التقاريرتقارير النفطرئيسيةسلايدر الرئيسيةنفط

الاستثمارات الخاصة وليس دعم "بيمكس" سبيل المكسيك للانتعاش الاقتصادي

على الرئيس "أوبرادور" التعلم من التجارب المريرة السابقة

هناك تجارب في تاريخ المكسيك تعد بمثابة تَذكِرات مريرة، بأن بناء اقتصاد يعتمد بشكل كبير على الهيدروكربونات، ليس- على المدى الطويل – القرارات الأكثر ذكاء التي يمكن اتخاذها.

وقد علمت الطفرة النفطية في السبعينيات وأوائل الثمانينيات، والأزمة الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن ذلك، صانعي السياسات دروسا قيمة، لا يمكن إغفالها بالنظر إلى حديث اليوم حول دور صناعة النفط في المكسيك.

في ذلك الوقت، شجعت وفرة موارد الهيدروكربونات حكومة قومية، أن تراهن على تطوير وتوسيع صناعة النفط. بدأ ذلك كخطوة منطقية؛ نظرا لأن الكثيرون اعتقدوا أن النمو القائم على الموارد هو الطريق إلى الازدهار. ساعد معدل النمو الاقتصادي في المكسيك، والذي بلغ متوسطه 8.4 % بين عامي 1978 و1981 في دعم تلك الحجة.

لكن سوء إدارة السياسات، وتعاظم الدين الخارجي المقوم بالدولار الأميركي، والظروف الدولية غير المواتية (أسعار فائدة مرتفعة وأسعار نفط منخفضة) ورؤية قصيرة المدى، أوصلت الاقتصاد المكسيكي إلى حالة من الفوضى في عام 1982.

وبحلول ذلك الوقت كان الاقتصاد يتمحور حول سلعة واحدة. وشكلت صادرات النفط 77.6% من إجمالي الصادرات، بزيادة بنسبة 15.4 عن 1976، في حين انخفض النمو الاقتصادي إلى -0.6 %.

وسرعان ما أصبح واضحا أن الثروة الهيدروكربونية لا يمكن أن تمنع التدهور الاقتصادي، ولم تكن كافية لتحسين مستويات المعيشة خلال بقية العقد.

وبالانتقال سريعا إلى 2020، ومن الصعب عدم رؤية أوجه تشابه معينة بين سياسة المكسيك الحالية، ونهج الاعتماد على الهيدروكربونات الذي ساد في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات.

وبهذه المناسبة فقط، فقد تم تدمير احتياطي النفط المؤكدة في المكسيك، وتحولت شركة بيمكس، هي شركة النفط الحكومية التي تحتفظ بمعظم تلك الاحتياطيات إلى آلة لحرق النقود بدلا من أن تكون آلة لصنعها.

وفى عام 2019، فقدت بيمكس 36 مليار دولار، وتبدو حتى التوقعات لميزانيتها العمومية لعام2020، أكثر قتامة نتيجة لجائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وأسعار النفط المنخفضة.

لقد مر ما يقرب من 20 شهرا على إدارة الرئيس المكسيكي "أندريس مانويل لوبيز أوبرادور" المعروف بـ"أملو" (الاحرف الأولى من اسمه)، وعلى الرغم من كل أنواع التحديات، فإن سياسته لتحويل بيمكس، إلى العمود الفقري لقطاع الهيدروكربونات في المكسيك، تظل غير مؤثرة.

وأدت البيئة الاقتصادية المتدهورة بسرعة إلى تصاعد السخط في الداخل والخارج، حيث يتجاهل أوبرادور الاستثمار الخاص.

وعبرت اتحادات الصناعة المحلية، مثل مجلس تنسيق الأعمال (CCE) عن مخاوفهم من عن مدي تثبيط سياسات "أملو" للقطاع الخاص.

في الولايات المتحدة يبدو أن معهد البترول الأميركي (API)، ورابطة مصنعي الوقود والبتروكيماويات (AFPM)، تشارك الاتحادات المحلية في المكسيك المخاوف ذاتها، فقبل زيارة الرئيس المكسيكي الرسمية للواشنطن في 8 و9 يوليو، تواصل المعهد والرابطة مع إدارة ترامب للتعبير عن انزعاجهما من سياسات الطاقة في المكسيك.

