التقاريرتقارير الطاقة المتجددةرئيسيةسلايدر الرئيسيةطاقة متجددة

جولة جديدة من حرب "زيت النخيل" بين أوروبّا وجنوب شرق آسيا

إندونيسيا وماليزيا تصعّدان المواجهة أمام منظّمة التجارة العالمية

حازم العمدة

اقرأ في هذا المقال

  • الاتحاد الأوروبي يهدف للتخلص من استخدام زيت النخيل في إنتاج الوقود بحلول 2030
  • فرنسا تستبعد الوقود القائم على زيت النخيل من حوافز الطاقة المتجددة

في جولة جديدة من الحرب التجارية حول زيت النخيل المستخدم في صناعة الوقود الحيوي، يعدّ كبار منتجي الزيت في جنوب شرق آسيا والعالم - لاسيّما إندونيسيا وماليزيا- العدّة، ويسعون لاستخدام كلّ الأسلحة الممكنة ضدّ الاتّحاد الأوروبّي الذي يفرض قيودًا تلو الأخرى، لتقليل الاعتماد على المصدر المهمّ من مصادر الطاقة المتجدّدة، وهو ما تصفه جاكرتا وكوالالمبور بأنّها سياسة تمييزية، تستهدفهما في المقام الأوّل.

وزيت النخيل هو زيت نباتي يُستخرج من لبّ ثمرة نخيل الزيت ( Palm Oil guineensis Elaeis)، ولون ثمرة نخيل الزيت الطبيعي أحمر، وذلك لاحتوائه على مادّة بيتا-كاروتين، وهو أحد الزيوت النباتية المشبعة. ويحتوي زيت النخيل على أحماض دهنية، أهمّها حامض البالمتك، الذي يستمدّ منه اسم النبات، كذلك حامض الستياريك، حامض الميرستك، حامض الأوليك، وحامض اللينوليك، وأحماض أخرى.

من المقرّر أن تقدّم إندونيسيا طلبها الثاني لتشكيل لجنة تحقيق، في الاجتماع المقبل لهيئة تسوية المنازعات التابعة لمنظّمة التجارة العالمية، المقرّر انعقاده في 29 يوليو/تمّوز، ضدّ مقترحات الاتّحاد الأوروبّي للتخلّص التدريجي من الوقود الحيوي القائم على زيت النخيل، بحلول عام 2030، في إطار ما يسمّى التوجيه الثاني للطاقة المتجدّدة.

ومن شبه المؤكّد قبول الطلب، ما لم يوافق جميع الأعضاء في الاجتماع على رفضه، وهو أمر غير مرجّح، حيث تدعم ماليزيا -وهي منتج رئيس على مستوى العالم- التحرّك الإندونيسي.

تحرّك ماليزي

ستقدّم ماليزيا دعوى خاصّة بها، ضدّ الاتّحاد الأوروبّي، من خلال هيئة تسوية المنازعات في منظّمة التجارة العالمية على أسس مماثلة، بالإضافة إلى تقدّمها بصفة طرف ثالث داعم لموقف إندونيسيا. لكنّها لم تحدّد جدولًا زمنيًا لهذه الخطوة.

ويصنّف توجيه الاتّحاد الأوروبّي الثاني للطاقة المتجدّدة الموادّ الأوّلية لزيت النخيل على أنّها تنطوي على مخاطر عالية، جراء التغيّر غير المباشر في استخدام الأراضي، ما دفع الاتّحاد إلى إصدار لوائح تنظيمية ستقضي تدريجيًا على استخدام زيت النخيل في إنتاج الوقود الحيوي، في الفترة من عام 2023 إلى 2030.

ومن المقرّر أن يزيد استخدام الوقود المنتج من مصادر الطاقة المتجدّدة في النقل، من 10% عام 2020، إلى 14٪ بحلول عام 2030، بموجب التوجيه الأوروبّي.

بيد أنّه يضع سقفًا نسبته 7٪ للوقود الحيوي المصنوع من الزيوت النباتية الأخرى، والمحاصيل الغذائية، مثل بذور اللفت وفول الصويا، والتي تعدّ موادّ أوّلية منخفضة المخاطر.

ويشير مصطلح (المخاطر العالية جراء التغيّر غير المباشر في استخدام الأراضي) إلى التعدّي على مناطق الأراضي الزراعية ذات المخزون العالي من الكربون، مثل الغابات، لزراعة المحاصيل التي تدخل في صناعة الوقود الحيوي.

معايير مزدوجة

لكن إندونيسيا تقول، إن الاتّحاد الأوروبّي يفتقر إلى الدقّة والشفافية، مشيرةً إلى أنّه يضع قواعد لحظر زيت النخيل، في الوقت الذي يعزّز فيه من استخدامات بذور اللفت، التي يزرعها بوفرة.

وفي طلبها الأوّل، الذي تقدّمت به مؤخّرًا، تستهدف شكوى إندونيسيا دولًا بعينها في الاتّحاد الأوروبّي، اعتمدت تشريعات خاصّة بها، لمكافحة زيت النخيل.

وعلى وجه الخصوص، أثارت فرنسا غضب إندونيسيا، بعد استبعادها وقود الديزل الحيوي القائم على زيت النخيل من حوافز ضريبة الطاقة المتجدّدة لوقود النقل، بدءًا من 1 يناير/كانون الثاني.

