رئيس سوناطراك: شراكات جديدة لزيادة الإنتاج.. ووقف استيراد البنزين هذا العام
الشركة نجحت في العودة إلى مستويات أسعار ما قبل جائحة كورونا
دينا قدري
- تأمين إمدادات المحروقات كان عاملًا حاسمًا بالنسبة لإستراتيجة الشركة
- إنتاج الهيدروكربونات وصل إلى أكثر من 176 مليون طن من المكافئ النفطي
- الشركة لديها 5 مصافي للنفط الخام بقدرة معالجة تبلغ 25.5 مليون طن سنويًا
- تعاون مشترك مع توتال لبناء وحدة استخلاص الهيدروجين من البروبان
- سوناطراك تركز على البعد المجتمعي، مع الاهتمام بالمخاوف البيئية الرئيسة
تحدث الرئيس التنفيذي لشركة النفط والغاز الوطنية الجزائرية سوناطراك، توفيق حكار، عن تداعيات جائحة فيروس كورونا وأزمة انهيار أسعار النفط في أبريل/نيسان الماضي، على الشركة، بالإضافة إلى تطورها وإنجازاتها خلال 2020، والتحديات التي تواجهها.
وأكد في مقابلة مع صحيفة ليبرتي الجزائرية الناطقة بالفرنسية، أن الشركة اضطرت إلى خفض ميزانياتها الاستثمارية والتشغيلية في عام 2020 إلى أكثر من 6 مليارات دولار أميركي مقارنةً بعام 2019، وبصفة أساسية مصاريف النقد الأجنبي التي تم تخفيضها من 9 مليارات دولار عام 2019 إلى أقل من 5 مليارات دولار في 2020
تأمين المحروقات في الجزائر
أوضح توفيق حكار، أن تأمين المحروقات في الجزائر كان عاملًا حاسمًا بالنسبة لسوناطراك من حيث التطور والمكانة، من خلال تبني خيار التحديث والتكيف؛ لتكون جزءًا من الأكثر كفاءة في الصناعة؛ مّا يفسر مكانتها كشركة رائدة في أفريقيا، وثالث أكبر مورّد للغاز في أوروبا، وتاسع أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم.
كما تضمن سوناطراك إمداد السوق الوطنية بالغاز الطبيعي والمنتجات النفطية، ما يسهم في أمن الطاقة الوطني، وإمداد الدولة بالكهرباء بشكل شبه كامل.
وقامت سوناطراك -التي عُهد إليها في عام 1971 بإدارة أصول قطاع الهيدروكربونات في الجزائر المملوكة لشركات أجنبية- على مدى عقود، ببناء صناعة صلبة تغطي أنشطة المنبع والمصب للنفط والغاز -حسب حكار-.
بالإضافة إلى ذلك، رسخت الشركة وجودها دوليًا، مع ترقية تدريجية لأحدث معايير التشغيل الدولية، ما مكنّها من الوجود في العديد من الدول، وفي جميع قطاعات سلسلة المحروقات.
إنجازات سوناطراك في 2020
من حيث إنجازات الشركة العام الماضي، أكد حكار أنه يمكن تلخيصها في وصول الإنتاج الأولي للهيدروكربونات إلى أكثر من 176 مليون طن من المكافئ النفطي، وهو مستوى منخفض بالنسبة للسنة المالية 2019، لكن يمكن تفسيره بتطبيق اتفاقية خفض الإنتاج الموقعة بين منظّمة الدول المصدّرة للنفط "أوبك" وشركائها.
وأوضح أن سوناطراك اشتركت -بشكل كامل- في إجراءات خفض إنتاج تحالف أوبك+ "تلك الإجراءات التي ساعدت بشكل كبير على انتعاش الأسعار منذ يونيو/حزيران الماضي مع ارتفاع سعر خام برنت فوق 40 دولارًا أميركيًا للبرميل؛ بفضل الانضباط الذي أظهره أعضاء أوبك وشركاؤهم في احترام حصصهم.
استمرار هذه الجهود سمح للشركة بالوصول إلى مستويات الأسعار التي سبقت الأزمة الصحية، ففي السوق الوطنية، قامت سوناطراك بتسليم 60 مليون طن من المكافئ النفطي، وهو مستوى مماثل لعام 2019، وبلغت صادرات الهيدروكربونات 81 مليون طن من المكافئ النفطي، ما يعادل حجم مبيعات يبلغ 20.2 مليون دولار.
وشدد حكار على أن الشركة تمكنت -ولأول مرة خلال العقد الماضي- من طرح كميات من الديزل والبنزين في الأسواق العالمية، على الرغم من صعوبة وضع السوق، وبلغ مستوى الاستثمار 5.6 مليار دولار، 90% منه في قطاع الاستكشاف والإنتاج.
بالإضافة إلى ذلك، شهد عام 2020 تحسنًا ملحوظًا في نتائج الاستكشاف من حيث حجم الهيدروكربونات الموجودة وتكلفة الاكتشاف.
ويمثل حجم الاكتشافات الـ 18 الجديدة التي تم إجراؤها في عام 2020 مرتين ونصف حجم عام 2019، مع مستوى استثمار أقل بكثير (-50%).
مشروعات التطوير
أوضح حكار، أن سوناطراك قامت بتشغيل حقل غاز تينهيرت، وتعزيز الغاز في حاسي الرمل والحمراء وخط أنابيب الغاز الجنوبي الغربي جي آر 7.
كما أطلقت تطوير حقلي النفط توات بغرب البلاد والمرحلة الثانية من بئر السبع، والعمل على تحسين موثوقية مجمع تسييل الغاز جي إل 1 زد في أرزيو، وكذلك مصفاة حاسي مسعود الجديدة بقدرة معالجة 5 ملايين طن سنويًا ستسمح على المدى المتوسط بتأمين إمدادات السوق الوطنية بالوقود.
الإستراتيجية الدولية لشركة النفط الجزائرية
من أجل زيادة إيراداتها واحتياطياتها من الهيدروكربونات، قامت الشركة في وقت مبكر جدًا بدمج البعد الدولي في إستراتيجيتها للتنمية، من خلال نشر النقل في أماكن المنبع، والنفط والغاز في المصب.
تحتفظ سوناطراك -حاليًا- بالعديد من المشروعات والمشاركات الدولية، بعضها لا يزال في مرحلة الاستكشاف (في ليبيا وتونس والنيجر ومالي وغيرها)، والبعض الآخر قيد التطوير، وغيرها قيد التشغيل، لزيادة الإيرادات بالعملات الأجنبية في الجزائر.
تعتزم سوناطراك زيادة تعزيز جهودها الدولية؛ لذلك اختارت البحث عن فرص آمنة يمكن أن تدر دخلاً قصير الأجل، خاصةً من خلال الاستحواذ على حصص في مشروعات المنبع قيد التطوير.
تحديات تطوير التكرير والبتروكيماويات
أكد حكار، أن الشركة لديها 5 مصافٍ للنفط الخام بقدرة معالجة تبلغ 25.5 مليون طن سنويًا، ومصفاة مكثفات بقدرة 5 ملايين طن سنويًا.
تسمح هذه الأصول للشركة بضمان إمدادات السوق الوطنية بالمنتجات النفطية والترويج لمنتجاتها للتصدير بشكل أفضل.
وشدد على أن التحدي الرئيسي اليوم يتمثل في "تلبية احتياجات السوق الوطنية بالوقود بشكل كامل، بعد استيراد الديزل والبنزين خلال السنوات الأخيرة لسد الفجوة بين العرض والطلب، فقد شهد سوق الوقود تطورًا قويًا للغاية، ما جعل الطلب عند مستويات أعلى من طاقتنا الإنتاجية".
وأضاف أن الشركة لديها هدف وقف استيراد البنزين خلال عام 2021، بفضل استكمال برنامج إعادة تأهيل مصافي التكرير لدينا واستقبال وحدات إنتاج جديدة للبنزين، ولا سيما مصفاة الجزائر.
بالنسبة للديزل الذي يبلغ الطلب عليه 10.5 مليون طن سنويًا، فإن مشروع مصفاة حاسي مسعود الجديدة -الذي تم إطلاقه في عام 2020- وكذلك مشروع تحويل زيت الوقود في سكيكدة -المقرر إطلاقه العام المقبل- سيسمحان على المدى المتوسط بزيادة طاقات الشركة الإنتاجية وتلبية الطلب الوطني بالكامل.
وقال حكار: إن "التحدي الآخر يتعلق بتطوير البتروكيماويات. لذلك، تتضمن خطتنا متوسطة المدى برنامجًا طموحًا في هذا القطاع، يركز على المشروعات الكبيرة ذات القيمة المضافة العالية".
وبالتالي، تُعد الشركة الآن في مرحلة إطلاق مشروعين: وحدة إنتاج 100 ألف طن سنويًا من الألكيل البنزين الخطي في سكيكدة -وهو منتج يستخدم في صناعة المنظفات- بالإضافة إلى وحدة إنتاج 200 ألف طن سنويًا من الميثيل الثالثي بوتيل الإيثر في أرزيو -وهو منتج مستورد حاليًا، ويستخدم في إنتاج البنزين.
مشروعات مع شركات أخرى
كجزء من الشراكة، كشف حكار عن تعاون سوناطراك مع شركة توتال الفرنسية، لبناء وحدة لنزع الهيدروجين من البروبان وإنتاج 550 ألف طن سنويًا من البولي بروبلين في أرزيو.
