تغيّر المناخ والاقتصاد العالمي.. التداعيات السلبية أصبحت ملموسة (تقرير)
أحمد شوقي
يُشكل تغيّر المناخ أكبر تهديد طويل الأمد للاقتصاد العالمي، والأكثر من ذلك أن تداعياته السلبية بدأت في الظهور سريعًا.
وتحتاج الحكومات إلى تبنٍّ واسع النطاق للاقتصاد منخفض الكربون؛ إذ إن التقدم الاقتصادي المعتمد على الوقود الأحفوري في العقود الماضية، فاقم من أزمة تغيّر المناخ، ومن ثم إعاقة هذا التقدم والنمو الاقتصادي في مرحلة ما.
ويوضح تقرير حديث صادر عن منتدى الاقتصاد العالمي، ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لمواجهة تغيّر المناخ؛ نظرًا لأن آثاره في التنمية الاقتصادية أصبحت ملموسة بالفعل.
تداعيات تغيّر المناخ على الاقتصاد
بحلول منتصف القرن، سيخسر العالم نحو 10% من إجمالي القيمة الاقتصادية بسبب تغيّر المناخ، حال استمرار الوضع الحالي من زيادة درجات الحرارة وعدم الوفاء باتفاقية باريس وأهداف الحياد الكربوني لعام 2050، وفقًا لبحث صادر عن شركة التأمين السويسرية سويس ري (Swiss Re).
وحال عدم اتخاذ أي إجراء للتخفيف من تداعيات تغيّر المناخ، قد ترتفع درجات الحرارة العالمية بأكثر من 3 درجات مئوية؛ ما قد يدفع الاقتصاد العالمي إلى انكماش نسبته 18% في الأعوام الـ30 المقبلة، بحسب البحث.
وهذا يبرز أهمية تسريع التحوّل للطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات الكربونية، ليس لأنه سيقلل من تداعيات تغيّر المناخ فحسب؛ بل لأن بإمكانه دفع نمو الاقتصاد العالمي بنحو 2.4% أكثر من المتوقع للخطط الحالية خلال العقد المقبل، بحسب تقرير آفاق تحولات الطاقة، الصادر هذا العام عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا).
ووفقًا للتقرير؛ فإن مسار خفض درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية سيوفر نحو 122 مليون وظيفة متعلقة بالطاقة بحلول عام 2050، وهو ما يتجاوز ضعف عدد الوظائف المسجلة عام 2019 عند 58 مليون وظيفة.
نماذج ملموسة
في الوقت الحالي، يؤدي الاحتباس الحراري إلى خفض النمو الاقتصادي الأميركي بنحو 1%، أو 200 مليار دولار، وفقًا لدراسة نُشرت عام 2017 في مجلة ساينس (Science).
وكان 2020 من بين الأعوام الـ3 الأكثر دفئًا المسجلة في أميركا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي، وثاني أكثر الأعوام دفئًا في أميركا الجنوبية، وفقًا لتقرير حالة المناخ في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
ومن المحتمل أن تكون درجات الحرارة المرتفعة قد أسهمت في موسم الأعاصير المدارية في المحيط الأطلسي الذي حطّم الرقم القياسي، مع 30 عاصفة العام الماضي، بحسب التقرير.
وكان لهذا الموسم النشط من الأعاصير تأثير سلبي كبير في التنمية بالمنطقة، مع حقيقة أن غواتيمالا وهندوراس ونيكاراغوا من بين البلدان الأكثر تضررًا؛ ما أدى إلى تفاقم عدم المساواة الاقتصادية القائمة والآثار الناجمة عن جائحة كورونا.
وفي هندوراس وحدها، بلغت الأضرار الناجمة عن العواصف 1.8 مليار دولار، وهو ما أسهم في انخفاض بنحو 0.8% لنمو الناتج المحلي الإجمالي، بحسب تقرير منتدى الاقتصاد العالمي.
ومع ذلك، فإن تأثيرات الأحداث المتطرفة مثل الأعاصير ليست مالية، بل تؤدي إلى تعطيل سبل العيش وانقطاع الكهرباء وتلف المحاصيل، وغيرها.
مؤشرات تغيّر المناخ المعقدة
تعد درجة حرارة المحيط مجرد مؤشر واحد لكيفية تغيّر المناخ والآثار التي يمكن أن تحدث في التنمية المستدامة، وأحد أسباب جعل هذه الأزمة شديدة التعقيد هو أن هذه المؤشرات المناخية، أو الأجزاء المكونة للنظام المناخي، مترابطة وقوية، وفقًا لمنتدى الاقتصاد العالمي.
وعلى سبيل المثال، لا ترتبط درجة حرارة المحيط فقط بزيادة نشاط العواصف؛ فهي تؤثر -أيضًا- في صحة الأنواع البحرية والنظم البيئية مثل الشعاب المرجانية والمجتمعات التي تعتمد عليها، كما تؤدي إلى ذوبان الجليد البحري، وتراجع قدرة المياه على تخزين ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي؛ ما يؤثر في فاعلية أي إجراء مناخي تتخذه الدول.
ومن ثم، فإنه من خلال ربط التغييرات بالمكونات الملموسة للمناخ، مع تفاقم الظواهر المتطرفة وتأثيراتها، يصبح من الواضح أن تغيّر المناخ ليس ظاهرة بعيدة جغرافيًا أو زمنيًا، بل إنها ذات تأثير ملموس وضار في التنمية المستدامة فعليًا، بحسب التقرير.
موضوعات متعلقة..
- النمو الاقتصادي والانبعاثات الكربونية.. علاقة طردية تهدد الأهداف المناخية
- صندوق النقد: تغيّر المناخ قد يُشكل ضغوطًا على النمو الاقتصادي
اقرأ أيضًا..
- أذربيجان.. 3 مليارات دولار إيرادات صادرات الغاز إلى أوروبا في 9 أشهر
- بايدن يعترف: الاستغناء عن الوقود الأحفوري بشكل كامل "غير منطقي"