وكما لو أن التجارب السابقة لم تعلم المكسيك أي شيء، تأمل حكومة "أوبرادور" في تحقيق أهداف اقتصادية عبر استراتيجية تعتمد على دعم شركة بيمكس الحكومية وزيادة انتاجها.

وعلى عكس كل الدلائل، يبدو أن الرئيس "أوبرادور" مقتنعا بأن برنامجه للطاقة يمكن أن يساعد المكسيك على الانطلاق نحو مستقبل مزدهر هي في أشد الحاج إليهم.

ويبدو أن الأمر الذي يستهين به "أوبرادور" هو أن البيئة الاقتصادية اليوم أكثر تعقيدا بكثير، إضافة إلى أن بيمكس التي كانت أداة لتذليل تلك الصعاب، أصبحت أضعف من أي وقت مضي.

واليوم تبحر أسواق الطاق العالمية اليوم في مناطق مجهولة. فقد أجبر تفشي (كوفيد -19) مئات الملايين، إن لم يكن المليارات من الإفراد على البقاء في منازلهم؛ وتسبب ذلك إلى جانب وفرة امدادات النفط العالمية، إلى انخفاض أسعار النفط وهو الأمر الذي ضرب "بيمكس" بقوة.

وتعد المكسيك، دولة ذات قاعدة اقتصادية متنوعة، لكن مع اعتماد المالية العامة على عائدات النفط بشكل مزعج، يتوقع صندوق النقد أن تعاني من انكماش اقتصاد بحوالي 10.5 % في عام 2020.

وفي الوقت الراهن، بيمكس ليست مؤهلة لكي تقود الانتعاش الاقتصادي في المكسيك بمجرد انتهاء عملية الاغلاق جراء جائحة كورونا؛ فديون الشركة البالغة 105.2 مليار دولار والتزاماتها العمالية البالغة 77.3 مليار دولار اعتبار من 2019 تكشف نموذجا أكثر كثافة للعمالة من منافسي النفط الدوليين الأكثر ربحية.

ويشير هبوط القدرة الإنتاجية، والتشغيلية والقصود الإداري وانخفاض المرتبة الائتمانية للشركة الحكومية أن "بيمكس" يمكن أن تواجه عقبات خطيرة لكي تصبح المحرك الاقتصادي للبلاد، لاسيما في ظل عصر انخفاض أسعار النفط.

ومن ثم، فمن أجل صياغة خطة مقنعة، للمساعدة في استعادة الاقتصاد المكسيكي، حان الوقت للاعتراف بأن قطاع الهيدروكربونات في المكسيك أكثر بكثير من مجرد حصره في "بيمكس"، وأن الاستثمار الخاص يمكن أن يلعب دورا مهما حيث يمكنه تطوير المشاريع في المساحات (القطاعات) التي لم تعيرها "بيمكس" أي اهتمام حقيقي.

وفي هذا الإطار، فقد وأثارت الزيارة الأخيرة للرئيس المكسيكي لواشنطن تكهنات حول احتمال قيام "أملو" بالتخلص من موقفه القومي فيما يتعلق بقضايا الطاقة.

وفى عشاء بالبيت الأبيض، استضافه الرئيس دونالد ترمب، وحضره رجال أعمال، بينهم تابعون لشركتي "سيمبرا إنرجي" و"شل"، (لديهما العديد من المشاريع المهمة في المكسيك)، قال "أوبرادور": نحن في أفضل وضع ممكن لصالح استثماراتكم بالمكسيك.

ولكن بالنظر إلى خطابه المعتاد، فإن السؤال هو ما إذا كان الرئيس المكسيكي سوف يدرك في النهاية أن الانتعاش الاقتصادي الأكثر سلامة في 2021، وما بعدها، من المرجح تحقيقه من خلال الاستثمارات الخاصة بدلا من الاعتماد فقط على الانفاق الحكومي.

تتطلب الظروف الصعبة التي تواجهها المكسيك اليوم، تعزيز الأنشطة الحيوية الأخرى لكل من قطاع الطاقة (الطاقة المتجددة والبنية التحتية للنقل والتخزين) والاقتصاد الأوسع (السلع الاستهلاكية والتصنيع، والخدمات والبنية التحتية).

وكلما أسرع الرئيس المكسيكي في فهم المخاطر المرتبطة ببناء قطاع طاقة يعتمد على "بيمكس"، كلما كان ذلك أفضل.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق