العراق تعتزم توقيع مذكّرة تفاهم مع شيفرون.. وصفقة ناقلتي نفط مع شركة نرويجية
بعد أيّام من فوز شركة يابانية بعقد تجديد مصفاة البصرة
حازم العمدة
تعتزم العراق توقيع مذكّرة تفاهم مع شركة النفط الأميركية شيفرون للتنقيب عن النفط في محافظة ذي قار، جنوب البلاد، حسبما صرّح مصدر مطّلع لوكالة بلومبرغ.
يأتي ذلك، فيما أعلنت العراق إبرام صفقة مع شركة نرويجية لتشييد ناقلتي نفط وتعزيز أسطول ناقلاتها المتضرّر، وذلك بعد أيّام قليلة من إعلان الشركة الهندسية اليابانية "جيه.جي.سي"، فوزها بعقد لتجديد المصفاة النفطية في مدينة البصرة، جنوب العراق، في صفقة تصل إلى قرابة 400 مليار ينّ ياباني.
وقال المصدر: إن الاتّفاق يُضفي الطابع الرسمي على اهتمام شيفرون باستكشاف النفط في الأجزاء الشرقية والغربية من مدينة الناصرية، عاصمة محافظة ذي قار، لكنّه أوضح أن المذكّرة لا تشمل المناطق التي تضمّ بالفعل حقول نفط أو مناطق جرى الاتّفاق على الاستكشاف فيها.
كانت شيفرون قد بدأت المحادثات مع العراق -ثاني أكبر منتج للنفط في منظّمة البلدان المصدّرة للبترول (أوبك)- قبل عامين، واستأنفت الاجتماعات مع مسؤولي وزارة النفط مؤخّرًا.
وأكّدت "بلومبرغ" أن وصول شيفرون إلى مرحلة إنتاج النفط في العراق قد يستغرق سنوات، لكن الشركة -التي مقرّها في ولاية كاليفورنيا الأميركية- ترغب في الاستفادة من التراجع الحالي في أسعار النفط، من أجل الحصول على حقوق تنقيب عن النفط العراقي -الذي يتّسم بالجودة- بأفضل الشروط.
في الوقت ذاته، تحوّل شركات النفط الأوروبّية اهتمامها نحو مصادر الطاقة النظيفة، وتقلّص شركة إكسون موبيل الأميركية نفقاتها الاستثمارية.
وأورد مؤشّر داو جونز الاقتصادي مذكّرة التفاهم المنتظرة بين العراق وشيفرون، في وقت سابق، مضيفًا، إنّه من المقرّر إعلانها رسميًا خلال الأسبوع الجاري، عندما يزور رئيس وزراء العراق، مصطفى الكاظمي، العاصمة الأميركية واشنطن.
صفقة جديدة مع شركة نرويجية
توصّلت العراق، اليوم الثلاثاء، إلى اتّفاق مع شركة باتسرفيس ماندال النروجية لبناء السفن، يتضمّن تشييد ناقلتي نفط، تبلغ سعة الواحدة منهما 30 ألف طنّ.
وأكّد وزير النفط العراقي، إحسان عبدالجبار، في بيان صحفي اليوم، أن بغداد ستتسلّم الناقلتين في غضون 18 شهرًا، وأن الاتّفاق يأتي في إطار جهود الوزارة لإعادة بناء أسطول الناقلات الذي تضرّر بسبب عقود من الحرب.
تجديد مصفاة نفط البصرة
في 13 أغسطس/آب الجاري، قالت الشركة الهندسية اليابانية "جيه.جي.سي"، في بيان صحفي، إن صفقة تجديد المصفاة النفطية في البصرة تُعدّ واحدة من أكبر برامج مساعدات إعادة الإعمار المقدّمة من اليابان للعراق ما بعد الحرب، ومن المقرّر أن تعمل بطاقة 55 ألف برميل يوميًا.
وأشارت إلى تمويل المشروع بقروض منخفضة الفائدة، بالينّ، من وكالة التعاون الدولي اليابانية "جايكا" الحكومية، ليتمّ المشروع في عام 2025.
وبموجب المشروع، ستُوسَّع طاقة إنتاج البنزين وزيت الغاز في مصفاة البصرة، التي بُنيت في السبعينات، إلى أكثر من ضعف الكمّية الحاليّة.
ومن المقرّر أن يعمل في المشروع زهاء 7 آلاف من السكّان المحلّيين، بالإضافة إلى ذلك، من المتوقّع أن توظّف المصفاة 2000 شخص، بعد التجديد.
صادرات النفط العراقية
كانت وزارة النفط العراقية، قد أعلنت تراجع صادرات النفط خلال يوليو/تمّوز الماضي، التزامًا باتّفاق (أوبك+) لتخفيض الإنتاج، إذ بلغت كمّية صادرات الخام 2.7 مليون برميل يوميًا، بإجمالي 85.663.290 مليون برميل، وإيرادات بلغت نحو 3.5 مليار دولار.
وتعدّ العراق ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظّمة (أوبك)، وتصدّر عادةً قرابة 3.5 مليون برميل يوميًا، وتعتمد موازنة الدولة على عائدات النفط بأكثر من 90%.
وبعد التركيز على النفط الصخري الأميركي، على مدى السنوات الثلاث الماضية، يبدو أن شركة شيفرون تكثّف نشاطها حاليًا في الشرق الأوسط، من خلال شرائها لشركة نوبل إنرجي التي تعمل في حقل غاز إسرائيلي ضخم، وسعيها لزيادة الإنتاج من المنطقة المقسّمة بين المملكة العربية السعودية والكويت.
في أوّل صفقة كبيرة، منذ أن هزّت جائحة فيروس كورونا المستجدّ صناعة الطاقة، استحوذ عملاق الطاقة الأميركي (شيفرون) على شركة نوبل إنرجي الشهر الماضي، في اتّفاق مبادلة أسهم، تُقدَّر على أساسه قيمة منتج النفط والغاز، الذي يتّخذ من هيوستن مقرًّا، بنحو خمسة مليارات دولار.
وتسعى شيفرون- ومقرّها سان رامون بولاية كاليفورنيا-، منذ العام الماضي، لشراء أصول نفطيّة، ومع انخفاض أسعار النفط الخام بأكثر من 30٪ هذا العام
ويبلغ إجمالي قيمة الصفقة -بما في ذلك الديون التي ستتحمّلها شيفرون- 13 مليار دولار.
يأتي عرض شيفرون بعد مرور أكثر من عام على اضطرارها التخلّي عن عرض للاستحواذ على أناداركو بتروليوم، التي فازت بها أوكسيدنتال بتروليوم، مقابل 38 مليار دولار.
ترحيب إسرائيلي
يعدّ استحواذ شيفرون على نوبل إنيرجي أمرًا مهمًّا بالنسبة لإسرائيل، لأنها حظيت -أخيرًا- بحضور واحدة من أكبر شركات الطاقة في العالم، حسبما أفاد موقع "كالكاليست" الإسرائيلي.
وتمتلك الشركة حيازات مختلفة في احتياطيات الغاز، وهي شريك لشركة Delek في حوض أفروديت القبرصي.
واستحوذت مجموعة ديليك على أصول نفط بحر الشمال لشركة شيفرون، في نهاية عام 2019، بقيمة 1.65 مليار دولار.
وكانت نوبل إنرجي شريكًا لشركة "ديليك ديبيرلنج" في العثور على جميع احتياطيات الغاز، قبالة سواحل إسرائيل.
وبعد الصفقة، رحّب وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، بدخول شيفرون إلى قطاع الطاقة الإسرائيلي، بقوله: "إن الاستحواذ على شركة نوبل إنرجي، من قبل عملاق الطاقة الأميركي شيفرون، هو تعبير هائل عن الثقة في قطاع الطاقة الإسرائيلي، وفي التطوير المستمرّ، وتصدير الغاز الطبيعي من إسرائيل".
النفط الصخري
وتضرّر منتجو النفط الصخري بشدّة مع انهيار أسعار النفط، في أبريل/نيسان، بسبب جائحة فيروس كورونا، وحرب أسعار دارت لفترة وجيزة بين السعودية وروسيا، ما دفع العديد من الشركات إلى التماس الحماية القضائية من الإفلاس، تحت مايسمّى بـ "فصل 11".
وعلى الرغم من أن الأسعار تعافت من أدنى مستوياتها، إلّا إنّها مازالت ضعيفة، وتُنذر موجة جديدة من حالات الإصابة بمرض كوفيد-19 بعرقلة انتعاش الطلب على الوقود.
وتتحمّل شركات الطاقة ديونًا ضخمة، حتّى قبل أن ينتشر فيروس كورونا، وتهوي أسعار الطاقة في كلّ مكان، جراء انهيار الطلب على النفط، ومن ثمّ، فإن نوبل ليست استثناء لذلك.
وفي هذا السياق، أعلنت شركة هاليبرتون لخدمات الطاقة، خسارة ربع سنوية، بلغت نحو 1.7 مليار دولار، وكان ذلك أفضل ممّا توقّعه محلّلو الصناعة.
كما تقدّمت شركة تشيسابيك إنرجي -الرائدة في مجال النفط الصخري، والتي كانت يومًا واحدة من أكبر منتجي الغاز الطبيعي في العالم- بطلب لحمايتها من الإفلاس، الشهر الماضي.