشكل مباشر في طموحات فرنسا الاقتصادية، بينما ما زالت الولايات المتحدة تلعب أدوارًا عديدة ومختلفة، وتتغير كل فترة للحفاظ على مصالح حلفائها التي تدعم مصالحها بقطاعات النفط والغاز وإعادة الإعمار.

الوجود الأميركي في ليبيا أكثر توسعًا وأقدم تاريخيًا بقطاعات النفط والغاز بلا شك، مع عمق الوجود لشركة توتال التي بدأت تأخذ دورًا أكبر منذ حصولها على حصة "ماراثون أويل ليبيا المحدودة"، وهذا لا يعني تراجع الدور الأميركي، ولا مخاوف استثمارية للولايات المتحدة أيضًا.

موقف المؤسسة الوطنية للنفط

على الرغم من دخول جماعة سياسية تنتمي لحزب الإخوان الإرهابي على الخط، ومطالبتهم بإيقاف تنفيذ الصفقة، مدّعين أنها تخالف قانون النفط الليبي، يبدو أن ما يُعرف بمجلس أعلى للدولة تأثّر بمواقف سياسية لفرنسا جعلته يتخذ موقف المهاجم دون دراية اقتصادية.

أمّا عن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المهندس مصطفي صنع الله، حارس النفط الليبي، وممثل التكنوقراط، والرجل الذي لعب دورا مهمًا في استمرار تدفّق النفط والحفاظ علي وحدته، ولم تؤثّر فيه توجهات السياسة، رحّب بدور توتال الجديد بعد مفاوضات كبيرة، وقال، إن الشركة ستستثمر 650 مليون دولار لتطوير امتيازات الواحة وزيادة الإنتاج خلال مشروعين، هما حقل شمال غالو والقطعة "م ن 98".

ماراثون الأميركية

ماراثون الأميركية كانت تسعى للخروج من ليبيا، لمخاوف استثمارية وأمور تتعلق بالاستقرار، إضافة لعدم التزامهم بتطوير المربعات النفطية.

منذ عام 2013، وماراثون تحاول الخروج من ليبيا ومناطق أخرى حول العالم، إذ كلّفت خسائر الإغلاقات عام 2016، نتيجة عدم الاستقرار، الشركة الأميركية أكثر من ملياري دولار.

ماراثون أويل حققت مكاسب كبيرة من ليبيا، ولم ترغب في الاستمرار، لأن الوضع هناك كان شائكًا، ولو عاد بهم الزمن لن يتخارجوا بالتأكيد.

توتال أو فرنسا تعرّفت على حوض سرت، واقتربت من ليبيا أكثر عام 2011، واغتنمت الفرصة، لكن هل ستقوم توتال بالعمليات التشغيلية والتنموية والتطويرية والالتزام بدورها في تأهيل مرافق الواحة للنفط ودعم مساعي الشركة للحفاظ على البيئة؟ هذا السؤال الأهمّ والأكثر تداولًا.

مستقبل شركاء نفط ليبيا

الزمن القادم ليس أميركيًا، لكنه أوروبي بضوء أخضر أميركي، يُبقي إيطاليا في الغرب وخط الغاز قرين ستريم، وفرنسا وأميركا بحوض سرت، وإسبانيا وألمانيا في مناطق الواحات، لاعبين لأدوار مهمة جدًا، إلى جانب مساعي بريطانيا عن طريق شركتي سنكور وإيكوينور.

وتفعيل اتفاقية الشراكة لاستكشاف النفط والتنقيب عنه وتقاسم الإنتاج بحوض غداموس وسرت، دليل على وجود جميع القوى الإقليمية الغربية والعربية أيضًا في دور استثماري طفيف وإدارة القطاع النفطي، لكن السلطات الليبية تحتاج تغيير سياستها الخارجية لدعم الاستقرار الذي يبدأ من الاقتصاد قبل أيّ شيء آخر.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق