غازتقارير الغازتقارير منوعةرئيسيةمنوعات

تقرير أسترالي يشكك في قيادة الغاز للتعافي في أسواق الطاقة

أدلة على اتجاه الصناعة نحو التراجع لأسباب اقتصادية وبيئية

ترجمة وتحرير: كريم الدسوقي

"الغاز يتجه إلى انخفاض حتمي كمصدر لطاقة الصناعة والمنازل لأسباب اقتصادية وبيئية".. هكذا قدم تقرير لمعهد غراتان الأسترالي خلاصة تقييم للتقديرات الرائجة حول دور الغاز في تحقيق التعافي الاقتصادي للبلاد بعد جائحة كورونا، مرجحًا ألا تتمكن حكومة سكوت موريسون من إنجاز وعودها في هذا الشأن.

وأفاد تقدير المعهد، الذي يلعب دورا كبيرا في صياغة السياسات العامة في أستراليا، بأن معظم الغاز رخيص الكلفة، المتوفر على الساحل الشرقي لأستراليا، بات مستهلكا بالفعل، وأن ما تبقى ستزيد تكلفته تصاعديًا على نحوٍ ملحوظ، ما يحد من فرصة زيادة استخدامه باعتباره "وقودا انتقاليا"، وصولاً إلى مستقبل طاقة منخفض الانبعاثات.

كان موريسون قد أعلن تخصيص 52.9 مليون دولار لزيادة إمدادات الغاز والبنية التحتية للنقل، وروج لقراره بادعاء أن صناعة الغاز ستوفر 225 ألف وظيفة، لكن تقرير غراتان يؤكد أن "أيام العصر الذهبي لأسعار الغاز المنخفضة ولت بلا رجعة"، وأنه حتى لو أتيحت الفرصة لخفض السعر، فإن الفائدة التي ستحصل عليها الصناعات التحويلية أقل من التوقعات المبالغ فيها، وفقا لما أوردته صحيفة الغارديان.

وذكر الإصدار الأسترالي من الصحيفة البريطانية، أن عدد العاملين الذين جرى توظيفهم في الصناعات المعتمدة على الغاز في أستراليا بلغ 10 آلاف عامل فقط، وليس الـ 225 ألفاً (التي روج لها موريسون)، وكان معظمهم في غرب أستراليا، الذي تنخفض فيه أسعار الغاز بالفعل.

وعلى المستوى البيئي، أورد التقرير أن وصف الغاز بأنه يستبب في نصف انبعاثات الفحم غير دقيق، مشيرا إلى دراسات حديثة أفادت بأن تقديرات أستراليا تقلل من حجم الانبعاثات المحلية بنحو 10%، بسبب غياب قدرة التعرف على تأثير الميثان، الذي ينطلق أثناء إنتاج الغاز الطبيعي، بشكل صحيح، وهو أحد غازات الاحتباس الحراري، ويُعرف بأنه قصير العمر ولكنه قوي الأثر.

وفي السياق، قال مدير برنامج الطاقة في معهد غراتان، توني وود: إن أستراليا يجب أن تخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري للوفاء بالتزاماتها الدولية، ما يعني ضرورة الحد من استخدام الغاز.

ورغم أن التوقعات تؤشر إلى استمرار استخدام الغاز لعقود مقبلة، إلا أن هناك أدلة واضحة على أنه يتجه نحو التراجع لأسباب اقتصادية وبيئية مما يعني أن دوره سيتقلص حتمًا، حسبما أكد وود.

وأضاف: "بدلاً من الاستغراق في التمني أو العيش في حالة إنكار، ينبغي للحكومة الفيدرالية والجهات العاملة بصناعة الغاز - وعملائها - البدء على الفور في التخطيط لمستقبل بدون غاز طبيعي أو على الأقل لمشهد يتقلص فيه دور الغاز جوهريا".

وخلص تقرير غراتان إلى أن "أفضل مسار متاح للحكومة (الأسترالية) هو دعم تطوير ونشر بدائل منخفضة الانبعاثات يمكن أن تحل محل الغاز في التصنيع، بما في ذلك الهيدروجين واستخدام الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء".

وعلى مستوى الاستخدامات المنزلية، اقترح المعهد استبدال الغاز بالميثان الحيوي أو الهيدروجين منخفض الانبعاثات، أو التحول إلى استخدام الكهرباء في أغراض التدفئة والطهي.

ومن هذا المنطلق، دعا وود إلى وقف أعمال توصيلات الغاز الجديدة إلى المنازل في ولايات: نيو ساوث ويلز وكوينزلاند وجنوب أستراليا، مؤكدا أن المواطنين سيوفرون أموالهم إذا استخدموا الكهرباء.

وقال "وود": إن الأدلة أظهرت أن فكرة اعتبار الغاز "وقودًا انتقاليًا" لم تعد بذات قوتها السابقة؛ لأنه "من الأرخص استبدال محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح".

ومن جانبها، رفضت الحكومة الأسترالية ما خلص إليه معهد غراتان، ووصفه متحدث باسم وزير الطاقة أنجوس تايلور، بأنه "ضيق الأفق وسطحي".

وقال: إن "الحكومة لا توافق على الاستنتاجات المذكورة في التقرير، لا سيما ما يتعلق بالتأثيرات الناتجة على وظائف قطاع التصنيع ودور توليد الطاقة بالغاز"، لكن تقريرا آخر للمعهد الأسترالي - وهو مركز أبحاث مستقل – أيد ما خلص إليه غراتان، وعارض الزعم بأن محاولات إطلاق انتعاش اقتصادي يعتمد على الغاز يمكن أن تدعم الصناعات التحويلية.

وأورد تقرير المعهد أن أقل من 1% من الغاز الأسترالي يستخدم كمادة خام للتصنيع، بينما الغالبية العظمى منه (82%) إما يجري تصديرها للخارج أو استخدامها في عمليات المعالجة داخل صناعة تصدير الغاز الطبيعي المسال.

وأكد أن الوظائف في أستراليا لم تكن مرتبطة بإمدادات الغاز الرخيص منذ زمن بعيد، وكانت في طريقها إلى انخفاض طويل الأمد قبل التوسع بمجال تصدير الغاز المسال، ما أدى إلى مضاعفة سعر الغاز 3 مرات على مدى العقد الماضي.

وأوضح المعهد الأسترالي، أن صناعة الغاز استخدمت كمية أكبر من الغاز في معالجة الغاز المسال للتصدير مقارنةً بالكمية المستخدمة في قطاع التصنيع بأكمله.

وقالت مديرة برنامج المناخ والطاقة بالمعهد، ريتشي ميرزيان: إن الوضع الراهن "أثبت أن فكرة حاجة البلاد لاستخراج المزيد من الغاز لدعم التصنيع كانت وهما محضا".

وأضافت: "إذا كانت الحكومة جادة بشأن زيادة فرص التوظيف في مجال التصنيع، فينبغي لها أن توجه التمويل نحو إجراءات تستهدف مساعدة شركات التصنيع على تقليل اعتمادها على الغاز باهظ الكلفة بدلاً من ضخ الأموال في صناعة الغاز".

وإزاء ذلك، أعلن الائتلاف الحكومي لإقليم العاصمة الأسترالية، المكون من حزبي العمل والخضر، مؤخرًا أنه سيعمل على مشروع قانون للعام المقبل، يحظر توصيلات الغاز في المشروعات الجديدة، ويستهدف تطوير برنامج للتخلص التدريجي من الغاز في المشروعات الحالية.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق