التقاريرتقارير النفطرئيسيةسلايدر الرئيسيةنفط

خطوة جديدة تمهّد الطريق نحو إنهاء الحصار النفطي في ليبيا

فرقاء ليبيا يوافقون على "مراجعة ماليّة دوليّة" للبنك المركزي

حازم العمدة

اقرأ في هذا المقال

  • الموافقة تفي بأبرز شروط حفتر لرفع الحصار واستئناف إنتاج وصادرات النفط الليبية
  • مواجهة البترودولار تعكس رهانات أطراف الحرب الأهلية في البلاد
  • التدقيق الدولي للبنك المركزي يأتي بعد أشهر من الضغوط وتهديد واشنطن بفرض عقوبات
  • الحصار النفطي المستمر منذ 6 أشهر يحرم ليبيا من 7.5 مليار دولار ويضع الحكومة تحت ضغوط مالية هائلة

في خطوة قد تمهّد الطريق نحو إنهاء الحصار النفطي، الذي يشلّ هذه الصناعة الحيوية، أعلنت الأمم المتّحدة، في وقت متأخّر الإثنين، أن المسؤولين الليبيّين سيسمحون "بمراجعة ماليّة دوليّة" طال انتظارها للبنك المركزي في البلاد.

وأوائل الشهر الجاري، وضعت قوّات الجنرال الليبي، خليفة حفتر، شروطًا لرفع الحصار، أبرزها إجراء مراجعة دوليّة للتحقيق في إنفاق البنك المركزي على مدى السنوات القليلة الماضية، واتّخاذ إجراءات صارمة ضدّ الفساد المزعوم في قطاع النفط. كما يطالبون بآليّة مستقلّة لتوزيع الإيرادات بشكل عادل إلى الشرق المهملة منذ وقت طويل.

والنفط والمال الليبيان أصول إستراتيجية، أشعلت الصراع بين الإدارات والميليشيات المتنافسة في البلاد، منذ الانتفاضة المدعومة من حلف الناتو، عام 2011، التي أطاحت بالديكتاتور الليبي معمر القذافي، والذي قُتل في وقت لاحق.

تمتلك ليبيا أكبر احتياطيات نفطية مثبتة في إفريقيا، وتكشف المواجهة حول البترودولار إلى أيّ مدى تعدّ ثروات ليبيا دائمًا هي الرهانات الحقيقية للحرب الأهلية العميقة في البلاد.

في السنوات الأخيرة، انقسمت البلاد بين حكومة مدعومة من الأمم المتّحدة في العاصمة طرابلس، وأخرى في الشرق موالية للجنرال العسكري، خليفة حفتر.

ضغوط وتهديدات

وتأتي الموافقة على المراجعة، بعد أشهر من الضغط الدولي. ففي وقت سابق من يوليو/تمّوز، ندّدت السفارة الأميركية في ليبيا بـ "العرقلة غير القانونية للتدقيق (المراجعة) الذي طال انتظاره" ، وهدّدت بفرض عقوبات على "أولئك الذين يقوّضون الاقتصاد الليبي".

يشار إلى أن البنك المركزي الليبي مستودع لمليارات الدولارات سنويًا من عائدات النفط، فضلًا عن الاحتياطيات الأجنبية. وفي عام 2014، انقسم المصرف على طول خطوط الصدع السياسي الأوسع في البلاد. ولا يزال المقرّ الرئيس المعترف به دوليًا في طرابلس، بينما جرى إنشاء فرع شرقي متحالف مع حفتر في بنغازي.

من جانبها، رحّبت بعثة الأمم المتّحدة في ليبيا بالمراجعة الماليّة الدوليّة، بصفتها "خطوة حاسمة" نحو تحسين الشفافية والمساءلة في النظام المالي الليبي.

وأضافت أن شركة ديلويت -التي تتّخذ من لندن مقرًّا لها- ستُجري مراجعة الحسابات لكلا المصرفين.

وأكّد رمزي آغا -أحد كبار المسؤولين في البنك المركزي، ومقرّه الشرق- أن الاستعدادات للتدقيق اكتملت، متوقّعًا أن تبدأ المراجعة الأسبوع المقبل.

وقال آغا: "نحن جاهزون ومستعدّون للمشاركة في هذه المراجعة".

ولم يتسنّ الحصول على تعليق من مسؤولي البنك المركزي في طرابلس.

ولم يوضّح بيان الأمم المتّحدة العقبات التي عاقت عملية المراجعة، منذ أن وافق محافظا البنكين على شروطها، في خريف عام 2018. لكن المسؤولين الليبيّين اتّهموا مرارًا محافظ البنك المركزي في طرابلس، صادق الكبير، بالعرقلة، وطالبوا بإقالته.

وفي بيان، أصدره في وقت سابق من الشهر الجاري، قال الفرع الشرقي، إن العقبات التي يفرضها البنك-الذي يتّخذ من طرابلس مقرًّا له- دفعت المدّعي العامّ للتدخّل، لدفع عملية المراجعة إلى الأمام.

ونفى البنك-الذي يتّخذ من طرابلس مقرًّا له- هذه المزاعم، قائلًا: إنّه "يؤكّد استعداده للتدقيق الذي طلبه منذ عام 2016".

وقف الإنتاج

تصاعدت التوتّرات بشأن ثروات ليبيا، في وقت سابق من هذا العام، عندما أغلقت القبائل الموالية لحفتر في المنطقة الشرقية الغنيّة بالنفط خطوط الأنابيب والمحطّات الرئيسة، متّهمةً المصرف بتحويل عائدات النفط لتوفير المرتّبات والإمدادات للمرتزقة المدعومين من تركيا، الذين يتصدّون لحملة حفتر، الرامية إلى الاستيلاء على العاصمة.

وحرم الحصار النفطي -الذي استمرّ ستّة أشهر- مؤسّسة النفط الوطنية -ومقرّها طرابلس- من عائدات تصل إلى 7.5 مليار دولار تقريبًا، ووضع الحكومة المدعومة من الأمم المتّحدة تحت ضغوط ماليّة هائلة.

وتراجع إنتاج النفط بشكل كبير، منذ منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، إلى ما دون 100 ألف برميل، بعدما كان يتجاوز 1.2 مليون برميل يوميًا، عقب إيقاف التصدير من موانئ رئيسة في منطقة الهلال النفطي شرق البلاد، من قبل القبائل الليبيّة وبدعم من "الجيش الوطني"، مطالبين بالتوزيع العادل للثروة، والتحقيق في عمليات البنك المركزي، وعدم صرف إيرادات النفط على المسلّحين في غرب ليبيا.

القوّة القاهرة

وفي العاشر من يوليو/ تمّوز، رفعت المؤسّسة الوطنية حالة القوّة القاهرة عن جميع صادرات الخام، مع تحميل أوّل ناقلة من ميناء السدرة، بعد إغلاق استمرّ ستّة أشهر من جانب الجيش الوطني الليبي، لكنّها قالت، إن مشكلات فنّية ناجمة عن الإغلاق، ستُبقي الإنتاج منخفضًا.

وتتولّى المؤسّسة الوطنية -وفقًا للترتيبات الحاليّة المدعومة من الأمم المتّحدة- إنتاج وتصدير النفط، وتتدفّق إيراداته على البنك المركزي الليبي.

وصرّحت مصادر ليبيّة لمنصّة "الطاقة"- رفضت الكشف عن هويّتها لحساسيّة القضيّة- بأن بعض الحقول استأنفت الإنتاج، كحقول آمال و السرير و النافورة و مسلة و غيرها، و إن كان بكمّيات صغيرة.

وذكرت المصادر أن تعليمات صدرت لباقي المشغّلين- ممّن ليس لديهم سعة تخزينية، أو عندهم معوقات فنّية، أو أوامر بعدم استئناف الإنتاج من حرس المنشآت- بأن يستعدّوا لبدء الإنتاج، لاسيّما شركتا أكاكوس و مليته مشغّلتا حقلي الشرارة و الفيل في أقصى الجنوب الغربي.

وكانت المؤسّسة قد أعلنت في شهر يناير / كانون الثاني الماضي، حالة "القوّة القاهرة"، بعد إيقاف صادرات النفط من موانئ البريقة ورأس لانوف والحريقة والزويتينة والسدرة.

والقوّة القاهرة في القانون والاقتصاد، هي أحد بنود العقود، الذي يعفي كلا الطرفين المتعاقدين من التزاماتهما، عند حدوث ظروف قاهرة خارجة عن إرادتهما، مثل الحرب أو الثورة أو إضراب العمّال، أو جريمة أو كوارث طبيعية كزلزال أو فيضان. وقد يمنع أحد تلك الأحداث طرفًا من التعاقد -أو الطرفين معًا- من تنفيذ التزاماتهما، طبقًا للعقد.

وأشارت إلى أن زيادة الإنتاج واستعادة مستويات إنتاج ما قبل توقّفه (قرابة 1,2 مليون برميل يوميًا) ستستغرقان وقتًا طويلًا، "نتيجة الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبُنية التحتيّة، بسبب الإغلاق المفروض منذ 17 كانون الثاني/يناير 2020".

ومؤخّرًا، ناشدت المؤسّسة الوطنية دولًا إقليمية لم تسمّها، برفع ما وصفته بالحصار المفروض على إنتاج النفط الليبي، مؤكّدةً إجراء مفاوضات مع تلك الدول، في ذلك الصدد.

تصعيد حرب الوكالة

وأثارت المواجهة بشأن عائدات النفط الليبية مخاوف من تصعيد جديد في حرب بالوكالة، حيث تحشد الأطراف المتصارعة قوّاتها لخوض معركة حول مدينة سرت الساحلية، البوّابة إلى محطّات تصدير النفط الرئيسة في البلاد، والتي تخضع لسيطرة حفتر.

ومن الصعب التكهّن بشكل الدولة التي ستخرج من هذا الصراع، حيث تجري تعبئة حشود عسكرية ضخمة في سرت، و حول الحقول في حوض سرت النفطي، وهو تطوّر لا ينذر بخير، لأن حجم القوّات و العتاد و المعدّات العسكرية كبير جدًّا و لم تشهد ليبيا لها مثيلًا منذ الحرب العالمية الثانية.

تريد تركيا -الراعي الرئيس للحكومة المدعومة من الأمم المتّحدة- أن تتقدّم القوّات المتمركزة في طرابلس إلى سرت، للوصول إلى حقول النفط المحاصرة.

وهدّدت مصر -التي تدعم حفتر مع روسيا والإمارات- بنشر قوّات في ليبيا المجاورة، إذا هاجمت القوّات المدعومة من تركيا المدينة، ما يهدّد بوقوع اشتباك مباشر مع عضو الناتو.

والتقى جوشوا هاريس -نائب رئيس البعثة في السفارة الأميركية في ليبيا-، الإثنين، مسؤولين في مدينة مصراتة الغربية، لبحث كيفيّة منع الهجوم على سرت، وإعادة فتح قطاع النفط في البلاد، وتسريح الميليشيات، وفقًا لبيان السفارة.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق