المقالاترئيسيةمقالات النفطنفط

مقال - النفط الليبي ليس مجرّد ثروة

ضامن للاستقرار والتنمية

علي الفارسي*

هناك العديد من التحدّيات التي تواجه صناعة النفط الليبي تتجاوز الحدود الوطنية، ومن ثمّ لا يمكن معالجتها إلّا من خلال التعاون متعدّد الأطراف، والنظر إلى المحيط الإقليمي الراغب في الاستثمار لدى ليبيا، خاصة إعادة الإعمار للنفط والغاز.

وهنا نحن أمام قوى غربية تحاول ممارسة سلطتها على المنطقة، متمثلة في أوروبا وقوى أخرى تحاول ممارسة الدور نفسه، ويجذبها الزيت الخام وأحواض الغاز، إلى جانب استغلالها الخلافات الليبية-الليبية على الأرض.

المؤسسة الوطنية للنفط

المؤسسة الوطنية للنفط التي تقوم بدور وزارة البترول، بقيادة المهندس مصطفى صنع الله، منذ السنوات الأولى، مارست دورها ودور المؤسسات الغائبة عن المشهد، وذهبت إلى أبعد من ذلك بكثير، وتجاوزت النظر إلى المجتمع الليبي كونه مجتمعًا قبليًا لا يجوز فيه إلّا المحاصصة فقط، وتنوّعت الإدارات بمختلف مناطق العمليات ولم تعتمد التكوين الطائفي أو العرقي أساسًا للعمل، واختلفت عن نظرة حتى البعثة الأممية للدعم، ولم تسقط في ذلك النفق المظلم.

التوجّه نحو فتح فرص الاستثمار، ومناقشة الحياد، واستقلال عمليات المؤسسة الوطنية للنفط، وفتحها باب الاستثمار والتعاون للاستفادة من خبرات شركات الطاقة في المملكة المتحدة، عند لقاء رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مع سفير بريطانيا لدى ليبيا، إلى جانب لقاء آخر مع توتال الفرنسية لبحث سبل التعاون وتوفير قطع الغيار.

ولم نغفل لقاءات مع وزراء عرب من تونس والجزائر ومصر لتأكيد رغبة ليبيا والإدارة العليا للقطاع في الاستثمار والتعاون مع العمق العربي والجغرافي بغرب وشرق المتوسط أيضًا، ما ينعكس على توجّهات ذلك المحيط الجيوسياسية، ويتحوّل به إلى المسار الداعم لتحقيق مكاسب اقتصادية، والدفع بالمحيط العربي إلى تمكين الاستقرار، لأنهم قادرون على ذلك، ويمتلكون الأدوات للعمل.

وبالتأكيد يعزز القطاع النفطي الليبي رؤية المؤسسة من أجل تحقيق أعلى معدلات الإنتاج والتغلب على العراقيل الفنية بسبب تدنّي الميزانيات، ويؤكد فرضية أن القطاع النفطي مصدر الدخل الوحيد والمسار الاقتصادي والإصلاحي، والخروج من الأزمة يعتمد بشكل أساس على دعمها والاستثمار فيه.

لماذا التوجّه للطاقة البديلة؟

بلا شك، هنا نوع آخر من أنواع الجذب، وللدول الإقليمية تطوّر ملحوظ في الطاقة البديلة التي تتماشي مع سياسية المؤسسة الوطنية للنفط وشركاتها ومساعيها البيئية للحدّ من الانبعاثات والتلوّث، وفقًا لمعايير بيئية وتحقيق مكاسب اقتصادية متمثلة في التوقّف عن حرق الغاز، وهذا بدءًا ببعض المواقع للاستفادة من الغاز المصاحب لتوليد الكهرباء وغيرها من الأعمال.

الطاقة الشمسية أيضًا كانت على طاولة القطاع النفطي، كونه طاقة متجددة ونظيفة، ومشروع حقل الشرارة للطاقة الشمسية دليل على رغبة المؤسسة الوطنية للنفط التي تعمل رغم التحديات المالية على زيادة محطات الطاقة الكهربائية والمصانع شرقًا وغربًا وجنوبًا، إدراكًا منها بضرورة استغلال الطاقة الشمسية لدعم المناطق البعيدة عن وجود شبكات الغاز، مما يعزز من تلبية احتياجات شبكات الكهرباء من الغاز.

