وزير الطاقة العماني يرى 40-45 دولارًا لبرميل النفط سعرًا عادلًا حاليًا
مرحلة ما بعد كورونا تتطلّب استثمارات كبيرة
دعا وزير الطاقة العماني د. محمد بن حمد الرمحي، إلى التفكير في مرحلة ما بعد كورونا، لأن تحدّيات أزمة الفيروس فرضت خفض الإنفاق والاستثمارات في مشروعات النفط والغاز حول العالم، وفي حال انتعاش الاقتصاد العالمي ونموّه بـ 3% أو 4%، فلن يكون لدينا إنتاج نفطي كافٍ للحفاظ على هذا النموّ، "لأنّنا لا نستثمر"، حيث يرى أن سعر 40-45 دولارًا للبرميل الآن عادل ومُرضِِ.
وأشار الوزير إلى أن ضعف الاستثمار سيحوّل دور أوبك+ من إدارة الفائض والامتثال بالحصص، إلى إدارة العجز في الإنتاج.
وتراجعت استثمارات الحكومات والشركات العالمية بصورة لافتة، بسبب تفشّي فيروس كورونا، وانخفاض الطلب على النفط، حتّى إن مليارات الدولارات خرجت من قطاع النفط جراء هذه الأزمة.
- لماذا توقّعت الوكالة الدولية للطاقة تراجع الاستثمارات؟
- أبيكورب تخفض توقّعاتها لاستثمارات الطاقة بالشرق الأوسط وإفريقيا حتّى 2024
وقال الرمحي، خلال مقابلة أجراها معه الصحفي نادر إیتیّم من أرغوس ميديا: "إذا كان هناك حلّ لكورونا (إيجاد لقاح)، وعاد الطلب على النفط مثل مستويات ما قبل الأزمة، وقتها ستكون مرحلة الاستثمار، ونحن بحاجة إلى تشجيع الاستثمار في القطاع، وخاصّةً الاستكشاف.. لأنّنا إذا واصلنا على هذا النحو، بحلول نهاية 2021، فلن نحتاج إلى الامتثال (لاتّفاق أوبك+ بشأن تخفيض الإنتاج) أو التحدّث عن التخفيضات، لكنّنا سنحتاج إلى إدارة النقص (في الإنتاج).. وهذا هو الخطر الذي لا نريده، حتّى لفترة قصيرة".
كان وزير النفط السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، قد قال في الاجتماع الأخير للجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج لدول أوبك+، إن متوسّط توقّعات أوبك ووكالة الطاقة وإدارة معلومات الطاقة تشير إلى أن الطلب العالمي على النفط قد يتعافى بداية العام المقبل، وقال الرمحي في هذا الصدد: "إذا تحقّقت تلك التوقّعات، بحلول الربع الأوّل من العام المقبل، فإن الطلب سيتعافى إلى 90% -على الأقلّ- ممّا كنّا عليه".
إستراتيجية أوبك+
قال وزير الطاقة العماني، في مقابلته مع أرغوس ميديا، إن إستراتيجية أوبك+ في خفض الإنتاج نجحت، وبدأت تؤتي ثمارها، من خلال الحفاظ على استقرار السوق، مشيرًا إلى ارتفاع أسعار النفط إلى 40-45 دولارًا للبرميل، والذي رآه سعرًا عادلًا ومرضيًا حاليًّا، إذ إن الأسعار ارتفعت من أقلّ من 20 دولارًا للبرميل، في أبريل/نيسان الماضي.
وعزا الرمحي السبب في اعتقاده بأن أسعار 40-45 دولار للبرميل عادلة ومرضية، إلى أن اتّخاذ أيّ إجراءات أخرى أكثر حدّة من حيث تخفيض أكبر للإنتاج، حتّى تعود الأسعار لمستويات عند 60 دولارًا للبرميل، سيؤثّر سلبًا في المستهلكين، لأنّهم يعانون أيضًا، لكن يبدو أن هناك حالة رضا في السوق، بوجود نموّ في الطلب. موضّحًا: "كان مصدر قلقنا الأكبر هو تراجع الطلب الذي كان يتعافى".
السعر العادل لبرميل النفط
تطرّق الرمحي ،في حواره الصحفي، إلى السعر العادل لبرميل النفط، والذي يثير لغطًا عند بعضهم، بسبب صعوبة المعادلة، لأنّه، في 2019، كان يُعتقَد أن السعر العادل يتراوح بين 60 و 70 دولارًا للبرميل. وقال الوزير في هذا الصدد، إن السعر الحالي عند 40-45 دولارًا للبرميل يعدّ سعرًا عادلًا للنفط، وفق معطيات الاقتصاد العالمي من أزمة كورونا، وتراجع الطلب على النفط، وزيادة المخزونات، وأرجع نجاح استقرار الأسعار عند هذه المستويات إلى مجهودات أوبك+.
وبنظرة عامّة إلى الظروف الحاليّة، مع تأثير كوفيد-19، على النمو ّالاقتصادي العالمي، "فأعتقد أن كلّ بلد في العالم -تقريبًا- لديه ناتج محلّي إجمالي سلبي.. ومن ثمّ، فإن 45-50 دولارًا للبرميل، لمدّة عام أو عامين، أمر عادل".
استمرار الامتثال لتخفيضات أوبك+
أمّا عن استمرار الامتثال لاتّفاق أوبك+، حتّى لو ارتفعت الأسعار، خلال العام المقبل، فقد أوضح الرمحي، أن استمرار التزام الدول الأعضاء مهمّ، عندما يتعلّق الأمر بمستقبل صناعة النفط، والاستثمار فيها.
أضاف الوزير، أن اتّفاق أوبك+ لخفض الإنتاج جاء ليساعد قطاع النفط على الاستمرار، من خلال الحفاظ على التوازن بين خفض الإنفاق والإمدادات المناسبة للسوق. مشيرًا إلى أن أسهل طريقة للوفاء بالتزاماتك هي إنفاق أقلّ (أو خفض الإنفاق)، لكن يجب أن "تنفق لتجنّب التدهور الطبيعي".
وأشار إلى أن التزام الدول الأعضاء في أوبك+ سيبقى، وأن ما يضمن الالتزام بالحصص الإنتاجية، في الفترات القادمة، هو أن زيادة الإنتاج تتطلّب المزيد من الإنفاق، إلّا أن الحكومات في حالة شدّ الأحزمة الآن، وليس هناك رغبة في زيادة الإنفاق.
وأوضح: "أسهل طريقة للالتزام بالحصص هو أن تخفض الإنفاق، وتخفيض الإنفاق أمر مفضّل جدًّا هذه الأيّام.. وزراء الماليّة في دول أوبك+ يرحّبون بذلك. عندما أذهب لوزارتنا، وأقول لهم: أريد أن أنفق أقلّ، يقولون: رائع!. وإذا لم أنفق، لا أنتج. ولكن عليك أن تنفق لتلافي الهبوط الطبيعي في الإنتاج".
أضاف: "والاستثمار اليوم لا يعطيك نتائج غدًا. لعدد منّا، عليك أن تستثمر اليوم، ثمّ تنتظر حتّى ترى ثمار هذا الاستثمار. حتّى الولايات المتّحدة تعاني من ضعف التدفّقات الماليّة للإبقاء على مستويات إنتاج النفط الصخري. وهذا ما يحدث في عمان وعدد من دول أوبك+. ربما لدى بعضهم احتياطات كبيرة، ويستطيعون عمل شيء ما، ولكن أضمن لك أن 70% إلى 80% من هذه الدول لديها مشكلة في التدفّقات النقدية للاستمرار في أيّ شيء".
وختم بقوله: "لهذا، فإن أبسط حلّ هو أن تلتزم (بالحصّة الإنتاجية)، خفّض الإنتاج، وغالبًا ما ستُعوّض عن ذلك: أَنفِق أقلّ لتربح أكثر. ولكن هذا الهدف لا يمكن الوصول إليه، إلّا إذا اقتنع الجميع بذلك".