التقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

رئيس أرامكو لتجارة المنتجات البترولية: الضبابية تمنع أسعار النفط من الارتفاع (فيديو)

البوعينين: على خلاف الأزمات الماضية.. قطاع التكرير يتلقى ضربة مزدوجة

كريم الدسوقي

وصف الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو لتجارة المنتجات البترولية إبراهيم البوعينين، وصع أسواق النفط بـ"عدم اليقين"، خاصة في ظل انخفاض هوامش ربح المصافي وتحول بعضها إلى السالب، مشددًا على معاناة قطاع التكرير بسبب انخفاض الطلب على المنتجات النفطية، وتراجع هوامش الأرباح.

جاء ذلك في لقاء مع برنامج "هاف تايم توك"، الذي ترعاه مؤسّسة "غلف إنتليجنس" المتخصّصة في قطاع الطاقة، أمس الأربعاء.

وأوضح "البوعينين" في إجابة عن سؤال يتعلق بزيادة "أوبك +" للإنتاج، أن هناك مشاكل عديدة في جانب الطلب، خاصة بقطاع التكرير، وعدم يقين فيما يتعلق بالإنتاج الليبي.

وأضاف "البوعينين" -الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة البتروكيماويات "بترورابغ" أيضًا- العديد من المسوغات لبقاء أسعار النفط في مستويات قريبة من الأسعار الحالية، فعلى جانب المعروض عاد النفط الليبي، ولم تلتزم بعض دول أوبك بما وعدت به، بينما ارتفع إنتاج النفط الصخري.

أما على جانب الطلب فهناك الموجة الثانية من فيروس كورونا، وعودة الحظر إلى بعض الدول، وانخفاض هوامش ربح المصافي، وإغلاق بعضها الآخر.

سياسيًا، هناك ضبابية شديدة حول اللقاح المضاد لكورونا، والطريق غير واضح في مسألة التوصل إليه، ولعل أحد أسباب بقاء الأسعار حول 40 دولارًا للبرميل أن تجار النفط والمضاربون فضلوا البقاء على الحياد بسبب عدم اليقين.

واستعرض "البوعينين" تأثير أزمة كورونا على وضع سوق النفط العالمية في ظل انهيار الأسعار، لاسيما أسعار خام غرب تكساس الوسيط، التي وصلت إلى أرقام سالبة، ما دفع أوبك لتخفيض كبير في إمداداتها، موضحًا أن هذا التطور وصل الآن إلى فترة استقرار ليصل سعر النفط إلى متوسط 40 دولارًا.

وأضاف البوعينين -الذي عمل سابقًا في مصفاة رأس تنورة- أن مايجعل الوضع الحالي مختلفا عن أي وقت مضى أنه في الأزمات السابقة انخفضت أرباح المصافي، لكن ارتفعت أرباحها في الجزء المتعلق بالبتروكيماويات.

وقال: "المشكلة الآن أنه حتى أرباح البتروكيماويات انخفضت، وبالتالي فإن قطاع المصافي تلقى ولأول مرة، ضربة مزدوجة في وقت واحد، لهذا فإنه يتوقع أن تقوم المصافي بتخفيض نسبة التشغيل أو تغلق تمامًا حتى يتحسن الوضع.. إن المشكلة الأساسية هي الانخفاض الكبير في وقود الطائرات، الأمر الذي أثر سلبيًا في سوقي الديزل وزيت الوقود، عن طريق دفع كل وقود إلى سوق الأخر".

خفض إنتاج شركات التكرير

الموجة الثانية من جائحة كورونا، خاصة في أوروبا أحد عوامل التأثير أيضًا، حسبما يرى "البوعينين"، مضيفًا أن العديد من الدول تتجه إلى إعادة إجراءات الحظر على جميع أنشطتها الاقتصادية، كما خفضت العديد من شركات التكرير إنتاجها بنسبة تراوحت بين 50 و 60% فضلا عن إغلاق العديد من شركات النفط بالكامل.

وقال: بإضافة الاعتبارات الجيوسياسية وانتخابات الرئاسة الأميركية المقررة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فضلا عن الحزم التحفيزية التي تعتزم الولايات المتحدة ضخها بنظامها الاقتصادي، وضبابية الوصول إلى حل للجائحة عبر لقاح فعال، والمدة الزمنية اللازمة لتعميم إنتاجه وتسويقه عبر العالم، تكتمل صورة الخارطة الكاملة لعوامل التأثير المباشر على مشهد سوق النفط الحالي، وهي العوامل المرشحة للاستمرار حتى أبريل/نيسان أو مايو/أيار المقبل، على أقل تقدير.

وفي هذا الإطار، قال البوعينين: "أعتقد أن النفط سيظل ثابتا عند معدل يتراوح بين 38 و43 دولارا للبرميل، خاصة في ظل ما نشهده من تخفيض في الإمدادات، وتطلع مختلف أطراف العملية الإنتاجية لخفض التكاليف".

وتابع: "ما شهدناه خلال الربعين الثاني والثالث من العام الجاري، هو انخفاض مستوى المخزون النفطي، في حين أن الفروقات السعرية الزمنية في الأسواق المستقبلية أقل من السابق، الأمر الذي يساعد على ثبات وضع السوق على ما هو عليه حاليا".

ورغم أن القدرة على التعاطي مع تداعيات جائحة كورونا باتت أفضل مما كانت عليه في فترة الوباء الأولى، إلا أن علامة الاستفهام المطروحة حاليا تتعلق بالأعداد المخيفة للإصابات في دول أوروبية مختلفة، منها فرنسا بأكثر من 50 ألف حالة، والمملكة المتحدة بأكثر من 20 ألف حالة، إضافة إلى أن أعداد الإصابات في منطقة الشرق الأوسط في طريقها إلى ذات المستويات التي سجلتها في مارس/آذار وأبريل/نيسان الماضيين، ما يقدم مؤشرا على احتمال العودة إلى انهيار الأسعار مجددا.

آسيا وأوروبا

وعن تباين وضع السوق النفطية في آسيا عن أوروبا رغم تشابه ظروف الجائحة، قال "البوعينين": إن "الناس في آسيا أكثر انضباطا والتزاما بالإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعي، لذا فأعداد الإصابات في اليابان وكوريا وسنغافورة وغيرها تحت السيطرة، أما الصين فالحياة فيها عادت إلى طبيعتها، بما في ذلك أوجه النشاط الاقتصادي" حسب قوله.

وتابع: "لا أستطيع التكهن بما ستؤول إليه الأوضاع الأوروبية بالموجة الثانية لكورونا، لكنها إذا سلكت ذات المسار الأسيوي لانخفاض معدلات الإصابات الحالية، فيمكن أن تنخفض خلال شهرين".

أما إذا استمر الوضع في أوروبا على وضعه الراهن، فهذا يعني أن حركة السفر والنقل الجوي ربما تتوقف، وبالتالي سيكون الطلب على وقود الطائرات ضعيفا للغاية وسينخفض معدل انتقال المسافرين من بلد إلى آخر، وهو ما ينعكس في الطلب على الديزل وزيت الوقود، حسبما يرى "البوعينين".

كما أن بقاء الناس في البيوت يعني مزيدًا من استهلاك الطاقة بوجه عام، خاصة الكهرباء والغاز الطبيعي المسال، حسبما أشار بوالعينيين، مضيفًا أن "هذا المشهد يمثل عاملًا آخر يتحكم في معادلة الطلب على النفط".

وعن تداعيات هذه الحالة على شركات تكرير النفط الخام، التي تشهد حاليًا أوقاتا عصيبة وتحديات كثيرة تدفعها إلى تخفيض الإنتاج (ومن ثم استهلاك الخام)، أفاد رئيس الوحدة التجارية في شركة النفط السعودية العملاقة، بأن تكرير النفط عبارة عن نشاط دوري، وعندما يكون هامش أرباحه في مستويات جيدة تتحفز الشركات لبناء محطات جديدة، وهنا تبدأ أول مرحلة في الدورة بظهور مستويات مرتفعة لإنتاج الطاقة أكثر مما تحتاجه السوق، ويستغرق الأمر وقتًا حتى يصحح المشهد نفسه بنفسه، فتلجأ الشركات لغلق المحطات الأقل كفاءة، وتبقي فقط تلك التي تعمل بكفاءة عالية.

وأكد البوعينين في هذا الصدد، أن القواعد البيئية التي فرضتها المنظمة البحرية الدولية (تابعة للأمم المتحدة) في الربع الرابع من العام الماضي كان لها تأثير سيء على العديد من محطات التكرير وألحقت الضرر بتلك الأقل كفاءة منها، وتسببت في عرقلتها لمدة تتراوح بين 3 و6 أشهر.

وأضاف أن أزمة كورونا خلقت تحديًا مزدوجًا لهامش الربح المنخفض لوقود الطائرات والديزل من جانب، واستخدام مزيج المواد الطيارة لإنتاج البرازيلين أو البنزين من جانب آخر، وكلاهما ذو هامش ربح منخفض للغاية.

ويُستخدم البرازيلين في صناعة البوليستر الذي يستخدم في عدة منتجات رئيسية خاصة بصناعة النسيج وصناعة العبوات البلاستيكية وحافظات الأغذية، إضافة إلى صناعة المواد العازلة المستخدمة لعزل البيوت والعوازل الحرارية وصناعة مواد التغليف للعبوات والحاويات الكبيرة.

ولما انخفضت أسعار النفط، ساعدت محطات التكرير على تحقيق بعض الأرباح، لكن تلك المحطات خفضت إنتاجها عندما عادت الأسعار للارتفاع إلى معدلاتها الحالية، مع هامش ربح منخفض، لضمان أقل قدر من الخسائر، ولذا يخلص "البوعينين" إلى أن نشاط محطات التكرير يمر بدورة تجارية منخفضة الربح.

وقود الطائرات

اعتبر "البوعينين" تخفيض العديد من محطات التكرير لإنتاجها مؤشرًا جيدًا، إذا أن "أي زيادة أخرى (في الإنتاج) ستؤدي إلى تدهور اقتصادي ولن تدعم الأسعار وستتسبب في ما يعرف بتناقص العائدات" حسب قوله.

لكن رئيس أرامكو لتجارة المنتجات البترولية، لفت في الوقت ذاته إلى أن خفض الإنتاج بمحطات التكرير يعني مواجهة مشكلة مع زيادة الطلب، قائلا: "على سبيل المثال: إذا لم يتعافى نشاط الطيران قريبا، ستواجه السوق ما يترتب على ذلك من تأثير على استهلاك وقود الطائرات وسنكون مضطرين لاستخدام هكذا وقود للسيارات كما الديزل، وهو ما سيشكل عامل ضغط على استهلاك الديزل".

واستبعد استمرار المشهد العام للنشاط التجاري بمعدلاته الحالية، "فالسوق النفطية تحتاج إلى تصحيح مسارها ذاتيا بطرح تخفيض سعر الخام بهدف رفع هامش الربح، فستشهد ضغطا بزيادة الطلب" حسب قوله.

ويمثل تسريع استخدام مخرجات محطات التكرير عنصرا حاسما في مواكبة زيادة الطلب، ما يساعد تلك محطات إلى الانتقال لوضع مربح، لكنها في المقابل تواجه ضغطا كبيرا يدفعها إلى النظر في خفض الإنتاج، و"بمجرد قيامها بذلك سيتكرر ما شهدناه في محطات التكرير الكورية (الجنوبية)، التي كانت تعمل بنظام استخراج مرتفع، والآن تتجه إلى تخفيض إنتاجها بسبب تحقيقها خسائر" حسبما أكد "البوعينين".

وأضاف: "هذا هو تصحيح السوق الذاتي الذي نتحدث عنه، وجوهره الطاقة الإنتاجية واتخاذ محطات التكرير لقرار خفض الإنتاج".

السوق الصينية

رفض "البوعينين" القياس على السوق الصينية فيما يتعلق بتأثر محطات التكرير، مرجحًا أن يظل الطلب الصيني على الخام قويا خلال الربع الرابع من العام الجاري وفي 2021.

وقال: إن "المشهد في الصين مختلف، فالحكومة تتحكم في الأسعار المحلية، ويمثل انخفاض أسعار النفط المكرر (البنزين والديزل) عامل جذب قوي لمحطات التكرير كي تضخ إنتاجا غزيرا".

لكن إذا ارتفعت الأسعار سيخسر الصينيون السوق المحلية، حسب تأكيد "البوعينين"، مضيفًا: "بكين لديها نظام اقتصادي مختلف، يدر عليها الأرباح من تلك السوق، وهو أمر لا يمكن أن تناله سوى الشركات الصينية".

وتابع: "لدى الصين نمو كبير في رقم الناتج المحلي الإجمالي في هذا الربع من العام، وقد حققت معدلا للنمو بنسبة 4.5%، بينما يشهد العالم انكماشا"، لافتا إلى أن الطاقة هي عجلة دفع هذا النمو.

وعن تقديره بشأن استمرار ثبات الطلب على النفط في الصين حتى الربع الأخير من العام الجاري وصولا إلى العام الجديد وعلاقة ذلك بقرار "أوبك+" في يناير/كانون الثاني المقبل بشأن زيادة الإنتاج بمعدل 2 مليون برميل يوميا ومدى استيعاب السوق لذلك، ربط "البوعينين" الإجابة بأداء الاقتصاد العالمي وما إذا كان سينفتح أم لا جراء استمرار جائحة كورونا، والأثر الذي سيتبع الحزم التحفيزية التي ستخضها الولايات المتحدة على دفع النمو الاقتصادي.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق