فيروس كورونا يعرّض مراقبة الاتّفاق النووي الإيراني للخطر
حاص - الطاقة
- الوكالة الدولية للطاقة الذرّية قد تطلب من إيران وضع المزيد من عمليات مراقبة التخصيب عبر الإنترنت في منشأة فوردو التي يُستأنَف التخصيب فيها.
- إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمّ فيها تركيب مراقبة التخصيب عبر الإنترنت،وقد طوّر العلماء الأميركيون في مختبر أوك ريدج الوطني هذه التكنولوجيا بناء على طلب الوكالة.
- تصاعدت الضغوط بشأن عمليات التفتيش هذا الأسبوع في الاجتماع الفصلي لمجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، وأفاد المراقبون أن إيران لا تزال تعرقل زيارة موقعين ربما استضافا موادّ نووية قبل نحو عقدين ولم يُعلَن عنهما
إن الانتشار السريع لفيروس كورونا في إيران يعني أن المفتشين الذرّيين يحتاجون إلى سلطات المراقبة عن بعد التي حصلوا عليها بموجب الاتّفاق النووي المحاصر أكثر من أي وقت مضى، وهناك قلق من أن الاتّصال مع حاملي الفيروس في إيران -حيث أصيب كبار المسؤولين- يمكن أن تستنفد قائمة المفتشين للوكالة الدولية للطاقة الذرّية من خلال إجبار بعضهم على الحجر الصحّي، وفقًا لدبلوماسيين اطّلعوا على المسألة وطلبوا عدم الكشف عن هويّتهم.
وقد أصبحت تكنولوجيا التحقّق من النوع المثبت في محطّة ناتانز لتخصيب الوقود بموجب اتّفاق عام 2015، المعروف باسم خطّة العمل الشاملة المشتركة، أكثر أهمّية.
وقال أندرياس بيرسبو، أخصائي التحقّق النووي في شبكة القيادة الأوروبّية: "في الوقت الذي قد يجعل فيه انتشار فيروس كورونا في إيران حياة المفتّشين أكثر صعوبة، تصبح التكرارات المضمّنة في خطة العمل الشاملة المشتركة أكثر قيمة، وهذا هو الحال -بشكل خاصّ- بالنسبة لمراقبة التخصيب عبر الإنترنت".
وإيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمّ فيها تركيب مراقبة التخصيب عبر الإنترنت، وقد طوّر العلماء الأميركيون في مختبر أوك ريدج الوطني هذه التكنولوجيا بناء على طلب الوكالة تحديداً، لاستخدامها في إيران، وفقاً لوثائق المختبر التي اطّلعت عليها وكالة بلومبرج للأنباء.
وقد اختُبرَت هذه المعدّات في تمّوز / يوليو، في أكبر منشأة إيرانية لتخصيب اليورانيوم في ناتانز، بعد أن رفعت إيران مستويات تخصيب اليورانيوم إلى 4.5% ردّاً على العقوبات الأميركية المتجدّدة.
مع تعثّر الاتّفاق النووي، ما مدى قرب إيران من القنبلة؟
تجدر الإشارة إلى أن المعدن الثقيل الذى يمكن استخدامه فى استخدام الطاقة والقنابل كان فى صميم الصراع حول البرنامج النووى الإيراني لأكثر من عقدين من الزمان، وعُهد إلى مفتّشي الوكالة الدولية للطاقة الذرّية بتتبّع كلّ جرام بموجب الاتّفاق .
وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرّية، رافائيل غروسي، أمام مجلس حكّام الوكالة خلال اجتماع عُقد هذا الأسبوع في العاصمة النمساوية: إن "سلامة الموظّفين هي قلقنا الرئيس"،وأصدر تعليماته إلى النوّاب "بالنظر فيما إذا كان سفر الموظّفين ضرورياً".
وعندما رفعت إيران من شأن العقوبات الأمريكية في 8 تمّوز / يوليو من خلال تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز المستويات المتّفق عليها، تمكّن المراقبون الذرّيون على بعد 2600 ميل من تأكيد التغيير دون حضور المفتّشين.
وقال دبلوماسي ثالث كان يتعقّب البرنامج الذرّي الإيراني منذ سنوات: إن المسؤولين كانوا يخشون من ألّا يتمكّن النظام من كشف الفرق، لكنّه عمل "بشكل خيالي"، وقال الدبلوماسيون: إن الوكالة الدولية للطاقة الذرّية قد تطلب من إيران وضع المزيد من عمليّات مراقبة التخصيب عبر الإنترنت في منشأة فوردو التي يُستأَنَف التخصيب فيها .
ارتفع مخزون إيران من اليورانيوم ثلاثة أضعاف في الربع الأخير
تصاعدت الضغوط بشأن عمليات التفتيش هذا الأسبوع في الاجتماع الفصلي لمجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، حيث أفاد المراقبون أن إيران لا تزال تعرقل زيارة موقعين ربّما استضافا موادّ نووية قبل نحو عقدين، ولم يُعلَن عنهما.
وتريد الولايات المتّحدة -التي تواصل تمويل الأنشطة الرئيسة لـ «خطّة العمل الشاملة المشتركة»، حتّى بعد خروجها من الاتّفاق- زيادة الضغط على إيران بسبب التأخير، وهذه إستراتيجية محفوفة بالمخاطر إذا أضعفت المراقبة عن بعد، وفقًا لخبراء التحقّق.
وقال روبرت كيلي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرّية، الذي قاد فرقًا في العراق وليبيا: "إن المشاركة في عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرّية في إيران بموجب خطّة العمل الشاملة المشتركة تمنح الولايات المتّحدة إمكانية الوصول إلى العديد من التفاصيل عن البرنامج النووي الإيراني التي لم تكن لتعرفها لولا ذلك.
وتابع : "لن يكون هناك اختراق مفاجئ ما دامت الولايات المتّحدة لديها إمكانية الوصول اليومي إلى نتائج الوكالة الدولية للطاقة الذرّية من خلال خطّة العمل الشاملة المشتركة. من الأفضل أن تكون داخل الخيمة تشارك البيانات بدلاً من أن تكون في الخارج وتتساءل عمّا يحدث".
وحتّى في الوقت الذي قام فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتقليل من شأن الاتّفاق، واصفًا إيّاه بأنّه: "أسوأ اتّفاق على الإطلاق"، فقد وضعت وزارة الطاقة التابعة له ميزانية لملايين مساعدات الوكالة الدولية للطاقة الذرّية في عامي 2020 و2021 لتنفيذ المراقبة المنصوص عليها في الاتّفاق.
وكتب متحدّث باسم وزارة الطاقة، في ردّ عبر البريد الإلكتروني على الأسئلة: "يبقى من الحيوي بالنسبة للولايات المتّحدة أن تواصل الوكالة الدولية للطاقة الذرّية القيام بمهمّتها للتحقّق في إيران". "إن تقديم الدعم إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرّية في هذا الصدد، وهو ما يتّسق مع التزامن الأوسع بضمان وجود نظام قويّ وموثوق للتحقّق من الضمانات على الصعيد العالمي، أمر حاسم لضمان أن تتمكّن الوكالة الدولية للطاقة الذرّية من كشف وردع أي أنشطة نووية ليست سلمية أغراض".
كما كتب متحدّث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذريّة، في رسالة بالبريد الإلكتروني: إن الوكالة الدولية للطاقة الذرّية تقوم بتقييم الوضع بشكل مستمرّ، ويمكنها تعديل أسلوب التحقّق لضمان استمرار " التنفيذ الفعّال " للمراقبة .
وقال علي فايز من مجموعة الازمات الدولية: إن فيروس كورونا يمكن أن يؤكّد أيضًا أهمّية الحفاظ على تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرّية أو حتّى توسيعه.
وأضاف: إن "القيادة الإيرانية تعلم أنها إذا كبحت عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذريّة، فإنها ستفقد دعم جميع الأطراف المتبقّية في خطّة العمل الشاملة المشتركة".
وقال: إن فقدان إمكانية الوصول إلى المراقبة عن بعد، وغيرها من سلطات التحقّق التي أتاحها الاتّفاق "لن يكون بداية النهاية، بل ستكون النهاية".