سدّ النهضة.. 6 غيغاواط تهدّد حياة الملايين في 3 دول
ليست مجرّد أزمة طاقة
مكرم فلتس
قبل بدء إثيوبيا في ملء سدّ النهضة، استطاعت القاهرة قلب ميزان الطاقة الخاصّ بها من عجز إلى فائض، تستطيع من خلاله تصدير الطاقة إلى 3 قارّات: أفريقيا وآسيا وأوروبا، غير أن هذا النجاح آثار غيرة بعضهم، -وربّما- نوعًا من التقليد غير المحسوب عواقبه.
وبدلاً من لجوء الدول الأفريقية المجاورة للقاهرة -التي تعاني نقص الطاقة- للاستفادة من الفائض المصري، دخلت هذه الدول في نزاعات محسومة تاريخيًا.
ورغم أن إعلان إثيوبيا الشروع في بناء سدّ النهضة لتوليد الكهرباء بالبلاد، جاء قبل تحوّل عجز الطاقة في مصر إلى فائض، إلّا أن المفاوضات بين الدولتين كانت كفيلة بإعادة ترتيب الأمور لصالح تصدير الطاقة من مصر إلى إثيوبيا بأسعار زهيدة.
لا يمثّل سدّ النهضة أزمة طاقة لمصر، ولكن "أزمة وجود" لطالما تحدّث عنها المسؤولون في القاهرة، نظرًا لأن مياه النيل شريان حياة للمصريين.
"الطاقة" تبحث مع قرّائها، في نهاية 2020، الذي سمّي بـ "عام الأزمات" في مواقف الدول الـ 3 المتأثّرة بمشروع سدّ النهضة: مصر، والسودان، وإثيوبيا.
ونستعرض في الإنفوغرافيك التالي، التسلسل الزمني لأبرز الأحداث في مسيرة بناء السدّ الإثيوبي:
يظهر من العرض التاريخي للأزمة المماطلة والتعسّف من الجانب الإثيوبي لاتّخاذ القرار، وسط موقف متأرجح من السودان، لكنّه مع تغيّر الأمور والإطاحة بالرئيس عمر البشير، تبدّل الموقف السوداني، وجاء في صفّ مصر.
تعتمد مصر على مياه النيل للشرب والري، وتقول: إن "لها حقوقًا تاريخية" في النهر، بموجب اتّفاقيتي 1929 و1959 اللتين تعطيانها 87% من مياه النيل، وحقّ الموافقة على مشروعات الري في دول المنبع.
وتبلغ حصّة مصر من مياه النيل نحو 55.5 مليار متر مكعّب سنويًا، وهو نصيب الأسد من التدفّق الإجمالي للنيل البالغ 84 مليار متر مكعّب.
وتخشى القاهرة تأثير سدّ النهضة في منسوب النهر الذي تعتمد عليه، بنسبة تتجاوز 95% لتأمين حاجاتها من المياه، فيما تتّهم القاهرة أديس أبابا بالتعنّت فيما يخص التفاصيل الفنّية للسدّ وطريقة عمله.
وقد تفقد القاهرة أكثر من مليون وظيفة، و1.8 مليار دولار سنويًا، بالإضافة إلى كهرباء بقيمة 300 مليون دولار، بحسب تصريحات لمسؤولين مصريين.
نقاط الخلاف
تريد إثيوبيا ملء خزّان السدّ خلال عامين، لتشغيل التوربينات، ومن ثمّ توليد الكهرباء، فيما تطالب مصر بالملء في 7 سنوات، حتّى لا تتعرّض إلى حالات جفاف.
كما ترفض إثيوبيا المنظومة الهيدروليكية لإدارة سدّ النهضة بالتنسيق مع السدّ العالي في مصر وسدود السودان، والذي قد يؤدّي إلى خفض منسوب المياه أمام السدّ العالي، ومن ثمّ انخفاض توليد الكهرباء، بل والحدّ الأدنى من الماء الذي يضمن الأمن المائي للقاهرة والخرطوم.
وتوجد خلافات أساسية بين مصر وإثيوبيا حول التدفّق السنوي للمياه الذي ينبغي أن تحصل عليها مصر، وكيفية إدارة عمليات التدفّق في أثناء فترات الجفاف.
