السندات الخضراء.. ماذا تعرف عن إحدى وسائل تمويل مشروعات المناخ؟
وحدة أبحاث الطاقة
تتجه الحكومات والشركات إلى السندات الخضراء، لتمويل مشروعات الطاقة النظيفة الكبرى حول العالم؛ ما يجعلها عنصرًا أساسيًا لتحقيق الحياد الكربوني.
ولن تأتي معالجة أزمة المناخ بثمن بخس، إذ تُقدّر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ التابعة للأمم المتحدة أن الحدّ من ارتفاع درجة الحرارة إلى درجتين مئويتين، سيتطلب استثمار 3 تريليونات دولار سنويًا حتى عام 2050.
ويشرح منتدى الاقتصاد العالمي الكثير ماهية السندات الخضراء ودورها في تعزيز التحول للطاقة النظيفة.
ما هى السندات الخضراء؟
السندات الخضراء مثل السندات العادية، نوع من أنواع الدخل الثابت، مع اختلاف رئيس واحد يتمثل في أن الأموال التي تُجمع من المستثمرين تُستعمل -فقط- لتمويل المشروعات التي لها تأثير بيئي إيجابي، مثل الطاقة المتجددة والمباني الخضراء.
ومع تكثيف الدول جهودها للحدّ من انبعاثات الكربون، تزدهر سوق السندات الصديقة للبيئة، إذ أصدر الاتحاد الأوروبي 14 مليار دولار من السندات، في أكبر صفقة على الإطلاق، تُخصص لمشروعات خضراء، تشمل منصة بحثية لتحوّل الطاقة في بلجيكا ومحطات طاقة الرياح في ليتوانيا.
حجم السوق
صدرت أول سندات خضراء عام 2007، وبدأت السوق تنمو ببطء لما يقرب من عقد من الزمن، قبل أن تشهد زخمًا قويًا؛ بسبب المبادرات الخضراء العالمية -مثل اتفاقية باريس بشأن تغيّر المناخ وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة في تحفيز هذا التوسع.
ويؤدي الطلب القوي على السندات الخضراء -أيضًا- إلى دفع النمو، مع حرص بعض مستثمري مديري الأصول وشركات التأمين وصناديق التقاعد على جمع هذه السندات، وهو ما ظهر في إصدار الاتحاد الأوروبي، عندما تجاوزت الطلبات الأوراق المالية المتاحة بأكثر من 11 مرة، بحسب التقرير.
وبسبب هذا الدفع من السياسات الخضراء للحكومات وشهية المستثمرين، فإن سوق السندات الخضراء تتوسع بسرعة، وسط توقعات ارتفاع إصداراتها سنويًا إلى تريليون دولار بحلول عام 2023، وفقًا لمبادرة سندات المناخ.
ويأتي هذا الزخم، على الرغم من أن السندات الخضراء ما تزال جزءًا صغيرًا في سوق السندات العالمي عمومًا، والتي تُقدَّر بنحو 130 تريليون دولار، بحسب منتدى الاقتصاد العالمي.
وفي عام 2022، بلغت إصدارات السندات الخضراء ما قيمته 487.1 مليار دولار، لتمثل إلى جانب السندات الاجتماعية والمرتبطة بالاستدامة 5% من سوق السندات العالمية.
مصدّرو السندات الخضراء
أصدر بنك الاستثمار الأوروبي أول سند أخضر عام 2007، تبعه المصرف الدولي، ومنذ ذلك الحين، دخلت العديد من الحكومات والشركات إلى السوق لتمويل المشروعات الخضراء.
وتُعدّ الولايات المتحدة أكبر مُصدّر للسندات الخضراء، بقيادة عملاق الرهن العقاري المدعوم من الحكومة، فاني ماي، وتبع ذلك شركات آبل وبيبسي، ثم حكومات الولايات الأميركية والحكومات المحلية من أجل دفع تكاليف مشروعات البنية التحتية.
وبالنظر إلى المستقبل، من المقرر أن يصبح الاتحاد الأوروبي أكبر قوة في سوق السندات الخضراء، مع خطط لإصدار 300 مليار دولار في المجمل على مدى السنوات الـ5 المقبلة لتمويل الاستثمارات المستدامة.
كيفية تمييز السندات الخضراء
تعمل الجهات التنظيمية والصناعة نفسها جاهدة لمعالجة ظاهرة الغسل الأخضر (Greenwashing) -أو تقديم ادّعاءات كاذبة أو مضللة حول أوراق الاعتماد الخضراء لشركة أو منتج مالي- ما يمثّل تحديًا كبيرًا لسوق السندات الخضراء والاستثمارات المستدامة الأخرى.
ويلتزم العديد من المقترضين بمبادئ السندات الصديقة للبيئة هذه، التي أقرّتها الرابطة الدولية لسوق رأس المال، للمساعدة في تحقيق الشفافية في السوق.
ويعزز الاتحاد الأوروبي الشفافية من خلال معيار السندات الخضراء، الذي يهدف إلى مساعدة السوق على النمو من خلال تزويد المستثمرين بالمعلومات التي يحتاجون إليها لتقييم الأوراق المالية التي تدّعي أنها خضراء.
نقطة تحوّل
منذ اتفاقية باريس للمناخ عام 2015، ضخّت المصارف حول العالم أكثر من 3.6 تريليون دولار في مشروعات الوقود الأحفوري، وهو ما يقرب من 3 أمثال إجمالي السندات والقروض التي تدعم المشروعات الخضراء، وفقًا لبيانات وكالة بلومبرغ.
ومع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، فإن العالم يشهد نقطة تحوّل، بعد أن وضعت الحكومات الطاقة النظيفة في مقدّمة أولوياتها، بما في ذلك خطة "ريباور إي يو" الأوروبية، الخاصة بتعزيز الطاقة المتجددة للمساهمة في الابتعاد عن الطاقة الروسية، إلى جانب قانون خفض التضخم الأميركي، الذي سيشجع على إصدار المزيد من السندات الخضراء لتنفيذ المشروعات النظيفة، التي تحظى بحوافز ضريبية غير مسبوقة.
ويرصد الرسم البياني التالي، استثمارات العالم في تقنيات الطاقة منخفضة الكربون بين عامي 2004 و2022:
الفرق بين السند والقرض الأخضر
يختلف السند الأخضر عن القرض الأخضر، من حيث حجمه الأكبر وتكاليف معاملاته الأعلى وإمكان طرحه في البورصة أو بشكل خاص.
وفي المقابل، فإن القرض الأخضر يكون عادة أصغر من السند، ويُنفّذ في عملية خاصة.
وبحسب البنك الدولي، تنمو القروض الخضراء بسرعة، متجاوزةً نمو سوق السندات الخضراء في المدى القريب، مع واقع أن البلدان النامية تمثّل 1.6 مليار دولار فقط من 33 مليار دولار، هي إجمالي القروض الخضراء المستحقة.
تتبيه.. جرى تحديث هذا التقرير في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
موضوعات متعلقة..
- السندات الخضراء.. 538 مليون دولار لتمويل المشروعات المناخية
- السندات الخضراء تدعم استقلال الهند في مجال الطاقة بحلول 2047
اقرأ أيضًا..
- قائمة أكثر 15 دولة من حيث تلوث الهواء تضم 8 دول عربية (إنفوغرافيك)
- خريطة توقعات إنتاج الغاز الطبيعي حتى 2026.. كم يستحوذ الشرق الأوسط؟