مؤخّرًا، بدأت محطة السرير التي تقع على بعد 250كم من الواحات بالعمل بغاز منتج من حقل "الفارغ" أحد المشروعات المشتركة بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة الواحة للنفط.

منذ سنوات، والقطاع النفطي الليبي يبدي اهتمامًا بمشروعات الطاقة، لتحقيق عدّة أمور:

  • أولًا: سدّ العجز من الوقود لدى محطات الطاقة الكهربائية، ومن ثمّ تخفيض اعتمادها على الوقود الذي يكلف المليارات ويتعرض للتهريب.
  • ثانيًا: توفير مصدر طاقة نظيفة وأقلّ تكلفة ومستمرّ، سواء من الغاز أو الطاقة الشمسية.
  • ثالثًا: استغلال الموارد الاستغلال الأمثل وعدم إهمالها، والسعي لتطوير حقول الغاز لو توافرت الميزانيات الكافية أمر في اعتقادي يسعى إليه القطاع بكل قوة وحماسة.
  • رابعًا: فتح باب الاستثمار وتحقيق استقرار بالمواقع جميعها وجلب التقنيات الحديثة للبلاد.
  • خامسًا: منح ليبيا فرصة للتطوير الصناعي وخلق التنمية والإعمار بعد سنوات الإهمال.

كل ذلك يؤدّي إلى خفض استهلاك الهيدروكربونات ويحافظ على البيئة، وهذا ما يؤكده المهندس صنع الله، الذي يُشدّد على عمق العلاقات مع الشركاء الكبار والرغبة في المضي قدمًا لتطوير القطاع النفطي.

حقًا، قطاع نفطي ينتج ويوجّه ويصنع وحدة الوطن، والبعد الاقتصادي والاستقرار ينعكسان على الأمن القومي للبلاد ورفاهية المجتمع، فأيّ إعمار أو تقدّم يحتاج إلى تكنولوجيا حديثة، وكلما توغّلنا في التطوير والرغبة في تحقيق تنمية نحتاج لمصادر طاقة أكبر، حتى ولو حققنا الاكتفاء، لماذا لا نسخّر الثروة لبلوغ مكانة عربية وأفريقية؟

هل هناك مصادر أخرى للطاقة؟

إعلان المؤسسة الوطنية للنفط عن دراسة كيفية تطبيق أحدث التقنيات الحديثة مع شركة "بيوناس" الماليزية لدراسة دور عملية الوقود الحيوي لدعم الاقتصاد، وخلق برامج تنمية لاستخراج الوقود الحيوي من أوراق شجرة الجتروفا، يساعد في مكافحة التصحر وتوفير مصادر الطاقة المتجددة، إلى جانب العمل على استغلال المياه المصاحبة للنفط وحقنها بأعماق بعيدة واستخدامها أسمدة.

هذه البرامج ذات أبعاد متعددة على الاقتصاد الوطني، وتمكّن الأمم المتحدة من تحقيق برامجها للتنمية المستدامة بمنطقة الحزام الأفريقي الأخضر العظيم الممتد من البحر الأحمر شرقًا إلى المحيط الأطلسي غربًا، هذه المنطقة لها أهمية جيوسياسية، كونها معابر للهجرة غير الشرعية إلى العمق الأوروبي، وممرًّا للحركات المتشدّدة بسبب الفقر والإهمال.

وهنا الفرص سانحة لخلق بيئة عمل، إذ ستكون ليبيا بحاجة إلى العمالة من المحيط الأفريقي والعربي أيضًا للدفع بهذه المشروعات.

والكثير يتساءل ماهي "الجتروفا" دائمة الخضرة؟.. توجد في الصحراء، ويمكن زراعتها من الجغبوب حتى غدامس والواحات، نحن نتحدث عن خلق حياة بمناطق نائية ومعدومة أيضًا، تحتاج إلى مزيد من الخطط والعمل لتحقيق النماء والازدهار.

وأكد رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مرات عديدة أن الثروة الناضبة بحاجة لاستثمار وحسن استخدام للمداخيل، وكل ذلك يرتبط مع بعضه بشكل دائم، فنحن نملك النفط والغاز، ولكن علينا أن نمتلك الإرادة لاستخدام الثروة لخلق ثورة عمرانية.

*كاتب ليبي متخصص في قطاع الطاقة

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق