من المسؤول عن سوء الأوضاع في أسواق النفط.. بجانب كورونا؟
برنت يتجه لـ20 دولارا
خاص - الطاقة
- روسيا تقترح الآن نفس اقتراح أوبك قبل تراجع الأسعار
- "الخطأ الروسي" يقلل ثقة المتعاملين في نظرتهم المستقبلية لأسواق النفط
- محاولات روسية للعودة إلى الصف ورفض منظم من أوبك
اعترفت روسيا صراحة بأن تداول أسعار النفط عند 25 دولارا للبرميل، لمدة عامين أو ثلاثة، سيخلق "مشكلات كبيرة"، ملقية باللوم على السعودية، أكبر منتج للخام في منظمة أوبك، وأكبر مصدر للنفط في العالم.
روسيا التي أعلنت أنها على أهبة الاستعداد للتعايش مع أسعار نفط عند 25 دولارا للبرميل لمدة 10 سنوات، فور انسحابها من اتفاق أوبك+، 6 مارس الجاري، والذي كان يقضي بتعميق تخفيض إنتاج النفط 1.5 مليون برميل يوميا إضافية، بناء على اقتراح قدمته السعودية. هي ما تلقي باللوم الآن على المملكة.
وسرعان ما انعكس هذا الانسحاب، على أسواق النفط، وتراجعت الأسعار يوم الإثنين 9 مارس بأكبر هبوط منذ حرب الخليج في عام 1991، لتصل إلى نحو 30 دولارًا للبرميل، فاقدًا نحو 20 دولارًا -تقريبًا- في جلسة واحدة. بلغ أقل من 25 دولارا في جلسة أمس الجمعة.
ولا يمكن هنا تغافل تأثير فيروس كورونا على حجم الطلب في أسواق النفط، غير أن تفكك اتفاق أوبك+، الذي استمر 3 سنوات، واستفادت منه روسيا بالكاد، كان القشة التي قصمت ظهر البعير.
أمس الجمعة، قال بافيل سوروكين نائب وزير الطاقة الروسي، صراحة، إنه إذا ظلت أسعار النفط في حدود 25 دولارا للبرميل لعامين أو ثلاثة أعوام، فسيخلق هذا "مشكلات كبيرة." وتابع أن السعودية عرضت بيع نفطها بخصم لزيادة حصتها السوقية.
وقال سوروكين لتلفزيون آر.بي.سي، إن خطط أوبك زيادة إنتاجها من النفط بعد فشل المحادثات، تضع ضغوطا إضافية على السوق. وقال: "عانينا بالفعل من صدمة كبيرة بسبب فيروس كورونا.. لكن، كان يمكننا تحاشي صدمات إضافية... جاءت من إعلان دول أوبك أنها ستعزز الإنتاج."
لم يشير سوروكين إلى المتسبب الرئيسي (بجانب كورونا) في زيادة الضغوط على السوق ووصول الأسعار لهذه المستويات، ولم يتطرق إلى الفعل (انسحاب موسكو) الذي تسبب في رد فعل دول أوبك (السعودية والإمارات) زيادة إنتاجها من النفط.
زاد سوروكين، أن انخفاضا محتملا في إمدادات النفط ربما يؤدي إلى توازن السوق العالمية في غضون عام أو نحو ذلك، بينما يجب مراقبة الطلب الذي تضرر بفعل جائحة فيروس كورونا.
هذا الاقتراح بعينه هو ما كانت أوبك تقترحه، تحديدا السعودية، وهو الذي رفضته موسكو وانسحبت بسببه من أوبك+.
ورغم أن اعتراف روسيا صراحة بهذه التصريحات، يشير بشكل مباشر إلى احتياجها وبشكل فوري لعودة اتفاق أوبك+، إلا أن دعوة بهذا الخصوص من الجزائر التي ترأس المنظمة حاليا، قوبلت بالرفض.
نقلت وكالة بلومبرغ للأنباء اليوم، عن مندوب في أوبك القول إن الجزائر، دعت الأمانة العامة لأوبك إلى عقد اجتماع للجنة المعنية بتقييم أحوال السوق في الوقت الذي تدهورت فيه الأسعار بسبب جائحة كورونا، وحرب الأسعار التي أشعلت شرارتها روسيا بعد انسحابها من اتفاق أوبك+، في 6 مارس.
ولم تحظ الدعوة بموافقة الأغلبية اللازمة لعقد الاجتماع، بحسب المندوب الذي طلب عدم الكشف عن هويته، حيث أن المناقشات سرية، والذي أوضح أن الرياض ضمن عواصم أوبك التي تعارض فكرة الاجتماع.
الفعل ورد الفعل
لا يمكن هنا إلقاء اللوم على رد الفعل، وترك الفعل الرئيسي، أو بالأحرى المتسبب الرئيسي في سوء الأوضاع إلى هذا الحد، ويبين هذا عدم حساب موسكو للتلك الخطوات، وهو ما يقود إلى "الحسابات الخاطئة"، التي يجب أن تدفعها في أسواق النفط.
الوضع الحالي المتسبب فيه موسكو، بجانب كورونا، يستبعد بالضرورة النظرة الروسية المستقبلية في أسواق النفط، بالنسبة للمستثمرين والمحللين، وأيضا المتعاملين، خشية أي أخطاء أخرى، والتي لن تتحملها السوق في ظل وضع أقل ما يوصف به بأنه "شديد الخطورة".
يكمل سوروكين نائب وزير الطاقة الروسي، توضيح نظرته المستقبلية هنا، ويقول إن الإجراءات الرامية إلى احتواء انتشار فيروس كورونا تخفض الطلب على النفط في الولايات المتحدة وأوروبا والصين بنحو 15 إلى 20 مليون برميل يوميا.
ودفع وباء فيروس كورونا الحكومات في أنحاء العالم إلى محاولة الحد من انتشاره، ووُضعت دول بأكملها في حالة إغلاق عام، مع فرض قيود على السفر تضر بالطلب على الوقود وتؤدي إلى وقف أنشطة العديد من شركات الطيران.
وقال سوروكين إن أوروبا تعكف على تخزين النفط الرخيص وإن منشآت التخزين في المنطقة ستكون ممتلئة عن آخرها بعد شهر فقط. ويبلغ إنتاج النفط العالمي نحو 100 مليون برميل يوميا.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال سوروكين لرويترز إنه يتوقع أن يرى أول مؤشرات على انخفاض إنتاج النفط في المشاريع مرتفعة التكلفة في أنحاء العالم خلال أربعة أشهر إلى ستة.
وأبلغ منتدى فالداي الاقتصادي الذي انعقد عبر الإنترنت اليوم "السوق ربما تتوازن سريعا جدا، لكن ليس في شهر أو اثنين، سيستغرق ذلك عاما أو أكثر".
وقال إن إنتاج النفط في الولايات المتحدة، أكبر منتج في العالم، ربما ينخفض 1.5 مليون برميل يوميا هذا العام في ظل سعر نفط بين 30 و35 دولارا للبرميل.
وقال سوركوين إن أوبك وبقية الدول، فيما يُعرف بمجموعة أوبك+، مازالوا على اتصال. وأكد أن أوبك+ لا تستطيع خفض إنتاج النفط وحدها، ملمحا إلى أنه يتعين على الولايات المتحدة الانضمام إلى التخفيضات.
وقال كيريل ديمترييف رئيس صندوق الثروة السيادي الروسي، من من الممكن إبرام اتفاق جديد لأوبك+ إذا انضمت إليه دول أخرى.
خسائر فادحة ومستمرة
قال وزير المالية الروسي أنطون سيليانوف الأسبوع الماضي، إن إيرادات ميزانية روسيا من مبيعات النفط والغاز ستقل ثلاثة تريليونات روبل (39 مليار دولار) عن المتوقع لهذا العام بسبب انخفاض أسعار الخام.
وكان الوزير توقع في البداية فجوة بقيمة تريليوني روبل، مع عجز ربما يبلغ 0.9 من الناتج المحلي الإجمالي.
وهناك عدد كبير من المحللين والخبراء يرون أن الانخفاض الكبير في الطلب كان سيخفض أسعار النفط بالضرورة، وأن افشال روسيا لاتفاق أوبك+، ورد فعل السعودية، سرعت في هبوط الأسعار.
ويعزز هذه الآراء، إجراءات ملء المخزون الاستراتيجي من جانب بعض الدول، وانخفاض معدلات تشغيل المصافي، وبالتالي فإن أي تصريف لأي كميات لن يتم إلا بانخفاض كبير في الأسعار.