تقارير النفطرئيسيةنفط

ترمب يُشهر آخر ورقة عقوبات ضدّ فنزويلا.. وشركات النفط تستعدّ للتنفيذ

مع صمود مادورو أمام حملة الضغط القصوى

حازم العمدة

اقرأ في هذا المقال

  • واشنطن تغلق نافذة "النفط مقابل الديزل" بعد فشل محاولات تركيع نظام كاراكاس
  • التحرك الجديد يفاقم أزمة الكهرباء ونقص الوقود في البلاد
  • الشركات العالمية تستعد لوقف إرسال شحنات الديزل لفنزويلا نهاية أكتوبر
  • البيت الأبيض يعتزم تنفيذ الخطوة قبل انطلاق سباق الرئاسة في نوفمبر
  • منصات فنزويلا تعاني شللاُ تاماً لعجزها عن بيع إنتاجها بسبب العقوبات
  • إنتاج كاراكاس من النفط الخام يسجل أدنى مستوى منذ عام 1943

مع بدء نفاد خيارات حملة الضغط القصوى التي تنتهجها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لتضييق الخناق على نظام الرئيس الفنزويلّي نيكولاس مادورو، للتنحّي، والتي فشلت -حتّى الآن- في تحقيق أهدافها، تتحرّك واشنطن حاليًا لإنهاء استثناء غير رسمي من عقوباتها، يسمح بتزويد فنزويلا بوقود الديزل الحيوي لاعتبارات إنسانية، تتمثّل في توليد الطاقة الكهربائية، واستمرار النشاط الزراعي وتوزيع الغذاء.

ومع إغلاق هذه النافذة، التي كان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة يغضّ الطرف عنها، تستعدّ شركات النفط التي تزوّد فنزويلا بالديزل، لوقف الشحنات في نهاية أكتوبر/تشرين الأوّل، حسبما أفادت وكالة أرغوس ميديا المعنيّة بالطاقة.

ومن شأن تلك الخطوة المثيرة للجدل، أن تُفاقم أزمة انقطاعات الكهرباء ونقص الوقود في فنزويلا، لاسيّما أن مصافي النفط التابعة للدولة تعمل بالكاد.

تقوم شركات ريبسول الإسبانيّة، وإيني الإيطاليّة، وريلاينس الهندية، بتوريد الديزل مقابل النفط الخام من فنزويلا، والمملوك للدولة في المعاملات المتعلّقة بالديون والمبادلة لأسباب إنسانية، بتصريح -على مضض- من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الذي يدير العقوبات.

في أقصى تصعيد للبيت الأبيض، ضمن حملة العقوبات على "كاراكاس"، ناقشت وزارة الخارجية الأميركية مع المورّدين في الأسابيع الماضية، إنهاء الإعفاء غير الرسمي للديزل من العقوبات.

سباق الرئاسة

من المقرّر أن يجري تنفيذ تلك الخطوة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، وانتخابات الكونغرس، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، ما يسلّط الضوء على الضرورات السياسية المحلّية، التي كانت -منذ فترة طويلة- المحرّك لسياسة البيت الأبيض بشأن فنزويلا.

وفي هذا السياق، يعتزم نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، توقّف حملته الانتخابية عند محطّة مهمّة، هي ولاية فلوريدا، في الأسابيع المقبلة، لتسليط الضوء على سياسة الإدارة الصارمة تجاه فنزويلا، وحليفتها الوثيقة كوبا.

على عكس نظام العقوبات الرسمية المكثّفة والمتزايدة على فنزويلا، تسامحت واشنطن مع استثناء غير رسمي فيما يتعلّق بإمدادات الديزل، لكنّها لم تفكّر أبدًا -أو تقبل- إصدار إعفاء رسمي، خشية أن تتّبع الشركات الأخرى غير الأميركية ترتيبات مماثلة على الهوامش الضبابية والغامضة لسياسة الولايات المتّحدة حيال فنزويلا.

في واحدة من أحدث المعاملات، سلّمت شركة جيما -التي ترفع علم مالطا- شحنة من الديزل منخفض الكبريت، هذا الأسبوع، في محطّة "إل باليتو" التابعة لشركة بتروليوس دي فنزويلا الحكومية، بعد التحميل في ميلاتسو، حيث تدير إيني ومؤسّسة النفط الكويتية المملوكة للدولة، مصفاة بطاقة إنتاجية، تبلغ 235 ألف برميل يوميًا.

على عكس ريلاينس، التي ليس لديها عمليات داخل فنزويلا، استخدمت "ريبسول" و"إيني" إعفاء الديزل لاسترداد الديون من بتروليوس دي فنزويلا، المتعلّقة بعمليات المنبع الفنزويلّية، وخاصّةً حقل بيرلا للغاز الطبيعي البحري، الذي تمتلك الشركتان حصّة 50٪ منه.

وفي بيان أصدرته شركات نفطية أخرى غير أميركية، لا تزال تتعامل تجاريًا مع فنزويلا، قالت الشركة الإيطاليّة: "تقوم إيني برفع الخام الفنزويلّي ضمن خطّة استرداد ائتمان نجم عن مبيعات إنتاج الغاز الطبيعي إلى بتروليوس دي فنزويلا".

وأردفت: "تعمل الشركة، وستعمل، في امتثال كامل لإطار العقوبات الأميركية، وفي ظلّ حوار مستمرّ مع جميع الجهات المختصّة في الولايات المتّحدة"

وحتّى الآن، نجحت حكومة الرئيس الفنزويلّي نيكولاس مادورو، في مقاومة الحملة الأميركية لإسقاطه، وبدّدت كلّ التوقّعات بأنّه لن يتحمّل العقوبات المفروضة على صناعة النفط الحيوية، التي تمثّل معظم عائدات البلاد.

لا خيارات على الطاولة

شدّدت الولايات المتّحدة، هذا العام، العقوبات المفروضة على النفط لأوّل مرّة، في يناير/كانون الثاني 2019، لتشمل الناقلات النفطية ومالكيها، مع ترك الديزل بمثابة قناة لتزويد محطّات الطاقة والنشاط الزراعي وتوزيع الغذاء.

بيد أن ترمب -الذي ضاق ذرعًا بـ"مادوروا" وصموده- قرّر الآن إغلاق هذه القناة، مع بدء نفاد خيارات "الضغط الأقصى" للولايات المتّحدة، التي لا تصل إلى العمل العسكري.

ويرى المتشدّدون في الإدارة الأميركية، والمعارضة المدعومة من واشنطن، في فنزويلا -التي يديرها في الغالب المنفيّون- أن استثناء الديزل ساعد مادورو على البقاء في السلطة.

لكن بعض مسؤولي المعارضة الأميركيّين والفنزويلّيين داخل البلاد، يُقرّون بأن الوقود ضروري للحفاظ على الحياة اليومية للمواطنين والكهرباء وتشغيل الجرّارات.

تقليل الإنتاج

دون وسيلة لاسترداد المدفوعات من شركة "بتروليوس دي فنزويلا" مقابل الغاز، من المرجّح أن تقلّل شركتا ريبسول وإيني، الإنتاج، ما سيؤدّي أيضًا إلى عجز صارخ في محطّات الطاقة الحرارية.

ومن خلال جعل الديزل أكثر ندرة، فإنّه سيسير على نفس طريق البنزين، الذي يباع الآن بما يصل إلى 4 دولارات للّتر، بالنسبة لسائقي السيّارات الفنزويلّيين اليائسين.

وداخل فنزويلا، تعمل بتروليوس دي فنزويلا، على إعادة تشغيل وحدات إنتاج البنزين في مصفاتيها "كاردون" و"إل باليتو"، اللّتين تبلغ طاقتهما الإنتاجية 305 ألف برميل يوميًا، لكن العمليات لا تزال متقطّعة في أحسن الأحوال، بعد سنوات من سوء الإدارة والإهمال ونقص قطع الغيار الناجم عن العقوبات الأميركية.

شلل تامّ

تعاني المنصّات النفطية في فنزويلا، شللًا تاماً، لعجزها عن بيع إنتاجها من الخام، بسبب العقوبات الأميركية، وانهيار القطاع النفطي على وجه الخصوص، حسبما أفادت شركة (بيكر هيوز).

وكانت الولايات المتّحدة قد فرضت عقوبات على ما لا يقلّ عن 50 ناقلة معروفة بنقل النفط الخام الفنزويلّي، أو تسليم البنزين إلى البلاد، ما أدّى إلى قطع صادرات النفط، التي هي شريان الحياة الأهمّ لتمويل نظام مادورو.

ونتج عن تشديد العقوبات الأميركية إلغاء مشترين أجانب الشحنات، وامتلأت خزّانات النفط، ما أجبر شركة النفط الفنزويلّية على إغلاق بعض آبار النفط. وتدرّ صادرات النفط أكثر من 90% من إيرادات فنزويلا من العملة الصعبة

وفي مايو/أيّار، كان لدى البلاد حفّارة نفطية واحدة قيد التشغيل، بعد أن كانت هناك 25 حفّارة، في بداية العام. وانخفضت الشحنات إلى مستويات لم تشهدها منذ 73 عامًا.

ولم تشهد المنصّات النفطية لاستخراج الخام أيّ نشاط، خلال يونيو/حزيران، في مقابل عمل 22 منها، خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وأكثر من مئة، لعام 1998.

وتعتمد فنزويلا كثيرًا على النفط، لكنّها تشهد تراجعًا كبيرًا جدًّا في حقولها النفطية، والآن لم تعد تجد من يشتري نفطها، أو مكانًا لتخزينه.

إنتاج النفط الفنزويلّي

تراجع إنتاج النفط الخام في فنزويلا، للشهر السادس على التوالي، في يونيو/حزيران، ما يعكس الوضع المزري لصناعة النفط في البلاد، الذي ازداد سوءًا مع تشديد العقوبات الأميركية التي تضرب الصادرات، وتراجع الطلب جراء تفشّي جائحة كوفيد-19.

ويعدّ ذلك سلسلة مستمرّة للتراجع في إنتاج النفط الفنزويلّي -وهو مصدر ثروات كبيرة للبلاد لفترة طويلة- في مايو/أيّار، إلى مستويات لم تسجَّل منذ قرابة الثمانين عامًا، ما يفاقم من الأزمة الاقتصادية المخيفة التي يعانيها هذا البلد الأميركي الجنوبي.

54 ألف برميل يوميًا

أشارت منظّمة البلدان المصدّرة للنفط (أوبك)، مؤخّرًا، إلى انخفاض إنتاج فنزويلا، في مايو/أيّار، بـ 54 ألف برميل، عمّا كان عليه إنتاجها في أبريل/نيسان، ليتراجع المجموع إلى 570 ألف برميل يوميًا.

ويندرج هذا التراجع الكبير في إطار تداعي القطاع النفطي الفنزويلّي على مرّ السنوات، في حين كان ينتج 3,2 ملايين برميل يوميًا، قبل 12 عامًا.

وحتّى عام 2018، كانت فنزويلا ترسل 500 ألف برميل من النفط الخام يوميًا، إلى الولايات المتّحدة، وتتلقّى منها 120 ألف برميل يوميًا من النفط الخفيف و البنزين الطبيعي الضروري للتكرير. لكن إدارة الرئيس دونالد ترمب فرضت، في أبريل/نيسان 2019، حظرًا صارمًا على النفط الفنزويلّي.

وتشدّد شركة (أس أند بي غلوبال بلاتس)، من جهة أخرى، على أن كراكاس اضطرّت، في الأسابيع الأخيرة، إلى خفض إنتاج الخام بسبب "محدودية التخزين" و"النقص في النفط الخفيف" لتسييل النفط الثقيل جدًّا، وجعله قابلًا للنقل.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق