وزير النفط العماني: السوق النفطية تمرّ بحالة حرجة ونرحّب بدعوات المفاوضات
الرمحي أكّد التزام بلاده بسياسات متوازنة
- السلطنة ليس لديها نية في الوقت الحالي للاستثمار في حقول ومشاريع جديدة
- الإنتاج العماني لم يتأثّر حتّى الآن بتراجع الأسعار
- الدول قد تحتاج سنتين لتعويض الفاقد الكبير في ميزانيّاتها بسبب نزول الأسعار
- تراجع الأسعار قد يدفع شركات النّفط العالميّة لوقف الإنتاج
- استبعد هبوط البرميل تحت 15 دولارًا.. وسوق الغاز قد تكون متأثّرة أكثر من النفط
نقلت صحيفة الوطن العمانية عن وزير النفط محمد بن حمد الرمحي، قوله اليوم الخميس، إن بلاده ترحّب بدعوة الولايات المتّحدة للدول الأعضاء في أوبك، لبحث سبل وقف انهيار أسعار النفط.
وقال الرمحي في تصريح لصحيفة "الوطن الاقتصادي" العمانية: إن "عودة أسعار النفط للارتفاع مرهونة بالكثير من العوامل.. فبالإضافة لانحسار كورونا، هي أيضًا مرتبطة بمدى قدرة أوبك للعودة إلى طاولة الحوار والاتّفاق على ضبط السوق وخفض الإنتاج. لذا فإن أسعار النفط قد تتراوح بين 30 إلى 40 دولارًا مع الربع الأخير من العام الجاري". مشيرًا إلى أن السوق النفطية تمرّ بمرحلة حرجة، وأن الخسائر المالية والاقتصادية -خاصّةً بالنسبة للدول المنتجة والمعتمدة في عوائدها على النفط- ستكون كبيرة اذا ما استمرّت الأسعار بوضعها الحالي.
والسلطنة ليست عضوًا في منظّمة البلدان المصدّرة للبترول (أوبك)،لكنها عضو في تحالف أوبك+ الذي يضمّ أوبك ودولًا من خارجها، والذي أبرم اتّفاقًا بخصوص إنتاج النفط، أدّى إلى استقرار نسبي في أسعار الخام منذ 2017.
وانهار الاتّفاق الشهر الماضي، بعدما رفضت روسيا دعم تخفيضات أكبر للإنتاج لدعم الأسعار المتضرّرة من جائحة فيروس كورونا. وردًّا على ذلك، خفضت السعودية أسعار تصدير الخام، وقالت إنها ستزيد الإنتاج إلى طاقته القصوى.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، إنه أجرى محادثات في الآونة الأخيرة مع القيادات في كلّ من السعودية وروسيا، وإنه يعتقد أن البلدين سيتوصّلان إلى اتّفاق لإنهاء حرب الأسعار الدائرة بينهما في غضون أيّام قليلة.
وقال وزير النفط العماني، حسبما أفادت صحيفة الوطن: "الدعوة التي وجّهتها الولايات المتّحدة للدول الرئيسة في منظّمة أوبك بالعودة إلى المفاوضات، قد تفتح بارقة أمل في أن تشهد الفترة القادمة حلولًا عملية لموضوع ضبط تراجع الأسعار".
وهوَت أسعار الخام العالمية بأكثر من 50 بالماة إلى أقلّ من 26 دولارًا للبرميل منذ انهيار اتّفاق أوبك+ الخاصّ بالإنتاج.
- التزام السلطنة وتجميد للمشروعات الجديدة:
وأشار الرمحي إلى أن "السلطنة مستمرّة على نفس السياسة، والتي طالما أكّدت عليها، وهي ضرورة المحافظة على مستويات أسعار مستقرّة وآمنة تخدم مصالح المنتجين والمستهلكين، بالإضافة إلى أن السلطنة ليس لديها نيّة في الوقت الحالي للاستثمار في حقول ومشاريع جديدة، رغم أن التوجّه في السابق -وتحديدًا قبل وصول أسعار النفط لهذه المستويات- هو رفع الإنتاج في حالة كون أسعار النفط مستقرّة بين 60 و65 دولارًا، وعليه فإن رفع الإنتاج يعني زيادة الإنفاق، وظروف السوق والوضع الاقتصادي العالمي الحالي لا يسمح بذلك".