كما سيتم تنفيذ مشروع مماثل بالشراكة مع شركة رونيسانس التركية، بقدرة إنتاجية تصل إلى 450 ألف طن سنويًا من البولي بروبلين في تركيا.
وقال: "نناقش وندرس مع شركائنا مشروعات بتروكيماوية أخرى تتعلق بإنتاج البلاستيك والميثانول والفوسفات.. سيكون لهذه المشروعات تأثير كبير على الاقتصاد الوطني".
وتابع: "سوف تسمح لنا بتطوير أفضل للهيدروكربونات، وتلبية احتياجات السوق الوطنية من المنتجات البتروكيماوية المستوردة حاليًا، وجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، من خلال المستثمرين والشركاء في إطار المشروعات المشتركة، وخلق وظائف مباشرة وغير مباشرة لتطوير استثمارات المصب، وتشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة، لا سيما في معالجة المواد البلاستيكية".
إعادة الانتشار في سوق الغاز
تجدر الإشارة إلى السياق الذي تطورت فيه سوناطراك، على غرار الشركات الأخرى المنتجة للغاز، في السنوات الأخيرة.
في الواقع، أحدثت ثورة الغاز الصخري اضطرابًا كبيرًا في مشهد الغاز العالمي من خلال الزيادة في الإنتاج الأميركي التي تسببت في انخفاض أسعار الغاز في الأسواق الإقليمية.
بالإضافة إلى ذلك، التباطؤ في نمو الطلب في آسيا -السوق المستهدفة للغاز الطبيعي المسال الأميركي- جنبًا إلى جنب مع انخفاض أسعار النفط، أسهم في زيادة هذا الانخفاض في أسعار الغاز، سواء في الأسواق الفورية أو في العقود طويلة الأجل، خاصةً في السوق الأوروبية.
هذه السوق أصبحت أكثر جاذبية في نظر المنتجين الأميركيين الذين استفادوا من السياسة الأوروبية التي تركز على تنويع إمدادات الغاز.
سوناطراك، المورد التقليدي للسوق الأوروبية، هي جزء من إستراتيجية طويلة الأجل تهدف إلى تعزيز حصصها في أسواقها التقليدية، وتعظيم إيراداتها مع تلبية الطلب الوطني المتزايد باستمرار.
في هذا الإطار، تعتمد الشركة الوطنية على مرونة عرض الغاز الخاص بها، بفضل تنوع طرق تصديرها (خطوط أنابيب الغاز ومحطات التسييل وأسطول السفن وغيرها)، فضلاً عن المزايا النسبية ذات الصلة، بصفة خاصة قربها من السوق الأوروبية وخبرتها المثبتة في الإدارة التشغيلية لمجموعة عملائها وسمعتها كمورد موثوق به.
ومن أجل مراعاة التغيرات في أسواق الغاز، تقوم الشركة بانتظام بتكييف إستراتيجيتها التسويقية وفقًا لظروف السوق والاحتياجات المحددة لعملائها، لا سيما من خلال صيغ مبيعات جديدة متوسطة الأجل ومرونة العرض.
وقال حكار: "على الرغم من أن عام 2020 كان صعبًا بشكل خاص بسبب انتشار وباء فيروس كورونا، عززت سوناطراك حصصها في أسواقها التقليدية، خاصةً إسبانيا وبريطانيا وإيطاليا".
البعد المجتمعي والمخاوف البيئية
حول تمكنّها من التكيف مع متطلبات كونها شركة تدمج الأبعاد البيئية والاجتماعية في طريقة عملها، أوضح حكار أن سوناطراك تركز على البعد المجتمعي، مع الاهتمام بالمخاوف البيئية الرئيسة ومراعاتها، لا سيما تنفيذ برنامج واسع لاستعادة الغازات المحروقة، وبالتالي تجنب تلويث الغلاف الجوي والسماح بتحقيق وفورات ثمينة في الطاقة.
كما أنها شركة مواطنة أسهمت في مختلف مراحل تطور البلاد، بصفة خاصة من خلال إنشاء محطات توليد الكهرباء ومحطات تحلية مياه البحر. كما قامت ببناء الطرق في الصحراء، ومدينة بومرداس، والقاعدة اللوجستية المركزية في بني مراد، ومستشفى الحروق في عين النعجة، ومركز وهران للمؤتمرات.
اقرأ أيضًا..
- سوناطراك: 6 مليارات دولار خفضًا في الموازنة الاستثمارية والتشغيلية
- سوناطراك الجزائرية تستثمر 40 مليار دولار لتطوير حقول النفط
- 2.5 مليار دولار إيرادات "إس بي سي" التابعة لسوناطراك الجزائرية
- لأوّل مرّة منذ 10 سنوات.. الجزائر تصدر كميات من البنزين والمازوت