الصين تستعيد قدرًا من طاقتها
انتعاش بالإنتاج والاستهلاك مع عودة الحياة إلى "شبه طبيعتها"
مع عودة النشاطات الصينية المختلفة إلى وضع قريب من الطبيعي، تشير المؤشّرات الخاصّة بالطاقة إلى تحسّن كبير، مقارنةً بأوّل شهرين في العام الجاري، اللذين شهدا تراجعًا بالغًا مع تأثّر جميع النواحي الاقتصادية والصناعية في البلاد.
واليوم، قال كبير المخطّطين الاقتصاديّين في الصين، إن استهلاك الكهرباء للصين -وهو مقياس رئيس للنشاط الاقتصادي- سجّل انخفاضًا أخفّ في الربع الأوّل، مقارنةً بالشهرين الأوّلين، مشيرًا إلى الانتعاش الاقتصادي مع استئناف الشركات العمل.
وقالت لجنة الدولة للتنمية والإصلاح، خلال مؤتمر صحفي، إن حجم استخدام الطاقة للبلاد انخفض بنسبة 6.5 بالمئة على أساس سنوي في الربع الأوّل من العام 2020، متعافيًا من انخفاض بنسبة 7.8 بالمئة في الشهرين الأوّلين.
وعلى وجه التحديد، انخفض حجم استخدام الطاقة في الصناعات الثانوية والثالثية بنسبة 8.8 و8.3 بالمئة في الربع الأوّل على الترتيب، ونما في الصناعة الأوّلية بنسبة 4 بالمئة عن نفس الفترة من العام الماضي، حسبما ذكرت لجنة الدولة للتنمية والإصلاح.
وفي مارس / آذار الماضي، انخفض حجم استهلاك الطاقة بنسبة 4.2 بالمئة على أساس سنوي، في تحسّن من انخفاض بنسبة 10.1 بالمئة في فبراير / شباط.
وقال يان بنغ تشنغ -المسؤول في لجنة الدولة للتنمية والإصلاح-، إن الاقتصاد عاد تدريجيًا إلى مساره، وسط إجراءات طويلة الأمد لمكافحة الوباء، مع سلسلة من المؤشّرات الاقتصادية التي تُظهر زخمًا صاعدًا، مضيفًا أن استخدام الطاقة عاد إلى النموّ في أوائل أبريل / نيسان الجاري، بحسب وكالة "شينخوا" الصينية.
كما أظهرت بيانات من لجنة الدولة للتنمية والإصلاح، أن حجم توليد الطاقة من قبل الشركات الصناعية الكبرى للبلاد انخفض بنسبة 6.8 بالمئة على أساس سنوي في الربع الأوّل، حيث تراجع من انخفاض بنسبة 8.2 بالمئة في الشهرين الأوّلين.
- زيادات بالإنتاج:
وفيما تحسّن الاستهلاك الطاقوي، فإن الإنتاج أيضًا تحسّن في عدد من القطاعات المهمّة وذات الصلة، إذ حقّق إنتاج الصين من الغاز الطبيعي نموًّا سريعًا في مارس، وفقًا لبيانات رسمية.
وقفز الإنتاج بنسبة 11.2 بالمئة على أساس سنوي، ليصل إلى 16.9 مليار متر مكعّب الشهر الماضي، وفقًا لبيانات نشرها المكتب الوطني للإحصاء. ووصل متوسّط الإنتاج اليومي إلى 540 مليون متر مكعّب.
وخلال الربع الأوّل من هذا العام، ارتفع إنتاج الغاز الطبيعي في البلاد بنسبة 9.1 بالمئة على أساس سنوي، ليصل إلى 48.3 مليار متر مكعّب. ووفقًا للبيانات الرسمية، فقد تباطأت واردات البلاد من الغاز الطبيعي الشهر الماضي. وبلغت الواردات 6.92 مليون طنّ، بانخفاض 0.2 بالمئة عن العام الماضي.
