جنوب أفريقيا تتحسّس طريقها نحو مزيج الطاقة المناسب
توسعات الطاقة الجديدة تفرض تعديل القواعد المنظّمة
حياة حسين
تعاني جنوب أفريقيا من أزمة تلبية احتياجاتها من الطاقة، فالفحم الذي تعتمد عليه بشكل رئيس ملوّث، والغاز مرتفع التكلفة، ومع محاولات التوسّع في إنتاج الطاقة الجديدة قد تواجه أزمة فقد الوظائف في صناعات الطاقة التقليدية لديها.
يقول الكاتب فوياني ماكندا، في مقال بموقع "بزنس داي"، اليوم الأحد، إن الطاقة الجديدة تلقّت دعمًا من خطّة رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، لتعافي البلاد من آثار وباء كورونا.
وتستهدف البلاد إضافة 11.8 ميغاواط من الطاقة الجديدة، خلال عامين، تشتري نصفها بجزء من خطّة تطوير البُنية التحتيّة، وخلق الوظائف في هذا القطاع، وهو ما يعدّه الكاتب نموًّا مناسبًا في المستقبل القريب.
الطاقة الجديدة مفضّلة
قد تكون الطاقة الجديدة مفضّلة و"مبرّرة" عندما تكون المهلة الزمنية قصيرة، فإنشاء محطّة طاقة من الرياح يستغرق وقتًا أقلّ من عامين، في المتوسّط، وهذا أفضل من محطّة طاقة فحم تحتاج إلى 10 سنوات، على الأقلّ.
وعلى سبيل المثال، احتاجت محطّتا ميدوبي وكوسيلى للفحم، أكثر من 10 سنوات، بل إن بعض أجزائهما لا تزال قيد التنفيذ.
ولا يمكن دعم خطّة التطوير للبُنية التحتيّة بمحطّات وقود الفحم، التي تعاني من التهالك بسبب قدمها وضعف الصيانة، ولا تزيد الطاقة الإنتاجية لمحطّات الفحم عن 66.64%.
وكان خفض الأحمال، السمة الغالبة لإمدادات الكهرباء في جنوب أفريقيا، ووصل معدّل انقطاع التيار الكهربائي إلى 46 يومًا، العام الماضي فقط.
ويرى فوياني ماكندا، أن "سياسات التوسّع في إنتاج الطاقة الجديدة جيّدة، لكن يقابلها كثير من التباطؤ".
ويُعدّد ماكندا الأساليب التي تعوق تنفيذها، ومنها تكرار تأجيل وزراء الطاقة التوقيع على تعاقدات مع منتجين من القطاع الخاصّ، بعد انتهاء فترة العطاءات الخاصّة ببرنامج شراء تلك الطاقة.
وأضاف أن مرفق الكهرباء بالبلاد علّق تنفيذ جزء من خطّة شراء الكهرباء من منتجي القطاع الخاصّ للطاقة الجديدة، لأغراض تسخين المياه رغم أنّها مُلزمة.
وتفرض الدولة على المنتجين الذين يخزّنون الطاقة الفائضة، رسومًا باهظة، "ما يدلّ على فشل ذريع في تنفيذ الخطّة".. هكذا يقول الكاتب.
حماية المرفق من المنافسة
يقول ماكندا: إن الأسوأ من ذلك أن بعض السياسات صُمِّمت لتحمي مرفق الكهرباء من المنافسة، ويقتصر توليد التيّار للاستخدام الشخصي على القدرات الصغيرة، وهي قدرات متدنّية للغاية، لا تسمح بمبيعات كبيرة من فائض الطاقة عند ردّها للشبكة، رغم أن السماح ببيع الطاقة الفائضة للمرفق يخفّف الضغط على الشبكة.
وأضاف أن منتجي القطاع الخاصّ مُلزمون ببيع الكهرباء للمرفق، "لماذا لا يُسمح أيضًا للأفراد والمصنّعين الذين لديهم قدرة على الإنتاج وشراء الكهرباء منهم؟".
ورغم أن رئيس البلاد يعتزم تسهيل إجراءات إنتاج الطاقة الجديدة وبيعها، "وهذا أمر جيّد وحسن" إلّا إن استمرار احتكار المرفق لمشتريات الكهرباء يقوّض فرص المنافسة، "ولنا أن نتخيّل ماذا يعني ذلك!" حسب الكاتب.
ويوضّح ماكندا أن طاقة تخزين الطاقة الجديدة تنمو، لكنّها لا تزال غير كفؤ، ما يرفع سعر شراء تلك الطاقة، لذلك تكون الخيارات الأخرى -مثل الغاز- ضرورية.
ويتّسم الغاز بأنّه أقلّ تلويثًا للبيئة، ما يجعله بديلًا جيّدًا للفحم، ومرحلة انتقالية جيّدة إلى الطاقة الجديدة، لكن يُضعف هذه الفرضية انخفاض إمدادات الغاز في البلاد.
ويرى ماكندا أن هناك أسبابًا أخرى تجعل الغاز يبدو حلًّا غير مناسب حاليًا، إذ تعتمد جنوب أفريقيا على جاراتها في توفير الغاز، ما يمثّل خطرًا قوميًا، كما يمكن أن تُهدر جوهانسبرج سنوات في إنتاج الغاز من برولبادا ولوبيرد في منطقة كارو "إذا جرت تنميتهما من الأصل"، إضافةً إلى ذلك، يُستخدم الغاز في بعض المصانع، وتكلفته مرتفعة حاليًا.
ويخشى الكاتب مع ذلك من أن التوسّع في إنتاج الطاقة الجديدة في جنوب أفريقيا على حساب الفحم، سيؤدّي إلى فقد عمّال إنتاج الفحم وظائفهم، خاصّةً أن عملية التوسّع تلك تعتمد على الشركات الأجنبية.
وبناءً عليه، ينصح حكومته بجعل صناعة مكوّنات محطّات إنتاج الطاقة من الرياح والشمس محلّية لحماية سوق التوظيف على المديين القصير والطويل.
ويضيف، يجب اختيار مزيج مناسب من الطاقة، كما إنّه على الدولة حلّ مشكلة التمويل في مجال إنتاج الطاقة، والذي كان السبب وراء فشل كثير من المشروعات.