حقائق عن سدّ النهضة
- يمتدّ سدّ النهضة على مساحة تبلغ 1800 كيلو متر مربّع، ليصبح بذلك أكبر سدّ للطاقة الكهرومائية في أفريقيا، حيث يعمل في إنشائه نحو 8500 شخص على مدار 24 ساعة.
- يهدف السدّ إلى معالجة فقر الطاقة في البلاد، كما تقول أديس أبابا، وينُتج –عند اكتماله– طاقة أكثر من أيّ سدّ آخر في أفريقيا.
- يجري بناء سدّ النهضة في منطقة بني شنقول-قماز، بعد الحدود السودانية مباشرة صوب المنبع، والمقرّر أن يبلغ ارتفاعه 145 مترًا، أي بقدر ارتفاع شلّالات فيكتوريا مرّة ونصفًا، ما يجعله أعلى سدّ في أفريقيا.
- يكفي خزّان السدّ لنحو 74 مليار متر مكعّب من الماء، أي -تقريبًا- 13 ضعف استهلاك إثيوبيا السنوي من المياه، وتتوقّع الحكومة الإثيوبية أن يُنتج السدّ 6 غيغاواط من الطاقة عندما يبلغ الإنتاج ذروته، وهذا سيضاعف إنتاج إثيوبيا من الكهرباء، الذي يبلغ حاليًّا أقلّ من 3 غيغاواط.
كما إن قطاع الزراعة الإثيوبية -الذي يشهد اضطرابات- من شأنه الاستفادة من منظومة ريّ تتحكّم فيها سدود، من بينها سدّ النهضة، ويمكن أن يساعد سدّ النهضة في حلّ مشكلة الفيضان السنوي المدمّر في السودان، الذي يسبّب خسائر كبيرة للمحاصيل، غير أن الماء المحتجز من النيل في أثناء ملء حوض السدّ قد يترك مصر غير قادرة على تعزيز زراعتها بالكامل.
ووفقًا للحكومة الإثيوبية، سيطوّر السدّ الصناعة المحلّية، ويوفّر فرصًا للعمل، وقد يُهجِّر سدّ النهضة ومستودعه نحو 20 ألف شخص.
وغالبًا ما ينقسم الرأي حول مشروعات الطاقة الكهرومائية، فمن ناحية يمكنها توفير طاقة نظيفة وفيرة لنحو 50 عامًا دون صيانات مكلفة، وعلى خلاف مصادر الطاقة المتجدّدة الأخرى -مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح- فهي تنتج الطاقة بشكل مستمرّ.
لكن التكاليف الأوّلية لتصميم السدود الكبيرة -مثل سدّ النهضة- وتأثير ذلك في السكّان المحلّيين قد يكون قاسيًا، خاصّةً بالنسبة لأولئك المهجّرين من منازلهم، وفي حالة سدّ النهضة، يمكن -أيضًا- أن تتأثّر اقتصادات دول المصبّ والتنوّع الحيوي فيها، يتضمّن ذلك مصر والسودان.
حقائق عن النيل
- يمتدّ النيل 5584 كيلو مترًا من بحيرة فيكتوريا إلى البحر المتوسّط، ويغطّي مساحة 3 ملايين و349 ألف كيلومتر مربّع، على الأقلّ.
- يبلغ متوسّط تدفق مياهه نحو 300 مليون متر مكعّب يوميًا، فيما يعيش في حوضه أكثر من 300 مليون نسمة، أغلبهم في مناطق ريفية.
- يضمّ حوض النيل بعض أكبر مدن أفريقيا، بينها: أديس أبابا، والخرطوم، والقاهرة، ودار السلام، وكمبالا، ونيروبي، وتسهم القاهرة وحدها بنحو 10%، على الأقلّ، من العدد الإجمالي لسكّان حوض النيل.
المياه في مصر
تستهلك مصر أكثر من 70 مليار متر مكعّب من المياه سنويًا، 55 مليارًا من مياه النيل (أي ما يتجاوز 80% من المياه العذبة المستهلكة)، ومن المياه المعاد تدويرها ما يقرب من 12 مليار متر مكعّب، وتحلّ المياه الجوفية في المرتبة الأخيرة بواقع 6 مليارات متر مكعّب.
وبحسب البنك الدولي، تستهلك الزراعة نحو 85% من المياه في مصر، و3% من المياه تُستخدم في الصناعة، وما يقرب من 12% تستخدم في الشرب والاستخدام المنزلي.