أيضًا أظهرت بيانات رسمية أن إنتاج الصين من النفط الخام ارتفع بنسبة 2.4 بالمئة على أساس سنوي، إلى 48.57 مليون طنّ في الربع الأوّل من عام 2020. وخلال نفس الفترة، عالجت الصين حوالي 149.28 مليون طنّ من النفط الخام، بانخفاض 4.6 بالمئة على أساس سنوي، وفقًا لمصلحة الدولة للإحصاء.
وفي مارس، انخفض إنتاج الصين من النفط الخام 0.1 بالمئة على أساس سنوي، إلى 16.56 مليون طنّ، وعالجت البلاد حوالي 50.04 مليون طنّ من النفط الخام، بانخفاض 6.6 بالمئة. وفي الأشهر الثلاثة الأولى من العام، استوردت الصين 127.19 مليون طنّ من النفط الخام، بزيادة 5 بالمئة على أساس سنوي.
لكن -على النقيض- أظهرت نتائج بيانات رسمية أن إنتاج الفحم الخام في الصين انخفض بنسبة 0.5 بالمئة على أساس سنوي إلى 830 مليون طنّ في الربع الأوّل من عام 2020.
وذكرت البيانات أن البلاد أنتجت 340 مليون طنّ من الفحم الخام في مارس، بزيادة 9.6 بالمئة على أساس سنوي، مرتفعةً عن الانخفاض المسجّل في الشهرين الأوّلين.
إلى جانب ذلك، استوردت الصين 95.78 مليون طنّ من الفحم في الربع الأوّل، بزيادة 28.4 بالمئة على أساس سنوي. وفي مارس، ارتفعت واردات الفحم بنسبة 18.5 بالمئة، إلى 27.83 مليون طنّ.
كما أظهرت البيانات انخفاض أسعار الفحم، حيث وصل سعر تعاملات الفحم الحراري تشينهوانغداو 5500 طاقة/كيلوغرام إلى 540 يوانًا (حوالي 76.4 دولارًا) للطنّ في 3 أبريل، بانخفاض 16 يوانًا عن نهاية فبراير.
- تحسّن صناعي:
وتظهر منذ شهر مارس الماضي، علامات على عودة الحيوية إلى الأنشطة الصناعية والتجارية والاقتصادية في الصين، بعد تعثّر بالغ خلال أوّل شهرين من العام، مع حالة الإغلاق والانعزال التي لجأت إليها الدولة، نتيجة تفشّي وباء "كوفيد-19"، وهي الإجراءات التي أثبتت -إلى حدّ كبير- نجاحها في حصار الفيروس.
ويوم الجمعة الماضي، قالت مصلحة الدولة للإحصاء، إن معدّل استخدام الطاقة الإنتاجية في القطاع الصناعي في الصين، بلغ 67.3 بالمئة في الربع الأوّل من عام 2020. وانخفض الرقم بـ 8.6 نقطة مئوية عن نفس الفترة من العام الماضي.
ومن بين القطاعات الرئيسة الثلاثة، انخفض معدّل استخدام الطاقة الإنتاجية لقطاع التعدين في الربع الأوّل 6 نقاط مئوية عن العام الماضي. وانخفض معدّل استخدام الطاقة الإنتاجية لقطاع التصنيع بـ9.1 نقطة مئوية، في حين انخفض المعدّل 3.8 نقطة مئوية لقطاع إنتاج وتوريد الكهرباء والطاقة الحرارية والغاز والمياه.
كما أظهرت بيانات المصلحة أن الناتج الصناعي الصيني ذا القيمة المضافة انخفض بنسبة 8.4 بالمئة على أساس سنوي في الربع الأوّل.
ومن جانب أخر، واصلت صناعة النقل الصينية انخفاضها في مارس الماضي، بيد أن الانكماش تقلّص مقارنةً بالشهر الأسبق، وفقًا لما أظهره مؤشّر للصناعة. وذكرت الأكاديمية الصينية لعلوم النقل، أن مؤشّر خدمات النقل الصيني بلغ 121.2 نقطة في الشهر الماضي، بانخفاض 28.5 بالمئة على أساس سنوي. لكن الانخفاض كان أفضل بنسبة 12.6 نقطة مئوية عن الانخفاض المسجّل في فبراير.
ويدمج المؤشّر حجم نقل الركّاب والبضائع عبر مختلف وسائل النقل، بما في ذلك السكك الحديدية والطرق السريعة والممرّات المائية والطيران المدني. ومع اعتبار عام 2010 سنة مرجعية، و100 نقطة نقاطًا أساسية، فإن مؤشّر خدمات النقل الصيني يشمل مؤشّرين فرعيّين لنقل الركّاب ونقل البضائع.
وانخفض مؤشّر نقل الركّاب بنسبة 66.4 بالمئة على أساس سنوي في الشهر الماضي، بينما انخفض مؤشّر نقل البضائع بنسبة 8.6 بالمئة، حيث سجّلا انخفاضًا بنسبة 17.4 نقطة مئوية، و8.5 نقطة مئوية، مقارنةً بالشهر الأسبق، بالترتيب.
ويوم الأحد، قال مسؤول من شركة مجموعة السكك الحديدية الوطنية الصينية المحدودة، إن قطارات الشحن بين الصين وأوروبّا أتمّت ما مجموعه 1941 رحلة في الربع الأوّل من عام 2020. وقال تشاو جيون -المسؤول في الشركة- في مؤتمر صحفي عُقد في بكّين، إن الرقم زاد بنسبة 15 بالمئة عن نفس الفترة من العام الماضي.
وفي الربع الأوّل، نقلت قطارات الشحن بين الصين وأوروبا 174000 حاوية شحن معيارية، بزيادة 18 بالمئة على أساس سنوي. وقال تشاو، إنه في مارس وحده، قامت القطارات بإجمالي 809 رحلات، لنقل 73 ألف حاوية شحن معيارية، بزيادة 30 بالمئة و36 بالمئة، على التوالي.
وفي 14 أبريل، وصل قطار شحن صيني-أوروبّي من ووهان -المدينة الأكثر تضرّرًا من كوفيد-19 في الصين- إلى مدينة دويسبورغ غرب ألمانيا. وقال تشاو، إن جميع المدن الصينية التي تشغّل القطارات، استأنفت الآن، النقل إلى الخارج.
- نقطة ضوء:
تحسّن هذه المؤشّرات المتّصلة بالطاقة، يأتي نقطة ضوء في نهاية نفق شديد الإظلام، تعرّض له ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم، وأدّى إلى تراجع لم تشهده الدولة منذ أكثر من 60 عامًا.
وأظهرت نتائج بيانات رسمية أصدرتها مصلحة الدولة للإحصاء، يوم الجمعة، أن إجمالي الناتج المحلّي الصيني بلغ 20.65 تريليون يوان (حوالي 2.91 تريليون دولار) في الربع الأوّل من عام 2020، وسط تأثير كوفيد-19، بانخفاض بنسبة 6.8 بالمئة على أساس سنوي.
وذكرت المصلحة في مؤتمر صحفي، أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد شهدت استقرارًا عامًّا في الربع الأوّل، في حين اعترفت بأن تفشّي كوفيد-19 قد شكّل اختبارًا شديدًا.
وأظهر تحليل للبيانات انخفاض الناتج من قطاع الخدمات، الذي يمثّل ما يقرب من 60 بالمئة من إجمالي الناتج المحلّي، بنسبة 5.2 بالمئة، بينما شهدت كلّ من الصناعة الأوّلية والصناعة الثانوية انخفاضًا بنسبة 3.2 بالمئة و9.6 بالمئة، على التوالي.
وأضافت المصلحة: إن "وضع السيطرة على الوباء، والوقاية منه، استمرّ في التحسّن، مع قطع سبل انتقال الوباء محلّيًا بشكل أساس"، مشيرةُ أن استئناف العمل والإنتاج قد تسارعا، وأن الصناعات الأساسية تنمو باطّراد.
وأظهرت بيانات الجمعة، تحسّن سوق العمل في الصين بشكل طفيف في مارس، حيث بلغ معدّل البطالة في المناطق الحضرية 5.9 بالمئة، بانخفاض 0.3 نقطة مئوية عن الشهر السابق.