"كورونا "يُحكم قبضته على ميزانية كولومبيا لعام 2021
تراجع إيرادات النفط يزيد أوجاع بوغاتا ..والحكومة تسعى للتعامل مع الأزمة
يعتزم وزير المالية الكولومبي، ألبرتو كاراسكيلا، تقديم ميزانية عام 2021، خلال الشهر الحالي، وذلك قبل أسابيع من توقّع وصول وباء فيروس كورونا إلى ذروته، ومازال من الممكن أن تسوء جميع الأمور، خاصّة وأن كولومبيا تعاني من أزمات لاحصر لها، جراء مواردها الماليّة الشحيحة.
وزير الماليّة، ألبرتو كاراسكيلا، ليس لديه خيار، ويُلزمه الدستور بأن يكون له مشروع أوّلي لما يمكن أن يكون ميزانية التعافي من فيروس كورونا، قبل نهاية تمّوز/يوليو، وأمام الكونغراس مهلة حتّى نهاية تشرين الأوّل/أكتوبر، للموافقة على الميزانية. والأمر المؤكّد هو أن عائدات النفط والضرائب، التي تموّل جزءاً كبيرًا من الميزانية، قد اختفت، وأن كاراسكويلا سوف يضطرّ إلى إغراق البلاد بدين غير مسبوق.
وقال نائب وزير ماليّة كولومبيا، خوان بابلو زاراتي، في مؤتمر عبر الإنترنت، أمس الأربعاء، إن بلاده تعتزم إلغاء الجزء الأكبر من مخصّصات الإنفاق، التي رصدتها في العام الحالي، لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، عندما تضع ميزانية العام المقبل.
ونقلت وكالة بلومبرج ، عن زاراتي، قوله: إن كولومبيا لن تحتاج إلى زيادة مواردها الماليّة من خلال الضرائب، لتوفير التمويل اللازم للوفاء بالتزاماتها الماليّة، خلال السنوات المقبلة، والمقدّرة بنحو 2 % من إجمالي الناتج المحلّي.
مشكلة عدم اليقين
وتكمن المشكلات في حالات عدم اليقين المنتظرة، لأن فيروس كورونا لا يتجاوز ثلث قوّته، ولا يُتوقّع أن تصل ذروة الوباء إلى نهاية آب/أغسطس.
وقبل نهاية تشرين الأوّل/أكتوبر، سيكون ما بين 20 أو 80 ألف شخص، قد توفّوا بسبب فيروس كورونا، بحسب جامعة واشنطن. ويتنبّأ المعهد الوطني للصحّة عن 41 ألف شخص، قبل نهاية العام.
ولا يمكن التنبّؤ بالتأثيرات المتتالية المحتملة خلال الأشهر المقبلة، على مؤسّسات الدولة الأخرى، وسيحافظ الوباء على القوّة اللازمة، لهدم جزء كبير من نظام الرعاية الصحّية في كولومبيا.
وسيؤدّي الفقر الناجم عن الزيادة المذهلة في البطالة، إلى اضطرابات كبيرة، لا سيّما بعد رفع الحظر في 31 آب/أغسطس المقبل. ومع ذلك، من المستحيل -أيضًا- التنبّؤ بما إذا كان ذلك سيؤدّي إلى زيادة كبيرة في الجريمة أو الانتفاضات أو اندلاع نزاع مسلّح من جديد.
وفي بوجوتا وحدها، جرى القضاء على 20 %من قوّة الشرطة مؤقّتًا، لأن محاولاتهم لتطبيق القانون أصابتهم بالعدوى أو الحجر الصحّي، وفقًا لما ذكرته عمدة بوجوتا، كلوديا لوبيز.
تحقيق الاستقرار والانتعاش
سيتعيّن على الحكومة والكونغراس أن يقرّرا كيفية التعافي من أسوأ انهيار اقتصادي في كولومبيا في التاريخ، قبل أن تتاح لهما الفرصة لتحقيق استقرار الحالة.
وحتّى أفضل حكومة في تاريخ البشرية، لا يمكن إلّا أن تخطئ، في ظلّ تلك الظروف.
ويبدو أيضًا أن لجنة الأمم المتّحدة الاقتصادية المعنيّة بأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، توافق على أن الاقتصاد الليبرالي الجديد قد مات، وأن نسخة من الاقتصاد الكينزي، في القرن الحادي والعشرين، ضرورية للتعافي من الانهيار.
والأمر هو أن هذه النسخة من الاقتصاد الكينزي، في القرن الحادي والعشرين، ليست موجودة، وغير وارد أن حكومة كولومبيا والكونغراس سيتمكّنان من اختراع واحدة قبل تشرين الأوّل/أكتوبر.
والعنصر الأساس الذي تقوم عليه فكرة النظرية الكينزية، هو أن الاقتصاد الكلّي يمكن أن يكون في حالة من عدم التوازن، لفترة طويلة.
لذلك تدعو هذه النظرية التي وضعها "جون مينارد كينز" إلى تدخّل الحكومة، للمساعدة في التغلّب على انخفاض الطلب الكلّي، وذلك من أجل الحدّ من البطالة، وزيادة النموّ.
ولا يمكن أن يبدأ النقاش حول التعافي من فيروس كورونا، في وقت قريب بما فيه الكفاية، ولكن هذه ستكون قضيّة في مناقشات ميزانية عام 2022، وفقط إذا كان الرئيس، إيفان دوكيه، قادرًا على استقرار الوضع.
مهامّ صعبة وتحدّيات كبيرة تواجه وزير الطاقة الجديد
قرّرت الحكومة الكولومبية تعيين دييغو ميسا بويو وزيرًا جديدًا للطاقة، في 25 حزيران/يونيو، خلفًا لماريا فرناندا سواريز، التي استقالت "لدوافع شخصية وأسرية".
وكان دييغو ميسا بويو نائب وزير سواريز، لما يقرب من عامين. وسبق ذلك عمله خبيرًا اقتصاديًّا متخصّصًا في سياسة الطاقة بصندوق النقد الدولي، ورئيس مكتب بوغوتا لشركة المحاسبة برايس ووتر هاوس كوبرز.
ومن المتوقّع أن يتبع ميسا مسيرة التحوّل في الطاقة النظيفة، التي بدأتها وزيرة الطاقة السابقة "سواريز"، والذي شهد وصول كولومبيا إلى 1500 ميغاواط من مصادر الطاقة المتجدّدة لشبكة الطاقة الكهربائية، لا سيّما مع منشآت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الجديدة، بعد أن كانت 60 ميغاواط -فقط- في أغسطس/آب، من عام 2018.
ومن أبرز التحدّيات العديدة التي يواجهها ميسا في وزارته، الحصول على موافقة تنظيمية لاستغلال احتياطيات النفط والغاز غير التقليدية المرتبطة بالفحم والصخر الزيتي. وتمتلك كولومبيا ثاني أكبر احتياطي غير تقليدي في أميركا اللاتينية، بعد الأرجنتين، ولكن التنمية قد تعثّرت بسبب عوامل بيئية.
ويتعيّن على ميسا -الذي وُصف بأنّه تكنوقراطي، وغير منتسب إلى أيّ حركة سياسية معيّنة- أن يقود أيضًا وزارة تعرّضت لضربة من أزمة فيروس كورونا، وقد تسبّبت فى انخفاض إنتاج وأسعار النفط الخام، الذي يعدّ أهمّ صادرات كولومبيا، من حيث الإيرادات بالدولار.
100 ألف إصابة بـ"كورونا" في كولومبيا..و3470 حالة وفاة
أفادت نيويورك تايمز أن عدد الاصابات المؤكّدة بفيروس كورونا في كولومبيا، بلغ 100 ألف حالة، حتّى أمس الأربعاء، مع بدء إجراءات الحجر الصحّي في البلاد، وامتلاء وحدات العناية المركّزة.
وذكرت نيويورك تايمز، أن وزارة الصحّة الكولومبيّة أكّدت أن عدد حالات فيروس كورونا المؤكّدة يبلغ 102 ألف، حتّى الآن، وبلغ عدد حالات الوفاة نحو 3470 شخصًا.
كما شهد أمس الأربعاء، أعلى زيادة يومية -على الإطلاق- فى الحالات المؤكّدة، حيث ارتفع عدد الحالات إلى 4163 حالة.
وقد ألحق انخفاض أسعار النفط، والإغلاق الذي بدأ فى مارس/آذار الماضي، ويستمرّ حتى 15 من الشهر الجاري، أضرارًا بالاقتصاد الصحّي في كولومبيا، حيث أغلقت الشركات، وارتفعت البطالة . وتتوقّع الحكومة أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 5.5% هذا العام.
وذكرت بيانات جامعة أوكسفورد، أن كولومبيا لديها عدد أقلّ من الحالات المؤكّدة لكلّ مليون شخص، مقارنةً بالدول المجاورة، مثل شيلي وبيرو وبنما والبرازيل، بحسب ما ذكرته نيويورك تايمز.
وتقول الحكومة الكولومبيّة، أن شيلي وبنما وأوروجواي تتصدّرها في الاختبارات لكلّ مليون مواطن، وتُجرى كولومبيا قرابة 15 ألف اختبار لكلّ مليون مواطن.