قبل انتهاء مهلة ترمب.. صادرات فنزويلا النفطية الأعلى منذ 5 أشهر
بإجمالي 690 ألف برميل يوميًا
حازم العمدة
- العملاء يهرولون للحصول على أكبر شحنات ممكنة قبل انتهاء "استثناء" واشنطن
- واشنطن تمهل الشركات حتى نوفمبر لإنهاء كل تعاملاتها مع بتروليوس دي فنزويلا
- 40% من الشحنات تذهب إلى الهند والصادرات إلى أوروبا تستقر عند 60 ألف برميل يوميا
- حتى مع معدل سبتمبر.. صادرات كاراكاس الأدنى منذ أكثر من 70 عاما
سجّلت صادرات فنزويلا النفطية أعلى مستوى لها خلال 5 أشهر، في شهر سبتمبر/أيلول، مدعومة بمبيعات أكبر للعملاء، بهدف الحصول على أكبر عدد ممكن من الشحنات، قبل الموعد النهائي الذي حدّدته للولايات المتّحدة لإنهاء استثناء غير رسمي من العقوبات، وفقًا لبيانات شركة بتروليوس دي فنزويلا الحكومية ورينيتيف إيكون.
ومنحت واشنطن مهلة نهائية لعملاء بتروليوس دي فنزويلا، تتراوح بين أكتوبر/تشرين الأوّل، ونوفمبر/تشرين الثاني، قبل إلغاء الإعفاءات من العقوبات الأميركية التي لا تزال تسمح لبعض الشركات بتلقّي النفط الفنزويلّي بمثابة آليّة للحصول على ديونها المستحقّة، أو مبادلته بالوقود لاعتبارات إنسانيّة بفنزويلا.
- بمليوني برميل شهريًا.. الخام الكندي بديل ريلاينس الهندية لإمدادات فنزويلا
-
فنزويلا مظلمة.. انقطاع الكهرباء في 14 ولاية
-
الصادرات وتراجع المخزونات يرفعان إنتاج نفط فنزويلا في أغسطس
ومن ثمّ، بدأ عدد قليل من العملاء، في سبتمبر/ أيلول، بجدولة شحناتهم الأخيرة، قبل وقف التعامل مع فنزويلا، العضو في منظّمة أوبك، انصياعًا للعقوبات الأميركية.
24 شحنة
غادرت 24 شحنة نفط من موانئ شركة بتروليوس دي فنزويلا الحكومية، في سبتمبر/ أيلول، وعلى متنها نحو 690 ألف برميل يوميًا من النفط الخام ، وهو أعلى معدّل صادرات، منذ أبريل/نيسان، وفقًا للوثائق والبيانات.
أبحرت أكثر من 40% من الشحنات إلى الهند ، تليها الصادرات إلى وجهات أخرى في آسيا والشرق الأوسط. وظلّت الصادرات إلى أوروبّا مستقرّة عند نحو 60 ألف برميل يوميًا.
ولكن، حتّى مع زيادة الشحنات في سبتمبر/أيلول، بلغ متوسّط صادرات فنزويلا من النفط 503 آلاف برميل يوميًا، في الربع الثالث، وهو أدنى مستوى لها منذ أكثر من 70 عامًا، وأقلّ بنسبة 11% عن متوسّط الربع السابق.
شملت صادرات سبتمبر/أيلول، مغادرة الناقلة المملوكة لفنزويلا (ماكسيمو جوركي)، التي تحمل مليوني برميل من الخام الثقيل لعميل لم يُكشف عنه، في ميناء الفجيرة بالإمارات العربية المتّحدة.
ومن المتوقّع أن تبحر، في الأيّام المقبلة، شحنة مماثلة من النفط الفنزويلّي، على متن الناقلة (هورس) التي ترفع العلم الإيراني، إلى شركة النفط الوطنية الإيرانية (NIOC).
وكانت هورس قد نقلت، الشهر الماضي، مكثّفات إيرانية إلى شركة بتروليوس دي فنزويلا.
التعاون مع إيران
زادت إيران وفنزويلا، الخاضعتان للعقوبات الأميركية، من التعاون، هذا العام، لاسيّما في تجارة النفط، ما أثار حفيظة الحكومة الأميركية، التي صادرت، في يوليو/تموز، أكثر من مليون برميل من الوقود الإيراني، يُزعَم أنّها كانت متّجهة إلى فنزويلا، من خلال قضيّة مصادرة مدنيّة.
وزادت فنزويلا المتعطّشة للبنزين -أيضًا- وارداتها النفطية، في سبتمبر/ أيلول، إلى 156 ألف برميل يوميًا من المكثّفات والبنزين والديزل، وهو ما يقرب من ثلاثة أضعاف الكمّية التي وردت في أغسطس/آب، من خلال مبادلات النفط مع عملائها وشركائها التجاريّين.
مع بدء نفاد خيارات حملة الضغط القصوى التي تنتهجها إدارة ترمب، لتضييق الخناق على نظام الرئيس الفنزويلّي نيكولاس مادورو، للتنحّي، والتي فشلت -حتّى الآن- في تحقيق أهدافها، تتحرّك واشنطن حاليًا لإنهاء استثناء غير رسمي من عقوباتها، يسمح بتزويد فنزويلا بوقود الديزل الحيوي لاعتبارات إنسانية، تتمثّل في توليد الطاقة الكهربائية، واستمرار النشاط الزراعي وتوزيع الغذاء.
ومن شأن تلك الخطوة المثيرة للجدل، أن تُفاقِم أزمة انقطاعات الكهرباء ونقص الوقود في فنزويلا، لاسيّما أن مصافي النفط التابعة للدولة تعمل بالكاد.
ورقة انتخابية
من المقرّر أن يجري تنفيذ تلك الخطوة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، وانتخابات الكونغرس، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، ما يسلّط الضوء على الضرورات السياسية المحلّية، التي كانت -منذ فترة طويلة- المحرّك لسياسة البيت الأبيض بشأن فنزويلا.
على عكس نظام العقوبات الرسمية المكثّفة والمتزايدة على فنزويلا، تسامحت واشنطن مع استثناء غير رسمي فيما يتعلّق بإمدادات الديزل، لكنّها لم تفكّر أبدًا -أو تقبل- إصدار إعفاء رسمي، خشية أن تتّبع الشركات الأخرى غير الأميركية ترتيبات مماثلة على الهوامش الضبابية والغامضة لسياسة الولايات المتّحدة حيال فنزويلا.
على عكس ريلاينس -التي ليس لديها عمليات داخل فنزويلا- استخدمت "ريبسول" و"إيني" إعفاء الديزل لاسترداد الديون من شركة النفط الفنزويلية، المتعلّقة بعمليات المنبع الفنزويلّية، خاصّةً حقل بيرلا للغاز الطبيعي البحري، الذي تمتلك الشركتان حصّة 50% منه.
وحتّى الآن، نجحت حكومة الرئيس الفنزويلّي نيكولاس مادورو، في مقاومة الحملة الأميركية لإسقاطه، وبدّدت كلّ التوقّعات بأنّه لن يتحمّل العقوبات المفروضة على صناعة النفط الحيوية، التي تمثّل معظم عائدات البلاد.
حملة الضغط الأقصى
شدّدت الولايات المتّحدة، هذا العام، العقوبات المفروضة على النفط لأوّل مرّة، في يناير/كانون الثاني 2019، لتشمل الناقلات النفطية ومالكيها، مع ترك الديزل بمثابة قناة لتزويد محطّات الطاقة والنشاط الزراعي وتوزيع الغذاء.
بيد أن ترمب -الذي ضاق ذرعًا بـ"مادورو" وصموده- قرّر الآن إغلاق هذه القناة، مع بدء نفاد خيارات "الضغط الأقصى" للولايات المتّحدة، التي لا تصل إلى العمل العسكري.
ويرى المتشدّدون في الإدارة الأميركية، والمعارضة المدعومة من واشنطن، في فنزويلا -التي يديرها في الغالب المنفيّون- أن استثناء الديزل ساعد مادورو على البقاء في السلطة.
لكن بعض مسؤولي المعارضة الأميركيّين والفنزويلّيين داخل البلاد، يُقرّون بأن الوقود ضروري للحفاظ على الحياة اليومية للمواطنين والكهرباء وتشغيل الجرّارات.
وداخل فنزويلا، تعمل شركة النفط الوطنية على إعادة تشغيل وحدات إنتاج البنزين في مصفاتيها "كاردون" وإ"ل باليتو"، اللّتين تبلغ طاقتهما الإنتاجية 305 ألف برميل يوميًا، لكن العمليات لا تزال متقطّعة في أحسن الأحوال، بعد سنوات من سوء الإدارة والإهمال ونقص قطع الغيار الناجم عن العقوبات الأميركية.
وكانت الولايات المتّحدة قد فرضت عقوبات على ما لا يقلّ عن 50 ناقلة معروفة بنقل النفط الخام الفنزويلّي، أو تسليم البنزين إلى البلاد، ما أدّى إلى قطع صادرات النفط، التي هي شريان الحياة الأهمّ لتمويل نظام مادورو.
نتج عن تشديد العقوبات الأميركية إلغاء مشترين أجانب الشحنات، وامتلأت خزّانات النفط، ما أجبر شركة النفط الفنزويلّية على إغلاق بعض آبار النفط. وتدرّ صادرات النفط أكثر من 90% من إيرادات فنزويلا من العملة الصعبة
وفي مايو/أيّار، كان لدى البلاد حفّارة نفطية واحدة قيد التشغيل، بعد أن كانت هناك 25 حفّارة، في بداية العام. وانخفضت الشحنات إلى مستويات لم تشهدها منذ 73 عامًا.