كما أكّد أن "التزام السلطنة بحصّتها مع أوبك، والمتعلّقة بخفض الإنتاج بواقع 45 ألف برميل في اليوم، كان آخره يوم الثلاثاء الموافق 31 مارس / آذار 2020، وبذلك أصبحنا غير ملزمين بأيّ خفض بعد هذا التاريخ"، موضّحًا أن "إنتاج السلطنة لم يتأثّر بتراجع الأسعار، فنسبة الإنتاج تبلغ 100%، والسلطنة حريصة على عدم إغراق السوق بالرغم من محدوديّة إنتاج السلطنة البالغ 970 ألف برميل يوميًا. كما أننا لا نؤيّد الدول بزيادة الإنتاج في هذه المرحلة الحسّاسة، لأنها لا تخدم مصالح الدول، ولا صناعة النفط في العالم".
- توقّعات بتعويض الفاقد في عامين:
وقال وزير النفط لصحيفة "الوطن": إن "السلطنة منذ بداية تراجع أسعار النفط تعمل مع مجموعة أوبك والدول المنتجة في محاولة لضبط الأسعار، بهدف الوصول لاتّفاق يُرضي جميع الأطراف"، معربًا عن أمله في أن تشهد الأيّام القادمة انفراجًا يعيد الأسعار للمستويات التي تُرضي الجميع، سواء الدول المنتجة أو المستهلكة، منوّهًا بالجهود التي تبذلها منظّمة أوبك في هذا الجانب.
وأشار الرمحي إلى أنه "بسبب الخسائر التي مُنيت بها أسعار النفط، ستكون الدول بحاجة لفترة قد تصل لسنتين حتّى تستطيع تعويض الفاقد الكبير في ميزانيّاتها بسبب نزول الأسعار"، موضّحًا أن المعروض من النفط في الأسواق العالمية اليوم بات كبيرًا، وهذا راجع لارتفاع المعروض مع التراجع في الطلب، ممّا يعني أن عودة الأسعار لمستوياتها السابقة ستأخذ وقتًا.
وربط الوزير تراجع الأسعار لمستويات جديدة باحتمال أن تقوم شركات النفط العالمية بوقف الإنتاج، كون أن تكلفة الإنتاج مع الأسعار الحالية ستكون مكلفة لشركات النفط، وقد تلجأ بعض هذه الشركات -حكومية كانت أم خاصّة- لغلق بعض الآبار، للحدّ من خسائرها في حال استمرار الوضع كما هو عليه.
- الشركات والأضرار:
وبالنسبة لشركات النفط العاملة بالسلطنة ومدى تضرّرها من تراجع أسعار النفط، أوضح الرمحي أن "السلطنة جزء من المنظومة العالمية، وبالتالي فمن الطبيعي أن يتأثّر القطاع النفطي والشركات من هذا التراجع"، مؤكّدًا أن الوزارة حريصة على اللقاء والاجتماع بشركات النفط العاملة بشكل يومي، والعمل معها على إيجاد الحلول والخيارات المناسبة التي من شأنها ضمان استقرار هذه الشركات والعاملين بها، "ولذلك نتمنّى ألّا تلجأ هذه الشركات لغلق بعض الآبار أو خفض الرواتب، أسوة بما قامت به العديد من الشركات النفطية حول العالم التي خفضت رواتب موظّفيها بنسبة 30 بالمئة".
كما قال: "نعمل مع شركات الإنتاج العاملة في السلطنة على ضمان الاستقرار الاقتصادي في البلاد، كونها شريكًا أساسيًا مع الحكومة، وبالتالي فالشركات العاملة تبدي اهتمامًا وتفهّمًا لظروف هذه المرحلة، وضمان الخروج بأقلّ الخسائر، سواء للحكومة أو للشركات المنتجة، خاصّةً الكبيرة منها"، موضّحًا أن "شركة تنمية نفط عمان -كونها الشريك الأساسي للحكومة- تعمل بالتعاون مع الشركات الأخرى للحدّ من تأثيرات تراجع الأسعار على أوضاع الشركات المنتجة، آملًا بأن تعود الأسعار للارتفاع، وألّا نلجأ لاتّخاذ إجراءات احترازية في حال استمرار تراجع الأسعار، وذلك لضمان الاستمرارية والاستدامة للشركات المنتجة".
- الغاز ربّما يكون أكثر تضرّرًا
وعمّا إذا كان ارتفاع إنتاج السلطنة من الغاز قد يخفّف الفاقد المالي من تراجع أسعار النفط، ويعزّز ميزانية الدولة، قال الوزير لصحيفة "الوطن الاقتصادي": "النفط والغاز وجهان لعملة واحدة، فسوق الغاز هو أيضًا متأثّر، وقد يكون أسوأ من النفط، حيث كان سعر المتر المكعّب قبل فترة 9 دولارات، واليوم هو أقلّ من 3 دولارات، النفط كان سعره فوق 60 دولارًا، وهو اليوم بسعر 20 دولارًا، ورغم ذلك، فالسلطنة مستمرّة في إنتاج الغاز، لكون البُنية الأساسية لنجاح هذا القطاع متوفّرة، والحمد لله، كما أن السلطنة بحاجة للغاز في العديد من القطاعات الاقتصادية المختلفة".
وفيما إذا كان سعر البرميل قد ينخفض لأقلّ من 15 دولارًا للبرميل، قال الرمحي: "أستبعد حدوث ذلك، والسبب أنه إذا وصلنا لسعر 15 دولارًا، فإن العالم سوف يفقد حوالي 50% من إنتاجه النفطي، ومن ثمّ، فإن قليلًا من الشركات هي التي بمقدورها إنتاج النفط بأقلّ من 15 دولارًا -على سبيل المثال-، وبلوغ سعر برميل النفط لهذا المستوى قد يجبر بعض الشركات لوقف الإنتاج، وهو ما قد يرفع الأسعار لمستويات مقبولة تكون بين 20 إلى 30 دولارًا -على الأقلّ- حتّى انحسار فيروس كورونا، الذي يعدّ سببًا رئيسًا وراء تراجع أسعار النفط".
- قدرات الطاقة العمانية:
وتشير الإحصائيات إلى أن إجمالي صادرات السلطنة من النفط الخام والمكثّفات النفطية، بلغ نهاية ديسمبر / كانون الأوّل الماضي 310 ملايين و337 ألفًا و400 برميل، بارتفاع نسبته 7.3% عن نهاية ديسمبر 2018، حيث بلغ إجمالي الصادرات وقتها 289 مليونًا و281 ألفًا و800 برميل، بحسب صحيفة "الوطن الاقتصادي" العمانية.
وبلغ إنتاج السلطنة نهاية ديسمبر 2019 من النفط الخام والمكثّفات النفطية 354 مليونًا و392 ألفًا و600 برميل، منها 306 ملايين و814 ألفًا و100 برميل من النفط الخام و47 مليونًا و578 ألفًا و500 برميل من المكثّفات النفطية، وبمتوسّط إنتاج يومي من النفط بلغ 970 ألفًا و900 برميل.
وسجّل متوسّط سعر برميل النفط الخام العُماني انخفاضًا بنسبة 8.7% بنهاية ديسمبر 2019، ليبلغ 63.6 دولارًا للبرميل، مقارنةً بـ 69.7 دولارًا بنهاية ديسمبر 2018، وفق ما أوضحت الإحصائيات الأوّلية الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.
واستحوذت الصين على الكمّ الأكبر من صادرات السلطنة من النفط الخام والمكثفّات النفطية، حتى نهاية شهر ديسمبر الماضي، حيث بلغت الصادرات إليها 243 مليونًا و349 ألفًا و300 برميل، تلتها اليابان بـ23 مليونًا و316 ألفًا و200 برميل، والهند بـ 14 مليونًا و769 ألفًا و400 برميل، وكوريا الجنوبية بـ10 ملايين و525 ألف برميل، في حين بلغ إجمالي صادرات النفط الخام العُماني للدول الأخرى 18 مليونًا و377 ألفًا و600 برميل.
وبلغ إجمالي الإنتاج المحلّي والاستيراد من الغاز الطبيعي 46 مليارًا و190 مليون متر مكعّب نهاية ديسمبر 2019، بارتفاع نسبته 1% مقارنةً بنهاية ديسمبر 2018، حيث بلغ الإجمالي وقتها 45 مليارًا و721 مليون متر مكعّب.
ويُذكر أن الإنتاج غير المصاحب للغاز الطبيعي شاملًا الاستيراد، بلغ 37 مليارًا و886 مليون متر مكعّب، فيما بلغ الإنتاج المصاحب للنفط 8 مليارات و304 ملايين متر مكعّب.