ويشكّل نصيب الفرد من المياه العذبة 20 مترًا مكعباً سنويًّا، وبذلك تحلّ مصر في المرتبة الرابعة عالميًّا من ناحية الشحّ المائي للفرد بعد الكويت والبحرين والإمارات، وتتذيّل قائمة دول حوض النيل من ناحية نصيب الفرد في المياه، حيث تتصدّرها الكونغو بواقع 49 ألف متر مكعّب، وإثيوبيا بواقع 1200 متر مكعّب للفرد.
أمّا إذا احتسبنا نصيب الفرد من ناحية وفرة المياه في مصر، فيقترب من 550 مترًا مكعّبًا، وهي مرحلة الشحّ المائي، حيث يُحدّد عالميًّا 1000 متر مكعّب نصيب الفرد من المياه في جميع مجالات الزراعة والصناعة والاستخدام المنزلي.
ويُعدّ حدّ الندرة المائي عالميًّا عند 500 متر مكعّب للفرد، وهو ما تقترب منه مصر في المرحلة الحاليّة، مع تضخّم عدد السكّان وشحّ المياه المتوقّع من وراء السدّ الإثيوبي، وتراجع هطول الأمطار بقدر يصل إلى 18% في دول المنبع بسبب التغيّرات المناخية.
الآثار المحتملة
يمكن أن يحدّ سدّ النهضة -إلى حدّ كبير- من افتقار ثلاثة أرباع الإثيوبيين تقريبًا إلى الكهرباء، وستخفّف طاقة السدّ من إزالة الغابات، من خلال توفير بديل للوقود التقليدي كالفحم والخشب، وتنتج الطاقة الكهرومائية انبعاثات كربون أقلّ من مصادر الطاقة الأخرى، غير أن السدّ يثير التوتّرات بشأن إدارة مياه النيل المشتركة، الغني بالطمي، وشكّك خبراء في كيفية استيعاب السدّ لهذا الطمي، لمنعه من تعطيل التشغيل.
ووفقًا للحكومة الإثيوبية، سيخفض السدّ من فقدان المياه، عبر التبخّر من الأحواض التي تقع تجاه المصبّ، عن طريق خفض مستوى مياهها، لكن قلّة البيانات المتاحة بشأن التنوّع الحيوي الحالي للنيل تجعل من الصعب التنبّؤ بتأثير سدّ النهضة في البيئة الطبيعية.
وبجزء من المشروع، من المقرّر إنشاء محمية طبيعية بالقرب من السدّ، لحماية التنوّع البيولوجي، ويمكن أن يساعد السدّ في الحدّ من الجفاف والفيضانات، الناجمة عن تغيّر المناخ.
ماذا عن السودان؟
أضرار جسيمة يسبّبها سدّ النهضة في السودان الملاصق لإثيوبيا، تتمثّل أبرزها في أن انخفاض منسوب المياه بالنيل الأزرق سيحوّل الري بالراحة إلى الري بالرفع، بتكاليفه العالية خاصّةً مع نقص الكهرباء، بالإضافة إلى أن حجز الطمي أمام سدّ النهضة سيحرم السودان من المغذّي الطبيعي لأراضيه.
وحجز الطمي أمام سدّ النهضة سيوقف صناعة الطوب الأحمر في السودان، كما حدث مسبقًا في مصر، وسيزيد معدّلات النحر في النيل الأزرق، ما يهدد المنشآت المائية والسدود وكذلك الجسور.
وتحدّث مسؤولون في السودان، الفترة الأخيرة، عن مخاطر بيئية في الثروة السمكية بالسودان، جراء سدّ النهضة، فضلًا عن مخاطر انخفاض منسوب المياه الجوفية.
أمّا الخطر الأكبر، فهو احتمال انهيار سدّ النهضة، والذي من شأنه إغراق مدن وقرى سودانية على الحدود الإثيوبية.
توقّعات مستقبلية
أثارت قرارات إثيوبيا في أزمة السدّ غضب بعض الجهات الدولية، ما تسبّب في توقّف جزء من مساعدات أميركية، بالإضافة إلى الاضطرابات الداخلية التي أدّت إلى فقدان مساعدات أوروبية -أيضًا-.
ونتيجة لذلك، -ومع الآخذ في الاعتبار الموقف السوداني الذي أصبح مسانداً للموقف المصري-، فإن عملًا عسكريًا كان قد حذّر منه -صراحةً- الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قد يكون ضمن خيارات مصر، خلال عام 2021.
ومع ذلك، فإن سياسة الإدارة المصرية الحالية تبتعد عن تلك اللغة من التصريحات، ليبقى خيار المفاوضات المستمرّ منذ ما يقرب من عقد من الزمان، وتصبح الكرة -حاليًا- في الملعب الإثيوبي.
رئيس لجنة الطاقة باتّحاد الصناعات المصرية، الدكتور محمد سعد الدين، يقول لمنصّة "الطاقة": "إن الخيارات المصرية للتعامل مع مشكلة السدّ تتمثّل في استمرار المفاوضات حتّى إيجاد حل مناسب، وتقديم بدائل للجانب الإثيوبي، وأخيرًا الخيار العسكري".
أمّا عن استمرار المفاوضات، فيرى سعد الدين أن مصر ستتوصّل لحلّ -سواء آجلاً أو عاجلاً- وسيكون في صالحها، نظرًا لأنها تسلك الطرق الدبلوماسية والقانونية أوّلًا، ومن ثمّ فإن المجتمع الدولي يساندها في مطالبها.
ورغم ذلك، تطرّق "سعد الدين" إلى المخاوف التي تتعلّق بالجفاف الذي سينتج عن سدّ النهضة، وأوضح قائلًا: "سدّ النهضة في حدّ ذاته ليس له تأثير بالطاقة في مصر أو السودان إطلاقًا، لأن إثيوبيا تقول، إن هدف السدّ توفير الكهرباء، ولكي تضمن استمرار توليد الكهرباء، يجب أن تضمن استمرار تدفّق المياه -أيضًا-.. ومن هنا لا يجب أن نخاف من بناء السدّ".
واستطرد: "لكن المشكلة تكمن في مدّة ملء السدّ، حيث تتراوح بين 3 إلى 7 سنوات، وهي المدّة التي من المتوقّع أن يحدث فيها جفاف، وهذا هو الخلاف الأساس بين مصر وإثيوبيا".
وأضاف أن أديس أبابا إذا فكّرت في حجز المياه بعد ملء السدّ، فمن المؤكّد انهياره، الأمر الذي يضرّ بالأراضي الإثيوبية والسودانية بشكل مباشر.
وخلال حديثه -هاتفيًا- مع "الطاقة"، بدا سعد الدين واثقًا بشكل كبير في توصّل الإدارة المصرية إلى حلّ سيكون في صالحها، لكنّه امتنع عن توقّع موعد محدّد.
وقال: "مصر ستعرض بدائل لإثيوبيا، منها: توفير الكهرباء خلال فترة ملء السدّ التي تطالب بها الحكومة، وهي 7 سنوات، ومن هنا أتوقّع التوصّل لحلّ".
وعن التعنّت الإثيوبي أمام الخيارات والبدائل المصرية والسودانية، قال رئيس لجنة الطاقة باتّحاد الصناعات المصرية: "لا توجد لدينا مشكلة في طول مدّة المفاوضات، ما دام هناك تدفّق للمياه إلى الأراضي المصرية، أمّا في حال حجزها، فالدولة المصرية لديها حساباتها في هذا الصدد، لكنّي لا أتوقّع الوصول إلى هذه النقطة".
وأشار سعد الدين إلى الخيار العسكري لمصر في هذه الأزمة، قائلًا: "لا أعتقد أننا سنصل للتعامل العسكري، لكنّه خيار موجود لدى مصر، رغم أنه بعيد إلى حدّ ما".
هذا السد هدفه الاول تخزين المياه ومن ثم بيعها للسودان ومصر عاجلا ام اجلا . وثانيا توليد الطاقه الذي سيكون معروضا للبيع ايظا . فالهدف الاثيوبي تجاري مالي وابتزازي ايظا .
ثانيا هذا السد ليس سد عادي يمكن تخريبه بعده غارات صاروخيه ، هذا جبل من فولاذ وكونكريت ارتفاعه اكثر من 150 مترا وعرضه يزيد عن 3 كيلو متر ، جبل يحتوي على اكثر من خمسين مليون طن من الفولاذ والحصباء الصلبه والاسمنت ....!!! يجب على مصر ان تجهز نفسها للعطش والجوع والفقر وان تبدا بصناعه قنبله ذريه كي تتمكن من احداث ثغره صغير لتروي عطشها وعطش مزارعها .
مياه النهظه للبيع وللابتزاز وليست للمشاركه ، ايها الساده .!!!