اتّفاق نفطي "أميركي كردي" يثير غضب دمشق وأنقرة أيضًا
بومبيو يعدّها صفقة "يمكن أن تكون قويّة للغاية"
- تحتاج دمشق إلى 146 ألف برميل من النفط الخام يوميًا تنتج منهم حاليًا 24 ألف برميل يوميًا
- سوريا تصف الاتفاق بأنه "سرقة واعتداء" وأنقرة تقول إنه غير مقبول ويمول الإرهاب
- الولايات المتحدة تقول إن الصفقة استغرقت وقتًا أطول بقليل مما كنّا نأمل
رغم الاختلاف السياسي الشديد بين سوريا وتركيا، إلّا أنّهما تطابقا في إدانتهما لاتّفاق شركة نفط أميركية مع مجموعة أكراد يسيطرون على الشمال السوري، في الوقت الذي تعاني فيه دمشق من فجوة يوميّة من النفط، بنحو 122 ألف برميل من الخام.
تحتاج دمشق إلى 146 ألف برميل من النفط الخام يوميًا، تنتج منها حاليًا قرابة 24 ألف برميل يوميًا، من نحو 400 ألف برميل يوميًا، قبل اندلاع النزاع الدائر، منذ عام 2011 وحتّى الآن، في البلاد.
تركيا تندّد
ندّدت تركيا بالاتّفاق ووصفته بأنّه "غير مقبول"، حيث أبرمته قوّات سوريا الديموقراطية التي تسيطر على شمال شرق سوريا، وشركة نفطية أميركية، إذ ترى أنّه يسهم في تمويل الإرهاب.
ولم تعلّق الإدارة الذاتية الكردية، ولا قوّات سوريا الديموقراطية المدعومة أميركيًا على الأمر، لكنّ مسؤولين في واشنطن تحدّثوا عن اتّفاق "لتطوير حقول النفط" بدون ذكر اسم الشركة الأميركية، أو تقديم مزيد من التفاصيل، غير أن وزارة الخارجية التركيّة أوضحت في بيان أن الاتّفاق أبُرم مع شركة "دلتا كريسنت إنرجي".
وجاء في البيان، اليوم الإثنين: "نأسف للدعم الأميركي لهذا الأمر الذي يتجاهل القانون الدولي، والذي يمتّ إلى تمويل الإرهاب" مبيّنًا أنّ الاتّفاق "غير مقبول".
وتشنّ تركيا مع فصائل سوريّة موالية لها، هجومًا على المقاتلين الأكراد في شمال سوريا، هو الثالث بعد هجوم أوّل عام 2016، سيطرت خلاله على مدن حدودية عدّة، وثاني عام 2018، سيطرت خلاله على منطقة عفرين الكردية، متسبّبة بنزوح عشرات الآلاف من السكّان.
وتُعدّ أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوّات سوريا الديموقراطية، "إرهابية"، وتراها امتدادًا لحزب العمّال الكردستاني، الذي يخوض تمرّدًا ضدّها، منذ عقود.
وينفّذ الجيش التركي بانتظام عمليات في تركيا، ضدّ مقاتلي حزب العمّال الكردستاني، الذي تعدّه أنقرة منظّمة إرهابية.
وتحذّر قوّات سوريا الديمقراطية، وفق وسائل إعلام كردية، من أطماع للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في نفط سوريا، والتي تظهر جليًّا في تحرّكاته في المنطقة، وهي نفس الأطماع التي حرّكت أنقرة إلى ليبيا.
دمشق تعدّ الاتّفاق "سرقة"
سبقت أنقرة، دمشق التي ندّدت، أمس الأحد، بالاتّفاق، إذ ترى أنّه "سرقة" واعتداء على السيادة السوريّة.
وكان السناتور الجمهوري الأميركي، ليندسي غراهام، المعروف بعلاقته الوطيدة مع القياديّين الأكراد في سوريا، قد قال، الخميس الماضي، في جلسة استماع بالكونغرس: إنّه تحدّث في اليوم السابق عن الصفقة مع القائد العامّ لقوّات سوريا الديموقراطية.
وتابع غراهام: "يبدو أنّهم وقّعوا صفقة مع شركة نفط أميركية، لتطوير حقول النفط في شمال شرق سوريا". وردًّا على سؤال لغراهام خلال الجلسة في الكونغرس، أكّد وزير الخارجية، مايك بومبيو، أن الولايات المتّحدة تدعم الاتّفاق.
وقال بومبيو: "استغرقت الصفقة وقتًا أطول بقليل ممّا كنّا نأمل، ونحن الآن في مرحلة التنفيذ"، مضيفًا أن الصفقة "يمكن أن تكون قويّة للغاية".
وتعاني سوريا - خصوصًا في العامين الأخيرين - نقصًا كبيرًا في موارد الطاقة، لا سيّما البنزين وأسطوانات الغاز المنزلي، ما دفع الحكومة الى اتّخاذ سلسلة إجراءات تقشّفية، تباعًا، بهدف ترشيد الاستهلاك.
وكان وزير النفط السوري، علي غانم، قد أكّد في مايو/أيّار الماضي، أن بلاده تحتاج إلى 146 ألف برميل من النفط الخام يوميًا، في حين إن ما يُنتج حاليًا هو 24 ألف برميل.
وقالت الخارجية السوريّة، في بيان: إن دمشق تدين "بأشدّ العبارات" الاتّفاق الموقّع، مؤكّدةً أنّها تعدّه "باطلًا ولا أثر قانونيًا له". أضافت، إن الاتّفاق "يعدّ سرقة بين لصوص تسرق، ولصوص تشتري" ويشكّل اعتداءً على السيادة السوريّة.
الأكراد ودور سماسرة النفط
وفقًا لوسائل إعلام كردية، أبرمت شركة "دليتا كريسنت أل أل سي" الأميركية، الاتّفاق، ومدّته 25 عامًا قابلًا للتجديد، وأن الاتّفاق يشمل حقول رميلان النفطية، الواقعة في أقصى شمال شرقي سوريا.
وتُقدّر الآبار في منطقة رميلان بأكثر من 1300، علاوةً على وجود عدد محدود من حقول الغاز في المنطقة ذاتها. ويمنح الاتّفاق الشركة الأميركية الحقّ في تحديث آبار النفط، الواقعة في مناطق سيطرة الأكراد، شرقي الفرات.
وتسهم تلك الخطوة في تكريس الولايات المتّحدة الأميركية لسيطرة قوّات سوريا الديمقراطية على المناطق الخاضعة لها، ويدعم الاتّفاق - وفق قوّات سوريا الديمقراطية - على مساعدتها في الخروج من عباءة سماسرة النفط، الذين كانوا يقومون بدور الوساطة لنقل إمدادات الطاقة إلى مصفاتي حمص وبانياس في مناطق سيطرة الحكومة السوريّة.