أسعار الليثيوم تهدد بكبح ثورة السيارات الكهربائية
يصفه نشطاء البيئة بالمعدن الذي يمكنه إنقاذ مناخ الأرض
في الوقت الذي تشهد فيه مبيعات السيارات الكهربائية زيادة كبيرة، مع اتجاه العديد من الشركات إلى التحول نحو الطاقة النظيفة، يصطدم ذلك بعدد من التحديات أبرزها أسعار الليثيوم، الذي يعد عنصرًا أساسيًا لبطاريات تخزين الكهرباء.
ويضع العديد من الخبراء والصناع آمالًا عريضة على بطاريات تخزين الكهرباء، لاسيما المصنوعة من الليثيوم؛ من أجل الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة؛ للتخفيف من الآثار السلبية للتغّير المناخي.
ونظرًا لكبر نسبة التلوث والانبعاثات الناتجة عن قطاع النقل، كانت السيارات الكهربائية عنصرًا رئيسًا للتحول المنشود للاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
وزادت مبيعات السيارات الكهربائية بشكل قياسي خلال السنوات القليلة الماضية حول العالم، وتجاوزت مبيعاتها السيارات التقليدية في دول مثل: النرويج وهولندا، العام الماضي.
تحديات صناعة السيارات الكهربائية
اصطدمت الآمال الموضوعة على السيارات الكهربائية -خاصة تلك التي تعتمد على الليثيوم أيون- بالعديد من التحديات والحواجز لتحقيق الرؤية لمستقبل الطاقة النظيفة، بعضها في طريقها للحل، وأخرى لا تزال قائمة.
فعلى سبيل المثال: كانت -ولا تزال- مشكلة تكلفة البطاريات العالية، والمحاولات المستمرة لإطالة عمرها بإدخال مزيد من التحسينات، وعدم صناعة البطاريات بالسرعة الكافية، بجانب مشكلة إعادة تدويرها.
لكن أحدث حلقة في مسلسل التحديات، تلك التحذيرات التي أطلقتها شركة التعدين الأميركية، ألبيمارل، الرائدة في صناعة الليثيوم، موضحة أن الأسعار المنخفضة قد تبطئ ثورة السيارات الكهربائية.
أسعار الليثيوم والإمدادات
حذر الرئيس التنفيذي في شركة ألبيمارل، إريك نوريس، خلال مشاركته بمؤتمر "رويترز نكست" من أن الإمدادات العالمية من الليثيوم المستخدمة في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية ستقل عن التوقعات المتعلقة بالطلب لأكثر من 3 أضعاف بحلول عام 2025، إذا لم تنتعش الأسعار لتمويل توسعات الصناعة.
وعُقد مؤتمر رويترز نكست في الفترة من 11 إلى 14 يناير/كانون الثاني الجاري، بمشاركة زعماء ومفكرين من حول العالم؛للتفكير وإعادة تصور لحلول للتحديات التي يجلبها العام الجديد.
وكشف التحذير الصادر عن ألبيمارل -التي تتخذ من شارلوت بولاية نورث كارولينا مقرًا لها - عن التوتر الناشئ في صناعة السيارات الكهربائية بين الشركات التي تزود الليثيوم الضروري لتطوير بطاريات السيارات الكهربائية، وشركات صناعة السيارات الكهربائية التي تبحث عن الخصومات.
وفي العام الماضي، انخفضت أسعار الليثيوم، بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، ما أجبر ألبيمارل ونظيراتها على وقف توسعاتها بشكل مؤقت، وهي خطوة لن يتم التراجع عنها إلا في حال عرض أسعار مناسبة لها.
وقال نوريس: "نحن على استعداد للتوسع، لكن يجب أن يكون ذلك وفق شروط منطقية".
وفي نهاية العام الماضي، كان العرض والطلب على الليثيوم على المستوي العالمي متساويين تمامًا، لكن من المتوقع أن يتجاوز الطلب العرض بحلول 2025 بحوالي 228 ألف طن.
وأوضح نوريس أن الأسعار بدأت في الارتفاع، خاصة في الصين، أكثر سوق للسيارات الكهربائية في العالم، ولكن يجب أن يرتفع بنسبة 10% على الأقل من أجل أن تكون التوسعات مجدية.
ويبدو أن وول ستريت تتوقع ارتفاع أسعار الليثيوم، حيث زاد سعر سهم ألبيمارل بأكثر من الضعف في العام الماضي.
وقال نوريس: إذا لم نعمل معا كسلسلة إمداد –بدءًا من قاعدة إمداد الليثيوم وصولًا إلى منتج السيارات الكهربائية – فهناك خطر يتمثل في إبطاء خطط التوسع.
إدارة بايدن
يعوّل الرئيس التنفيذي في شركة ألبيمارل، على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ويأمل أن تنمو سلسلة التوريد الأميركية للسيارات الكهربائية تحت قيادته، والتي سوف تبدأ الأسبوع المقبل في 20 يناير/كانون الثاني.
وكان بايدن قد اقترح خطة مناخية بقيمة تريليوني دولار تهدف جزئيًا إلى بناء شبكة وطنية من محطات شحن المركبات الكهربائية.
وللمساعدة في تعزيز إنتاج الليثيوم في الولايات المتحدة، تدرس ألبيمارل محاولات لإنتاج المعدن من الطين في مناطق بالقرب من عملياتها الحالية في ولاية نيفادا، وهي خطة تسير على الدرب نفسه لخطة الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا، إيلون ماسك.
وقال نوريس: "نتفق مع تأكيد تيسلا وإيلون ماسك أن هناك الكثير من الليثيوم في الطين، ولكن ليس لدينا قياس محدد لذلك، ولكن بالنظر إلى الطلب على الليثيوم، فنحن مدينون للصناعة بمحاولة".
وعود مناخية
يصف نشطاء البيئة الليثيوم بـ "المعدن الذي يمكنه إنقاذ مناخ الأرض"؛ لأن الاعتماد عليه سوف يخفض من الاستهلاك العالمي على الوقود الأحفوري.
ورغم ذلك، يرتبط تعدين الليثيوم بالعديد من المشكلات البيئية، ففي المنطقة التي تسمّى مثلّث الليثيوم -تقاطع تشيلي وبوليفيا وشمال غرب الأرجنتين- تُضَخّ كمّيات هائلة من المياه من مصادر تحت الأرض للمساعدة في استخراج الليثيوم، وارتبط هذا الأمر بانخفاض مستويات المياه الجوفية وانتشار التصحّر.
ويُعتقد أن منطقة مثلّث الليثيوم تحتوي على أكثر من 75% من احتياطيات الليثيوم القائمة المعروفة.
وصعّدت شركات صناعة السيارات -بما في ذلك فولكس فاغن ودايملر-، من التدقيق البيئي لموقع سالار دي أتاكاما في شمال البلاد. وهو واحد من أغنى حقول الليثيوم في العالم، وتستثمر فيه شركة "إس كيو إم" التشيلية، ألبيمارل، وهو -أيضًا- موطن أكبر عمليات الليثيوم لشركة ألبيمارل.
وبينما ظلت الأسئلة قائمة لسنوات حول كيفية تأثير إنتاج الليثيوم على النظام البيئي الهش للمنطقة المذكورة، قال نوريس إنه يرحب بالتدقيق البيئي، ويرى أن عمليات ألبيمارل تساعد في تقليل انبعاثات الاحتباس الحراري العالمية.
وقال نوريس -الذي يقود سيارة طراز تيسلا إس- إن الليثيوم "يمكّن عملاءنا من الوفاء بوعودهم المتعلقة بالمناخ".
اقرأ أيضا: