سيناريوهات جديدة تدعم انتعاش الصخري الأميركي في 2021
انخفاض الأسعار وتراجع الطلب يجبران المنتجين على السعي للحدّ من خسائرهم
ترجمة وتحرير: كريم الدسوقي
"هديّة عيد ميلاد متأخّرة".. هكذا وصفت الصحفية المتخصّصة بمجال الطاقة "جينيفر هيلر"، أثر قرار دول منظّمة الدول المصدّرة للنفط وحلفائها "أوبك+" بخفض إنتاج الخام، حتّى مارس/آذار المقبل، على شركات النفط الصخري الأميركية.
وأوضحت "هيلر" أن خطوة خفض الإنتاج غير المتوقّعة، قد تحفّز ارتفاع الأسعار، إلّا أنها ليست أكثر من عامل متواضع يسهم في توفير المخزون النفطي، وفقًا لما أوردته وكالة رويترز.
وتراجع إنتاج الخام الأميركي بمقدار مليوني برميل يوميًا، العام الماضي، حيث أجبر انخفاض الأسعار وتراجع الطلب، منتجي الخام الصخري على السعي للحدّ من خسائرهم.
وكان المستثمرون يمارسون ضغوطًا بالفعل على الأطراف المعنيّة بصناعة النفط، لتخفيض الإنفاق ورفع العوائد قبل انتشار وباء كورونا.
ورغم سرعة خفض إنتاج النفط الصخري، إلّا أنه من المحتمل أن يرتفع بسرعة مرّة أخرى، إذا استمرّت الأسعار في الارتفاع.
وأعلنت السعودية -أكبر مصدّر للنفط في العالم- يوم الثلاثاء الماضي، خفضًا طوعيًا لإنتاجها بمقدار مليون برميل يوميًا، في فبراير/شباط ومارس/آذار، بعد أن ضغطت روسيا لزيادة الإنتاج، المدفوع بقلقها من استغلال النفط الصخري الأميركي لتخفيضات إنتاج "أوبك+".
وهنا تشير "هيلر" إلى أن روسيا وقازاخستان سترفعان إنتاجهما لمنع استحواذ الولايات المتحدة على حصّتهما في السوق، فيما كان مقرّرًا أن تزيد "أوبك+" 500 ألف برميل يوميًا لإنتاجها، على مدار الشهرين المقبلين.
وسبق أن أعرب المسؤولون السعوديون عن قلقهم من أن زيادات الإنتاج الجديدة ستفوق الطلب خلال عمليات الإغلاق الجديدة جراء جائحة كورونا.
وتجاوزت أسعار خام غرب تكساس الوسيط، يوم الجمعة الماضي، 52 دولارًا للبرميل، تزامنًا مع بلوغ سعر العقود الآجلة لمدّة 12 شهرًا، 51.37 دولارًا للبرميل، لتسجّل صعودا من 44.63 دولارًا، في بداية ديسمبر/كانون الأوّل، ومن شأن ذلك أن تنتفع شركات الإنتاج من ارتفاع الأسعار في دعم التخطيط للإنفاق على آبار النفط الجديدة.
حدود الأرباح الدنيا
لذا تتوقع "هيلر"، انخفاض أسعار النفط الخام المرتفعة مباشرة، لتصل إلى حدودها الدنيا بشركات الإنتاج الأميركية، على خلفية تخفيضات التكلفة الأخيرة، والتزام الشركات بالحفاظ على الإنتاج ثابتًا، واستخدام أيّ زيادات في الأسعار لرفع عوائد المستثمرين أو سداد الديون.
وفي هذا الإطار، قال الرئيس التنفيذي لشركة "سيماريكس إنرجي" وماس جوردن، في مؤتمر "غولدمان ساكس"، يوم الخميس الماضي، إن ارتفاع الأسعار في السنوات الأخيرة "أصبح بمثابة سراب.. سنلتزم بضوابط صارمة للغاية عند وضع الموازنة".
ووفقًا لإحصاءات شركة البيانات "ريستاد إنرجي"، فإن أكبر اثنين من حقول النفط الصخري في الولايات المتحدة، يحقّقان أرباحًا لشركات النفط والغاز، تتراوح بين 30 و40 دولارًا للبرميل.
تكاليف خدمات حقول النفط
من شأن زيادة الأسعار، هذا العام، أن ترفع السيولة النقدية لعمليات إنتاج مجموعة شركات النفط الصخري بنسبة 32%.
ثمّة عامل آخر سيحقّق فائدة لتلك الشركات، وهو انخفاض تكاليف خدمات حقول النفط، إذ تسبّبت الطاقة الإنتاجية الفائضة في الشركات التي تقوم بعمليات التكسير الرملي وما يتّصل به من خدمات في خفض التكاليف، التي لم تعد للارتفاع مجدّدًا.
وفي سياق متّصل، قال الرئيس التنفيذي لشركة "ليبرتي أويل فيلد سيرفيسز" كريس رايت -وهي ثاني أكبر شركة تكسير في أميركا الشمالية-: إن "هوامش الربح مروعة، رغم أنها أفضل قليلًا الآن عمّا كانت عليه قبل 6 أشهر."
وأضاف أن "ليبرتي" نجحت في الحفاظ على عملائها خلال وباء كورونا، إلّا أن الأسعار المنخفضة للغاية حالت دون تمكّنها من اكتساب عملاء جدد.
وأوضح أن الطلب على خدمات التكسير في تحسّن، لكنّه لا يزال عند مستويات ضعيفة لا ترقى لتعزيز إنتاج النفط الصخري بالولايات المتحدة.
وقالت كبيرة مديري الأبحاث في شركة وود ماكنزي الاستشارية ليندا هتين، إن شركات إنتاج النفط الصخري رفعت ميزانيات الإنتاج إلى حدود تاريخية غير مسبوقة، بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط، "إلّا أن هذه المرّة قد تكون مختلفة بعض الشيء، لأن الطلب العالمي لا يزال في حالة عدم يقين".
وأوضح نائب رئيس شركة البيانات "آي إتش إس ماركت" راؤول لوبلان، أن قطاع النفط ينبغي أن يصل بسعر البرميل إلى حدود 60 -65 دولارًا لتعويض الإنتاج الأميركي بمليون برميل يوميًا، بالتزامن مع تحسين عوائد المستثمرين.
فيما قال بعض كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال الطاقة بولايات كولورادو وأوكلاهوما ووايومنغ وشمال نيومكسيكو، في استطلاع أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي لمدينة كانساس، يوم الجمعة الماضي، إن أسعار النفط يجب أن تبلغ في المتوسّط 56 دولارًا للبرميل، كي تتمكّن الشركات من تعزيز أعمال التنقيب بشكل ملحوظ.
وخلص كبير المديرين في شركة التحليلات "إنفيروس" سارب أوزكان، إلى أن صناعة النفط تراجعت كثيرًا، في العام الماضي، لدرجة أن العمل في حقول النفط هذا العام سيستهدف "تخفيف التراجع بدلًا من تحقيق النموّ".
اقرأ أيضًا..
-
مخزون النفط الأميركي يتراجع 8 ملايين برميل مع وقف الصادرات السعودية
-
4 تساؤلات عن النفط الصخري الأميركي في عهد بايدن
-
توقّعات أميركية بتراجع إنتاج النفط الصخري