من جانبه، أعلن مجلس وقود الديزل الحيوي الأوروبّي (الذي يمثّل 75٪ من منتجي الاتّحاد الأوروبّي)، دعمه لمنهجية التوجيه الثاني الأوروبّي في هذا الصدد، لكنّه شدّد على ضرورة أن يستند التقييم إلى بيانات علمية شفّافة ومراجعة من قِبل النظراء، ومتاحة للجمهور. كما رحّب بالتطبيق النهائي للاتّحاد الأوروبّي للرسوم التعويضية على الواردات الإندونيسية.

وقال المجلس مؤخرًا، إنّه من المحتمل أن ينظر في شكوى إندونيسيا بعد فترة الصيف، لأن إنشاء لجنة ليست سوى الخطوة الأولى في عملية طويلة.

وإذا تمّ تشكيل لجنة، دون أيّ تراجع من الاتّحاد الأوروبّي، فقد يستغرق الأمر ما يصل إلى تسعة أشهر، حتّى تصل إلى قرار بشأن شكوى إندونيسيا.

ستتاح لكلا الجانبين فرصة للاستئناف ضدّ قرار اللجنة المقترحة، ولكن مع منع الولايات المتّحدة تعيين القضاة، لم يعد هناك هيئة استئناف فاعلة لإصدار المراسيم، وهذا يعني أن حلّ النزاع قد يستغرق وقتًا طويلاً.

صادرات إندونيسيا

لم يؤثّر حظر زيت النخيل في الاتّحاد الأوروبّي -حتّى الآن- في صادرات إندونيسيا من وقود الديزل الحيوي وزيت النخيل، حيث لن يبدأ تنفيذه قبل عام 2021.

لكن صادرات البلاد تأثّرت بفرض الاتّحاد الأوروبّي لرسوم مكافحة الدعم من 8 إلى 18 %، منذ أغسطس الماضي.

وردًّا على ذلك، زادت إندونيسيا تفويضها لمزج الديزل الحيوي إلى 30%، بدءًا من 1 يناير/كانون الثاني، مقارنةً بنحو 20% العام الماضي، ما اضطرّ منتجي الديزل الحيوي إلى تقليل المبيعات الأجنبية، لتلبية المتطلّبات المحلّية.

وقد أدّى ذلك إلى انخفاض صادرات الديزل الحيوي للبلاد إلى 2000 طنّ فقط، خلال الفترة من يناير إلى أبريل، مقارنةً بـ 337 ألف طنّ في الفترة نفسها من العام الماضي.

يعدّ زيت النخيل -كأيٍّ من الزيوت النباتية الأخرى- مادّة أساسية لإنتاج زيت الوقود الحيوي لآلات الاحتراق الداخلي. وقد أصبح زيت الوقود الحيوي محطّ الاهتمام الدولي كونه مصدرًا للطاقة المتجدّدة، وذلك لفائدته في تقليل انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، ولتنوّع مصادر الطاقة في البلدان المنتجة له.

ينتج زيت الوقود من عملية الأسترة التحويلية لزيت النخيل، بإنتاج مزيج أستر مثيلي مطابق للمواصفات الدولية.

ومن أشهر الدول المنتجة لزيت النخيل إندونيسيا وماليزيا، حيث تغطّيان 86 %من الإنتاج العالمي، إذ يبلغ إنتاج الهكتار الواحد من الأرض المزروعة بنخيل الزيت 68.3 طنّ زيت سنويًا . تعدّ ماليزيا من الدول الرائدة في إنتاج زيت الوقود الحيوي، حيث افتُتح عام 2007 أوّل مصنع بطاقة 100 ألف طنّ سنويًا. كما قامت شركة فنلندية بإنشاء مصنع آخر في سنغافورة، لإنتاج الوقود الحيوي من زيت النخيل الماليزي، بطاقة 800 ألف طنّ.

شجرة النخيل

ويفكّر بعض العلماء والشركات المنتجة في الاستفادة من كلّ منتجات شجرة النخيل الثانوية، السعف، الجذوع، الليف، النوى بالإضافة إلى الكتلة الحيوية الناتجة من فضلات عصارة زيت الثمرة في إنتاج أنواع أخرى من الوقود الحيوي، مثل: الإيثانول الحيوي، والغاز الحيوي، والهيدروجين الحيوي، والبلاستيك الحيوي.

وبهذا يكون إنتاج الطاقة الحيوية من زيت النخيل عاملًا مهمًّا في تخفيض انبعاث غازات الاحتباس الحراري، فلكلّ طنّ من الزيت المنتج يحصد الفلّاح 11 طنًّا من السعف، 5.1 طنًّا من المادّة الحيوية المتخلّفة من عملية عصر الثمر، و100 طنّ من الفضلات السائلة من معصرة الزيت، التي يمكن إنتاج الغاز الحيوي منها بعملية تخمير بسيطة.

ورغم كلّ ذلك، يبقى الجدل القائم حول استخدام النبات للطاقة مقابل الغذاء، حيث يرجع خبراء إعادة استخدام الزيوت المستعملة في القلي لإنتاج زيت الوقود الحيوي. وفي دراسة علمية أجريت عام 2006، وجد الباحثون أن زيت القلي المستعمل يمكن معاملته بالسيليكا جيل، ليكوّن مادّة أوّلية للتحويل إلى أستر مثيل أستر، بوساطة تفاعل بوجود هيدروكسيد الصوديوم. وأشاروا إلى أن الأسترات الناتجة لها خواصّ الديزل النفطي.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق